الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهاية الاسلام السياسي

سمير طاهر

2013 / 7 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يستحق الرئيس الأمريكي التقريع الذي صبه الكونغرس على رأسه بسبب فشل مراهنته على الأخوان المسلمين. فالرئيس أخفق في تشخيص الحالة وبالتالي وصف الدواء الغلط. ويبدو أن قصة التيارات الاسلامية في العالم قد استهلكت، وأدت الغرض منها، وانتفت حاجة الولايات المتحدة إليها وإن تأخرت الادارة الأمريكية في إدراك هذا. كانت هذه التيارات مطلوبة لأمريكا في مرحلة الضغط على الأنظمة القومية والتيارات المحلية المعادية للنفوذ الغربي. غير ان الادارة الأمريكية الحالية لم تلحظ المرحلة الانتقالية التي نجد أنفسنا فيها اليوم. فتلك الأنظمة القومية والتيارات الراديكالية قد أفلت نجومها بمرور الوقت واكتساح العولمة لمجتمعاتنا، والأهم إن مشاريعها وشعاراتها لم تعد تلبي الحاجات الواقعية اليومية للناس ولا تطلعاتهم الاجتماعية مهما لبت من عصبياتهم المذهبية أو الآيديولوجية. وبأفول هذه النجوم، انتفت الحاجة الى أعدائهم من التيارات الاسلامية.
من جهة أخرى، كثيرون منا فسروا الشعبية الكبيرة للتيارات الاسلامية في العقود الأخيرة بأنها تعبير طبيعي عن ميول المجتمع التقليدية، بينما أظهرت الأحداث ان هذه الشعبية كانت تتغذى من مظلومية هذه التيارات أولاً، وثانياً من شعاراتها الراديكالية التي تخاطب أماني متأصلة في الوجدان الجمعي. ووقتها لم يكن ينفع أن تنبه الناس الى أن هذه مجرد شعارات لكسب الشعبية لا أكثر، فما الذي يثبت هذا؟ كما لم يمكن لأي ديمقراطي الدفاع عن قمع السلطة للاسلاميين. بقيت الوسيلة الوحيدة لكشف هذه التيارات على حقيقتها لكل الناس هو تمكينها من الحكم. ومن حسن الحظ أن هذا حصل بالفعل. لقد خسر تنظيم القاعدة الحرب في العراق يوم طبق قوانينه على سكان المناطق التي سيطر عليها فانتشر التذمر الشعبي منه. ولهذا نرى اليوم انه مهما تصاعدت حدة الغضب على السلطة بين متظاهري المناطق التي كانت ذات يوم تحت نفوذ تنظيم القاعدة فان هذا التنظيم لم يسمح له بالتواجد بين المتظاهرين. في سوريا أدى سلوك الاسلاميين في المناطق التي خضعت لنفوذهم الى إلحاق ضرر بشعبية الثورة السورية كلها. في مصر كانت الفضيحة تاريخية! تحولت الشعارات الراديكالية لتحرير القدس الى رسائل غزل بالرئيس الاسرائيلي؛ وتحول شعار "الاسلام هو الحل" و"مشروع النهضة" الانتخابي الى الاعتراف علناً بعدم وجود أي مشروع لأي نهضة، وعدم وجود حل، لا بالاسلام ولا بغيره؛ وفيما كانت الدولة تغرق بالديون والرئيس الأخواني يدور حول العالم استجداء لمزيد من الديون، أطلق النظام الأخواني كل مصادر الظلامية والفتنة الطائفية والكره بين أبناء المجتمع، لتضع البلد كله على برميل بارود الحرب الأهلية. في فلسطين لم تكن تقلبات الولاء لدى حماس ولا تشددها وعنفها الاجتماعيين بأقل منه لدى أخوان مصر. في تونس أنجز الأخوانيون فشلاً اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً تاماً فيما انهمكوا في مطاردة كل أشكال الحياة الاجتماعية والثقافية الحديثة وأطلقوا يد التنظيمات الاسلامية الخطرة لتغتال أشجع شخصية اجتماعية فاعلة، شكري بلعيد؛ واليوم تندلع المظاهرات ضدهم في كل أرجاء البلاد.
لقد راهنت الادارات الأمريكية على الاسلاميين في زمن مظلوميتهم. وأدارت اللعب بهم وعليهم إدارة ذكية لبعض الوقت. لكن منذ أن انتهت مظلوميتهم، انتهوا! هذا ما لم تلحق الادارة الأمريكية الحالية أن تستوعبه.
وما هي إذن القوة الصانعة للأحداث اليوم؟ إنها الشارع المتمرد، المتجدد، الجماعيّ القرار. أمريكا هي أيضاً صاحبة الفضل في ابتكار التواصل الالكتروني بين الأفراد والمجموعات، لكنها بالطبع ليس بمقدورها أن تقرر على الناس كيف يستخدمون هذا الابتكار وفي أي اتجاه. وسائل التواصل الالكتروني هي مثلها مثل الشارع: بلا قيادة وبلا تراتبية، ديمقراطية حقة، تتشاور وتتفق ثم تقرر جماعياً!
هذا يعني ان نمط العمل السياسي قد تغير، ربما في العالم كله. لقد ولى زمن "المركزية الديمقراطية"، وكأن العالم كله أضحى أناركياً دون أن يدري! الأساس لهذا التحول هو اجتماعي بالدرجة الأولى: إنه الثبات الباعث على القنوط الذي يكوّنه تكرار الخطابات التقليدية مقابل عدم تحولها الى تحسن اجتماعي ملموس. وعندها تقوم الثورة على الخدعة كلها: على الوضع الاجتماعي القائم وعلى الخطاب الممل المتاجر بها لكسب أصوات الناخبين.
مشكلة الأمريكان الآن أن هذا اللاعب الجديد في الساحة عصي على الامساك به باليد، ناهيك عن التعامل معه. ان حركة الجماهير، وخصوصاً الشباب، ليست متمردة على السلطة المحلية وحسب وإنما على كل سلطة. لكن انعدام القدرة على التواصل مع لاعب جديد لا يبرر الاصرار على الدفاع عن لاعب قديم فشل فشلاً ذريعاً ومكللاً بالعار. لهذا يقرّع الكونغرس رأس الرئيس، عله يعترف، ويعترف الأخوان المسلمون أيضاً، أن زمن الاسلام السياسي انتهى، والعالم يتجدد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بل نهضة الاسلام السياسي
عبد الله اغونان ( 2013 / 7 / 9 - 01:36 )

أثبت تاريخ جماعة الاخوان المسلمين أنهم كلما وقع عليهم الاضطهاد كلما ازدادوا شهرة وتأثيرا في الشعب المصري ألم يكونوا يسمونها المحظورة؟ بينما هي دائما متغلغلة في عمق المجتمع تقدم الخدمات والوعي الاسلامي وتمكنت في ظرف قياسي من تكوين حزب حصد ؟أكبر الأصوات في كل الانتخابات والأن تشير كل الأحداث الى أن الجماعة ستزداد قوة رغم الحظر السياسي والاعلامي والتشويه فذلك يكسبها تعاطفا منقطع النظير وعلامة ذلك القدرة على التنظيم والحشد كما نراه في ميدان رابعة العدوية وغيرها من الميادين. الجماعة قادرة على امتصاص الضربات ورفع المعنويات واكتساب منطق الاقناع وطنيا وعربيا انظروا الى التعاطف العربي من طرف مواطنين يعبرون عن استنكارهم وتضامنهم مع الاخوان الجماعة الوحيدة والعالمية ومنها خرجت كل الجماعات التي تدين لها بالولاء من المغرب الى الخليج منطق الفوز الانتخابي عام
يصعب تصور أن يعمل الانقلابيون ويحكموا مع معارضة قوية من الاخوان
وما يجري من انشقاقات وادانات حتى داخل صف معارضة الاخوان من حزب النور وأبي الفتوح
وشيخ وعلماء الأزهر خاصة بيان حسن الشافعي القوي اللهجة ارتكاب العسكر مجزرة مسمار في نعش العسكر


2 - عبد الله اغونان .. حراميه بصبغه دينيه
حكيم العارف ( 2013 / 7 / 9 - 04:26 )
ابقى قابلنى لو قام الاخوان من تانى .... الاخوان اخدت القوى الاسلاميه معها الى غير رجعه .... انتم ليكوا عين تتكلموا.. حراميه بصبغه دينيه ....


3 - بين الآمال والواقع
سيلوس العراقي ( 2013 / 7 / 9 - 08:38 )
ان الاسلام السياسي لا يمكن ان ينتهي لمجرد أننا لا نتفق معه
ان الاسلام السياسي سيستمر على الساحة مادامت الساحات هي اسلامية في العالم الاسلامي
ولا يمكن لاي قوة ان تنهي الاسلام السياسي بهذه السهولة، خاصة أن الغرب يريد أن يستخدمها مرة ضد الاسلام الشيعي السياسي (ايران ولبنان مثلا) ومرة ضد روسيا القيصرية الجديدة التي تتناسى الجمهوريات السنية الاسلامية التي تحيط بها والقريبة منها والتي يمكن للغرب ان يستخدمها ضدها
ان الاسلام السياسي (ومنظماته ) سيستمر وجوده لأن مصالح السياسة العالمية بين الغرب وبين روسيا والصين وايران تتطلب ذلك
ان قرار نهاية الاسلام السياسي ليست في ميادين وساحات العواصم العربية والاسلامية بل في العواصم الغربية الكبرى منها وموسكو
ولا يمكن اسقاط السياسات وبرامجها الدولية في مقالات على صفحات الانترنت والفيسبوك
وعسى أن يعي المسلمون يوما بأنهم أصبحوا لعبة بين أيدي القوى الكبرى والخاسر الوحيد هو دول العالم الاسلامي وبالتحديد منها الدول العربية مع تحية واحترام للجميع


4 - رد على الموضوع
كامل طاهر ( 2013 / 11 / 29 - 19:02 )
انا اؤيد ما جاء في المقال من حيث المبدا الا انه يحتمل النقاش في بعض تفاصيله وهدا لايؤثر علي ما يريد ان يوصله الكاتب الي المتلقين او المستهدفين

اخر الافلام

.. عظة الأحد - القس كاراس حكيم: فترة الصوم المقدس هي فترة الخزي


.. عظة الأحد - القس كاراس حكيم: السيد المسيح جه نور للعالم




.. عدد العائلات المسيحية في مدينة الرقة السورية كان يقدر بنحو 8


.. -فيديو لقبر النبي محمد-..حقيقي أم مفبرك؟




.. -روح الروح- يهتم بإطعام القطط رغم النزوح والجوع