الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا احمد وليس محمد؟

سليم سوزه

2013 / 7 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هذا سؤال بريء، لطالما سألته دون ان اجد جواباً شافياً له.
لماذا سمّى الله نبيّه محمد احمداً في سورة الصف، الآية السادسة "وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ".
لماذا لم يضع حداً للتأويلات والتفسيرات المطّاطة ويقطع دابر الفتنة بتسمية الاشياء بمسمّياتها؟
لماذا احمد وليس محمد؟

لعل ابسط شروط الموضوعية ان نُقاد بالموضوع لا بالعاطفة او الايديولوجيا المُسْبَقة، وهآنذا اُقاد موضوعاً لا عاطفةً لأرى ماهو تأويل او تفسير هذه الآية عند علماء المسلمين. اتعمّد ذكر المصطلحين "تأويل" و "تفسير"، فثمّة مَن يقول باختلافهما دلالياً. جلال الدين السيوطي يرى فرقاً في الدلالة بين اللفظتين، في حين علماء آخرون لا يتشدّدون في مثل هذا التمييز. أنا مع السيوطي ومع مَن يقول باختلاف المَعْنَيَين لان دلالة التفسير تدل على تفسير الحقائق او النصوص الظاهرة، بينما يكون التأويل للرمز او للأشياء غير الحقيقية مثل الاحلام، فلا يصح ان نقول تفسير الاحلام لانها ليست واقعاً حقيقياً ظاهراً، بل الاصح هو تأويل الاحلام لانها رموز وصور تحتاج الى تأويل لا الى تفسير.

ليس هذا موضوعنا لكنها مقدّمة لمعرفة كيف أخرج التأويل معنى الآية المذكورة من سياقها الواضح وادخلها وادخلنا معها في متاهات الظن والاحتمال.
قال القرطبي في تفسيره لاسم "احمد" الذي ورد في الآية اعلاه:

"و « أحمد » اسم نبينا صلى الله عليه وسلم. وهو اسم علم منقول من صفة لا من فعل؛ فتلك الصفة أفعل التي يراد بها التفضيل. فمعنى « أحمد » أي أحمد الحامدين لربه ...... فلذلك تقدّم اسم أحمد على الاسم الذي هو محمد فذكره عيسى عليه السلام فقال: « اسمه أحمد »" ... 1

يستمر القرطبي في متاهة التأويل ليدخلنا في عالم الصفات والاسماء والحزّورات حتى ينتهي بالقول:
"وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اسمي في التوراة أحيد لأني أحيد أمتي عن النار واسمي في الزبور الماحي محا الله بي عبدة الأوثان واسمي في الإنجيل أحمد واسمي في القرآن محمد لأني محمود في أهل السماء والأرض ) . وفي الصحيح ( لي خمسة أسماء أنا محمد وأحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي تحشر الناس على قدمي وأنا العاقب )" ... 2

انا اطلب تفسيراً لاشكالية اسم "احمد" في القرآن والقرطبي يعقّد الامور اكثر ويقول لي ان محمداً له خمسة اسماء؟!
باختصار يقول القرطبي ان القرآن سمّى محمداً بصفته (احمد) لا باسمه الفعلي (محمد)

أمّا ابن كثير فأورد عن أبو داود الطيالسي "وهو يقول حدثنا المسعودي، عن عمرو بن مُرّة، عن أبي عُبَيدة، عن أبي موسى قال: سَمَّى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نَفسه أسماءً، منها ما حفظنا فقال: « أنا محمد، وأنا أحمد، والحاشر، والمقفي، ونبي الرحمة، والتوبة، والملحمة »" ... 3

يبدو انها لم تكن اسماءً خمسة فقط، بل اكثر حتى ان ابا موسى لم يحفظ منها سوى سبعةً فقط كما يقول الحديث اعلاه!

لقد اجمع علماء المسلمين ان اسم نبي الاسلام "احمد" قد ذُكر في كتب اليهود والنصارى قبل بعثته، مصداقاً لقول النبي عيسى في القرآن "مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ".

طيّب، في ظل زحمة الاسماء هذه، كيف لكتابيٍ (يهوديٍ او مسيحيٍ) ان يعرف ان الاسم الذي ذُكر في كتابه التوراة او الانجيل (احمد) يُقْصَد به نبي الاسلام "محمد" نفسه؟ كيف يعرف ان "احمداً" صفة النبي محمد لا اسمه، حسب تأويل القرطبي؟ لو حاججنا بقرآننا لأثبت ان دينه هو الاحق ان يُتَّبَع لا ديننا نحن. نعم، لان القرآن أكّد على ان كتابي الانجيل والتوراة قد بشَّرتا بنبيٍ سيظهر بعد نبييهما اسمه "احمد" ولم يقل اسمه "محمد". هذا اثبات لتلك الديانتين اكثر ممّا هو تأكيد على ديانة الاسلام. فأحمد واقع ويقين اكّد من خلاله القرآن على وجود كتابين، الانجيل والتوراة، امّا محمدٌ فليس سوى تأويلاً مُحيِّراً لاسم "احمد" قال به المؤوّلون ليس الاّ.

بكلام آخر، لو جاء الى النبي محمد كتابيٌ وقال له انا اؤمن بنبيٍّ اسمه "احمد" يأتي بعد نبيّ، لكنك لست احمداً. انت محمد، فكيف لي ان اصدّق بك؟
أليس هذا اشكالاً؟ كيف سنردّه؟

في الوقت الذي يتملّص فيه السيد الطباطبائي في كتابه "الميزان في تفسير القرآن" عن ايّة اجابة او حتى اشارة لاسم "احمد" عند تفسيره هذه الآية، يُجيب السيد ابو القاسم الخوئي في كتابه "البيان في تفسير القرآن" اجابة ذكية على الاشكال اعلاه، فيها قليل من الهروب والمراوغة، حيث يقول:

"وقد آمن كثير من اليهود والنصارى بنبوته في زمن حياته وبعد مماته. وهذا يدلنا دلالة قطعية على وجود هذه البشارة في الكتابين المذكورين في زمان دعوته. ولو لم تكن هذه البشارة مذكورة فيهما، لكان ذلك دليلا كافيا لليهود والنصارى على تكذيب القرآن في دعواه، وتكذيب النبي في دعوته، ولأنكروا عليه أشد الانكار. فيكون إسلام الكثير منهم في عصر النبي صلى الله عليه وآله وبعد مماته، وتصديقهم دعوته دليلا قطعيا على وجود هذه البشارة في ذلك العصر. وعلى هذا فإن الايمان بموسى وعيسى عليهما السلام يستلزم الايمان بمحمد صلى الله عليه وآله من غير حاجة إلى وجود معجزة تدل على صدقه." انتهى كلام الخوئي .... 4

هو طبعاً يركّز (بدهاء مفسّرٍ محترفٍ) على البُشارة ولا يتعرّض لاشكالية الاسم، اما انا فأركّز على الاسم. مع هذا اعجبني في تخريجه لهذا الاشكال وكأنه يقول ما معناه، لو لم يجد اليهود والنصارى الذين عاصروا النبي محمد وآمنوا بنبوّته اسم النبي عندهم في كتبهم لمَاَ آمنوا به، بل لكانت مناسبةً قويةً للتأنيب ضده، لأنه هو مَن كان يقول لهم ارجعوا لكتبكم فستجدون اسمي مذكوراً عندكم. طبعاً لا يمكن لعاقل ان يتحدّى المخالفين في كتبهم لو لم يكن على يقين من ذكر اسمه هناك، وايمان هؤلاء به لهو دليل على انهم بالفعل وجدوا اسمه فصدّقوا به، والاّ كيف آمنوا "بمدّعي" حاشاه!!

