الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ترکيا و إعادة محاکمة اوجلان: خيارين لا ثالث لهما

نزار جاف

2005 / 5 / 10
القضية الكردية


مع تزايد الاصرار الاوربي على مسألة إعادة محاکمة السيد عبد الله اوجلان و ممارسة ضغوطات معينة على أنقرة تصب جميعها بهذا الاتجاه، لم تکن الخطوة السياسية لحکومة حزب العدالة و التنمية الاسلامي بإستصدار قانون خاص يمنع إعادة تلک المحاکمة، تحمل عامل المفاجأة للمتتبعين للشأن الکوردستاني في ترکيا الکمالية. خصوصا و أن السياسة الترکية قد دخلت معترک التخبط عند إتخاذ القرارات السياسية المهمة و الحساسة، ولاسيما بعد صعود النجم الکوردي في سمائها السياسي و مجاورتها على حدودها الجنوبية"رغم أنفها" لجار کوردستاني غير مرغوب فيه، إلا أنه بمثابة" الشر الذي لابد منه". وقد يکون لتزايد المساحة المخصصة سياسيا على صعيد المنطقة للکورد" سواءا في کوردستان الجنوبية بالعراق أم في کوردستان الشمالية بترکيا" مايربک الوضع السياسي العام في ترکيا و يدفعها لمعاداة هذه السياسة التي باتت تحظى بنوع من الدعم و الغطاء المکفل لها من قبل لا أوروبا لوحدها و إنما حتى الولايات المتحدة أيضا. إلا أن حظ الساسة الترک في إيقاف شعاع هذه السياسة التي بدأت خيوطها القادمة من أوروبا و واشنطن تشع على الاروقة السياسية الترکية فتسبغ عليها نوعا من الوجوم والقلق و الحيرة من المستقبل تزيد الطين الترکي بلة. والذي يقلق الاتراک أکثر هو أن معظم کراتهم في داخل السلال الاوروبية و الامريکية وأن صدور الاشارات من هذه الاتجاهات بالذات تحمل أکثر من معنى و تؤل على أکثر من محمل. خصوصا وأن تزامن إشتداد الدعوة الاوربية الى إعادة محاکمة السيد اوجلان ترافقها إشارة أمريکية قوية جاءت في تقريرها السنوي حول الارهاب و الذي أکدت فيه أن" مۆتمر الشعب يسعى من أجل دولة کوردية مستقلة ديمقراطية تقام على أراض من ترکيا و إيران و العراق و سوريا" وتکتسب هذه الاشارة الامريکية مضمونا خاصا إذا ما إقترنت بمماطلة أمريکية واضحة للمطالب الترکية الملحة بشأن إنهاء تواجد قوات مؤتمر الشعب"PKKسابقا" من إقليم کوردستان في العراق. وإذا کانت الزيارة الاخيرة للسيد رجب طيب أردوغان لإسرائيل قد حققت بعض المکاسب العسکرية الجيدة لأنقرة، فأن السيد أردوغان"بحسب ماأشارت دوائر معنية بالعلاقات الترکية ـ الاسرائيلية" قد حمل الملف الکوردي معه الى هناک و حاول من خلال تل أبيب أن يلعق بعضا من الجراح الترکية التي بات نزفها يزداد مع الايام، سيما وأن الدولة العبرية قد لعبت دورا أساسيا في مؤامرة إعتقال زعيم حزب العمال الکوردستاني و إقتياده الى أنقرة، وإن ترکيا تتوسم منها أن توسع دائرة لعبها لتشمل تحجيم الملف الکوردي کتمهيد لإقفاله. هذا المطلب الترکي من إسرائيل، الذي تسرب من أکثر من قناة، يکاد يکون تعجيزيا ذلک أن إسرائيل حين ساعدت ترکيا في إعتقال السيد اوجلان، کان ظرفا زمنيا مغايرا للذي تمر به المنطقة حاليا. بل وقد ترى الدولة العبرية سعيها لمثل ذلک المطلب في الوقت الراهن"مع صعوبته و تعقيداته" بمثابة حرکة في الاتجاه المضاد لمصالحها و إضافة رقم جديد الى القائمة الطويلة لأعدائها سيما وإذا أصرت تل أبيب على المضي قدما في طريق معاداة الشعب الکوردي الذي مازال ينظر بغضب و ألم الى تلک المشارکة الاسرائيلية الفعالة في إعتقال السيد اوجلان. من هنا فقد تضطر تل أبيب الى ما يشبه نوعا من المسايرة للهم الترکي بشأن الکورد من دون الدخول في تعقيداته. والواقع أن السياسة الترکية ولاسيما بعد بروز و تصاعد الدور الکوردستاني على الصعيدين الدولي و الاقليمي، باتت تخطو خطى سياسية أقل مايقال عنها غير موزونة کزيارة السيد أردوغان لإسرائيل. هذه الزيارة التي لم يستطع العرب إخفاء إمتعاضهم الواضح منها"خصوصا لتوقيتها السئ" ولذلک فلم يجدون بدا من التنديد بها، سيما وأن أردوغان زعيم حزب إسلامي يتخذ الاسلام منهجا في برنامجه السياسي. لکن هذه الزيارة قد تکون کافية کي يصحو الاعلام العربي من غفلته و حالة"عمى الالوان" التي رافقته بخصوص الحالة الترکية، رغم أن الدولة الترکية منذ سقوط الدولة العثمانية عام 1924ولحد الان تسير على نفس الخط الذي رسمها لها کمال أتاتورک و أن کل الاتجاهات السياسية الترکية من يسار و يمين و حتى الاسلامية منها تشترک جميعا في تشبعها بالافکار الکمالية القومية المتشددة"وخصوصا بشأن الکورد". من هنا لم تجد حکومة حزب العدالة و التنمية مناصا من تعزيز جبهتها الداخلية و صدور إشارات قوية منها على سعيها الجاد بصدد إصدار قانون خاص يمنع بموجبه إعادة محاکمة السيد عبدالله اوجلان، وهو قرار بالاضافة الى أنه لايحظى بأي خلفية أو مبرر قانوني، فأن إصداره سوف لا يعدو على مناورة سياسية موجهة للإستهلاک المحلي. ذلک أن دول الاتحاد الاوربي التي تختلف فيما بينها إختلافا شديدا بشأن عضوية ترکيا، سوف تضطر لتوحيد کلمتها و ممارستها لضغط جاد ضد أنقرة حتى تضطر في نهاية المطاف الى إعادة النظر بقرار الحکم الجائر الصادر بحق السيد اوجلان. بيد أن الاصرار الترکي على المضي قدما في لا في إبقاء ذلک الحکم ضد السيد اوجلان و إنما تعزيزه و ترسيخ بقاءه بمسوغ قانوني اخر، هو بمثابة قرار إنتحاري ـ إنفعالي يسير بترکيا الى طريق قد ينتهي بها في مفترقات صعبة الاجتياز. وإذا کانت ترکيا قد دفعت"ولاتزال" ثمنا باهظا لسياستها الخاطئة بصدد منع القوات الامريکية من إستخدام أراضيها إبان حرب تحرير العراق، فإن إعادة الکرة مع اوروبا"المتفاهمة حاليا مع واشنطن بشأن الملف الکوردي" قد يعقد الوضع السياسي الترکي أکثر فأکثر في مجال العلاقات الدبلوماسية و الاقتصادية مع عموم الغرب، وليس هذا فقط و إنما سوف تبتعد أنقرة بمحض إرادتها من الذي يدور خلف الکواليس بشأنها. ومهما يکن فأن صدور قرار منع إعادة محاکمة السيد اوجلان"فيما لو صدر بالفعل" فأنه سوف يساهم في تعزيز التضامن الدولي مع القضية الکوردية في شمال کوردستان ودفع ترکيا الى زوايا قد تکون أضيق من التي تقبع فيها الان. وإذا إنقادت للضغوطات الاوربية و أعادت محاکمة السيد اوجلان، فإن ذلک کفيل بإذکاء الشعور القومي الکوردي و منح الشعب الکوردي المزيد من الامل بنيله لحقوقه المشروعة. من هنا فإن ترکيا بين خيارين أحلاهما مر!!
کاتب و صحفي کوردي
مقيم في المانيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأونروا: أكثر من 625 ألف طفل في غزة حرموا من التعليم بسبب ا


.. حملة اعتقالات إسرائيلية خلال اقتحام بلدة برقة شمال غربي نابل




.. بريطانيا.. تفاصيل خطة حكومة سوناك للتخلص من أزمة المهاجرين


.. مبادرة شبابية لتخفيف الحر على النازحين في الشمال السوري




.. رغم النزوح والا?عاقة.. فلسطيني في غزة يعلم الأطفال النازحين