الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لا أؤمن بالله

الناصر لعماري

2013 / 7 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أستطيع أن أقول وبكل صراحة، أني غير مستعد للموت من أجل أفكاري. فالأفكار وحتى المعتقدات من الممكن أن تتغير، فقط عندما تتوفر الظروف الملائمة لذلك. أنا الآن أرفض الإيمان بالله. لا يمكنني أن أعتقد في وجوده. ولكن هذا لا يعني أني أؤمن بعدم وجوده، فعدم الإيمان بوجود شيء لا يعني بالضرورة الإيمان بعدم وجوده. يعني باختصار لا يوجد سبب مقنع واحد يجعلني أؤمن بوجود الله. هذا الاعتقاد يسبب الكثير من المشاكل لصاحبه حتى وان كان يعيش في أمريكا وليس في الشرق الأوسط حيث يكون الاختلاف عيبًا، فما بالك بالكفر بالله.

يظن الكثيرين أن الملحدين أو اللادينين لديهم منظومة عقائدية أو تفسير مقنع للوجود. على العكس -ولا ينبغي لي هنا أن أعمم أحكامي الشخصية على بقية الملحدين أو اللادينيين- فأنا لا أهتم مطلقًا بإيجاد تفسيرًا لوجودنا على هذا الكوكب، وجل ما اهتم به هو حياتنا الحالية وما يحدث بعد الموت فلا شأن لي به. كل ما يزعجني هو كل هذه السنوات التي ضيعتها من عمري مؤمنًا بأفكار تافهة وأساطير لا تصلح لأن تكون حواديت ما قبل النوم. وعلى جانب ذلك أحسست ببعض الإحباط عندما خرجت من “حظيرة الإيمان” (لا حظ التسمية) إلى حرية التفكير. لأنه وبصراحة فإن الأديان تعد المؤمنين بها بالخلود. والخلود فكرة جهنمية لا أعرف كيف انطلت على متبعي الأديان أنفسهم مع أن هناك من الأساطير والقصص العديدة التي يأتي فيها الشيطان إلى أحد البشر ويعده بالخلود الأبدي في سبيل أن يتخلى عن روحه. فيتخلى المؤمن هنا لسدنة الأديان عن حياته كلها في سبيل حياة أخرى بعد الفناء.

لا اعتقد اني مؤمن بالفطرة. حتى في أشد حالات التدين التي مررت بها، قد خالطني الشك بطريقة أو بأخرى. دائمًا ما كنت أبحث عن تفسيرات لهذا القصص الدينية وهذا الشكل الدرامي المحكم للأحداث. كما وأن القصص السردية الدينية تأتي على شكل عجائبي خرافي لا يمت للواقع بأية صلة. فترى الملائكة لديها اجنحة عظيمة تسد ما بين المغرب والمشرق. والأجنحة لزوم الطيران وإلا فكيف “ستنزل” من السماء إلى الأرض ثم تعود مرة أخرى؟ وهذا ما بين الحصان والدابة وله جناحان هو الآخر ولابد وأن يركبه النبي لكي يصعد عند الله في سدرة المنتهى وعند عرشه الذي هو على الماء ويحمله ثمانية من الملائكة الشداد العظام، وفي الطريق تحدث له أشياء تعجز أن تقرأها في ألف ليلة وليلة. فقط حاول أن ترسم هذه الصورة في ذهنك وستجد صورة أقرب إلى لعبة الفيديو age of mythology.
وهذا ما وصلت إليه في آخر المطاف. أنه إذا أمعنا النظر في كل هذه الأديان لوجدنا ذلك الإله الجبار القادر على كل شيء والعالم بكل شيء يلعب بنا كما يلعب الطفل الصغير لعبة على البلاي ستيشن. وجدتها فكرة ممتازة أن أحاول أن اتقمص دور هذا الإله محاولاً فهم نفسيته وكيف يفكر. وجدت أن الإله كان الله في عونه. فهو يعلم كل شيء، فلا يوجد غموض، وهو قادر على كل شيء، فلا وجود للفشل في حياته. كما أن تحت يديه خزائن الأرض، وهو بذلك ليس بمحتاج، ولديه من الملائكة من يطيعونه بدون التفكير في أوامرهن فلا يوجد له ند أو متحد لإرادته. حتى وإن كان البشر يعصون أوامره فإنه قد علم بذلك مسبقًا ولا يمكن للبشر أن يعصونه إلا إذا أذن لهم هو بذلك، وبذلك يسير الكون كله بمشيئته. حاولت تخيل نفسي مكانه فأصاباني الملل والاحباط. ثم تنبهت إلى ان ما من مخرج من حالة الملل والاحباط هذه إلا أن أبدأ في ارسال الرسل إلى بني البشر الذين لم يتنبهوا بسبب غفلتهم لوجودي، واعد المؤمنين بي بالجنة وأبعث الكافرين بي إلى النار الأبدية عقابًا لهم على كفرهم وليذيقوا بعضًا من عذاب الملل الإلهي اللانهائي هو الآخر. إذن كان لا بد لهذا الإله القدير العليم البصير والوحيد والذي ليس له زوجة ولا أطفال كما قال هو عن نفسه، كان لا بد له من ملهاة تسليه وتملأ عليه وقت فراغه، فخلقنا نحن البشر حتى يتسلى بمعاناتنا على هذا الكوكب الحجري.