مازلت اعتبر تخريج الخوئي ناقصاً لا يُعبّر عن كامل الصورة من كل جوانبها.
اننا اليوم على بعد 1400 عاماً من بعثة النبي محمد، ولو جاءنا كتابيٌ يتّبع النص فقط ويعتبر ما غير النص ثقافةً شفاهيةً تناسلتها الازمنة ففقدت مصداقها وحجّيتها، ماذا كنا سنجيبه في اشكال الاسم الاحمدي الذي ورد نصاً جلياً في القرآن؟

اذا سَأَلَنا وقال لا اعرف هؤلاء النصارى او اليهود الذين آمنوا بنبيّكم في تلك الفترة ولا ادري صدق رواياتكم، لكني ابن اليوم، فحدّثوني عن سبب تسمية القرآن لنبيكم "احمد" ولم يسمّيه "محمد" وكلنا نعرف انه محمد. لا تقولوا لي انه محمد في الارض واحمد في السماء ومحمود عند العرش؟ انا مطالب بايمان الارض لا بايمان السماء والعرش؟ هذه الاوصاف والتوصيفات هي من قبيل التأويل ولا تفسّر لنا سبب تسميته باسم غير ما عرفناه به؟ نعم، ربما يقول انا اؤمن بوجود نبي خاتم الازمان، لكنه لم يأت بعد، لان الذي انتظره اسمه "احمد" وليس "محمداً" بشهادة قرآنكم انتم!! دلّوني على احمد وانا سأكون مصدّقاً به ومؤمناً بدعوته؟
ذكر القرآن اسم "محمد" صراحةً في سورٍ اربع مختلفة، فَلِمَ لم يذكره هنا في هذه الآية ايضاً؟؟

لماذا يصرّ القرآن في بعض مواطنه على المُخاتلة وعدم الصراحة؟
لماذا احياناً يصر على الضبابية واللعب بطريقة اشبه بلعب "الحزّورة" في قضية مهمة جداً كهذه القضية التي يتوقف عليها ايمان ديانتين كبيرتين مثل اليهودية والمسيحية؟ لماذا لم يقل اسمه "محمد" وينهي هذا الجدل؟
انا اسأل ولا اكفر، واتمنى ان اسمع جواباً ملمّاً من علماء الاسلام، ليس من اجلي طبعاً، بل من اجل الدفاع عن دينهم.

يقول الله في سورة الانعام، آية 149 "قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ۖ-;- فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ"، فهل كانت حجّته بالغة على اليهود والنصارى في آية التسمية الاحمدية؟


المصادر:

1- تفسير القرطبي لسورة الصف / المصحف الالكتروني
http://www.e-quran.com/kurtoby/kur-s61.html

2- نفس المصدر اعلاه ونفس الصفحة

3- تفسير ابن كثير لسورة الصف / المصحف الالكتروني
http://www.e-quran.com/katheer-s61.html

4- البيان في تفسير القرآن للسيد ابو القاسم الخوئي / الصفحة 119
http://shiaonlinelibrary.com/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8/2404_%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D8%A6%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%81%D8%AD%D8%A9_114








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لخبطة
بلبل عبد النهد ( 2013 / 7 / 16 - 11:50 )
ليس هناك لا احمد ولا محمد ولا عيسى ولا موسى الا مور كلهالخبطة في لخيطة وكلام فارغ وضياع للوقت


2 - لخبطة رقم 2
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2013 / 7 / 16 - 12:58 )
الاخ سليم سوزه بعد التحية: اعتقد انك تنتمي الى المذهب الشيعي والشبعة يعتقدون في 12 اماما منصبين من الله ومن لم يؤمن بهم فهو كافر فلماذا لا يذكر اسماؤهم في القرآن لازالة الالتباس بدل التاويل ولي عنق الآيات ليتناسب مع اعتقادهم؟.هل الدين حزورات تريد متخصصين لفك رموزها وهل من المنطق ترك الحبل على الغارب واللجوء للقرطبي وابن كثير والخوئي وابن تيمية والولي الفقيه لفك الرموز كل حسب مزاجه ومعتقده واين هو الامام الثاني عشر الغائب وهو صاحب العصر والزمان وماهي مهمته اذا لم يقم بحل الاشكالات التي اوقعت المسلمين في حروب طاحنة وتفجيرات راح ضحينها آلاف البشر؟؟.ما ذا يعني قول الامام علي (بان القرآن حمال اوجه)؟؟.هل كتاب منزل من السماء ـ كما يعتقد المسلمون ـ وصالح لكل زمان ومكان يكون حمال اوجه ويكون وسيلة للقتال والاقتتال باسم الله ام انه بشري الهوى والهوية؟؟.اما اسلام اليهود والنصارى والذين كانو يعدون بالاصابع لبس دليلا على ان احمد موجودا في كتبهم بل هي قناعة ذاتية والا للزم ان نقول بان البهائية الذين آمنوا ببهاء الله وجدوا اسمه في القرآن عن طريق التآويلات.القرآن اوقع البشر في فتنة عمياء لضبابيته


3 - احمد ومحمد وحسين ...بشرى وعدوية
سلام صادق ( 2013 / 7 / 16 - 22:20 )
بما ان هذه النصوص لا يعلم تأويلها الا الله والراسخون في العلم..اذن ما الفائدة من وجودها اصلاً؟؟.. هل الله يتعمد تضليل عباده ؟؟
فاذا كان كلام الله في القران غير مفهوم ولهذا احتاج للكثير من المفسرين...فهل كان رب محمد عاجز عن ايصال حجة لعباده فبادر المفسرين لايصالها بما يشتهون..
اما قضية اسمة مكتوب...فكلنا نعلم ان محمد طلب من اليهود جلب التوراة للحكم في قضية زنى ..فلماذا لم يشر الى الاية المذكور فيها اسمه وقال لهم ..تعالوا تفضلوا هذا هو اسمي مذكور عندكم(علما انه قال آمنت بك وبمن ارسلك)..ولم نقرأ او نسمع عن اي حديث ان صلعم حاجج اليهود او النصارى حول مسالة ان اسمه مذكور عندهم...وكل هذه الخزعبلات ظهرت بعد موته...يا عزيزي هكذا ايات وغيرها كلها اضيفت للقران بعد مقتل صلعم محاولة لتبيض الوجه وايجاد ولو جذر وان كان هشا لربط محمد بالانبياء بعد فشله في اثبات نبؤته لليهود او النصارى ..ولا زال البحث جاريا....تحياتي


4 - سليم سوزه
عبد الحكيم عثمان ( 2013 / 7 / 17 - 04:15 )
احيلك الى الكاتبه برنابا التي تكتب في كتابات في الميزان فعندها اجابات على تساؤلك واقدم لك الايه القرآنيه التي ذكر فيها الله في القرآن اسم محمد/سورة آل عمران /ومامحمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل الى اخر الايه واتمنى عليك ان تتسم بالشجاعه بعد ان تطلع على كتابات الكاتبه برنابا وعلى الايه اعلاه وتعلمنا بما وصلت اليه من قناعات بعد ذالك


5 - ماقل ودل ... وسوال لكل ذي عقل ؟
س . السندي ( 2013 / 7 / 17 - 21:36 )
بداية تحياتي لك ياعزيزي سليم وتعليقي ؟

1: كيف إله ينسخ كلامه في ليلة وضحاها والملوك لاتفعلها ولو كان في ألأمر فناها ؟

2: إسمه الحقيقي قثم ، وليس أحمد أو محمد ؟

3: إن كان حقا نبي ودينه من سماء ، فاليسمح أتباعه ومريده اليوم بحرية الفكر والعقيدة لمن يشاء دون تكفير أو إرهاب من رب السفهاء ؟

4: أصدق من تنبأ بزوال ألإسلام علي بن أبي طالب إذ قال ( سيأتي اليوم لن يبقى من ألإسلام إلا إسمه ومن القرأن إلا رسمه ، ولاتجادلو بالقرأن لأنه حمال أوجه ) ؟

5: كما تنبأ بزواله نبي ألإسلام نفسه إذ قال ( سيؤل ألإسلام إلى جحره كما تؤول الحية إلى جحرها) وهو القائل كذالك ستتفرق أمتي إلا 72فرقة وواحدة منها فقط هى الناجية ، فهل يعرف المسلمون أي منها هى الناجية ، في إعتقادي المتواضع هى التي ستترك ألإسلام قبل فوات ألأوان ؟

اخر الافلام

.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي


.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن




.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت


.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان




.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر