الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إن أردنا ان نكون: لا شيء خارج النقد والمراجعة

شاكر الناصري

2013 / 8 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بعد تصريحات لأعضاء في مجلس النواب العراقي، عزت الشابندرعن دولة القانون وفرهاد الأتروشي عن التحالف الكردستاني، تضمنت إنتقادات واضحة للمرجعية الدينية في النجف ودورها في العراق ومساعيها لان تكون فوق الدولة، فإن حالة من الإستنفار قد عمت في المؤسسات الدينية ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي وسارع عدد من السياسيين العراقيين للتعبيرعن إدانتهم لهذه التصريحات وتبرأهم من مطلقيها وأعلنوا عن تمسكهم بالمرجعية المذكورة وقداستها التي لا تمس.

ما قاله الشابندر والأتروشي بخصوص المرجعية الدينية في النجف، ليس بالجديد ولا هي التصريحات الاولى ومن المؤكد انها لن تكون الأخيرة فقد سبقهما الى ذلك الكثير من السياسيين والكتاب والمفكرين والمثقفين او الذين خرجوا من سلطة المرجعية المذكورة ويخوضون صراعات فكرية ونقدية عميقة ضد سطوتها ونهجها بشجاعة كبيرة فتحولوا الى قوة أضافية لقوة التيار المدني والعلماني في العراق.

ربما، سنكون امام فرصة جديدة لتسليط الضوء على المرجعية الدينية ومكانتها ودورها في المجتمع وما تقوم به من ممارسات من اجل ان تكون مرجعية الدولة ومرشدها الأعلى وان تكون الناطق بإسم الشعب على حد قول أحد أفرادها. فرصة لإعادة طرح الأسئلة التي يراد لها ان تبقى طي الكتمان، عن الأموال والثروات الطائلة التي تحوزها هذه المرجعيات من الخمس والزكاة والنذور والتبرعات...الخ. عن أسلمة المجتمع والدفع بقوى الإسلام السياسي الخاضع لها لتصدر واجهة المشهد السياسي وتدخلها في كتابة دستور يكرس سلطتها ويجعلها رقيبا على الدولة ومفسرا للقوانين والتشريعات فيها. عن الآثار الإجتماعية والسياسية للكثير من الفتاوى التي أصدرتها سابقا وتأثيراتها على السلم الأهلي " الشيوعية كفر وإلحاد " على سبيل المثال لا الحصر وفتاوى كثيرة اخرى عززت من الإنتقادات التي توجه الى المرجعية وتدخلاتها في الحياة السياسية وانحيازها لأطراف سياسية محددة.

تمكنت المجتمعات الغربية "اوربا تحديدا" من تحقيق نهضتها وتقدمها وتطورها الثقافي والإجتماعي وحققت مستويات متقدمة في قضايا الحقوق والحريات، لأنها وضعت كل المقدسات الدينية والإجتماعية وتشكل أرضية للقمع والإستعباد، تحت طائلة النقد الحاسم وسعت للحد من سلطة الكنيسة وانهاء تدخلات رجال الدين في السياسة العامة وحرمانهم من التدخل في حياة الأفراد وفي التربية والتعليم والقضاء...الخ ولم تخلق مقدسات جديدة، دينية، طائفية، قومية وعشائرية وتحصنها من النقد او تدافع عنها تحت ستار القداسة او الاعراف والتقاليد والارث الحضاري.

من المؤكد ان ما نقوله هنا ليس بالجديد وتم تكراره وترديده من قبل الكثير من الكتاب والمثقفين ومن المعنيين بأمر الدولة المدنية. ولا بأس من تسليط الضوء عليه من جديد والتذكير به، عسى ان تُفتح كوة في جدار المقدسات وانها خاضعة مثل كل الظواهر الدينية والإجتماعية والثقافية للنقد والمراجعة.

مكانة الدول في عالم اليوم تقاس بمدى الحقوق والحريات التي يتمتع بها سكان هذه الدولة او تلك وقدرتهم على التعبيرعن آرائهم ومعتقداتهم بحرية وكرامة وأمان وبمكانة ورسوخ السلم الأهلي الذي يشكل المهمة الأساسية للدولة وان ذلك لا يتحقق الا بالإعتراف بمدنية الدولة وإيجاد الآليات الدستورية والقانونية الحاسمة التي تمنع تدخل الدين والمؤسسات والمرجعيات الدينية والمذهبية والطائفية في حياة الإنسان وأختياراته ورغباته.

ولذلك فان المجتمعات والدول العربية والإسلامية ومنها العراق، اذا ما ارادت ان تحقق المكانة السياسية والحضارية والثقافية التي تبحث عنها في عالم اليوم، فان عليها ان تعيد النظر وبقوة بإرثها الذي يشجع على الإستعباد والقمع والنظر بدونية للإنسان وحياته وتطلعه للعيش بحرية وكرامة، وبالمقدسات الكثيرة التي تم إيجادها وإحاطتها بخطوط حمراء لا يجوز المساس بها وان مجرد التفكير بتجاوزها سيعرض صاحبها للقتل والتكفير والتسقيط السياسي والإجتماعي. على الدولة ان تقوم بإخضاع المؤسسات الدينية المختلفة لسلطاتها وقوانينها النافذة.

ان الإنسان وحرياته الفردية والمدنية وكرامته هي المقدسات الحقيقية التي يجب احاطتها بخطوط حمراء وان المس بهذه المقدسات تحت اي مسمى، ديني ، قومي، طائفي، عشائري وحزبي، يعد انتهاكا يجعل من مكانة الدولة وهيبتها تحت طائلة السؤال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات غير مباشرة بين جهات روسية ويهود روس في فلسطين المحتل


.. حاخامات يهود يمزقون علم إسرائيل خلال مظاهرة في نيويورك




.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي


.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن




.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت