الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدافعية واستجابة الانجاز

اسعد الامارة

2005 / 5 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ان ثمة حقيقة لا تغادرنا ونحن نتعامل مع الاخرين او نفكر في انجاز اي عمل او بما ننوي القيام به او حتى فكرة طارئة تدفعنا لان نسلك او نخطط لشئ ما او نسترسل في الحديث عن موضوع او في التعبير عن رأي وحتى تقودنا هذه الحقيقة التي ما انفكت مغادرتنا نقول ، كيف تسير هذه الامور بمجرياتها وما هي دوافعها،ولماذا يلجأ البعض الى العنف؟ولماذا يقتل هؤلاء الارهابيين الابرياء؟او لماذا يجاهد بعض الناس بصدق من اجل اهداف سامية؟او لماذا يقامر بعض الناس بدخولهم الصغيرة وهم بحاجة اليها؟ولماذا يدمن البعض على المخدرات؟او لماذا يدمن البعض على الكحول؟ولماذا يرتشي بعض الموظفين وهم في عملهم؟ولماذايهتم البعض الآخر في الفن حتى كاد ان يشكل كل مساحة في حياته ويخلب عقله؟ولماذا يلجأ المؤلف او الشاعر الى ان يكتب رواية او قصيدة في لحظة تعد من اجمل واعز لحظات التجلي الفكري؟
عادة ما تدور اسئلة من هذا النوع حول مغزى واحد وموضوع واحد،وهو الدافعية. اين تقف الرغبة وراء كل ما ذكرنا،كيف تخلق لدينا محفزات لان ينجز كل ما ذكرناه،وتخلق لدينا الدوافع التي تضغط على دواخلنا حتى لنكاد لا نجد مهرب منها ولا طريق آخر من الفرار وعليه فاننا نقول ان الرغبة تسبب المعاناة وان كل منا يحاول تحديد دوافعه وهي الخطوة الاولى نحو فهم سلوكه.
يقول علماء النفس ان وراء كل سلوك دافع ووراء كل دافع رغبة.ويشير الدافعmotive او الدافعية motivation الى حالة داخلية تنتج عن حاجة ما وتعمل هذه الحالة على تنشيط او استثارة السلوك الموجه عادة نحو تحقيق الحاجة المنشطة.فدوافع الجوع تبحث عن اشباع في ايجاد الاكل وتحقيق الحاجات والمتطلبات الفسيولوجية المرتبطة بالبقاء على قيد الحياة،وتسمى الدوافع الاساسية،وهناك دوافع الاستثارة الحسية (استكشاف الامور) ودوافع النمو والدوافع الجنسية المؤدية الى التناسل والانجاب وحفظ الجنس البشري. اما الدوافع الاجتماعية فهي عادة ما تكون موجهة نحو اشباع السلوك الانساني من خلال تكوين الروابط الاجتماعية واقامة العلاقات الاجتماعية وتكوين الادوار الاجتماعية وتقوم كلها على اساس الاتصال بالاخرين وتحقيق التفاعل معهم،فاحدى هذه الحالات الاجتماعية هي رؤية الفرد نفسه في مرآة المجتمع الواسعة من خلال القبول او الرفض،الاستحسان،الاستهجان،الاحترام،او عدم التقدير،وعليه فأن ما يقوم به الكائن البشري من اعمال او افعال يقف الدافع وراءها وهو امر حتمي حتى عد الدافع قوة محركة تدفع بالفرد الى العمل من اجل اشباع غرض الدافع او الحاجة،وقد يكون هذا الدافع حاجة اولية وهو عندئذ متصل بالتركيب البيولوجي للانسان او حاجة ثانوية وهو متصل بالتكوين الفكري له.
ان كل سمة فينا هي نزوع لدى الشخص للاستجابة بطريقة معينة نحو نوع من المؤثرات وان لدى كل شخص فينا عدداً من السمات ومجموعها هو الذي يميز الشخصية. اما انواع الدوافع فهي:
- الدوافع الفطرية ..تلك الدوافع التي يولد الانسان وهو مزود بها فلا يحتاج الفرد الى تعلمها مثل دوافع الجوع،العطش،الامومة،الجنس.
- الدوافع المكتسبة..وهي تلك الدوافع التي يكتسبها الانسان من البيئة من خلال التفاعل بينه وبين بيئته التي يعيش فيها،مثل دافع الانتماء،الانجاز،التحصيل والبحث والتأليف،السيطرة،حب الاستطلاع وغيرها.
يطلق البعض على علم النفس احياناً بانه علم الدوافع،اي بمعنى آخر انه العلم او الدراسة التي تهتم بتفسير
دوافع السلوك الانساني وخصوصاً السلوك السامي منه،وازاء ذلك يمكننا القول بان "تشارلز دارون"بذل الجهد
والوقت ليقدم اعماله العلمية التي بلغت (119)كتاباً،في حين كان "البرت اينشتاين"عالما مرموقا اخرج للبشرية (248)عملا علميا اصيلاً،وكذلك الكاتب الانكليزي الشهير الذي ذاع صيته عبر القرون والذي ملا الدنيا بما قدمه من اعمال ادبية رائعة في الشعر والمسرح والقصة والادب وهو "وليم شكسبير"،اما عالم الفسيولوجيا الروسي الشهير واضع اسس نظريات التعلم الفسيولوجي وهو "بافلوف"فقد قدم للبشرية اعظم الانجازات بنظريته الشهيرة في التعلم الشرطي والاستجابات المتعلمة ،حيث اخضع الحيوانات للتجريب وقام بتدريبها حتى كادت ان تؤدي بعض سلوك الافراد بالمحاكاة والتقليد. ومالنا نذهب بعيداً وعندنا عملاق التأليف الموسوعي في المعارف الفريدة في تاريخ البشرية المعاصرة،حيث توارت خلف مؤلفاته نظرية الدوافع السامية للبشرية جمعاء،وهو (السيد محمد الحسيني الشيرازي) واضع اول نظرية اسلامية متكاملة في اللاعنف،وهو يعد بحق سلطان المؤلفين في عالمنا المعاصر، حيث كتب ما يربو على ال(1100 ) كتاب خلال عمره ال75 عام، تناول الفقه الاسلامي والاقتصاد والاجتماع والتاريخ ودراسات في نشوء العنف والقانون ونظرية اللاعنف والسياسة والتشريع والبيئة وفقه الاسرة وبناء العائلة ..الخ
ان موضوع الدوافع يكمن خلفه الكثير من الشجون ولمسات الجمال من ناحية والغموض من ناحية اخرى فالكثير من سلوكنا نحن البشر في حياتنا الاجتماعية الزاخرة بالالام والآمال والامجاد الخالدة والشهرة الواسعة تكمن وراءها الدوافع،حتى قال علماء النفس لا شئ يجعلنا عظماء سوى ألم عظيم ودافع نفسي استبصاري مكين.
ان ابعاد الدافعيةهي:
- داخلية ..وتشمل وجدانية،عقلية،معرفية،حب التعلم والاطلاع.
- خارجية..الاسرة،البيئة الاجتماعية الخارجية،المدرسةوالاقران،وسائل الاعلام والثقافة الاجتماعية السائدة.

عندما نقول ان وراء كل سلوك دافع انما يعني ذلك اننا لا نتحرك او لا نسلك او لا نفكر بشئ غير قوة الحافز الذي يدفعنا لهذا السلوك لذا فأن المعادلة التالية تبين بوضوح ذلك:

سلوك الانسان = الاستعداد × الاعداد × الدافعية

الاستعداد هو وراثي اي موروث "العامل الوراثي"
الاعداد هو العامل المكتسب البيئي
الدافعية"الدافع" هو قوة النشاط الذي يدفع نحو تحقيق الهدف وهو الموجه توجيها نحو الاشباع ايا كان نوعه.
ومن خصائص الدوافع:
- ان قوة الدوافع الداخلية تكون دائماً اقوى من الدوافع الخارجية
- ان قوة الدافع لا تؤدي بالضرورة الى تحسين الاداء
- قد تكون الدوافع متصارعة في نفس الوقت فتحدث الصراع الداخلي
ان الدافع ، الحافز = الطاقة دائماً،وان الدوافع تتضمن مجموعة من العمليات وهي:
- اثارة السلوك
- توجيه السلوك
- تعزيز السلوك
وكلها تهدف الى تحقيق الانجاز والاهداف المرسومة لها وهناك فروق فردية لدى الفرد نفسه في تحقيق الانجاز بسبب عوامل عدة منها الحالة النفسية الانفعالية في تلك اللحظة التي يؤدي بها الفعل،والحالة الجسمية،وحالة الملل او التعب،وكلها عوامل تؤثر على مستوى الانجاز وتختلف هذه الفروق من فرد لآخر،فالبعض الآخر يتراجع عن هدفه ويضعف انجازه حتى يتوارى وتضيع كل آماله وتفتر دوافعه نحو الانجاز والبعض الآخر يستمر بمشواره حتى اخر لحظة من حياته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفع حالة التأهب في إسرائيل ومنع التجمعات في الشمال


.. ما حدث في الضاحية يهدف لتحييد حزب الله والمقاومة عما يجري ف




.. أهم المحطات في مسيرة حزب الله اللبناني • فرانس 24 / FRANCE 2


.. حالة من الذهول والصدمة في بيروت • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بين نعيم قاسم وهاشم صفي الدين.. إليكم من قد يخلف حسن نصرالله