الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكاتب التنويري الكبير عفيف الأخضر .. سلاما

اسحاق الشيخ يعقوب

2013 / 8 / 6
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية



أنا لا أعرفه .. و لم اتحدث معه وجهاً لوجه .. ولم تقع عيني عليه ولو مرة واحدة في حياتي .. الا اني أكاد المس روحه لمساً بروحي و أصير فيه و يصير فيني .. و انا اقرأ فيما يكتب : أحس بنبض كلماته تنبض في نبض دمي .. و بسطوة الكلمة عنده و هيبة نورانيتها التي تكاد تحفر نفسي حفراً و تزيل رماد الحياة منها و تُلقي بي في حريق جمرها .. فإني اتعمّد روحه في روحي و اغتسل بطُهر يساريته في يساريتي و منذ زمن يتجاوز الخمسين عاماً ... أطبقت على نفسي دهشة نورانية اصرار و تمرد كلماته المتجذرة بوعي الحرية في الانسان : لأي انسان في الحياة يدب على الأرض ... و يوم ان تصفحت كتاب ( العسف ) في منتصف الخمسينات على ما اذكر تجاه البطش الذي كان يتعرض له اليسار الجزائري : اذ ان عفيف الاخضر كتب مقدمة الكتاب المذكور ... و منذ ذلك التاريخ يوم ان اشتويت في حريق مقدمة كتاب ( العسف ) .. و ذاكرة العفيف الاخضر ما انفكت عني و انا اتابع بلهفة مواضيعه و احرص ان اتموضع فيها ارادة فكر في ارادة تنوير : فأتسقط اخباره و انشطة كتاباته عن طريق الاصدقاء !!

عفيف الاخضر المغمور بجمر الفكر و حريق الكلمات اراه رمحاً ثقافياً يسارياً ماضياً في قلب الظلام من اجل الاستنارة و التنوير ... و كان في لبنان ان استوى عاصفة فكر و نضال في صفوف الماركسيين الفلسطينيين المناهضين للاستعمار و الصهيونية .. و كان طليعياً في التنديد بإرهاب خطف الطائرات في عين الحراك الفلسطيني آنذاك و كان يدين و يرفض العنف و الارهاب و كان علمانياً طليعياً في فصل الدين عن السياسة و كان يشجب بشجاعة آنذاك خطف الطائرات و يدينها لمضارها و عدم جدواها للقضية الفلسطينية العادلة و كان يرى : ان كل قضية عادلة تحمل سلمية وعقلانية وعيها و ليس ارهابها و تطرف عنفها !!

و بعد ان القت الحرب أوزارها و انسحبت المقاومة الفلسطينية من لبنان القى بسلاح الكلاشنكوف من على كتفه و اختفى اثراً بعد عين .. الا انه بعد فترة عاد قلمه كطائر الفينيق في جريدة ( الحياة ) اللندنية و كان لقلمه صولات و جولات تنويرية شديدة الوقع و التأثير ضد ارهاب و عنف الاسلام السياسي .. الا انه اختفى ايضاً اثراً بعد عين من جريدة الحياة على اثر وشاية دنيئة من اهل الظلام و التخلف و امتثال اهل العقد و الربط لها : ( ولا حول ولا قوة الا بالله ) كنت اقولها و اتوهم انه يرددها معي وهو يطوي صفحاته من صحيفة "الحياة " .

وكان يعيش في اوضاع مزرية و فقر و مرض و بؤس حياة ما انفكت عنه وهو يعيش عمرها في عمر جحيم منفاه ... الا ان تباشير طائر الفينيق بعد ان اختفى من " الحياة " يحط مغرداً ضد الظلاميين غصناً اخضراً عفيفاً بكرامته الانسانينة على صفحات ( ايلاف ) الالكترونية في قوة شجاعة ارادته التنويرية التي ما هانت ولا وهنت في ملاحقة ظلام الارهاب و نزعات العنف و التخلف لدى الاسلام السياسي و في عقر داره اينما حلّ و كيفما وجد !!

وكانت صدمة بالغة المّت بي كما المّت بالكثيرين من محبيه في نبأ رحيله الأليم : فقد كان عاشقاً انسانياً كبيراً للحياة و كاتباً تنويرياً فذاً لم تنصفه ثقافتنا العربية المنحازة للظلم و الجهل و الظلام و كأنها لا تنصف الا لصوصها و قتلتها و حاملة ألوية تخلفها و انكساراتها .. ولما اشتد مرضه : قال بيدي لا بيد عمرو , و اغمض عينه عن الحياة .. رحم الله العفيف الاخضر .. و أسكنه فسيح فراديسه و الهم محبيه و اصدقائه الصبر و السلوان .. فقد كان انساناً عذباً يتلاهب نوراً في عمق ثقافتنا العربية المعذبة في ظلام الجهل و العنف و اساطير قروسوطية التطرف !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ??مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب يساري لرفعه العلم الفل


.. الشرطة الإسرائيلية تفرق المتظاهرين بالقوة في تل أبيب




.. مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب وسط مطالبات بإسقاط


.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟




.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح