الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة الحرة. والمرأة الحرة

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2013 / 7 / 24
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


في السجن بالقناطر كانت الشاويشة تقول: ضحايا جريمة الكذب أكثر من القتل لأن القتل يحدث في لحظة غضب سريعة ثم يندم الإنسان ويتقبل العقاب، لكن جريمة الكذب تقتل آلاف المرات، بتكرار الكذب بدم بارد دون الوقوع تحت القانون.
نرضع الكذب مع لبن الأم المقهورة، يؤدي القهر إلي الخوف ثم إلي الكذب في ظل نظام يخفي دستوره الظلم والاستبداد تحت عبارات فضفاضة: المساواة أمام القانون وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين والمواطنات ومساواة النساء بالرجال دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية، هذه العبارة الأخيرة تسري علي النساء فقط وتنتهك مبدأ المساواة السابق وتدوخ الامهات بأطفالهن في سراديب المحاكم السبع دوخات مع مئات التفسيرات المتضاربة للأحكام الشرعية والرجال يتعرضون للقهر حين تصطادهم الأحزاب الدينية أو السياسية يسارية ويمينية يتعلم الرجل منذ المراهقة السمع والطاعة لزعيم قائد (غير مرئي) يعيش في قصره بعيدا عن القواعد الشعبية أو مندوب الله علي الأرض (المرشد) يتعبد في برجه لا تراه العيون البشرية يتدرب الرجل الديني أو السياسي علي العمل السري يتعلم الخوف وبالتالي الكذب في حياته العامة والخاصة يتحول المقهور إلي قاهر لأقرب الناس إليه (أمه أو زوجته) كما تتحول الأم المقهورة إلي قاهرة لنفسها أو لابنتها وخادمتها.
المرحلة الانتقالية، بعد الثورة أهم المراحل حيث توضع الأسس للمستقبل أولها وضع دستور جديد وليس تعديل دستور قديم أسقطته الثورة مع النظام السابق يشارك الشعب الثائر في وضع هذا الدستور (العقد الاجتماعي) بتشكيل جمعية تأسيسية تضم كل الفئات نساء وشبابا ورجالا من مختلف المجالات: هذا الدستور الجديد يعيد صياغة حياتنا وعقولنا ونفوسنا وعلومنا وفنوننا وقيمنا ومفاهيمنا وأخلاقنا وسلوكنا داخل وخارج بيوتنا ثم يعرض هذا الدستور علي لجنة صغيرة من خبراء وخبيرات القانون للصياغة القانونية فحسب، فلماذا يتم تشكل لجنة الصياغة القانونية قبل وضع الدستور الجديد ذاته؟ في الدستور القديم، كانت هناك مادة تنص علي المساواة وعدم التمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو الدين ومادة أخري تنص علي أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع مما يتناقض مع مبدأ المساواة وعدم التمييز.
لماذا التنازل عن المبادئ الأساسية للثورتين إرضاء لبعض الأحزاب الدينية التي تبغي القفز علي الحكم بعد سقوط الإخوان المسلمين وبدلا من تنفيذ القانون وحل هذه الأحزاب الدينية يتم الخضوع لها وتنفيذ طلباتها؟.
الشعب المصري قام بثورته ضد حكم الإخوان المسلمين والدولة الدينية هتفت الملايين بدولة مصر المستقلة المدنية القائمة علي قيم الحرية والعدالة والمساواة للجميع، تتناقص أسس الدولة المدنية مع الدولة الدينية المحكومة بمرجعية مسيحية أو إسلامية أو يهودية أو غيرها والتمييز علي أساس الدين والجنس وارد في جميع الدول الدينية حسب مرجعية شرائعها المختلفة.
واستطاعت دول متقدمة في العالم بسبب الثورات الشعبية المتتالية ضد الرق وقهر النساء والعبيد أن تقرر المساواة للجميع دون تمييز في دستور مدني له مرجعية قانونية عادلة واضحة بعيدا عن تضارب المرجعيات الدينية الغامضة. وكانت مصر أسبق من غيرها في تبني الاسلوب المدني للدولة حسب شعارها العالمي: "الدين لله والوطن للجميع".
فلماذا نرتد إلي الوراء بعد ثورتين عظيمتين أو ثورة عظيمة ممتدة لعامين ونطاطئ الرءوس لأفكار دينية سلفية تخطاها الزمن؟ المأزق الذي تواجهه حكومة المرحلة الانتقالية هو هذا الاستعداد السريع للتنازل عن مبادئ الثورة ليس فقط فيما يتعلق بتشكيل الحكومة (ووزرائها ووزيراتها)، ولكن أيضا تشكيل الهيئة المخصصة لوضع الدستور الجديد واضاعة الوقت في التأرجح بين الأولويات؟ لماذا التسرع بإعلان دستوري فردي لا يحقق شيئا من مبادئ الثورة بل ينقض علي هذه المبادئ؟ وتشكيل لجنة من عشرة من رجال القانون قي تشكيل الجمعية التأسيسية التي تضع الدستور الجديد.
تضغط الحكومة الأمريكية بعد كل ثورة للإسراع بالانتخابات تحت اسم الاستقرار أو الحفاظ علي الأمن لكن الانتخابات دون دستور جديد هي أسرع الطرق لإجهاض الثورة الشعبية وتحجيمها، فلا تمتد خارج حدودها ولا تتسع أهدافها لتشمل الاستقلال والتحرر الوطني من قبضة الاستعمار الاجنبي ومعونته التي لا تخدم سواه وتأخذ منا ولا تعطينا إلا الهوان والفقر الدولة الحرة تنتج مما تأكل ولا تطلب معونة من أحد مثل المرأة الحرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدولة الحرة
ناس حدهوم أحمد ( 2013 / 7 / 24 - 19:24 )
نعم سيدتي الكريمة فمنك ومن أمثالك نتعلم
نادرا ما نجد امرأة في مثل شجاعتك وجهرك بالدفاع عن المرأة لأن
المرأة في المجتمع العربي مقهورة ومستباحة وقد إنتزعت منها كرامتها
فهي دائما تحتاج إلى الوصي كما لو أنها قاصر
المرأة لن تكون متساوية مع الرجل إلا حينما تكون حرة وتعتبر نفسها
مواطنة لا تختلف عن أي مواطن ذكر ولها حق الطلاق كما لها حق
في الإرث تماما كشقيقها الذكر وليس النصف
ولربما ياسيدتي الكريمة أن سبب هذا التخلف الذي يعانيه العالم العربي مصدره هو ضعف المرأة العربية والنظر إليها كأنثى للذة والنزوة
كعبدة للرجل المغفل والمكبوت وليس كإنسانة لها وظيفتها البيولوجية تماما
مثل أخيها الرجل
دعني أخرج عن الموضوع وأقول لك ياسيدة ليتني كانت لي زوجة
رائدة وحرة مثلك وتمتلك هذه الأفكار العظيمة قلما تتوفر لإمرأة أخرى
دمت سيدتي قدوة لنا ولكل أحرار العالم

اخر الافلام

.. كوباني تحتضن مهرجان زيلان الثالث


.. -الشهيدة زيلان رمز للمرأة الكردية المناضلة-




.. لمناهضة قتل النساء منظمة سارا تطلق حملة توعوية


.. مسرحية غربة




.. دعاء عبد الرحمن طالبة بكلية الصيدلة بجامعة أم درمان