الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجامعات العراقية أماكن خطرة

ماجد فيادي

2005 / 5 / 6
المجتمع المدني


بعد ما جرى من أحداث في جامعة البصرة كلية الهندسة والتي كانت جرس الإنذار الذي قرع لينبهنا إلى حال الجامعات العراقية , جاء الحادث البشع الثاني بقتل طالب كلية الصيدلة جامعة بغداد في الباب المعظم, وهذا الحدث الجلل يجعلنا أمام حالة لابد من الوقوف عندها لوضع الحلول الناجعة والسريعة .
أرى من المفيد أن نفهم حقيقة المشكلة لكي تكون الحلول المقترحة أكثر فائدة , وأقول هذا لأني زرت الجامعات العراقية وشاهدت بعيني الوضع الشاذ الذي تعيشه بعد سقوط النظام( على إنني لا امتدحها في عهد النظام المقبور) , فقد نشطت الحركات السياسية بين الطلبة وأصبحت تسيطر على الجو الوطني بشكل مبالغ فيه مما حولها إلى مكان للنزاعات وفرض السيطرة الحزبية على أهم فئة في المجتمع وهي الطلبة الجامعيين . فقد رأيت كيف قام طالبين من أنصار النظام المقبور بنزع ملصق عن إجتثاث البعث , و مسيرة تحتج على اختيال الشيخ احمد ياسين ( الزعيم الروحاني لحركة حماس الفلسطينية) خلال الدوام الرسمي وترديد هتافات بصوت عالي أعاقة سير الدراسة في جامعة بغداد / باب المعظم, إضافة إلى محاولات طلابية في تجميع عدد من الطلبة ذات التوجه السني لغرض التكتل والتحضر لمواجهة التيار الشيعي الذي بدأ ينشط وسط الجامعات , وشاهدت على الجدران صور للسيد السستاني والشهيد الصدر الأول والثاني والشهيد الحكيم , إضافة إلى لافتات تدعو لزيارة العتبات المقدسة في إيران وبأسعار رمزية , ولافتات مخطوط عليها شعائر حسينية , وفي مكان آخر شاهدت قوات الاحتلال داخل الحرم الجامعي تقوم بدور الحراسة لان الشرطة العراقية لم تستطع السيطرة على حادث شجار سياسي داخل الجامعة , كل هذا شاهدته في العام الماضي عندما كانت النشاطات السياسية في أولها نظراً لقصر الفترة الزمنية بعد سقوط النظام , ولا يفوتني أن اذكر أن وزارة الثقافة كانت قد أقامت معرض للكتاب في مكان أخر من الجامعة شمل عدد من الكتب الدينية والتاريخية والعلمية دون إضافة أي كتاب عن حقوق الإنسان أو عن الديمقراطية أو الفدرالية أو عن المجتمع المدني , كل هذا وذاك جعلني اشعر أنني في مكان لايمت للحياة الجامعية بشيء, ومن الغريب أني دخلت على غرفة كتب عليها رابطة الطلبة فوجت احد المعممين يجتمع بعدد من الطلبة ولقي عليهم محاضرة علما انه خارج الوسط الطلابي وهو ليس بأستاذ جامعي وهذا ما عرفته منه شخصاً عندما دعاني لحضور محاضرة له في جامعة بغداد / الجادرية عن الإسلام السياسي.
إن الزميل الذي قتل على يد مجموعة إرهابية وكما وصلتني الأخبار عنه , كان من النشطاء في الوسط الطلابي فقد كان ينظم جلسات العزاء الحسيني وشارك في تهيئة الطلبة الذين ذهبوا سيراً على الأقدام إلى كربلاء يوم عاشوراء , وبشهادة احد أساتذته الذي ظهر على شاشة التلفزيون , قال إن الطالب وفي احد الأيام أراد إدخال سيارته إلى كراج الجامعة وكان أمامه ابن العميد بسيارته الشخصية وقد سمح لابن العميد أن يدخل ولم يسمح له بالدخول فما كان منه إلا أن قطع الطريق على الآخرين وقال ( أريد أشوف منو راح يدخل الكراج ) كان الأستاذ متفاخراً بهذا الأجراء ناسيا أن هكذا تصرف يدل على قلة احترام للقانون وتشجيع على التمرد وخلق الفوضى , وقد أضاف الأستاذ إن الطالب كان يقول انه مشروع استشهادي وهو يتوقع انه سيقتل في يوم ما , وهذا يدل على نشاط القوى المتصارعة في الوسط الطلابي .
هذا الجو المشحون بالمتناقضات والنزاعات الفكرية والدينية والسياسية والمصلحية كان ينذر بحصول كارثة سريعة , وقد حصل ذلك للأسف , ولابد من أن أشير إلى الدور الذي يمارسه الأساتذة في التحيز إلى الطائفة والقومية والحزبية بشكل واضح للطلبة ساعد في تشجيع الطلبة على الانجرار وراء هذه الأفكار بطريقة عمياء, كما لا ننسى التواجد ألبعثي الشوفيني داخل الحرم الجامعي من خلال الأساتذة البعثيين والطلبة المنتمين للاتحاد الوطني لطلبة وشباب العراق ( اتحاد النظام المقبور والذي غير اسمه إلى الاتحاد العام لطلبة وشباب العراق) وكذلك الطلبة المنسبين من جهاز الأمن والمخابرات لغرض أكمال دراستهم على حساب الدولة في زمن الطاغية صدام, مما حول الساحة الطلابية إلى مكان لتصفية الحسابات وتحجيم دور الطلبة في بناء الفكر الوطني الديمقراطي .
ومن المشاكل الأخرى أن سيطرت بعض المليشيات الدينية على الحرم الجامعي وأصبحت تتحكم بأمن الجامعة وتحديد من له الحق في دخول الجامعة ومن يمنع خاصة الزميلات اللواتي لا يرتدين الحجاب, وهذا شكل آخر من أشكال التحكم بالحرم الجامعي كما حصل في جامعة البصرة فمن يذهب هناك يرى الطالبات المسيحيات والصابئيات يرتدن الحجاب خوفاً من جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وفي الجامعة المستنصرية أقيم معرض للكتاب الإيراني وبيعت خلاله كتب بأثمان لا تصدق حتى إنها لم تسد قيمة النقل, إضافة إلى بيع حجاب المرأة الإسلامي, فقد عرضت دمى ترتدي الحجاب كنماذج تتعرف من خلالها الطالبة على الحجاب الإسلامي الصحيح, ولا افهم ما علاقة الحجاب بالكتاب, وبيع أيضا أقراص الليزر التي تحتوي المقتل الحسيني .
بعد هذه المشاهدات وربطها بالإحداث التي وقعت والتي أدت إلى قتل طالب بالإضافة إلى قتل أساتذة جامعيين وجرحى أليس من الواجب التوقف للنظر في حال الجامعات العراقية وإنقاذها من المستنقع الذي هي فيه, ولا ادري كيف ستطمأن العائلة على ذهاب بناتهم وأبنائهم إلى هذا المكان الخطر ( الجامعة) , واتسائل هل ننتظر أن يقتل آخرون لكي تتدخل الحكومة , وهل تدخلها سيكون منحازاً لطرف ما على حساب المجتمع العراقي , إن الدور الذي لعبته الأحزاب العراقية في قضية طلبة جامعة البصرة انعكس سلباً في حادث اختيال الطالب الجامعي في جامعة بغداد, والدور السلبي الذي مارسه بعض الأساتذة والعمداء ومعاونيهم صعد من نشاط الطلبة المتعصبين والإرهابيين على حساب الطلبة المسالمين وغير المنتمين إلى جهات معينة, كما إن تدخل الشرطة العراقية كطرف منحاز في قضية البصرة انعكس سلباً على دور القانون والقضاء في حل مشاكل المواطنات والمواطنين,أما سكوت وزير الداخلية السابق وعدم اتخاذه إجراءات قانونية يضاف له سكوت رئيس الوزراء السابق ووزير حقوق الإنسان السابق سكوتهم أدى إلى استفحال حالة اللاقانون وتثبيت قانون العشائر والفصل كما جاء في سلوك السيد محافظ البصرة .
أرى أن يبتعد عمداء الجامعات والكليات ومعاونيهم من التدخل السلبي في الحياة الجامعية وان يبقون على الحياد لضمانة تقليل التكتلات الحزبية داخل الجامعة, إضافة إلى منع الشعائر التي لا تمت للحياة الطلابية بشيء ووضع برامج تعليم تحد من التعصب, وتدعو إلى احترام حقوق الإنسان, وتقبل الرأي الآخر, والوقوف بوجه التداخلات الدولية في الحرم الجامعي مثل معرض الكتاب الإيراني والنشاط السوري المخابراتي, ومنع المليشيات الحزبية داخل الحرم الجامعي , تفعيل اتفاق اربيل وتطبيقه على ارض الواقع , احترام الأحزاب لتعهداتها في عدم النشاط الحزبي داخل دوائر الدولة بما فيها الجامعات, تشكيل مجلس للآباء يتعاون مع الجامعة في تنبيه الأبناء من الانزلاق في الأعمال الخطرة ( بالرغم من بلوغ الطلبة للسن القانوني لكن هذا الأجراء يتناسب والعادات والتقاليد العراقية), وضع الحكومة أمام واجبها الوطني والمهني في الحد من تدهور الوضع الأمني داخل الجامعات, وضع نشرة يومية داخل الجامعات عن المقالات والأفكار التي تساند الحياة الجامعية ونقل الخبرة للطلبة فيما يخص العمل الطلابي, تنسيق العلاقات بين الاتحادات الطلابية وإقامة نشاطات مشتركة لرفع قابلية الطلبة على تقبل الأخر.
أدعو كل من له الخبرة في العمل الطلابي من تقديم المقترحات إلى هيئة رئاسة الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير التعليم العالي والجمعية الوطنية , لغرض تسهيل مهمتهم في جعل الجامعات العراقية مكان امن يستقي منه الطلبة العلم ويطورون فيه إمكانياتهم الاجتماعية والثقافية لأنهم مستقبل العراق ومهندسي الهوية العراقية الوطنية .
اعزي ذوي الطالب الفقيد وأتمنا لهم أن تكون آخر الأحزان , واعزي زميلاته وزملائه على فقدانه , متمنياً لهم حياة طلابية مليئة بالنشاط العلمي والثقافي والترفيهي من اجل بناء العراق الجديد , عراق خالي من الإرهاب والقتل وسيل الدماء البريئة .
العار والخزي للقتلة وأبشرهم بقانون عراقي يقف لهم بالمرصاد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر