الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى مجموعة,,,وكل مجموعة

علاء الفزاع

2005 / 5 / 10
المجتمع المدني


غريغوري سامزا يستيقظ من نومه صباحا فيجد نفسه قد تحول إلى حشرة...هذا ما تفتقت عنه قريحة كافكا. مسكين كافكا هذا. لو أنه كان هنا، في الأردن، وأراد أن يكتب قصة أحمد، مثلا، كيف كانت هذه القصة لتسير؟ وماذا كان سيحصل مع أحمد؟
بالتأكيد لن يتحول أحمد إلى جمل مثلا، ولا إلى حنش، ولا إلى باص مؤسسة...إنه أكبر من ذلك ولا شك. أحمد سيستيقظ في الصباح ليجد نفسه قد أصبح البلد كلها، بما فيها من بشر وحيوان وحيوات وجمادات.
لماذا هذا الفرق؟ صديق لي، أهبل وضارب فيوزه، يرى أن كافكا أصلا كان يحاول التعبير عن الانسحاق الذي يعانيه الفرد في المجتمع الصناعي، فيما نحن هنا نعاني-والكلام لازال لصديقي- من تضخم الشخصية، ومن نمو سرطاني اسمه "أنا" يكبر، ويكبر، ويكبر، حتى يسيطر على نخاعاتنا الشوكية، ومخيخاتنا، وصولا حتى الأدمغة.
أحمد يرى نفسه أكبر من أن يتنازل ويعمل مع آخرين، ضمن مجموعة، أي مجموعة. جرب العمل في إطار حزب يوما ما. ويا للعجب! العمل الحزبي يخنقه، يقيد "حريته" وإبداعاته. إنه يرى نفسه في فضاء أرحب...إنه (أحمد).
جرب بعدها حظه في جمعية، وفي منتديين ورابطة، ثم خمسة أندية. ويا للأسف ويا لخيبة أمله...كلها مليئة بالشللية والمؤامرات والانتهازيين. وكلهم يحاولون استغلال طاقاته المتفجرة كمنابع النيل، وتجييرها لمصالح شخصية. ولكن على مين؟ إنه يدرك أهدافهم...إنه عبقري... إنه (أحمد).
وأبو حميد مثقف. يقرأ ماركس وماركيز ومستغانمي. وهو مستمع جيد لمارسيل وسميح وزياد... ولكن كل رفاقه في الدرب لا يفهمون جيدا ما يقرؤون كما يفهم هو، ولا يدركون الأبعاد والمرامي وراء الأغاني التي يستمعونها كما يدرك هو. إن وقته ضائع معهم. هو غريب بينهم غربة صالح في ثمود. إنه... (أحمد).
اختار-بعد أن احتار- أن يعبر عن ثورته على كل شيء، فلبس البوريه، واعتنق حطة على كتفيه، منسوج على طرفيها علم، فوق تي شيرت عليه صورة كبيرة لجيفارا، مكتوب عليها-كالعادة- VIVA CHE. ظهر في عدة مناسبات تاركا سالفيه حتى منتصف وجهه، محدثا مسايريه عن أبي ذر الغفاري الذي عاش وحيدا ومات وحيدا، مقتبسا مظفر النواب بين الفينة والأخرى، مؤكدا أن عمله لوحده أكثر جدوى من أن يعمل ضمن مجموعة-أي مجموعة- فيها من العيوب والخلل ما يهدر طاقاته الثمينة. إنه ثائر على كل الأطر... إنه... (أحمد).
"المجموعات تفشل، وأنا أمتلك شيئا لا أرغب في التفريط فيه مع المجموعة. لا أريد أن أغير العالم، ولكن أكتفي بألا يغيرني العالم. لم تعد اليد تصفق مع اليد. سقفي عال فيما التزامي-أي التزام- مع آخرين يخفض من سقفي." قالها بمطلق الثقة... إنه...
كلا، ليس أحمد من قالها...يا للمفاجأة!! إنه أنا وأنت! أنا غريغوري سامزا بالنسخة العربية ذات الأنا المتضخمة ككرش الفيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة اعتقال طالبة رفعت علم فلسطين بيوم تخرجها في أمريكا


.. مجلس الشيوخ الأميركي يرفض مقترح بايدن باستقبال اللاجئين الفل




.. موريتانيا الأولى عربيا وإفريقيا في حرية الصحافة | الأخبار


.. الأمم المتحدة تحذر من وقوع -مذبحة- جراء أي توغل إسرائيلي برف




.. أهالي الدقهلية يشاركون في قافلة لإغاثة أهالي فلسطين