الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السيسى : ضابط محنك ، وليس قائد إنقلاب عسكرى

صفوت سابا

2013 / 7 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يُعَدْ ميدان سينتاجما " Syntagma Square" من اكثر الاماكن شهرةً في أثينا ، بل فى اليونان والعالم كله. وكلمه سينتاجما باليونانيه تعني "الدستور" ، ولتسميته هذا الميدان بهذا الإسم قصة عظيمه وجَبَ علىَّ سردها.

بعد أن نالت اليونان إستقلالها فى عام 1832 ، وعد الملك أوتو "Otto" شعبه بدستور جديد، يحقق أمالهم السياسيه والأجتماعيه التى طالما حلموا بها و حاربوا من أجلها، ولكنه لأطماع شخصيه لم يوف بوعوده. وبعد عشره سنوات ، نفذ صبر الشعب اليونانى فثاروا ضد ملكهم مطالبين بدستورهم الموعود ، ولكنه لم يعبأ بمطلبهم. وفى أثناء هذه الثوره فى الثالث من سبتمر عام 1843 ، شعر قائد سلاح الفرسان الإثينى كاليرجس "Kallergis " بمسئوليته تجاه الشعب اليونانى وتحقيق مطالبهم ، فأمر رجاله بمحاصره الملك وقصره ، ثم دخل إلى حضرته مقدماً مطالب شعبه فى شجاعةٍ منقطعه النظير. وأمام ثوره الشعب التى أيدها قائد جيشه ، إضطر الملك إلى قبول مطلب الشعب ، بالموافقه الفوريه على الدستوراً الذى كتبه الشعب ووافقت عليه المحليات مسبقاً . بعدها أمر القائد كاليرجس جنوده وضباطه بالعوده إلى ثكناتهم ، فغادروا القصر فى وسط هتافات الشعب. والحقيقه أن من تتبع مايدور فى الأجواء المصريه فى الوقت الحالى ، خاصاً خطاب قائد الجيش المصري الفريق عبد الفتاح السيسى، ستعرف أن التاريخ يعيد نفسه.

فقد القى الفريق السيسى أمام الدفعه الجديده من خريجى الكلية الحربية والدفاع الجوي ، خطاباً دعا فيه المصريين للنزول إلى الشارع و ملء الميادين يوم الجمعة القادم، لإعطائه تفويضاً لمكافحه الأرهاب ، محذرا من قوى الظلام والإرهاب التي تقود البلاد إلى "نفق مظلم".

منذ الاطاحة بالرئيس السابق مرسي فى 3 يوليو الماضى، بدت الشرطة المصريه غير قادرة على وضع حد للفوضى الناتجه عن هجمات الإرهابيين التي هدفت إلى نشر الفوضى وتصويرهم الكاذب للاضطرابات السياسية الحاليه في مصر على على أنها حرب ضد الإسلام، محاوليين بذلك تصدير النموذج السورى لمجريات الأمور فى مصر . وقد إشتملت الهجمات الإرهابيه الكثير من ربوع البلاد ومحافظات مصر ، خصوصا شبه جزيرة سيناء، والقاهرة والمنصورة (محافظة الدقهلية) – مما أدى إلى وفاة مئات المصريين الأبرياء.

إعلان السيسي للحرب على الإرهاب - وهى ليست حرب على الإخوان المسلمين أو أى من الحركات السياسيه الإسلامية الأخرى – يرتبط ارتباطاً وثيقا بالإنفجرات التى حدثت مؤخراً فى المنصورة ، والتى أسفرت عن مقتل 20 من الأبرياء. وبالرغم من أن هذه لم تكن المره الأولى التى أعلن فيها السيسى الحرب على الإرهاب ، فقد أعلنها مسبقاً فى سيناء التى إستهدفت البوليس والجيش المصرى، إلا أنه تحتم عليه فى هذه المره أن يأخذ تفويضاً من الشعب.

ومن يتأمل في الفرق بين ماحدث في المنصورة وما حدث في سيناء سوف يعرف السبب الذى أجبر السيسي على طلب مسانده المصريين له فى هذه الحرب. فقد كان للهجوم الإرهابى فى المنصوره أربعه صفات تجعله يختلف عن نظيره فى سيناء، وهى: (1) الهجمات الإرهابيه فى المنصوره أتت من داخل الحدود المصريه وليست من خارجها ، (2) نظمها مصريون ، (3) إستهدفت مدنين ، (4) مَثَّلَتْ نقله تصعيديه لنوعيه الأسلحه التى إستخدهما الإرهابيون أى القنابل المصنوعه فى مصر بشكل بدائى.
هذه الهجمه الإرهابيه أثارت موجةً من القلق والغضب في نفوس المصيرين ، فنظروا إلى المؤسسه العسكرية والشرطية كمغيث ، وإنتظروا أن تعلن الحكومه الجديده والجيش والشرطه عن الخطوات التى بها سيقدمون هؤلاء المجرميين الذين ارتكبوا هذه الفظائع إلى العدالة.

وهنا مرة أخرى، وجدت المؤسسه العسكريه نفسها مضطرة - في هذه الفترةالانتقالية من تاريخ مصر - لحماية والوطن والحفاظ على الأمن القومي المصري وسلامة مواطينه. لهذا فقد رأى الجيش أن الطريقة المناسبة والمتحضرة المتاحه والتى تُبِيح للجيش أن يتدخل فى مجريات السياسه هو دعوة الجيش للمواطنين للتظاهر لمنحه الإذن والإمر لمحاربة الإرهاب. السيسي طلب تفويض الشعب ، وهو مطلب لضابط نزيه ، وليس مطلب من قائد إنقلابى، إنه مطلب لقائد ماهر يعرف خير المعرفه أن الشعب هو مصدر السلطة وليس السياسيين أنفسهم.

لقد قرأ السيسي رساله خروج الملايين من المصريين فى يوم 30 يونيو ، على أنها مطلباَ محدداَ للتخلص من الرئيس السابق ونظامه الثيوقراطي، وليس توكيلاً عاما يصنع به مايشاء ، ففعل ما طلبه الشعب منه. وقد أيقن السيسى أن الشعب المصرى يتوقع أن دور الجيش السياسى ينتهى بالتخلص من الرئيس السابق و رسم خريطه الطريق للمرحله الإنتقاليه التى تمر بها البلاد. وهذا معناه أن ليس للجيش سلطةُ للتصرف كقوة سياسية – الا فى حدود حماية الشرعية الشعبية والحفاظ على سلامة المصريين خلال هذه الفترة الحرجة - ما لم يفوضه الشعب للقيام بذلك. ولذلك قرر السيسي ورجاله طلب تفويض من الشعب المصري لمكافحة الإرهاب الذي يعيث فسادا الآن في جميع أنحاء البلاد.

ولا شك أن الجيش من خلال طلبه - وبشكلٍ أو بآخر- يدعو الشعب المصري إلى تحمل مسؤولياتهم في مواجهة الإرهاب بإعطاء الإذن للجيش للوقوف في وجه الإرهاب.

دعوة السيسي تحمل رسالة مطمئنة للشعب المصري، ورسالة مقلقه للإرهابيين، بأن مصر سوف لا تهدأ أو تتراجع عن محاسبه المجرمين ، ليس فقط بقوه سيادة القانون وعدله، ولكن أيضا بقوة الجيش المصري. والمطمئن أكثر أن السيسي كرر موضحاً أن الجيش و الشرطة لن يستخدما عنف لا تقتضيه الأمور ضد المدنيين السلميين بغض النظر عن هوياتهم السياسية.

وأخيرا، لقد أظهر خطاب السيسي بجلاء أنه على الرغم من أن الشعب المصرى يدعم الجيش فى حربه ضد الإرهاب، فإن مصر لن تحكمها حكومة عسكرية، وبأن مصر تخطو بثبات على خارطة الطريق حتى تقود البلاد إلى حكومة ديمقراطية مدنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النزول لمصر و لجيش مصر 1
Amir Baky ( 2013 / 7 / 26 - 10:03 )
لماذا نحمل السيسي وزر أخطاء المجلس العسكرى أو نظام الحكم البوليسى؟؟؟ الرجل قال فى أكثر من مرة أن الجيش لا يحكم و لكنة يحمى. وقال أيضا أن الجيش لا يعرف التحزبات السياسية و يقف على مسافة واحدة من الجميع. الكلام ده كلام بجد لأن المجندين هم شريحة من المجتمع المصرى و يريد السيسي أن يكون ولاء المجندين للجيش أولا و أخيرا خصوصا فى وجود شائعات بإنقسام الجيش كسورية. ورغم ذلك يخرج علينا أشباة المثقفين و يرفضون توفير الأمن رغم أنه من أهم مقومات الإحتياج الإنسانى ولا يقدمون بديلا لمواجهة قطع الطرق الممنهج و المتزامن و الإرهاب المنتشر فى كل مكان بالبلد وخصوصا فى سيناء. وبعضهم للأسف يريد إستدعاء القوات الدولية على الجيش المصرى بحجة أن الجيش المصرى يحارب شعبة كما حدث فى سورية و ليبيا. وعندما طلب السيسي هذا التفويض من الشعب هو لعدم الوقوع فى الشرك كالقذافى و بشار. فمحاولات البعض بتقسيم الجيش أو توريطة فى عمل يبرر التدخل الأجنبى هذا فى نظرى هو قمة القذارة الأخلاقية. - يتبع..


2 - النزول لمصر و لجيش مصر 2
Amir Baky ( 2013 / 7 / 26 - 10:07 )
وبدأ سيناريو آخر وهو إظهار وجود إنقسام متساوى فى المجتمع بين مؤيد و معارض الرئيس المعزول بل و ظهور مجلس شورى موازى و حكومة موازية تدار من رابعة العدوية. ورغم كوميديا المشهد هناك ولكن يمكن أن يبنى على هذا التهريج تقسيم مصر عن طريق المتربصين. فالإخوان تنظيم دولى وولاء أعضائة له و ليس لمصر و هذا التنظيم المنتشر فى 68 دولة له تمويلات غير معروفة المصدر وهذا التنظيم مخترق من مخابرات الدول الغربية. فالإخوان كانوا مسئولين لتصدير الشباب المصرى المغيب إلى أفغانستان بحجة الجهاد و الحقيقة هو لمحاربة الروس خدمة للأمريكان. و يستخدم هذا التنظيم نفس الإسلوب بمساعدة المخابرات الغربية أيضا بتصدير فكرة الجهاد ضد جيش مصر و شعب مصر لتحقيق حلم التقسيم. النزول اليوم ليس لدعم حكم عسكرى و لا لدعم أبادة لأعضائهم كما يروج الإخوان بل لكى نثبت للعالم أن مخطط التقسيم بعيد المنال عن مصر و تدمير آخر جيش نظامى بالمنطقة لن يحدث. و هؤلاء المأجورين من قادة الإخوان يحق القبض عليهم و إتهامهم بالخيانة العظمى

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س