الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإمبراطور عارياً

علي مسلم

2013 / 7 / 15
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


يقال إن إمبراطوراً يابانياً كان يحكم شعبه حكماً مطلقاً ، يقتل من يشاء وينفي من يشاء، يشتري الطاعة بالترغيب تارة وبالترهيب تارة أخرى ، لا يناقشون أوامره و يعملون ليل نهار دون أن يعرفوا لماذا ولأجل من ، ومن الأمور الفظيعة المناقشة فهي بمثابة الجريمة التي لا يمكن السكوت عنها فالولاء والطاعة تحتاج إلى أكثر من ذلك أحياناً ، وفي يوم من الأيام أراد أن يختبر قوة حكمه وشدة ولائه ومدى هيبته ليطمئن إلى ديمومة سيطرته و جبروته المطلقة على شعبه واقترح أن يخرج إلى الملأ عارياً بعد أن بث وسط العامة أن الإمبراطور حصل على هدية من أحد الملوك وهو لباس غريب يتلون تلقائياً فور تعرضه للشمس أو الهواء لا يهترئ أبداً ، وجمع الناس في إحدى باحات قصره وخرج عارياً واندهش الناس لهذا اللباس العجيب فمنهم من قال أنه من أفخم الأقمشة ومنهم من قال أن ملمسه كالحرير وتتالت عليه آيات الإعجاب والمديح وزغردت النسوة وأقاموا الدبكات احتفالاً باللباس الجديد الذي ارتداه الإمبراطور وكان الإمبراطور ما زال يكمل جولته بين العامة ليحصل على المزيد من عوامل الطاعة والخنوع وفجأة قفز صبي صغير من بين الجموع وقال انظروا إلى الملك انه عاري وتلاه صبي آخر وقال مردداً الإمبراطور عاري ...؟ الإمبراطور عاري...؟ وانضم أطفال آخرون إليهم مرددين نفس التعابير وبين هذا الضجيج العارم ضاع مصدر الصوت انضم بعض الجموع إليهم في عبارة واحدة الإمبراطور عاري ....عاري ....عاري حتى تحول إلى هتاف واحد من الجميع الإمبراطور عاري إمبراطورنا يمشي عارياً وتحولت شيئاً فشيئاً إلى ما يشبه المظاهرة وهرب الإمبراطور ولحقه الجموع وقتلوه قبل أن يصل إلى فناء قصره وسط ذهول الحراس ، فقد تكون هذه القصة حقيقية أو تكون مجرد قصة الغاية منها الاعتبار ليس أكثر كوننا نعيش ضمن ترهات مشابهة في هذا الوقت الشفاف والبالغ الشفافية فما زال البعض يعمل باتجاه التسويق لحالات بشرية خارقة تسبق الزمان والمكان الغاية منها فرض المفهوم القطيعي علينا لتسهيل الانقياد والتحكم بمصيرنا كبشر وفرض حالات وهمية خارقة ومجرد التفكير بملابساتها يعتبر خيانة وطنية أو أكثر من ذلك بكثير
فالجبن والخنوع والطاعة والنفاق خصال رافقت الإنسان منذ الأزل فكانت بمثابة الوسائل الوحيدة ربما لتفادي عنجهية الحكام وبطش أولياء الأمور إلى جانب الجرأة وعزة النفس والتمرد التي تسببت في مقتل حامليها فالمصداقية ليست دائما مطلوبة في مجالس الحكام والأباطرة كي تبقى على قيد الحياة وقد تحتاج إلى أكثر من النفاق أحيانا عليك أن تصفق للنهيق وترقص بابتهاج على أنغام الصهيل وان تلغي العبوس في وجه الأمير، وإياك ثم إياك أن تشك فيما يقال في مجالسهم حتى إن كان الإمبراطور عارياً عليك تجاهل ذلك هكذا فقط تكون بمنأى عن شرورهم وتعيش كما يحلو لهم ، لكن سيأتي ذلك الطفل من بين ركام الجبن والخنوع ليقول عن الإمبراطور إنه عاري مهما كلف الأمر وسينقشع هذا الضباب من أمام عيوننا لنرى الواقع على حقيقته








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله