الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رجل دين ، رجل سياسة

احمد عبدول

2013 / 7 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كثيرا ما نجد من يتصدى لشؤون الحكم والسياسة في عراقنا اليوم وهو يرتدي الزي الديني التقليدي (العمة السوداء أو البيضاء , الجبة بمختلف اشكالها ) كثيرا ما نجد اليوم من يرتدي هكذا زياً وهو يعمل ليل نهار في مشغل السياسة بمختلف عناوينها الفرعية والرئيسية ولا شك انه لا يوجد هنالك ما يمنع من ممارسة من يرتدي اللباس الديني التقليدي من تعاطي العمل السياسي بكل مستوياته ومقاديره إلا إننا نواجه سؤالا ملحا نجده يتردد على السنة الكثير من المواطنين النابهين هنا وهناك بل ان مثل ذلك التساؤل اخذ يطرح نفسه وبقوة من خلال وسائل الإعلام المختلفة دون ان نعثر له على أجوبة كافية شافية على السنة من يرتدي الزي الديني التقليدي وهو يمارس السياسة من أوسع أبوابها واعم مضامينها إذا صح التعبير فكثيرا ما نجد هؤلاء لا يحيرون جوابا محاولين الوصول الى مقاربات واضحة المعالم لكنهم لا يوفقون الى ذلك فيلجأون عندها الى التعلق بردود فظفاظة ومطاطية لا يحصل منها السائل على مبتغاه والحقيقة ان الذي يرتدي الزي الديني التقليدي لا يمكن ان يكون رجل دين ورجل سياسة في آن واحد .
فالدين يعتمد نصوص وأحاديث واضحة الدلالة قطعية الحكم ثابتة المضمون وهو بذلك يختلف اختلافا جذريا عن السياسة والتي هي في جوهرها انجاز ما يمكن انجازه (فن الممكن ) ولو على حساب القواعد الشرعية والأخلاقية والإنسانية هذه هي السياسة في ابسط تعريفاتها وأيسر معانيها لا يمكن لرجل الدين ان يبقى على عهدة الشريعة وهو يمارس السياسة بأدق تفاصيلها المتشعبة وأجنداتها المتناقضة وطرائقها الملتوية والتي غالبا ما تمتاز بالتجاوز الفاضح والخارق لجملة من المتبنيات والقواعد الأخلاقية .لا يمكن بحال من الأحوال ان يجمع هؤلاء بين كونهم رجال دين وسياسة في الوقت الذي يرتبطون فيه بأحزاب سياسية لها إيديولوجيتها وأدبياتها الحزبية الضيقة إذ إنها تبقى أحزاب إسلامية ظاهرا سياسية نفعية باطنا لا يمكن بحال من الأحوال ان يكون هؤلاء رجال دين وسياسة وهم يمثلون تيارات ومنظمات وكتل وتجمعات سياسية تعتمد السلوك السياسي كمنهج وآليات وأسلوب يفضي الى تسلم مقاليد الإدراة والحكم لذا فان هؤلاء يجب ان يصنفوا على انهم رجال سياسة وان كانوا يلبسون لباس الدين ويلتحفون برداء الشرع .
فرجل الدين لا يتعاطى السياسة ولا تشغله دقائق امورها وعويص ملفاتها وتقلب إراداتها وتداخل صلاحياتها وتشابك مشاهدها إنما يقع كل ذلك ضمن خانة اهتمام رجل السياسة حصرا .ان جلّ ما يصدر عن رجل الدين إنما يكون عبر توجيه النصح والإرشاد بخصوص بعض الخطوط العامة والعريضة ضمن مراحل مهمة وحساسة من مراحل مسيرة الأمة وتكاملها .إما من يرتدي اللباس الديني وهو يعتمد معايير رجل السياسة والتي هي معايير تعتمد اختراق وتجاوز ما يقره الشرع من موازين في كثير من المواطن والموارد فانه سوف لن يحسب على خانة رجل الدين وذلك على ضوء جملة من الاعتبارات الشرعية والضوابط الأخلاقية . فللدين قوانينه وللشريعة نظامها كما ان للسياسة ألاعيبها ومغرياتها وفنونها ومتبنياتها والتي غالبا ما تسلك اقصر الطرق وأيسرها للحصول على اكبر قدر من المصالح والمغانم والمناصب والامتيازات التي ينظر إليها الدين على إنها من حطام الدنيا وزبرجها الزائل .
على من يرتدي الزي الديني التقليدي ان يحزم أمره ويصارح نفسه ويواجه جمهوره وان يحدد موقعه هل هو رجل دين أم هو رجل سياسة ؟ لكن ان يصر من يرتدي اللباس الديني على الجمع بين اختصاصين متباينين وأمرين متناقضين فهذا مما لا يعد مناسبا بل نراه مضرا أيما ضرر بهؤلاء أنفسهم بشكل وأخر ..لا شك ان هنالك من سوف يعترض على هكذا طرح بقوله لقد اجتمع للكثير من أئمة أهل البيت بشكل خاص من جمع بين التوجه الديني القويم وبين النشاط السياسي والإداري فكانا ان قدما لنا نماذج غاية في الريادة في هذا المجال إلا ان مثل هكذا اعتراض يعد اعتراضا في غير محله إطلاقا والسبب في ذلك هو ان الأئمة من أهل البيت إنما كانوا يقدمون المبادئ السامية والقيم العليا على اعتبارات السياسة الضيقة والنفعية (البراغماتية ) بل ان السياسة كانت قد فرضت عليهم فرضا وأقحمت إقحاما بعد ان تزاحمت عليهم الجموع وتدافعت الحشود لقبول الرئاسة والنهوض بأعبائها ومسؤولياتها المختلفة كما في تجربة العبد الصالح (علي بن أبي طالب ) وهم في ذلك كله يكتفون بدور القائم على شؤون إصلاح المسلمين من خلال ما تيسر لهم من قنوات ومسالك ثقافية واجتماعية فكان اهتمامهم محصورا بترسيخ قيم الخير والمحبة والتسامح وإيتاء ذوي القربى والحث على صلة الأرحام والتقارب والتوادد والتراحم وإبداء النصيحة لعموم المسلمين .لم تكن الحكومة في يوم من الأيام هي الشاغل لائمة أهل البيت ولم تكن السياسة بمعناها الدقيق في يوم من الأيام ضمن دائرة اهتماماتهم والذي يرغب من التأكد من حقيقة الأمر فما عليه إلا ان يطالع تاريخ من تصدى منهم للشأن السياسي العام وما هي ملابسات وأسباب ذلك التصدي الذي أرغموا عليه في وقت من الأوقات .وشتان بين من تعرض للسياسة وشؤون الحكم والرئاسة طامعا طامحا طائعا وقد ورد عليها ورود الهيم العطاش وبين من كان يطوي عنها كشحا ويلوي عطفا ويضرب بها عرضا كارها لها فارا من تبعاتها فالأول هو رجل السياسة والأخر هو رجل الدين وما بينهما مثل الأرض والسماء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تجنيد يهود -الحريديم-.. ماذا يعني ذلك لإسرائيل؟


.. انقطاع الكهرباء في مصر: -الكنائس والمساجد والمقاهي- ملاذ لطل




.. أزمة تجنيد المتدينين اليهود تتصدر العناوين الرئيسية في وسائل


.. 134-An-Nisa




.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم