الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الزواج في الوقت المعاصر يوفر الحب الكامل ؟

سامي كاب
(Ss)

2013 / 7 / 22
المجتمع المدني


الزواج مؤسسة اصبحت لا يتوفر بها الحب

الزواج اصبح مؤسسة اجتماعية قائمة على مبدأ الربح والخسارة ( شركة اقتصادية هدفها توفير الحياة لاعضاء الاسرة في ظل الزحام على طاقة الحياة واسبابها وتحديات الحياة المادية )
وبهذا فان مؤسسة الزواج فقدت روابطها الوجدانية والعاطفية وحلت محلها روابط فكرية وقانونية ونظامية ودستورية ومنهجية ادارية بحيث يطغى الاحساس على كلا الزوجين بالرتابة والروتين والملل والفتور العاطفي وتتلاشى جذوة الشوق والغرام وشعلة الحب بينهما بتوالي ايام زواجهما الى درجة انعدام الحب والعاطفة المشتركة والوئام والتفاهم والتوافق والانسجام
وعليه فان الزواج يعتبر مؤسسة بدائية ظهرت كعنصر اساسي في بناء المجتمع الانساني الاولي في بداية التاريخ الحضاري واستمرت الى تاريخ ظهور التقنية الحياتية اثر تراكم المعرفة والعلم والخبرة وتطور الانسان فسيولوجيا وسيكولوجيا وامتلاكه القدرات المؤهلة له للسيطرة على واقعه المادي المحيط به والتحكم في مسيرته الحياتية دونما الحاجة لدوافع وهمية تصورية او احلام ترسم له آملا دافعا للسعي نحو هدفه
في وقت كان الزواج ذو معنى وجدوى يعتبر المؤسسة الاجتماعية الرئيسية لم تكن تقنية الحياة بذاك الزخم والقوة والفعل لتغيير صفاته السلوكية واخلاقه وتنميتها وتطويرها وتحديثها وتنويعها وتمددها وارتقائها وتحديد نمط عواطفه ومشاعره بهذا السياق باتجاه المادة ذات الفكر المبني على المنطق الجدلي والقياس الحسابي بعكس ما كان في بداية تشكل وعي الانسان بحياته البدائية حيث الفكر الغيبي ذو الصفة العاطفية الوجدانية المليئ بالحلم والخيال والوهم والجمال والحب والشوق والتعلق والانجذاب بشكل طبيعي وبحوافز غريزية طبيعية تبعا للتركيب الفسيولوجي والفعل الوراثي للانسان جسدا ونفسا وروحا
اما في عصرنا الحالي عصر التكنولوجيا والعولمة والنانوميتر والفضاء فان الانسان بحاجة لمؤسسة بديلة اسمها شراكة حياة تجمع الذكر والانثى وهي علاقة طبيعية حرة ليست مبنية على اي التزام يذكر سواء كان خطيا كعقد زواج او شفهيا كعقد حياة لها شروطها ومحدداتها وهذا اقرب ما يكون للحياة المشاعية وبموجبها تصبح مسألة التناسل والذرية هي مسألة الدولة لتحددها بالطريقة المناسبة والابناء هم ابناء الدولة فتربيهم وترعاهم وتوفر لهم الحياة بكل جوانبها ليكون مجتمعا متجانسا متكاملا فاعلا منتجا حرا يعيش حياته باقصى درجات السعادة والرفاه
وهنا وفي ظل شراكة حياة اجتماعية عامة ليست مقصورة او محصورة على زوج من ذكر وانثى في محيط اسرة محدودة فان الحياة تأخذ طابعا تآلفيا اكثر فيصبح النسيج الاجتماعي متينا قويا متماسكا حيث الحب والتسامح والتعاون والفكر الجماعي والدستور والنظام والهدف الواحد والانتماء والتجانس والتساوي بين الافراد والحرية وديمقراطية العيش وكل هذا يقود للرفاه والهناء وهو المطلوب
اذا الزواج حياة شكلية باتت فارغة من مضمونها الطبيعي الذي قامت عليه اصلا فلا حب عموما في الزواج بالعصر الحالي ولا صدق ولا اخلاص ولا انتماء ولا فكرا مشتركا او هدفا مشتركا بين الزوجين ولا افراد في ظل هذه الاسرة يمتلكون مواصفات الانسان النموذجي بالفكر والعمل والانتاج والوعي والسلوك والاخلاق والقيم وعليه فان الزواج اصبح مصدرا للآفات والامراض والاعاقات والمشاكل وسببا في التاخر في مجالات التنمية والوعي والاقتصاد ورفاهية العيش
الزواج مؤسسة في عصرنا هذا لا يسمح لعواطف الانسان الراقي المتمدن بالتمتع بكل تجلياتها وانواعها والافصاح عن حريتها التفاعلية التي تنعكس ايجابيا على شخصية الانسان فتساهم في بناء الثقة بالنفس والقوة والجرأة في اقتحام الحياة ومواجهة التحديات والقيام بالواجبات والمسؤوليات وتبقى مساحة التفاعل الحيوي داخل مؤسسة الزواج ضيقة جدا ومشروطة بشروط تعجيزية في نظر الانسان المعاصر ولا تكفي للتعبير عن نفسه والحصول على رغباته وتحقيق شهواته وتفعيل اهوائه وميوله والعيش في حالة الحب الواسع المتطور الراقي الذي يلائم شخصيته وطبيعته بشكله المعاصر
الحب الذي يلزم الانسان المعاصر ذكرا ام انثى هو حب فوق مستوى الغريزة وفوق محفزات الهرمونات الطبيعية في جسد الانسان بتركيبه ذو الاصل الحيواني
الحب لدى الانسان اصبح فكرا وثقافة وفلسفة حياة ومنهجا وسلوكا وخلقا وممارسة وبموجبه وفي اطاره تتم حركة الانسان التفاعلية في كل مجالات حياته بداية من العمل والانتاج ونهاية بالبرمجة والتخطيط وتحديد الاهداف المستقبلية وبناء الاستراتيجية
الحب اصبح علما قائما بذاته يدرس مكان علم الاجتماع ومن ارقى علوم الانسان وليس كما كان في الزمن السابق مجرد ميول وانجذاب وشوق ولهفة وعشق وغرام يتبعه غزل وتعلق وينتهي بالزواج المقتصر على عملية النكاح من اجل التناسل
الحب في الزمن الحاضر هو قصة حياة الانسان عبر ماضيه الطويل لما بها من تراكمات واحداث وعلوم ومعارف وخبرات وتقنيات وتطور ونمو وحداثة وتغيرات على طريق الرقي والتقدم وبهذا فانه من المستحيل حصره في اطار الزوجية بكل الوانه واطيافه واشكاله وانواعه ويستحيل تطبيقه بمساحة ضيقة منحصرة بين رجل وامراة بحدود بيت يأويهم انما الحب هو مشروع حياة مشتركة عامة بين الانسان والانسان يتعدى في خصوصيته درجة التصنيف والتبعية ما بين الذكر والانثى ارتباطا بالغريزة الحيوانية المؤدية للتناسل ( غريزة الجنس )
الحب كان في الماضي مشروع جنس بالمفهوم الغريزي البسيط وكان من السهل توفره بالحياة الزوجية اما اليوم فهو مشروع حياة لا يمكن تنفيذه في حدود الزواج انما في علاقة انسانية مشاعية تحكمها القوانين والانظمة المدنية وتحددها درجات الوعي الانساني وتصيغها ثقافة الانسان وعلمه ومعرفته وقدراته التفاعلية الحياتية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | تعرّض مروحية رئيسي لهبوط صعب في أذربيجان الشرقي


.. إحباط محاولة انقلاب في الكونغو.. مقتل واعتقال عدد من المدبري




.. شاهد: -نعيش في ذل وتعب-.. معاناة دائمة للفلسطينيين النازحين


.. عمليات البحث والإغاثة ما زالت مستمرة في منطقة وقوع الحادثة ل




.. وزير الخارجية الأردني: نطالب بتحقيق دولي في جرائم الحرب في غ