الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل من معجزة؟

احمد عبدول

2013 / 7 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المعجزة باختصار هي ما يعجز عن إتيانه الإنسان العادي في الظروف الطبيعية وذلك للقصور الشديد الذي يصيب الإفراد والجماعات عن تحقيقها والإقدام عليها لما تتطلبه تلك الفعالية التي تشكل استثناءا للقاعدة من إمكانات خارقة لنواميس الكون وقوانين الطبيعة ولأجله سميت بالمعجزة من هنا كان العلم يقف موقفا سلبيا من المعجزة وفلسفتها حيث يعتمد العلم ما يجده متوافقا متوائما مع معطيات الواقع العلمي الملموس (الأسباب والنتائج ) في كافة الحقول العلمية والتجريبية التي يشتغل عليها وينشط في فضائها العام وذلك بخلاف منطق المعجزة الذي يعتمد مبدأ هتك حرمة القوانين الطبيعية من خلال قوة خارقة تعتمدها الأديان والشرائع السماوية ضمن سياق إثبات صحة وصدق دعاوى أنبيائها ورسلها ومبعوثيها الى أهل الأرض والمعجزة عندما تتحقق على أيدي البعض ممن يمثل وفادة السماء فإنها تتأثر بمجموعة عوامل ثقافية واجتماعية وجغرافية حالها في ذلك حال أي ظاهرة طبيعية أخرى وان احتفظت بطابعها الخارق للعادة والمغابر لما قد الفته الأمم والشعوب من مشاهد وحوادث ووقائع فعندما كان الرومان يعرفون ببراعتهم في علوم الطب وتفوقهم في مجال التطبيب والتداوي كان لزاما على السماء التي تريد ان تبعث فيهم نبيا يتلو عليهم آياته ويزكيهم كان لزاما على السماء اتجاه هكذا امة ان تبعث لهم رسولا معززا بما يعجزون عن إتيانه فيما يبرعون فيه وينشطون في محيطه العام وذلك للدلالة على صدق ومصداقية ذلك الرسول ومن يقف وراءه من جهة سماوية عليا لذا فقد بعث الله بعيسى بن مريم الى امة الروم بمعجزات من طراز إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى فكانت معجزاته تعمل ضمن ما برع فيه القوم وما تفوق به علماؤهم وعباقرتهم إلا إنهم أعلنوا كامل عجزهم عن مجاراة هكذا نوع من المعاجز والتي تأتي في إطار التحدي واثبات وجود قوة اعم واشمل من كل ما يمتلكونه من قوة وإمكانات وعلوم ومعارف إنها السماء التي تأتي المعجزة على يد رسلها بمثابة الدليل القاطع والبرهان الساطع على آهلية وصدقية كتبهم ووصاياهم ومناهجهم .
أما بنو إسرائيل فقد بعث الله إليهم بنبيه موسى وقد زود بعصاه التي كانت تلقف ما كان السحرة يلقون به من عصي وقد تحولت بقدرتهم العالية على السحر الى أفاع تسعى فكانت أفعى موسى تبتلع افاعيهم قبل ان ترتد إليهم أبصارهم لقد اشتهر بنو إسرائيل بفن السحر والشعوذة فكانت عصا موسى من نفس طبيعة سلاح السحرة لكنها كانت سلاحا أكثر فتكا وتقدما في تعبيرنا المعاصر اليوم انها عصا السماء المعجزة .
القران وقد سمي كذلك لأنه كتاب يقرأ على الملا وهو يتكون من حروف تكون بمجموعها العام جملا تتضمن بلاغة لم يعهدها أهل البلاغة ولم يألفها أصحاب الفصاحة والخطابة (قريش )حيث جاءهم القران بلون خاص من القول فلا هو بالشعر ولا هو بالنثر ولا هو بسجع الكهان انه القران انه تلك الخلطة السحرية في أسلوبه وأطروحاته وقصصه وإشاراته وعباراته وومضاته وأسراره .هكذا هي المعجزات إنما تأتي متأثرة بعدة عوامل اجتماعية وجغرافية وثقافية ضمن هذه البقعة الجغرافية أو تلك والمعجزة على ضوء القران لا تتحقق إلا في مراحل حساسة من مراحل الدعوة لبعض الأنبياء كما أنها لا تتجسد على ارض الواقع إلا في حالات الضرورة القصوى التي تترتب عليها آثار كبرى على مستوى الإفراد والأمم والشعوب (تحقق مبدأ الهداية )وللمعجزة قانون يسهب في شرح تفاصيله العلماء ويتفرعون فيه إلا ان المعجزة على ضوء الفكر الديني قد ولى زمانها وذهب أوانها الى غير رجعة بعدما تحقق الكثير منها على يد بعض الأنبياء (المراحل الأولى في حياة الأمم ).
ثمة سؤال يتردد على السنة قطاعات واسعة وعريضة داخل مجتمعاتنا الإسلامية اليوم عن سر انسحاب المعجزة من حياة الإفراد والجماعات ثمة أسئلة تثار هنا وهناك عن مغزى ان يعيش العالم اليوم دون ان تكون هنالك معاجز تقيم صلب الإيمان داخل النفوس والأرواح التي قاربت على اليأس وشارفت على القنوط مما يعزز إيمانها وقناعاتها العامة وسط عالم يمور بالظلم ويموج بالحقد والكراهية .لا شك ان اغلب رجال الدين يعلمون بأمر تلك الأسئلة التي باتت تتردد على السنة الكثير منا اليوم إلا إنهم يتجنبون الالتفات إليها كعادتهم في هكذا موارد .كل ما يقوم به رجال الدين إزاء هكذا تساؤلات هو ان يسوقوا العشرات من الأدلة والبراهين العقلية والنقلية التي تفند مشروعية هكذا تساؤلات على اعتبار إنها تساؤلات غير مشروعة وغير مبررة بالمرة .لا شك ان ما يسوقه رجال الدين من حجج وبراهين وأدلة ينطوي على جانب كبير من القوة والرصانة والمقبولية إلا ان ذلك الأمر لم ولن يأتي على تلك الجذور الغائرة داخل النفس البشرية وهي تبحث عن سر توقف المعجزة وعدم تجدد فصولها على أيدي ممن ينتمون الى شريحة الأنبياء والرسل من أولياء وعلماء ورجال دين وبررة وصالحين (ورثة الأنبياء ) .الشعوب اليوم كما هي الشعوب بالأمس تجد في قرارة ذواتها المكتوية بنيران شرور وموبقات بني الإنسان(أنظمة سياسية تعسفية ، حكام ظلمة ، استغلال اقتصادي ، إرهاب، فتن، وإضغان وحروب وامتهان لكرامة الإنسان ) ما يدفعها باتجاه وجود معجزة تعمل على تعزيز ثقة أهل الأرض بأهل السماء .الكثير منا اليوم يطالب بوجود معجزة على يد احد أبناء الله البررة وذلك ليرتدع المجرمون عن جرائمهم والحكام عن استهتارهم بقيم ومقدرات شعوبهم الكثير منا اليوم يطالب بوجود معجزة نستطيع ان نجابه بها الخصوم ونحاجج بها المشككين والمعاندين والمتجاوزين .فإذا كان احد أهم وابرز أنبياء الله وهو (إبراهيم )أبو الأنبياء كان قد طالب السماء بوجود معجزة امام ناظريه ليزداد إيمانا ويمتلئ يقينا على ما هو عليه من منزلة وما بلغه من مرتبة ومع كل هذا طالب بتحقق معجزة على ضوء منطق قوله تعالى (قال ربي ارني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي )أفلا نكون نحن على ضعف إيماننا وهشاشته يقينا أولى بالمطالبة بأمر المعجزة ولو على رأس كل مائة عام بمعجزة واحدة لكيما نتواصل مع عملية اليقين التي إذا ما بقيت دونما وقود يدفع بها باتجاه الأعلى فإنها لا شك سوف تتعرض الى شيء كبير من الاهتزاز والانكسار والتراجع وهذا ما نشهد بعض أثاره اليوم على طيف واسع داخل مجتمعاتنا بشكل جلي وواضح فهل من معجزة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - معجزة
حمورابي سعيد ( 2013 / 7 / 8 - 16:05 )
يا سيد احمد..المعجزات كثيرة وخاصة في ال100 سنة الاخيرة ومنها الكومبيوتر , ولكن للاسف من قام بها هم الكفار وليس المؤمنون .

اخر الافلام

.. انقطاع الكهرباء في مصر: -الكنائس والمساجد والمقاهي- ملاذ لطل


.. أزمة تجنيد المتدينين اليهود تتصدر العناوين الرئيسية في وسائل




.. 134-An-Nisa


.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم




.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس