الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سهرة لا تنسى

مفيد بدر عبدالله

2013 / 7 / 27
المجتمع المدني


ونحن نطوي السنوات الأولى للألفية الثالثة وما تشهده من تطور في العلوم الحديثة والتي احد أهم أهدافها خدمة الإنسان في شتى المجالات وتوفير الجهد والوقت ، والتي نلمس بعضا منها في بلداننا النامية ولكن الفارق لازال شاسعا ففي الكثير من البلدان المتقدمة يتم انجاز أكثر من ثمانين بالمئه من المعاملات عن طريق الانترنت واذكر إني قبل اربع اعوام راجعت إحدى الدوائر لاستحصال وثيقة مهمة فوجدت طابورا من المراجعين يتجاوز المئة رغم أني وصلت قبل بدء الدوام بساعتين وحين سألت من في الطابور قالوا بأنهم قدموا من الليلة الفائتة وبدا التجمع عند الواحدة ليلا ، ووجدت بالقرب منهم افرشه وبطانيات و( ترامز ) الشاي وعلى الأرض مخلفات فطورهم بالإضافة إلى قشور الكرزات ، سألت احدهم عما احتاجه في الليلة القادمة لاني عزمت أمري للمجيء فأجاب تحتاج لفراش وبطانية وفطور و كرزات و( ترمز ) الشاي بالإضافة للمستمسكات المطلوبة .عدت لمنزلي وبقيت بالانتظار وما إن اقترب الموعد حتى بدأت بأعداد العدة للامسية التي سأقضيها بالعراء مع من لا اعرف وكأني سأقضي واجبا عسكريا ، أوصلني احد جيراني والذي يعمل سائق سيارة أجرة للمكان المنشود الساعة الواحدة بعد منتصف الليل تقريبا فلم أجد احدا في الساحة التي إمام الدائرة فحمدت الله أني أول من في الطابور، افترشت الأرض وألقيت بنفسي على الفراش وبقيت بالانتظار متمنيا إن يكون أول القادمين شاب بعمري لنتسامر حتى الصباح ، مرت الدقائق ثقيلة جدا فالهدوء يعم المكان ولا صوت سوى نباح الكلاب ونقيق الضفادع ، وبينما إنا أترقب الشارع المؤدي إلى الدائرة وإذا بصوت الحارس من داخل البناية يصيح لا نستقبل اي مراجع فالاستمارات نفذت وقد بتبليغ اعلنا عن ذلك ولن يأتي احد ، كان وقع كلامه علي كالصاعقة لاني أضعت الأمل فقلت له لماذا تأخرت ولم تقل منذ بداية وصولي فأجاب معذرة ظننتك احد المتسولين أو المجانين الذين يتنقلون وينامون في الساحات ولم اعرف بأنك مراجع إلا بعودة التيار الكهربائي ففراشك يطأ الأرض المتربة للمرة الأولى ، وبين خجل وحياء اتصلت بجاري ليعيدني للبيت فوافق ولم يخف بعضا من ضحكاته ، بعدها لملمت فراشي وبقيت بالانتظار ؛ وصل جاري بعد برهة وأخذني للبيت ونحن في طريق ألعوده سالني السائق بفكاهة ( كملت شغلتك ) قلت لا ولكن ما حصل الليلة يستحق لان أقف مع نفسي لأتساءل عن جدوى استمرار الروتين المهين في بعض الدوائر الحكومية بالاضافه لعدم إعطاء المواطن الاهتمام المطلوب فلماذا يضطر المواطن لان يسافر ويقيم في فندق لأيام لينجز معاملة بسيطة تنجز في البلدان المتقدمة بساعة أو ساعتين ، إنا على يقين بأننا نملك القدرات البشرية والمادية ولكن المسالة تحتاج للحزم والوقت بالإضافة لنفض الغبار القديم من الروتين المقيت ، الغريب في الأمر إن المراجع هو من يتنقل بخطوات المعاملة حتى في المراحل التي لا تتطلب وجوده مما يسبب زخم كبير على الدوائر الحكومية والأغرب أن تجد تضاربا حتى في تفسير التعليمات فتجد وثيقة معينة معترف بها في إحدى الدوائر وغير معترف بها في أخرى، فكلنا أو اغلبنا سمع من موظف في يوم ما عبارة ( هاي ما تاكل ) وهنا يتحدث الموظف عن وثيقة صادرة من جهة معينه وإذا كانت غير معترف بها ( وما تاكل ) ما هو الداعي لاستصدارها وأحيانا برسوم وجهد جهيد.تحدث لي يوما احد أصدقائي عن معاملة إثبات ملكيه والتي يقوم بانجازها بعد أبيه الذي توفى وهو يراجع واستمرت لأكثر من عام ، رغم أن دعاوى الملكية تمس أيتام وقصر وهم أحوج ما يكونون للمال وأي تأخير لايصب في مصلحتهم ، وتحدث لي آخر عن شخص مصاب بمرض مستعصي توفى بانتظار أن تنجز معاملات سفره على نفقة الدولة . وبعد وصولي للمنزل شكرت جاري كثيرا وقلت له في المرة القادمة ابق معي نتسامر حتى الصباح وسأجلب لك معي فراش ومتاع ، ضحك جاري كثيرا ورفض اخذ الأجرة قائلا سآخذ أجرا مضاعفا بانتهاء معاملتك بإذن الله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معاناة النازحين في رفح تستمر وسط استمرار القصف على المنطقة


.. الصحفيون الفلسطينيون في غزة يحصلون على جائزة اليونسكو العالم




.. أوروبا : ما الخط الفاصل بين تمجيد الإرهاب و حرية التعبير و ا


.. الأمم المتحدة: دمار غزة لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية ا




.. طلاب جامعة ييل الأمريكية يتظاهرون أمام منزل رئيس الجامعة