الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جيسى بولس .. وآلهة القتل

محمود الزهيري

2013 / 8 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


.. إلي متي سنتعلل بأن الإرهاب لايمس إلي دين بصلة , ولا ينتمي إلي أي عقيدة , ولايؤمن به أي إنسان سوي , وأن الأديان تحرض علي السلم والأمن والأمان , والتحابب والتواد والتعاطف , ولاننظر في أمر الدستور والقوانين والقائمين علي تنفيذها..!؟
إلي متي سيكون الدفاع عن الدماء والأرواح بإنتظار مزيد من أرواح يتم حصدها بمنجل الإرهاب , ودماء تتم إراقتها بسكين من يدافع عن الله , ومن يدافع عن الإنسان ويحميه ويحمي أمنه وحريته وحياته غائب خلف متاريس الأمن والأجهزة الأمنية التي لايراها المواطن إلا حين تكون الجريمة قد اكتملت أركانها..؟!
إلي متي سيظل الربط بين الأديان وبين السلم والسلام , والأمن والأمان , ونري أن المنتمين للعصابات الدينية تغيب عن ملاحقتهم سيوف العدالة , وموازين الحق والعدل ..؟!
إلي متي نري في المشاهد الدموية رجال دين بأزيائهم الدينية والكهنوتية يجلسوا بعد كل كارثة أو فاجعة ويجتمعوا ليتلوا علينا آيات مقدسة مخدرة للإرادة , ومغيبة للقانون , وساعية للحلول السلمية في مواجهة العنف والتطرف والإرهاب وقانون الدم , وفي الختام تنتهي اللقاءات بجلسات صلح ودية مختومة بقبلات وأحضان رجال دين استجلبتهم السلطة وأملت عليهم أجهزتها الأمنية إرادة اللقاء , فالتقوا , وإرادة الإنصراف , فانصرفوا , ويظل قانون الدم هو الساري , وقانون الحق والعدل هو الغائب ..؟!

أي دين له عصابات وجماعات تدافع عنه هو حتماً دين ضعيف , ولايقدر أن يصمد أمام إنسانية الإنسان , وأي دين له أعلام ورايات وهيئات وأشكال ورسومات ومؤسسات , وطقوس , وتمتمات , هو والهلاوس قرناء .. ؟!

أي إله لايقدر أن يدافع عن ذاته , ويوكل من يدافع عنه لايستحق أدني قدر من الطاعة والتقدير والإحترام , فكيف بآلهة لاتقدر أن تدافع عن ذاتها , وتوكل أتباعها بالدفاع عنها في مواجهة غير المؤمنين بها ..؟!

الآلهة الدموية ليست لها مكان في أفئدتنا , ولاتحوز حيز من عقولنا , والأديان التي تحرض علي القتل والعنف والإرهاب في مواجهة غير المنتمين لها , حتماً سيكون مصيرها متاحف التاريخ , مع التماثيل والأصنام التي مازالت تذكربأصحابها حتي الأن وقد تكون أرقي منها ..

ماذنب أن يقتل منتمي لدين نفس الإنسان الذي ينتمي إليه بدعاوي مرضية حقيرة تافهة , ويكون سبب القتل يرجع للإنتصار إلي إله هذا الدين ..؟!

وماذنب أن يقتل منتمي لدين , إنسان آخر غير منتمي لذات الدين , فهل إله هذا , بخلاف إله ذاك , وأن هناك إله واحد يتوجب الإيمان به ..؟!

ففي الوقت الذي توجه فيه رصاصات الخسة والغدر والخيانة , من مهووس بالدفاع عن الله , والدفاع عن شريعته , لتوجه ضد طفلة مسيحية , لاتعرف ماهو الله , وماهي شريعته , حتي تقتل غدراً وغيلة بدم بارد لمنتمي لإحدي العصابات الدينية من المجرمين الإرهابيين , أمام الكنيسة , لتحيل حياة الأم والأب والإخوة , والأقارب إلي ألوان من الجحيم اللا منتهي , وهذه الجريمة تأتي قبل يوم واحد من العيد الذي يدعي أنه ينتمي إليه هذا الإرهابي الفاجر , قاتلاً كل أفكار التعدد والتنوع الديني والثقافي , ومؤيداً لإحياء النزاعات والعنف والفرار والنزوح إلي الجهل والعنصرية والتمييز الديني البغيض , وفي هذا التوقيت , يأتي غير المسلمين في أوروبا ليؤسسوا لمفاهيم غير تلك المفاهيم الإرهابية العنصرية الحقيرة .

ففي عيد المسلمين يقتل أحدهم طفلة من المسيحين , ليسعد ويفرح بإنتصاره لإلهه , ويحزن ويشقي أسرة جيسي بولس , لمجرد أنها مسيحية , ولها إله غير إلهه , ودين غير دينه , وطائفة غير طائفته , ومذهب غير مذهبه ..
عذراً جيسي بولس , فهذا المسلم الذي قتلك , كذلك يقتل من أبناء دينه , وطائفته ومذهبه , بل ويقتل كذلك المنتمين لعصابته الدينية , إنتصاراً لإلهه الذي توهمه بأوامر القتل والدم إنتصاراً له ..!!

هذا هو الرئيس الألماني يواخيم جاوك , يعتبر عيد الفطر المبارك تعبيرا عن حرية الأديان والتنوع الثقافي في ألمانيا ويبعث برسالة تهنئة بعيد الفطرللمسلمين في ألمانيا , ويقول : أن هذا العيد لن يحتفل به المسلمون فقط ، ويؤكد علي أنه , كلما كان هناك فرصة للاحتفال سويا والمشاركة وتبادل الآراء ، كلما زادت الثقة بيننا".

ويشيد بأن التعايش المشترك بين مواطنين مختلفين في العقائد أصبح أكثر بديهية في ألمانيا , ويفتخر أيما فخر بالوطن الألماني مؤكداً أنه "في ظل النزاعات والعنف والفرار والنزوح في مناطق أخرى من العالم فإننا ممتنون للتعايش المشترك الناجح في بلدنا".

أهدي روحك ياجيسي بولس , أيتها الشهيدة البريئة أبيات من نظم الشاعرة الجولانية أملي القضماني :

ايا زمني الهارب خلف حواجز الصمت يحتسي جروح الوطن ويرتشف هطول القهر في زنازين العهر في ميادين الحماقة وثرثرة الرصاص ,,

ما زلنا ندفن وجوهنا خلف مرايا الخوف من الآتي ليبقى الحاضر سلاسل رعب معلقة بأفئدتنا,,

ايا حلمي الهارب خلف أسوار الكبت يحكي فضيحة عرينا في غربة عقولنا لنتحول أشباحا في ملفات الموت بلا قبور ,,

لا تحزن أيها الحلم ، فالعطر لا زال على ثغر الزهور ، و الفرح لا زال الى سنابل القمح يهوى العبور، ولا زالت العنادل عند الفجر تعشق الحضور, يا حلميَ الواقف بين يدي الريح ، يغني للمطر نشيد الحياة ..

تحملني العاصفة نغمة نغمة ، وتبعثرني على أوتار الكمان مواويل حزن خلف جدران الحياة ،لتغنيني شعراً فوق جراح الزمن,وإحتراق وطن, وتعاود لتسكبني قطرات نديَّة على جبين (شهيد) مسجَّى على خاصرة الطريق لتلج روحه في دمي وتتحول لأبيات قصيد..

معذرة لـ البريئة جيسي بولس , المغدورة في دمائها , ومعذرة للمحزونة المكلومة والدتها , ومعذرة لأب افتقد جيسي الجميلة البريئة من رؤيتها إلي الأبد, ومعذرة لكل من عرف جيسي وعرف أسرتها , فنحن ملوثون بالعنصرية , ومزيفون بإدعاء الإيمان والتدين , معذرة لك ياجيسي الجميلة البريئة , فمازلنا كفار بالإنسان !!
ودماء جيسي بولس , ستلعننا جميعاً , إلي أن تطهرنا من حقاراتنا وأوساخنا اللعينة اللصيقة بأخلاقنا وعقولنا !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نحن بشر قبل أن نكون تابعين لأديان
سامى غطاس ( 2013 / 8 / 9 - 00:34 )
الأستاذ الفاضل محمود
كما عاهدناك دائماً إنسان ذو ضمير يقِظ يرفض أن ينصر دينه ظالماً أو مظلوماً . أثبت أيضاً إنك إنسان مٌسلم و ليس مٌسلم إنسان و شتان الفرق بين الإثنتين . فقد جعلت إنسانيتك تسبق إسلامك . وأنا أضيف الى كلماتك المٌعزية بإنه بئس هذا الدين وبئس ذلك الاله الذي يسمح بقتل هذه الطفلة البريئة, فهى إنسانة قبل أن تكون مسيحية أو غير ذلك . وبئس كل من يحاول تبرير تلك الجريمة والإدعاء الذائف ببراءة الإسلام منها . ياسيدى إذ كانت 1400 سنة غير كافية لفهم هذا الدين من قِبل أتباعه والتناحر المستمر بينهم و إدعاء كل فصيل بفهم صحيح هذا الدين عن غيره , أقولها صراحة فليذهب هذا الدين الى الجحيم و يبقى الحب والإحترام هما السائدان بين الناس .
تحية خالصة من إنسان مسيحى وليس مسيحى إنسان

اخر الافلام

.. الناخبون المسلمون.. ورقة خاسرة للأحزاب المناصرة لإسرائيل بال


.. حسن المستكاوى: وقت الإخوان قالوا لى ملكش دعوة بالسياسة وخليك




.. كواليس جديدة عن ثورة المصريين وتمردهم ضد حكم تنظيم الإخوان ف


.. حسن المستكاوى: مش قادر أنسى الذكريات المؤلمة وقت حكم الإخوان




.. 153-An-Nisa