الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشخصية الانطوائية

اسعد الامارة

2005 / 5 / 9
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


اعتاد الناس مشاهدة بعضهم الآخر والتحدث معه في امور عديدة منها الاجتماعية والصحية والتسائل عما يشغل الجميع في امور الحياة ، وربما كان الاحتكاك والتفاعل هو السمة الغالبة لدى البشر جميعا . وازدادت وشائج المعرفة وتمتنت لتصبح حالة انسانية ترقى الى الصداقات الطويلة او حتى زمالة العمل وربما في احيان كثيرة تقترن بالتواصل الدائم من خلال الاقتران بالزواج ، والاقتران كما يراه علماء علماء النفس الاجتماعي هو عملية توافق بين شخصين ، يحمل احدهما سمة تتفق مع سمة الآخر ، او قد يختلف احيانا في بعض السمات ولكن يتعايش الناس في ظل ظروف اجتماعية تحددها البيئة او القيم السائدة في المجتمع .
ان عوامل الاتفاق والاختلاف في سمات الشخصية الانسانية امر متشابك وصعب جدا قياسه او معرفته بسهولة لاسيما ان علماء النفس المتخصصين بالشخصية يعرفون الشخصية تعريفا علميا بأنها تلك الانماط المستمرة والمتسقة نسبيا من الادراك والتفكير والاحساس والسلوك الذي يبدو ليعطي الناس ذاتيتهم المميزة .
فالشخصية اذن تكوين اختزالي يتضمن الافكار والدوافع والانفعالات والميول والاتجاهات والقدرات والظواهر المتشابهة . وهي تحوي القلق والراحة معا والعدوانية والمسالمة معا ، والحاجة الى الانجاز والاهمال معا ايضا ، وتحوي كذلك الاحساس بالضبط واللامبالاة ايضا، ولكن سؤالنا المهم هو كيف يمكن قياس ومعرفة نمط الشخصية ؟
استطاع عالم النفس الشهير "كارل يونغ" ان يضع في بداية القرن الماضي قطبي تقسيم للشخصية هما الشخصية الانطوائية والشخصية الانبساطية ، رغم ان معظم الناس والاغلبية الساحقة منهم يتميزون بخصائص مشتركة ، اي "ثنائية" الاان البعض منهم كان اميل في تصرفاته وصفاته الى الانطواء منه الى الانبساط ، وقد يكون هذا الاتجاه شديدا ويقترب من الحدود المرضية غير الطبيعية .
ولو تأملنا في نمط هذه الشخصية الانسانية " الانطوائية-Introvert" لوجدنا انه يتحاشى الاتصال الاجتماعي ويميل برغبة عالية الى الانعزال والوحدة مع وجود استمرار حالة التأمل حتى انه يفضل صاحب هذه الشخصية الالتماس مع الواقع ويتجنبه ، انه يرى في الواقع عقبة امامه دائما، وحاجزا نفسيا من الصعب اجتيازه ، ويحاول جاهدا مع نفسه تجنب الواقع بكل ما استطاع وبأية وسيلة ممكنة .
ان صاحبنا هذا لا يميل الى الجوانب المادية في البيئة التي يعيش فيها ، ويفضل في معظم الاحيان الاعتبارات النظرية والمثالية ، ويميل الى الخيال أكثر من الواقع الحقيقي حتى وصفه بعض علماء النفس بأنه اضطراب شخصية يتميز بأحاسيس مستمرة وواسعة المدى بالتوتر والتوجس واعتياد على الوعي الشديد بالذات ، واحاسيس بعدم الامان والدونية ، ولديه حساسية مفرطة نحو الاخرين وحساسية مفرطة نحو الرفض والنقد ، ورفض الدخول في اي علاقات الا بعد الحصول على ضمانات شديدة بالقبول غير المشروط بنقد.
من سمات الشخصية الانطوائية وجود ارتباطات شخصية محدودة جدا واستعداد دائم للمبالغة في الاخطار او المخاطر المحتملة في المواقف اليومية الى حد تجنب بعض الانشطة الاجتماعية او الرياضية او الفكرية او حتى الخاصة المعنية . ان نمط الشخصية الانطوائية اطلق عليه في احيان كثيرة نمط الشخصية التجنبية المتفادية للغير او للاخرين .
ان الشخصية الانطوائية وبكل ما تحمله من سمات وصفات وخصائص ، هي شخصية حساسة المزاج ، وقد تظهر هذه الحساسية بانفعال ظاهري سريع ، رغم انه قد يكبت انفعالاته الى حد ما في نفسه اثناء وخلال التفاعل الحذر مع الاخرين ، وهذا ما يدفعه الى الابتعاد اكثر عن الاختلاط بالناس وممارسة حياته في الواقع بشكل اكثر طلاقة وتحررا، وتتشابه الشخصية الانطوائية الى حد كبير مع شخصية اخرى خصوصا الشخصية" الشيزية" الفصامية من حيث الابتعاد والانطواء والانعزال .
ومن ابرز افراد الشخصية الانطوائية هم الشعراء ، الكتاب ، الادباء ، الفلاسفة ، حتى ولو كان البعض منهم اطباء او مهندسين او مدرسين ، ولكن ظلت قدرة الكتابة ونظم عالم الشعر وسمة الادب هي الطاغية على سلوكهم وتأملاتهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مناظرة تبادل الاتهامات بين بايدن وترامب | الأخبار


.. انقطاع الكهرباء في مصر: السيسي بين غضب الشعب وأزمة الطاقة ال




.. ثمن نهائي كأس أوروبا: ألمانيا ضد الدنمارك وامتحان سويسري صعب


.. الإيرانيون ينتخبون خلفا لرئيسهم الراحل إبراهيم رئيسي




.. موريتانيا تنتخب رئيساً جديداً من بين 7 مرشحين • فرانس 24