الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنقلاب شعب عظيم أيَّده جيش عظيم

صفوت سابا

2013 / 7 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أيام قليلة قبل ثورة 30 يونيو، صرحت السفيره الأمريكيه آن باترسون بأن "سياسة الولايات المتحدة في مصر تقوم على أساس فكرة تأسيس نظام ديمقراطي ، يعتمد تداول السلطه فيه على صناديق الاقتراع، وليس على الاحتجاجات الشعبية التي لن تؤثر في نهاية الأمر" *. وفى سياق آخر نُسِبَ ألى السفيره الأمريكيه أنها قالت :" إن الولايات المتحدة لن تنصح مرسى بأن يترك الحكم لانه ليس حسنى مبارك. كما أن مرسي رئيسٌ مدنيٌ منتخب ، وانه جاء عبر صناديق الاقتراع بعد ثورة 25 يناير 2011 ، ولكن مبارك لم يكن رئيساً منتجباً ، ولم يقم نظامه على أسس ديمقراطية " *.

وقد مرت تعليقات باترسون مرور الكرام على الكثيرين لعده أيام ، حتى طلت علينا من خلال خطاب الوداع للرئيس السابق محمد مرسى الذى كرسه للشرعيه والشرعيه ثم الشرعيه. ثم عادت للظهور مرة أخرى فى ثياب مختلفه وبطرق متباينه بعد ثوره الثلاثين من يونيو المجيده. فكان اكثر الذين إستهلكوا تصريحات باترسون هم الأخوان المسلمين وأتباعهم فنراهم الأن بتقيتهم يتحدثون عن شرعيه الصندوق وعن الديمقراطيه بدون فهم أو إقتناع بهذه المفردات. وليس من العجب أن نرى المستشار طارق البشرى يردد نفس مقاصد باترسون وحججها فى مقاله الذى نشرته جريدة الشروق فى عددها 1620 بتاريخ الأربعاء 10 يوليه 2013 م تحت عنوان : " الصراع القائم الآن هو بين الديمقراطية والحكم والانقلاب العسكري وليس بين الإخوان ومعارضيهم ". كما رأينا الدكتور وفيق حبيب يعزف على نفس النغمه فى مقاله الطويل المعنون: " تحولات الدولة والمجتمع بعد الربيع العربي: مذبحة الفجر ، السيناريو العنيف للانقلاب " الذى يمكن قرأته على الرابط التالى: http://www.rafikhabib.com/2013/07/blog-post_14.html

ولكن هل كانت السفيره باترسون ومَنْ نقَلَ عنها مُحِقِّين فيما ذهبوا إليه ؟ وهل حقا كانت ثوره الثلاثين من يونيو إنقلاباً عسكرىاً حسب رأى هؤلاء الذين أعْيُونا بادعائهم الدفاع عن شرعيه الصندوق ؟ وهل إزاله رئيساً منتخباً من منصبه هو نهايه الدنيا فى عالم الديمقراطيه المنشوده؟ فى مقالى هذا سأجيب على السؤال الأخير من الاسئله السابقه ، وسأعاود فى مقالاتٍ آخرى للإجابه عن بقيه الأسئله تباعاً.

الحقيقه التى قد يَتَعمَّد البعض إخفائها هى أن إزالة مسئولاً شرعياً منتخباً عن طريق صناديق الإقتراع ليس بالأمر الغريب عن البلاد التى إستقرت فيها الديمقراطيه لسنين طويله مثل استراليا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وسويسرا و غيرهم. ففي عام 1975 قام الحاكم العام الأسترالى السير "جون كير - John Kerr" ، والذى كان نائباً عاماً لِمَلِكَة المملكه المتحده بأستراليا فى ذاك الوقت ، بإقاله رئيس الوزراء الأسترالي "جوف وايتلام - Gough Whitlam" الذي إنْتُخِبَه الشعب الإسترالى ديمقراطيا عن طريق صناديق الإقتراع في عام 1972. وكانت أحزاب إئتلاف المعارضه بقياده السنتور " مالكولم فريزر - Malcolm Fraser" قد رفضت تمرير قوانين الإمدادات الحكوميه فى مجلس الشيوخ مما جعل الحكومه عاجزه على الوفاء بميزانيتها. فى ذلك الحين لم نسمع من أحداٍ أن الديمقراطيه فى أستراليا قد إنهارت.

وايضاً في عام 2010 ، قرر بعض قاده حزب العمل الأسترالي إزالة رئيس الوزراء " كيفين ردد – Kevin Rudd " الذى إنتخبه الشعب على رأس حزبه فى عام 2007 من خلال شرعيه الصندوق. فى تلك الليله خلد الإستراليون لنومهم بدون أدنى شك ان رئيس حكومتهم هو كيفين ردد ، ليستيقظوا ورئيس حكومتهم نائبته "جوليا جيلارد - Julia Gillard". ومن المفارقات العجيبه أنه في 27 يونيو 2013 - أى ثلاثة أيام قبل ثوره الثلاثين من يونيو - قرر نفس الحزب التخلص من جوليا جيلارد وإعاده كيفين ردد رئيساً للوزراء مرة آخرى.

وفى عام 2012 طالبت النقابات العماليه مع الحزب الديمقراطى فى أمريكا بإنتخابات مبكره أو إعاده الأنتخابات "Recall" بولاية ويسكونسن للإطاحه بالحاكم الجمهورى "سكوت ووكر- Scott Walker" بعد أن قاموا بجمع 000 900 توقيعاً على عريضه إلتماسهم. وقد قبل سكوت ووكر التحدى ، وإحتكم إلى الإنتخابات المبكره ، وقد كانت نتيجه الإنتخابات المبكره فى صالحه ليكمل العاميين الباقيين من فتره ولايته.

في الولايات المتحدة الأمريكيه، تتيح القوانين فى 19 ولاية الإطاحه بمسؤولين منتخبين في الدولة من مناصبهم قبل إتمام فتره إنتخابهم بمافيهم حاكم الولايه أو نائبه ، وزراء فى الدولة أو ممثليها ، أعضاء مجلس الشيوخ ، النائب العام ، قضاة المحكمة العليا ، محكمة قضاة الاستئناف، أو القضاة بوجه عام. وفي عام 2011 تمَّت إجراءات الدعوه لإنتخاب مبكره للإطاحه بـ 150 مسئول منتخب قبل إتمام مدتهم الإنتخابيه ، وقد أسفر عدد من هذه الإلتماسات عن إزاله بعض المسئولين ولم ينجح البعض الآخر.
وقد يسمح القانون الأمريكى بإعفاء أى رئيس منتخب من منصبه فى ثلاث أحوال هى: أولاً: "الإهمال الجزائى أو الجنائى – Criminal negligence´-or-Malfeasance" الذى فيه يرتكب الرئيس عملاً محظوراً أو غير قانونى ، أو عندما يتدخل فى أمورٍ ليست فى نطاق سلطته ، الأمر الذى يؤدى إلى إنتهاك حقوق الإخرين.
ثانياً: " المسؤولية التقصيرية - Nonfeasance " عندما يمتنع الرئيس المنتخب عمداً وبشكل متكرر عن أداء مهام منصبه أو ماهو متوقع منه أن يقوم به كرئيس للدوله ، الأمرالذى يعرضه للمسئوليه بصفته حاكماً للبلاد.
ثالثاً: إرتكاب أى "جريمه أو جُنْحَه – Serious crime" يعاقب عليها القانون كالتعدى أو الإصابة المتعمدة، أو التهديد بالإصابة، أو الخيانة العظمى ، وما إلى ذلك.

ويتم إعفاء أى حاكم منتخب فى الولايات المتحده الأمريكيه قبل قضاء فتره ولايته عن طريق أربع وسائل هى : (1) إزالة - "Removal" أو (2 ) إستبعاد – " Expulsion" أو ( 3 ) إعاده الأنتخابات "Recall" أى الأنتخابات المبكره (4) محاكمه قانونية " Impeachment". وتعتبر محاكمه الرئيس الأمريكى السابق "بيل كلينتون – Bill Clinton" فىعامى 1988- 1989 من أشهر القضايا التى حُكِمْ فيها رئيساً منتخباً بواسطه مجلس النواب قبل إتمام فتره إنتخابه بهدف الإطاحه به ، عندما وُجَّهَتْ له تهمتى الكذب أمام المحكمه وعرقلة سير العدالة .

وبالرغم من إختلاف النظم السياسىه والآليات الحكوميه في الدول المذكوره عن مثيلتها فى مصر ، إلا أن مبدأ إعفاء رئيسٍ منتجب بصندوق الإقتراع هو مبدأ مشترك ، ليس فقط فى قوانين تلك البلاد ومصر ، وإنما فى العالم كله. ومَنْ يدرس تاريخ الفكر اليونانى – الذى نبتت فيه بذور الديمقراطيه لتخيم بظلالها على العالم كله - يجد أن مبدأ إزالة رئيساً منتخباً من منصبه يرجع إلى أسس الديمقراطية الأثينية القديمة التي أرساها أرسطو في كتابه "الدستور الأثيني" [5]. أما قوانين إعفاء الرئيس المنتخب فى مصر فسمحت بها كل الدساتير السابقه ، وجاءت فى الماديين 152 و 153 من دستور 2013.

ولكن الفرق بين ماجاء فى دساتير مصر و الدول الأخرى هو أنه فى ولايه مينيسوتا الأمريكيه يمكن الدعوه إلى إنتخابات مبكره أو إعاده الأنتخابات "Recall" لحاكم الولايه إذا قام 25 مواطن بتوقيع إلتماساً مصحوباً بدلائل تأخذ بها المحكمه لتبرير طلبهم. أما فى مصر فلم يلتفت الرئيس السابق محمد مرسى إلى توقيعات 25 مليون مصرى - جمعتها حمله تمرد - يطلبون إنتخابات مبكره أو إعاده الإنتخابات "Recall". لهذا خرجت هذه الملايين من إجل إسْمَاعُه كلمتها ، فأضاءت علينا ثوره 30 يوليو المجيده التى إنحازت لها القوات المسلحه ، والتى جاءت فى صوره " إنقلاب شعب عظيم" أيَّده "جيش عظيم".
----------------------
Arabic Media, 20 June 2013, “Patterson: America supports Morsi and rejects protests June 30”, accessed 5 July 2013, available from: http://arabic-media.com/articles/id/posts.php?title=patterson-support-morsi








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال فى الصميم لكى يخزى كل اثيم
حكيم العارف ( 2013 / 7 / 16 - 06:43 )
مقال فى الصميم
لكى يخزى كل اثيم
جانى على شعب مصر العظيم

اخر الافلام

.. #shorts - 49- Baqarah


.. #shorts - 50-Baqarah




.. تابعونا في برنامج معالم مع سلطان المرواني واكتشفوا الجوانب ا


.. #shorts -21- Baqarah




.. #shorts - 22- Baqarah