الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أميركا..الاسلام.. الارهاب!

وديع العبيدي

2013 / 8 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أميركا..الاسلام.. الارهاب!

محاور مشتركة..
كثيرة هي المحاور التي تجمع بين الولايات المتحدة والاسلام، إلى درجة يمكن معها القول، أنه قلّما اجتمعت ظاهرتان في بودقة واحدة، مثل هاتين الظاهرتين.
أحاول في السطور التالية، تشخيص بعض أهم المشتركات..
1- فكرة الحق الذاتي. فكلّ منهما يعتبر نفسه صاحب الملكية المطلقة للحقّ بكل معانيه ومقتضياته، الديني والسياسي والمعرفي والاقتصادي. ومنه..
2- الحق المطلق لاستخدام القوة بكلّ أنواعها وفي كافة الاتجاهات، وعدم احترام أو اعتبار أي رأي مخالف أو معارض.
3- كلّ منهما يعتبر نفسه – إسوة حسنة- و - نموذج- على الآخرين احتذاؤه والتمثل به وطاعته والخضوع له، وبكلّ طرق الترغيب والترهيب!.
4- حق الهيمنة والسيطرة المطلقة وامتلاك المقام والرأي الأول في كلّ مجريات العالم.
5- اعتبار أن الأرض وكلّ ما عليها حقا صرفا له وحده، يتصرف به دون السماح بالمشاركة.
6- كلّ منهما، يستمدّ حقه وقوته من (الله). بمعنى تسخير الفكر الديني لخدمة أطماعه ونزعاته في الاستحواذ والهيمنة والنهب، ومعاملة الآخرين كقطيع عليه الخضوع والتعاون لخدمته.
7- تركز فكرة الحقّ على فكرة القوّة، وللقوّة أولوية في كلّ شيء. غرض القوّة هو السيطرة والاستحواذ، أي استعباد الآخرين لتحقيق التراكم المادي/ الرأسمالي، ليكون القاعدة المادية المستمرة للقوة والسيطرة.
8- لتحقيق السيطرة وضمان استمرارها، لابدّ من التدخل المباشر لتغيير البنى والأنساق الثقافية وإعادة صياغة العقليات والثقافات، وتسفيه كل ما سبقها من تاريخ ومنجز انساني.
9- لوجود كلّ منهما وسيادته لانهاية.
10- التناقض البنيوي وازدواجية الخطاب، حالة عامة.
11- طبيعتها العدوانية، وكل ممارساتها الأخرى هي فوق مستوى النقد والاعتراض.
12- عدم قبول الآخر المختلف، والرفض المبدأي للتعايش معه. ولا تقبل بغير الانصياع التام والذوبان في منظومته.
13- اعتماد القوائم السوداء والتربّص والترصّد لمن يخالفها الرأي أو يتصدى لأفكارها وسياساتها.
*
الدين والسياسة الأميركية..
لأول وهلة.. سوف يعترض القارئ، أو يتساءل عن علاقة دولة الولايات المتحدة الأميركية بالدين!!.. وكثيرون –في نفس الوقت- يعترفون بالتباس الصورة، وصعوبة التمييز أو الفصل بين الديني والسياسي أو العلماني، في الحياة والسياسة الأميركية.
الولايات المتحدة الأميركية هي (دولة أعمال)/ [ business state]، لا تقوم على مؤسسات مثل بلدان العالم، وانما على شركات رأسمالية عابرة للحدود والقارات، ويتحكم رجال الأعمال – وليس سياسيون- في إدارة سياساتها وبرامجها. فالرأسمال هو الذي يحكم البلد، ويسخّر الجيش والسياسة والدين والمجتمع لخدمته.
وتبعا للمنظومة الاقتصادية الرأسمالية، يعتمد التسويق على أولوية الدعاية والإعلان. لذلك ارتبطت الصورة العامة للولايات المتحدة، بصور الاعلانات والأفلام الدعاية الأميركية. ولعلّ أبرز تلك الاعلانات الراسخة حتى اليوم هي – أميركا.. العالم الحرّ-. ونحن نتساءل أيضا، لماذا نقول (أمريكي) دائما لوصف كل ظاهرة وتمييزها عن مثيلاتها العالمية. ونحن نستخدم بنفس الطريقة صفات (عربي/ اسلامي) للعبير عن الأشياء، دون ضرورة منطقية، بل بحكم هيمنة الخطاب الاعلامي السائد.
لكن الولايات المتحدة، ليست دولة دينية بالمعنى التقليدي، وتقوم علاقتها بالدين، على تسخيره لخدمة أغراضها، وليس العكس. ورغم كثرة المظاهر والممارسات الدينية في الدولة الأميركية، فهي تستخدم الدين والله، لخدمة التسلط والهيمنة، لا غير.
العملة الأميركية تحمل اسم الله. السلاح الأميركي يحمل اسم الله.
اعتماد(*) البيت الأبيض مستشارين روحيين من الوعّاظ الانجيليين، – و"متنبئين" بعضهم من كبار السحرة-، يبتون في أمور سياسية واقتصادية دولية
دخول الدين في الدعايات الانتخابية للرئاسة، ومشاركة الوعاظ في الحملات الدعائية، إلى جانب دور اليمين الديني المؤيد لأجنحة المحافظين المتشددة.
بوش وصف أربعة دول خارجة عن الطاعة "الأميركية" بمصطلح (محور الشرّ)، - وهو من القاموس الديني التوراتي-. وبرّر غزوه للعراق بأنّ الله أمره بذلك [vision].
والرئيس الأميركي الأسبق بوش الابن- نفسه- أذاع على الملأ بأنه يبدأ عمله في البيت الأبيض بصلاة يومية وينتهي بها.
وأخيرا.. فدور العامل الديني في الحياة والعمل، لا يعتمد على التصريح والتهريج المجاني، بل وجوده الفاعل بين السطور، ووراء كلّ عبارة أو خطوة عملية. فالسياسة والاحتلال ليست حملات صليبية (مرسوم عليها علامة الصليب)، ولكن البعثات والحملات التبشيرية تنطلق غالبا من بلاد تستعمر بلاد الغير [انجلترا وأميركا]؛ حيث المبشرون يتبعون جيوش بلادهم أو يسبقونهم في سياحة البلدان.
*
الاسلام.. والامبريالية..
أقدم الدعوات إلى نهضة اسلامية جديدة، وعودة الاسلام كقوّة عالمية، أطلقها الاعلام الغربي وليس العربي. والاعلام الدولي عموما هو اعلام هامشي تابع للاعلام الأمريكي، المرتبط بالدائرة المختصة في دائرة المخابرات الأميركية. وكان ذلك في أوائل التسعينيات، - عقب سقوط المعسكر الاشتراكي-. كان الاتحاد السوفيتي السابق، يتكون من خمسة عشر جمهورية، لكن تركيز الاعلام الغربي اقتصر على – الجمهوريات الخمسة/ المسلمة- والنفطية أيضا.
وتبرعت جمعيات وجماعات غربية بعقد ندوات ومحاضرات عن دور الجمهوريات المسلمة المنحلة من تشكيلة الاتحاد السوفيتي في التأثير على مصادر الطاقة والوقود في المستقبل، والاحتمالات المتعددة لوقوع هذه الجمهوريات تحت التأثير الايراني أو التركي، وما إلى ذلك.
ذلك الطفح المتفاوت على جلدة الاعلام، كان يشير إلى عمق اهتمام الادارة الأميركية –وقد تربعت على عرش السيادة العالمية بمفردها!- بمصادر الطاقة واحتمالات ظهور قوى عالمية تهدد أمنها الاستراتيجي، حسب تنظيرات كيسنجر وبريجنسكي.
أما انعكاسات ذلك في الجانب المقابل، فكان لها دور كبير في رفع العامل المعنوي لظهور خطاب اسلامي، يرفع ثقة الشخصية المسلمة بذاتها، من جهة، ومن جهة أخرى، يزيد من تهميش الخطاب العلماني والعلمانية في العالم العربي والاسلامي. في الواقع كانت، العلمانية تتلقى ضربات مبرمجة ومتتالية منذ الخميسنيات.
ويمكن القول هنا.. أنّ الدعم الذي كانت تقدمه جمعيات ومنظمات دعائية ثقافية، مثل تلك التي كانت تدعم مجلات شعر وحوار - مثلا-؛ واخترعت لاحقا مؤسسات الابحاث والدراسات الأكادمية، وجمعيات حقوق الانسان(*) ومنظمات المجتمع المدني، وسوى ذلك، لم يكن الغرض منها معادلة/ مواجهة الثقافة الماركسية والشيوعية التي تبثها دار التقدم ومثيلاتها في العالم الاشتراكي، فحسب.. وانما حرق الأرض أمام العلمانيين، لصالح الهيمنة المطلقة للفكر الديني. وأورد هنا ملاحظتين للتأكيد..
تزايد الاهتمام الرسمي والثقافي بمسائل التراث ورموزه الدينية (الاسلامية) في المنتج الاعلامي والثقافي والأدبي منذ سبعينيات القرن الماضي، [رموز: الحلاج، مهيار، الحسين، الحرّ الرياحي، المسيح، مريم..]، ناهيك عن محاولة استعادة أو تقليد المناهج والأساليب التراثية في الكتابة كالمقامات وأعمال قاسم محمد [بغداد الأزل.. وأمثالها] وروايات: ابن فطومة لنجيب محفوظ، المتشائل لأميل حبيب وروايات جمال الغيطاني الأخيرة.
اهتمام متزايد بالموضوع الاسلامي، من قبل كتاب وأكادميين مدعومين في الاعلام الغربي أمثال ادوارد سعيد، عبدالله رمضان، فالح عبد الجبار، مما يخدم الترويج للخطاب الاسلامي بشكل قد لا يكون مباشرا. ولكن عدم التحلي بموقف فكري ثابت واضح يغرّر بالقارئ البسيط.(*)
فالولايات المتحدة الأميركية تكفلت بالدعم المعنوي الكامل للبناء الدعائي والمعنوي للاسلام السياسي، بكل ما لذلك من أهمية، في دفع التوجه النفسي للأفراد والجماعات نحو رموزية القوة الجديدة، كحاضنة وبديل وهوية. وفي نفس الوقت تكفلت بأنواع الدعم والرعاية للاسلام السياسي في مجالات العمل السياسي أو الدعائي أو الحركي (الارهابي) بضمانات دولية وقانونية.
*
فتح الملفات المقلِقة ..
منذ قرون.. تؤمن السياسة الغربية عموما ، والادارة الأميركية كقوة غربية رائدة، أن (الاسلام) قوة كامنة، لابدّ لها أن تعود وتهدد العالم ذات يوم. كما تؤمن أيضا، أنّ أفضل طريقة لمعالجة الخطر، هي اقتحامه –والسيطرة عليه، عبر توجيهه من الداخل-!.
لقد فشل الغرب في تحديث العقلية العربية، وجعلها تنساق في مسيرة الحياة الحديثة، إسوة بالهنود والأفارقة. بل أن الغرب أكثر يأسا اليوم من إمكانية التطبيع مع العرب الملتصقين - مرضيا- بالماضي. يمكن الحديث هنا عن محاولات تجريبية للبعض في هذا المجال، مثل ألمانيا أو فرنسا، لكن نظرية نهاية التاريخ الأمريكية لا تضيع وقتا للتجارب. ومن واقع ادراكها لمستوى ما بلغته من قوة في مختلف مجالات العلم والتكنولجيا والادارة والالكترون، مقابل الأوضاع المتهلهلة التي ترتع فيها كثير من بلاد العالم، سيما العرب، يأتي قرار تصفير حساباتها السياسية قبل أن يتأخر الوقت.
الحكمة البريطانية كانت ترتأي ترك الرجل المريض حتى ينهار من نفسه.
الحكمة الأمريكية بالمقابل، ترى حقن الرجل المريض بجرعات مضاعفة تختصر طريقه إلى الانهيار الكامل.
وما تقدمه الولايات المتحدة من دعم ورعاية لجماعات متطرفة في الاسلام السياسي، لا تزيد من واقع تمزيق النسيج العام وتسفيه مرجعياته،فحسب.. وانما تدفع التنين النائم للخروج من كمينه، والتوفر على قوة يسود بها على الشرق الأوسط. وعندها تدق ساعة الصفر لبداية النهاية.
ان السبيل الوحيد الذي جعل الاسلام في القرن السابع يتحول إلى امبراطورية، هو القوة العسكرية، والعنف المتصل. والاسلام السياسي اليوم لا يخرج عن ذلك. لكن بلوغ الاسلاميين/ الأسلامويين السلطة، يجعل قوتهم وعنفهم يرتدّ على الداخل (أي تدمير الذات من خلال الفوضى). الفوضى والعنف وانعدام المركزية، كانت السمة العامة لحكم محمد مرسي في مصر، وحكم المالكي في العراق. وبالتالي، فأن المجتمعات تحت حكم الاسلام تتآكل من الداخل، بينما يترسخ الفساد في الطبقة العليا من الدولة والمجتمع، كما حصل في أواخر العباسيين والأندلس. وهكذا يكرر التاريخ نفسه، ولن تبقى الادارة الأمريكية وأخواتها مكتوفة الأيدي خلال ذلك.
يعتقد البعض، أن مسلمي اليوم وشبابهم المتخرج في مدارس الغرب ليس بهذه السذاجة، وله من التخصصات العلمية في التكنولوجيا والالكترون ما ينافس به الغرب ويفوقه. ولكن أيضا.. التلميذ لا يتفوق على استاذه!.
لابد.. ستكون هناك منافسة، ومداورة، وقد لا يكون الأمر بتلك السهولة التي لا يتصورها السيناريو الغربي. لكن تكاليف الخسائر، وكلّما ارتفعت، ستقع على عاتق مجتمعات الشرق الأوسط، كما هي حتى الآن.
شعارات حرب بوش على الارهاب، ساهمت في تضليل كثيرين، لكن ثورة الثلاثين من يونيو (2013) فضحت زواج المتعة/ المصلحة بين جماعات الاخوان المسلمين والبيت الأبيض. كما كشفت التقاء تيارات الاخوان والسلفية والجهاديين والقاعدة ووحدتهم في الوسائل والأهداف، وغطاء الدعومات الأميركية.
قد يكون زواج المصلحة زواجا ديكيا، يستغله كلّ طرف للسيطرة على الآخر.
ولكن الرهان يبقى.. مفتوحا..!
وللحديث بقية..!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الكتب التي تبحث في هذا الجانب كتاب (انجيليون في البيت الأبيض) للباحث مختار بن بركة التونسي المتخصص في التاريخ الأمريكي، ترجمة: أحمد الشيخ مدير المركز العربي للدراسات الغربية الذي صدر عنه الكتاب بعنوان (المسيحية هي الحلّ)، إلى جانب كتابات وبحوث أخرى.
لاحظ: استنجاد جماعات الاخوان المسلمين في مصر بجمعيات حقوق الانسان في الغرب، ودور هذه في حماية حياة الارهايين والمجرمين. كذلك: معظم حكومات الاسلام السياسي الجديدة تخصص وزارة - مزوّرة- لحقوق الانسان!..
أسنثني في هذا الجانب أبحاث منهجية واضحة الرؤية والدلالة والخطاب العلماني، لمجموعة من المفكرين، على سبيل المثال: هادي العلوي، سيد القمني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مبداء امريكا .. اطعم الفم تستحى العين
حكيم العارف ( 2013 / 8 / 7 - 03:15 )


لاشك ان مصالح امريكا عندها اهم شئ ممكن حمايته..
لذلك فانهاترى ان الاخوان المسلمين هم الاقوى من حيث التمويل والعتاد والرجال لان السلفيه تنقاد خلفهم لتوافق الاتجاه نحو التجارة الدينيه لتحقيق مكاسب خاصه ...

الاخوان بالنسبه لامريكا هم كالبلطجى الذى يدافع عن الكباريه ... وخاصة ان تركيبة دماغهم مثل السلفيين المبنيه على السمع والطاعه ..

لذلك حماية امريكا داخليا يتطلب دعمهم للاخوان ..


2 - تعليق
عبد الله خلف ( 2013 / 8 / 7 - 07:24 )
مقاله خاليّه من الدلائل و التحقيق .


3 - إلى عبد تعليق 2
أمل مشرق ( 2013 / 8 / 8 - 21:46 )
الدلائل الوحيدة الناقصة في هذه المقالة الممتازة هي ما اقترح عليك د. كامل النجار في رده على نفس جملتك المبتذلة وهي أن يأتي الكاتب بجبريل ليتحدث إليك

لست بحاجة دلائل يا عبد فالعقل المظلم لا تفتحه سوى الخرافة

اخر الافلام

.. رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود أولمرت: نتنياهو لا يري


.. 166-An-Nisa




.. موكب الطرق الصوفية يصل مسجد الحسين احتفالا برا?س السنة الهجر


.. 165-An-Nisa




.. مشاهد توثّق مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرفة في المسجد الحرام