الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دماء العراقيين هل تحتاج إلى فتوى لتحريمها ؟

احمد عبدول

2013 / 7 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من بديهيات الأمور وأساسياتها التي لا ولن يختلف بخصوصها اثنان ان الدماء مصانة والنفوس محترمة على ضوء سائر الشرائع السماوية والقوانين الوضعية والأنظمة الأخلاقية والاجتماعية والفلسفية على حد سواء فالأديان السماوية والأرضية واللوائح البشرية منذ ان خلق الله الأرض وقدر أرزاقها وبث فيها من الحياة ما ميزها عن سائر الكواكب الأخرى حسب ما نمتلكه من علم ومعرفة كلها تصب في ذات الاتجاه وتنحو ذات المنحى بخصوص صيانة الدماء والحث على حرمتها وقدسيتها لا تحيد - عن ذلك الحث والتأكيد- قيد أنملة في الحفاظ على قدسية الدماء من أي اعتداء خارجي ومن أي جهة كانت هو أمر مرفوض منبوذ محرم باتفاق سائر الأديان والشرائع والقوانين .
الديانة اليهودية كما هي المسيحية كما هي الديانة الإسلامية سوف لم ولن تتساهل في أمر الدماء والإعراض والأموال متخذة من الإنسان وكرامته وقدسيته شعارا لها ودثارا لمتبنياتها ومنطلقاتها . الإسلام كدين أعطى لحرمة دم المسلم منزلة ومكانة أعظم خطرا واجل شانا من حرمة الكعبة ذاتها (لهدم الكعبة حجرا حجر أهون عند الله من سفك دم امريء مسلم )(حديث شريف ) بل ان الإسلام تجاوز مربع ثنائية الكفر والإيمان الى مساحة الإنسان كانسان بغض النظر عن دينه ولونه وعرقه وجنسه ومذهبه وهذا عين ما أشارت إليه الآية الكريمة بقوله (أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا) الآية تشير وبقوة الى ان من يسفك دم امريء بغير جرم مشهود فكأنما سفك دماء البشرية جمعاء .
الدماء محترمة مصانة على ضوء جميع الشرائع والدساتيرالبشرية والسماوية لا فرق بين دم وأخر (الناس صنفان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ).وفق كل ما تقدم من معطيات تضافرت عليها الأدلة والبراهين ودرجت عليها المجتمعات الإنسانية والبشرية منذ ألاف السنين يأتي السؤال وبقوة هل نحتاج الى فتاوى تحرم سفك الدماء وتمنع من التجاوز على حرمتها بعد كل ما جاءت به الأديان والشرائع والأنظمة والقوانين والدساتير الوضعية بخصوص قدسية الدماء وصيانتها هل نحتاج الى فتاوى تذكرنا بما تشكله الدماء من خطوط حمراء غير قابلة للتجاوز والاعتداء الا في ظروف مقيدة ومحددة بنصوص قانونية غاية في الدقة والحساسية .
الحقيقة إننا لا نحتاج الى هكذا نوع من الفتاوى ولو أنّا سلمنا جدلا بأننا نحتاج هكذا سنخ من الفتاوى لكنا إذن أمام حاجة لمن يفتي لنا بضرورة شرب الماء حفاظا على الأرواح والأنفس من الموت والهلاك علما ان ضرورة شرب الماء هي معلومة بديهية لا تحتاج الى نص أو توصية أو فتوى ، ذات الأمر ينطبق على فتوى تحريم الدم العراقي والذي لن تأتينا بجديد حتى ينطبق عليها عنوان الفتوى التي تترتب عليها جملة من المعطيات التي تتضافر على بلورتها وإنضاجها حزمة كبيرة من العوامل الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية من جانب اخر فان مثل هذه الفتوى سوف لن تجد لها آذان صاغية من قبل من يستحلون دماء العراقيين فيفسدون في الأرض ويهلكون الحرث والنسل قتلا وتفخيخا وخرابا لان هؤلاء المجرمين لا يصدرون عن دين بقدر ما يصدرون عن أجندة سياسية ضيقة بلبوس دينية مشوهة لذلك فان مثل تلك الفتاوى قد تزيدهم إصرارا على ما يقدمون عليه من أفعال وجرائم ، ان هؤلاء الذين يكفرون سائر عباد الله من الشيعة والسنة ممن يختلف معهم فلا يُرى رأيهم ولا يُذهب مذاهبهم ولا يصدرون عن دين بقدر ما يصدرون عن برامج وإيديولوجيات سياسية بثياب وشعارات دينية مؤدلجة .باختصار إنهم أناس محكومون بنصوص سياسية قامت على أساس لَيّ عنق النصوص الدينية لغرض تطويعها بما يتوافق مع أفكارهم الضالة وتصوراتهم المغلوطة لذا فان فتوى تحريم دماء العراقيين سوف لن تجدي نفعا مع أولئك المتخفين وراء جملة من السور والنصوص والأحاديث النبوية الشريفة التي وظفوها لاهوائهم زورا وبهتانا ، لا شك ان المسألة اكبر بكثير من عملية إصدار فتاوى لن تأتنا بجديد بل ان الأمر يتعدى كل ذلك متطلبا من الجميع جهودا استثنائية على المستوى الفردي والجماعي لفضح وكشف وتبيان حقيقة تلك الجهات التي تعتمد العنف وتروج للقتل وتدعو للفتنة باسم الدين متخفية وراء عناوين الطائفة تارة والمذهب تارة أخرى المسألة اكبر من فتوى تؤكد على حرمة دماء لا يَرى في سفكها هؤلاء المرتزقة أدنى حرمة بل ان المسألة تتطلب من الجميع من قبل أبناء السنة والشيعة الوقوف على ارتباطات تلك الجهات التكفيرية وفضحها أمام الملأ وبالتالي كشف مخططاتها ومتبنياتها وزيف معتقداتها وتبعية مشاريعها السياسية التي باتوا على ضوئها مطية لقوى عالمية مؤثرة لغرض تحقيق أجندة سياسية مشبوهة تريد لها موطأ في المنطقة العربية لاسيما في منطقة الخليج العربي عبر تسميم الأجواء وخلق البلابل والقلاقل وصولا الى حرب شيعية سنية كمرحلة أولى وحرب سنية سنية شيعية شيعية كمرحلة أخرى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الانسان بناء الله ملعون من هدمه
مرتضى رضا ( 2013 / 7 / 20 - 23:12 )
جزاك الله خيرا ووفقك ورفع قدرك وسدد خطاك فقد وضعت النقاط على الحروف والجمت الجروح ووطئت بحذاءك افواه كل قبيح ومقبوح وملعون كما جاء في حديث المصطفى عليه الصلاة وازكى السلام(الانسان بناء الله ملعون من هدمه)واقول قد اسمعت لو ناديت حيا ولكن................ تقديري وشكري وتحيتي

اخر الافلام

.. المرشد الأعلى في إيران هو من يعين قيادة حزب الله في لبنان؟


.. 72-Al-Aanaam




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تدك قاعدة ومطار -را


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في العراق تنفّذ 4 عمليات ضد




.. ضحايا الاعتداءات الجنسية في الكنائس يأملون بلقاء البابا فرنس