ثم افترضت جدلاً ان هذا هو الواقع الأليم وهذا قدرنا الذي أوقعنا في هذه الورطة مع هذا الإله السيكوباتي، وأنه لا مفر من الإيمان به وبخزعبلاته أملاً في النجاة ودخول الجنة مع الأبرار والقديسين والأنبياء وممارسة الجنس لمدة أربع وعشرين ساعة مع قبيلة صغيرة من العذارى والمخنثين. غير ان طلباتنا ستكون مجابة بمجرد أن تطرف أعيننا. وسنملأ بطوننا خمرًا وحليبًا وعسلاً وفاكهة، نتلقى كل هذا ونحن مستلقين على أرائكنا بدون نصب أو تعب. لا مجال في الجنة للقلق أو الخوف أو التساؤل أو حتى التفكير لأن ساعتها ستكون قد انكشفت كل الحقائق فلن نكون في حاجة غلى التفكير في الجنة. وإن كانت كل طلباتك مجابة بمجرد أن تخطر على بالك فلا مجال حتى للأمل. سوف تختفي الكثير من المفردات اللغوية في الجنة لأنه لن يصبح لنا حاجة بها. ستختفي كل الكلمات السلبية وتصبح كل مفرداتنا إيجابية.

افقت وفكرت قليلاً وقلت في نفسي ان هذه الحالة أشبه -بل هي مطابقة- بحالة النشوة بعد سيجارة حشيش أو شمة هيرويين أو حقنة من الماكستون فورت. انها حالة غياب عن الوعي. سوف تنهار مشاعرنا الانسانية -كما عرفناها- في هذه الجنة. ان ما اعرفه عن كوني انسان يتحدد بمعاناتي. ان ما اعانيه هو ما يشعرني يوجودي. أنا لا أريد هذه الجنة الأبدية من تبلد المشاعر والاحاسيس. هذه الجنة سوف تكون مملوءة بما يشبه الروبوتات أو من ذهبت عقولهم. لن يكون هناك بشر، فقط مسوخ على هيئة البشر. وهنا أدركت انه إذا كان هناك بالفعل هذا الكائن الخرافي الذي سيحكم على كل الكافرين به بالعذاب الأبدي، فهذا بالضبط ما اريده. أريد أن أشعر بوجودي. كما أن وجودي هو عذابي الأبديـ وإن كنت سأعذب إلى الأبد فسأكون موجودًا إلى الأبد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انت مبدع دائما’ .
د/سالم محمد ( 2013 / 7 / 11 - 19:18 )
الناصر العمارى . . ارجوك لا تتوقف عن الكتابة ، فأنت مبدع دائما’ . شكرا لك .


2 - رائع
محمود يوسف بكير- مستشار إقتصادي ( 2013 / 7 / 11 - 19:28 )
أحييك على هذا المقال الجديد والجرئ


3 - الاخ الكاتب
ملحد ( 2013 / 7 / 11 - 20:57 )

المقال يعج بافكار جيدة, ,منطقية,علمية وجريئة. نشكرك ونشجعك على الاستمرار في الكتابة النيرة.
هناك جملة في المقال , بصراحة, لم استطع فهمها!
كتبت: ( فعدم الإيمان بوجود شيء لا يعني بالضرورة الإيمان بعدم وجوده !!).
عذرا , يعني خذني على قد عقلي! لم افهم هذه الجملة! او لم افهم ماذا تقصد! هل من توضيح?
احتراماتي وتحياتي


4 - كلمات في الصميم
Ali T. ( 2013 / 7 / 11 - 21:30 )
الدين افيون الشعوب , في الحقيقة انه ليس فقط افيون انه الهيروين والكوكائين والحشيشة وكل انواع حبوب الهلوسة والتخدير ..
حقا- ان محمد لعبقري , لقد استطاع ان يتحكم بعقول وحياة ملايين ملايين البشر منذ 1400 سنة لكي يخلد نفسه ويدمر كل ما يمت الى الانسانية والحضارة والقيم النبيلة من صلة .
مقال رائع وذو دلالات كبيرة على بساطة طرحه .

تحياتي


5 - بين الايمان والالحاد شعرة
مروان سعيد ( 2013 / 7 / 11 - 21:33 )
تحية لك وللجميع
انت قلت
أنا الآن أرفض الإيمان بالله. لا يمكنني أن أعتقد في وجوده. ولكن هذا لا يعني أني أؤمن بعدم وجوده
اتعرف لماذا وصلنا الى اسفل السافلين انها بسبب فلسفاتنا الغير مفهومة واني اعزركم لاانكم نشاْتوا ببيئة تعيش على اساطير وخرافات واكاذيب الاعجاز العلمي ودكاترة النصب والاحتيال الذين يملئون جيوبهم على حساب الفقراء والمعدمين
ياسيد لايوجد الاهين حقيقيين يوجد الاه واحد والهة كثيرة مزيفة منها المال والجنس والاديان والطوائف والاحزاب ووووووو
اما الاه الحقيقي فهو اعطانا الوصايا العشر وتعاليم المحبة والتسامح وبها يحيى الانسان بسلام وامان وسعادة حقيقية وقد قال الاه الحقيقي في انجيل يوحنا14 27
سلاما اترك لكم.سلامي اعطيكم.ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا.لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب
سلام الالهة المزيفة مؤقتة ولكن السلام الذي يعطيه الاه الحقيقي دائم والذي يطلب الله لايخيب ولايخاف والدليل المؤمنين الاوائل كانوا يتعرضون للعزاب والقتل ولاترهب قلوبهم ولاترتعد
انصحك بقرائة اعمال الرسل وكيف تغير شاوول وانقلبت حياته راسا على عقب وترك متاع الحياة وتفرغ لنشر ايمانه
وللجميع المودة .


6 - عزيزي الناصر والمحترم ..
بغدادي ( 2013 / 7 / 11 - 23:15 )
انا ايضا أتأسف على السنين التى مضت والخرافات حولنا من كل جانب وفيما بعد تبين لي ان ( الخلود ) فكرة خرافية ومنها تفرخت كل الخرافات لان الانسان العاقل والمدرك ان الملل حالة طبيعية في الانسان ولا يدجد شىْ لايمل منه الانسان عندا يتوفر له كل شىْ وكل الوقت وبدون حساب و لامعيار وعلى طول الساعات والايام والسنين ثم كيف يجتمع شمل العائلة او قل السلالة الذي سيعدون بالالاف المؤلفة وماذا تفعل نساء هذه السلالة بعد ان يعطى لكل رجل سبعون حورية عدا الغلمان وقابلة للتجديد حسب الرغبة وهؤلاء المليارات من البشر في الجنة وكم من المليارات يحتاجون للخدمة الشخصية عدا الحوريات ثم كيف يجري ارسالهم الى الجنة او الناروكيف يجري التحقيق مع المليلرات من البشر وهل مثل اجهزة المخابرات وفي الاقبية ثم الا يمل الجلادون في الجهنم من كثرة وتكرار التعذيب وكل مرة تتبدل جلودهم ثم هل سمعت ان البعض منهم يهوي به من قمة جبل ويستغرق وصوله الى قعر الجحيم سبعون خريفا اي سبعون سنة !!اسئلة اطرحها على من باستطاعته الاجابه وله الجنة بأذن الله ...والشكر والتقدير للاستاذ الكاتب على كتاباته المبدعة ...


7 - معاناة السنين لها احكامها..لا الومك عليها..
سلام صادق ( 2013 / 7 / 11 - 23:55 )
يا سيدي بكل صراحة مقالتك جيدة ولكن المؤسف فيها انك(والاخ البغدادي ايضا) ذهبت في تحليلك لكينونة اللة استنادا لما علق في ذهنك من ترسبات الاسلام وتعريفاته للة...الى درجة انك شخصت وجعلت من اللة وكانه رجل عنيف ومضل وضار وماكر ومنافق ومنتقم..الخ كما يعتقد مؤسس الاسلام وكتابه الهزيل..يا سيدي ارجع الى الكتب التي توضح ماهية اللة وبعين فاحصة سواء كانت مسيحية او بوذية وحتى الايزيدية او غيرها عدى الكتب الاسلامية وخاصة القرآن الذي جعل من اللة مسخا من المسوخ(دراكيولا) وبهلول لا يعلم بالذي قالة قبل ساعة..يا سيدي ان اللة محبة وغفرانه ليس مشروطا..واطرح الترسبات التي علقت بذهنك وانت في الاسلام في سلة النفايات وتحرر فالالحاد ليس هو الحل..وانا متاكد بانك اذكى من ذلك..الهنا يا سيدي يقول ..الانسان الذي لا يحب اخيه الانسان الذي يراه مهما كان دينه او معتقده او لونه فكيف يستطيع ان يحبني وهو لا يراني..... .تحياتي


8 - طوبى
بلبل عبد النهد ( 2013 / 7 / 12 - 01:06 )
قرات المقال وكانني قرات ما افكر فيه اجسنت سيدي واجدت فطوبى لاصحاب العقول النيرة


9 - الجنة
نيسان سمو الهوزي ( 2013 / 7 / 12 - 09:15 )
لا تخاف يا سيد الناصري فأنت اصلاً سوف لا تدخل ولا حتى تقترب من باب الجنة .. شنو الشغلة فالتون !! .. نلتقي هناك وسنرى .. تحية


10 - طوبى للصائمين
بلبل عبد النهد ( 2013 / 7 / 12 - 11:13 )
(( باب الريان للصائمين ))

[ 1797 ] حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال قال حدثني أبو حازم عن سهل رضى الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال أين الصائمون فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد


11 - ابواب الجنة
بلبل عبد النهد ( 2013 / 7 / 12 - 11:16 )
لكن بما ان للجنة ثمانية ابواب فمن سيدخل من الابواب السبعة الاخرى ما دامت امة محمد كلها صائمة اليس هذا محيرا


12 - احترامي لكم
الناصر لعماري ( 2013 / 7 / 19 - 00:34 )
د/سالم محمد ,محمود يوسف بكير- مستشار إقتصادي ,بلبل عبد النهد , Ali T.

تحياتي لكم جميع و كلماتكم الرائعه و التي تجعلني أن إكتب و إستمد منكم الدعم للكتابه هذا بريدي إن تردون مراسلتي
[email protected]