الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكامة الترابية بالمغرب : قراءة سوسيولوجية

إدريس الغزواني

2013 / 7 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تشكل الحكامة الجيدة ركيزة أساسية للتنمية الشاملة والمندمجة وقيمة مضافة لبناء صرح مجتمع مغربي ديمقراطي حداثي حقيقي، وشرط ضروري لتجذ ير المواطنة وتفعيل حقوق الإنسان ولتكريس كذلك دولة الحق والقانون. إن هذه الأطروحات المؤسسة على مركزية الحكامة الجيدة توجد اليوم في صلب النقاشات المرتبطة بالفعالية الكلية لاستراتيجيات وسياسات التنمية، وهي بذلك تكرس منعطفا جديدا بالنسبة للمقاربات التقليدية للتنمية. فالقطائع الإبستمولوجية والسياسية والإيديولوجية والإستراتيجية التي أحدثها مصطلح الحكامة الجيدة ترتب عنها تغير على المستوى المفاهمي بالنسبة للتنمية الشاملة وتحولات عميقة في العلاقات ما بين أبعادها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، و التي أثرت بشكل كبير على مسلسلات تحديث ودمقرطة الدول.
إن مركزية مفهوم الحكامة الجيدة وتعقد ارتباطاتها بالتنمية الترابية الشاملة تطرح إشكالية تقاطعاتهما، خاصة في الدول الصاعدة مثل المغرب، التي راهنت على الليبرالية الاقتصادية والتعددية السياسية والانتقال الديمقراطي، ولكنها تبقى معوقة بطبيعة تنميتها البشرية، بحيث يحتل المغرب الرتبة 123 من أصل 177 دولة خلال سنة 2004 حسب التقرير الدولي للتنمية البشرية 2006 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للتنمية.
فعلى الرغم من الانجازات المحققة، مازالت بلادنا تعاني من العجوزات الاجتماعية والعجوزات الديمقراطية والمرتبطة أساسا بغياب سلطة منصتة لتفاعلات المجتمع ولإهتمامات وهمهمات جميع الفئات، سلطة طيعة غير ممانعة، سلطة سامعة للسلطة الرابعة، منفتحة ومحاورة لمنظمات وهيئات المجتمع المدني والسياسي معا، وبعبارة جامعة ومانعة، "سلطة جديدة بأساليب متجددة، قادرة على بلورة حكامة جيدة، تستهدف تجسيد تعاقدات وشراكات ديمقراطية وبراغماتية بين الدولة والجهات والجماعات، عبر سياسات تشاورية ومشاريع تنموية مندمجة"، تراعي الإشراك الواسع للساكنة ولكل الفعاليات السوسيو اقتصادية والعلمية والمعرفية، بغية سبر أفكار ومبادرات وآراء وملاحظات الخصوصيات المحلية، وتوحيد تصوراتها ومقترحاتها تجاه ضرورة تأهيل مجالاتنا الترابية، والرفع من مؤهلاتها البشرية والديمقراطية ومن نجاعتها وتنافسيتها الاقتصادية، مما يخلق فرصا أكبر للعيش الكريم وجودة الحياة، وللتضامن الاجتماعي والانسجام الثقافي و الاقتصادي وتساهم في الانتقال الديمقراطي.
وفق هذا المنظور النقدي، ينبغي توجيه اهتمام البحث السوسيولوجي، اليوم وغدا، و الآن و هنا، نحو "بؤر الاجتماعي" داخل مدننا وجماعاتنا وأحيائنا، وفق مقاربات تبتغي تسليط الضوء على الجزيئات السوسيولوجية الصغيرة داخل مختلف الفئات العمرية والديمغرافية، والشرائح الاجتماعية والمهنية، والمنظمات والهيئات المدنية والسياسية، من أجل رصد وقياس مختلف عوامل الدينامية والثبات والتغير داخلها، وفي علاقاتها وتأثيراتها في محيطها المجتمعي عامة.
فالسوسيولوجيا التي تستطيع دراسة هذه التقرحات التي تعاني منها مجالاتنا الترابية في علائقها سواء الواقعية منها أو الافتراضية مع "الحكامة"، هي السوسيولوجيا الحضرية و كذا السوسيولوجيا السياسية اللتين تنكبان على معالجة تدبير الشأن المحلي و الجماعات الترابية بالدراسة و التحليل عبر مجموعة من المناهج و البراديغمات و المفاهيم، و من بين هذه المفاهيم نجد مفهوم "الحكامة". إن هذا الأخير يعني حسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي "ممارسة السلطة السياسية و الاقتصادية و الإدارية في إطار تدبير شؤون بلد ما على جميع المستويات".
فإذا تأملنا هذا التعريف نجد أن الحكامة هي ممارسة السلطة، و بالتالي يمكن طرح السؤال: هل ممارسة هذه السلطة هي فعلا ممارسة حقيقية أم هي تطبيق إملاءات معينة؟ هنا تكمن إشكالية الحكامة في المغرب في اعتقادي المتواضع، أي أن المنتخبين المحليين للأسف لا يقومون إلا بتطبيق إملاءات السلطة الإدارية التي تلعب دور الوصاية. من هنا، لا يمكننا الحديث عن الحكامة في المغرب دون إنوجاد منتخبين حقيقيين ينتجون قرارات مبنية على أساس تشاركي و لا تتدخل فيه سلطة الوصاية و يكون يحتكم لمنظومة قانونية متينة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يتفق الكابينت على مقترح جديد للافراج عن الرهائن؟


.. عراقيل اسرائيلية جديدة أمام إيصال مساعدات الى غزة




.. كومة من الأنقاض.. شاهد الدمار الذي خلفته أعاصير ضربت ولاية أ


.. الجبهة الأوكرانية تخنق زيلينسكي.. وبوتين لن يتراجع | #التاس




.. مؤتمر لوزير الخارجية النرويجي ونظيرة  السعودي|#عاجل