الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الله غائب عن العمل

طالب بن عبد المطلب

2013 / 7 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يجب أن يتعلم العالم كيف يحترم مقدسات ومدنّسات الآخرين حتى وإن كان أغلبها خرافات وسخافات. ولكن السخيف أن تسخروا من اعتقادات بعضكم البعض مع أنّ لا أحد منكم يملك برهانا عقليا أو منطقيا بما يعتقد به. إنسان صدّق بأنّ هذا الجمال والروعة جاء بالصدفة لا يحقّ له السخرية من أخر يظنّ أنّ هناك خالقا لهذا الوجود. فإنّ من الصعب أن نجد الإجابة الصحيحة عن السؤال لماذا؟. فلا تضيعوا وقتكم في البحث عن الإجابة الصحيحة. فهناك نوعان من الناس نوع اكتفى بتصديق الفرضيات ونوع أفنى عمره وماله في إيجاد الإجابة الصحيحة. فاختاروا أي النوعين أحقّ بالجنّة. وأنصحكم إن لم تكونوا رجال علم فاكتفوا بتصديق الفرضيات واتركوا أهل العلم يبحثون عن الإجابات الصحيحة. فلربّما من الأفضل لكم أن تموتوا على فرضيّة خاطئة خير لكم من الموت على لا شيء.

إنَّ الخوف ممّا سيحدث والذعر ممّا حدث وإهمال ما يحدث هي الأسباب الحقيقية في التمسك بالخرافات وتقديس المدنّسات، وإنّ كلّ المعتقدات من صنع البشر فإمّا طيش شباب أو تخريف شِيَّاب. فلقد دخلنا في حقل الفرائض والواجبات قبل أن نعرف الحقوق والمستحقات. وأُرغِمنا في الصغر بإتباع عادات وتقاليد أجدادنا السخيفة وحرِمنا من مواكبة المستجدات ومختلف الحقائق والتغيرات. فأضلّنا حمقى من الناس باسم ربِّ الناس وهناك أناس مميّزون يفرقون بين الحقّ والدّجل يصفهم المبدعون في الكلام بأنّهم زنادقة وكفّار وفي بعض الأحيان يصفونهم حتى بالنجس. فإن خدِعَ أباؤنا لجهلهم وسذاجتهم فكيف سنخدع نحن أبناءنا بعد كلِّ ما سيعرفونه وما سيصححونه في ظلّ التطور الرهيب واللامتناهي. ولو انشغلنا بالعمل والعمل وحده لفهمنا حقيقة الوجود فبالعلوم الدنيويّة نكاد نرى الله وبالعلم الشرعي يكاد يحجب عنّا. فإمّا أن تتفرغوا للعبادة والتقاليد لتتخلفوا عن الركب وتعيشوا في الماضي الّذي تحنّون إليه في ظلّ التشتت العرقيّ والانقسامات الدينيّة والطائفيّة أو تهتموا بالعمل والإبداع لمواكبة الركب ومشاهدة المستقبل البعيد معاً في ظلّ الإنسانية السمحاء. فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وأنا مع هذا القول حتى ولو نُسِخ.

إنّ حاجتنا إلى الله ليرعى شؤوننا بدءت تتقلّص وتقلّ، هذا المتحكم في زمام أمورنا والمسيطر بقبضة من حديد على الكون، لم يعد يهتم لأمره إلاّ الفاشلون والجاهلون. آسف ولكن لو نظرتم حولكم وسألتم أنفسكم: أين يكون الإله الحنون يوم حدوث الكوارث والحروب... يوم يموت الآلاف من الجوع... يوم يسود الشرّ ويطغى... إلخ. أين يكون هذا الإله العاجز ليتدخل و يحمي عباده أو أبنائه وأحبّائه. أخبروني بماذا يكون منشغلا؟ هل يفضل التفرج والتحسّر أم هو من يفعل بنا ذلك؟

إنّ المشكل لا يكمن في الإسلام المتعسف فقط، بل في كلّ الديانات في العالم وبالأخصّ الديانات السماويّة المتشددة منها، لأنّهم يعتقدون بأنّ لديهم علم اليقين والحقّ المطلق. ففي رأيي وتقديري للأمور كباحت فإنّي أظنّ أنّ الجزم بوجود إله خالق للكون أو متحكّم في شؤونه هو عين الخطأ. فلو كنتم تؤمنون أن القوانين الفيزيائيّة والكونيّة ثابتة، فعليكم أن تدركوا حينها أنّ لا حاجة لنا لإله يسيّر الكون، وإن كان الإله حقّا موجود فهو حتما غائب عن العمل. ولكن المشكل يكمن فيما إذا كان غير موجودا أصلا فهنا نسأل أنفسنا: ما غايتنا من الحياة؟ لما علينا فعل الخير وترك الشرِّ؟... الخ. وهنا بالتحديد يصعب علينا التحكم في العامة من الناس وفي الجهلة والفقراء. فإنّ لكلّ دين أعداء ومحبّون ومن المستحيل أن نمحو ديناً بين عشيّة وضحاها من الوجود ولكن من السهل أن نحاربه بدءا من الجيل القادم. فلنعلم الجيل القادم معنى أن لا يؤمن بالخرافات وأن يتمسك بالعلم فقط. ولكن المشكل يبقى دائما في أنّ غباء الشعوب يخدم العديد من الحكومات وسياساتها. والشعوب للأسف ليس لها وعي كاف بمدى خطورة الأديان كلّها عليهم هم أنفسهم.

وأخيراً سأتلو عليكم أبرز ما وصلت إليه، أعجبني فكر الملاحدة واللادينين لأنّه لولاهم لعشنا في الظلام إلى الأبد فكأنهم قالوا: أن تشعل شمعة خير من أن تجلس طول الدهر تلعن الظلام. وأعجبني فكر المتدينين لأنّه لولاهم لعشنا في أزمات نفسية حادّة فكأنهم قالوا: الدين أفيون الشعوب. وأعجبني فكر المتدينين اللادينين لأنّه لولاهم لاحترنا بين النظري والتطبيقي فكأنهم قالوا: اعملوا لدنياكم كأنكم تعيشون أبداً واعملوا لآخرتكم كأنكم تموتون غداً. وأعجبني فكر اللامبالين لأنّه لولاهم لأصبحنا مستعبدين فكأنهم قالوا: ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر. وأعجبني فكر المتشددين المتعصبين لأنّه لولاهم لكنّا متحررين، متفتحين ومنحلين فكأنهم قالوا: رأينا صواب لا يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ لا يحتمل الصواب. وأعجبني فكري لأنّه لولاه لما عرفت حقيقة الوجود فكأنني أقول: لا أدري.

مقتطفات من قصّة بعنوان: صراع الضّياع (قصّة واقعيّة).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكر
بلبل عبد النهد ( 2013 / 7 / 24 - 21:12 )
رائع وممتاز الف شكر لك سيدي


2 - الله موجود هناك
سلمي المصوري ( 2013 / 8 / 4 - 15:32 )
في كوكب ما هناك حضاره متطوره والاله هناك خلق الانسان ادم وحواء بالتجارب العلميه المختبريه وتكاثروا بني البشر هناك وبما يسمونها الجنه وبعدها الاله نزل البشر الى الارض ليتكاثروا ويستمروا وتركهم في الارض ورجع الى كوكبه الى جنته- الانسان يواجه الطبيعه و الظروف الارضيه ويتكيف لها ولا وجود للاله في الارض المجتمعات تنظم حياتها للتعايش والاستمرار ولا حياة بعد الموت ولا جنه ولا نار – الاديان والانبياء وهم و خدعه تعيشها البشريه للخوف من المجهول والغيب والسلام
[email protected]
سامي المنصوري

اخر الافلام

.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