الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانية .. الملاذ الأخير للعراق

باسم السعيدي

2013 / 8 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كثيراً ما أقف على تحليلات للوضع العراقي المزري والإنهيار الأمني المصاحب لحالة التذمر والقلق من الإنزلاق الى الفوضى، لكني بصراحة أجد هذه التحليلات تتناول النتائج بمختلف درجات الأهمية لكنها لاتتناول الأسباب. لأن الأسباب بصراحة قد تنسف الكثير من المسميات التي لايجد المواطن البسيط بدّاً من وجودها في المشهد ولايمكن له تصور الوضع العراقي من دونها، لأنها - بتصوره – من الثوابت التي من اجلها - قبل – بكل التضحيات التي أعقبت الغزو 2003 وإن التفريط بها في تصوره تفريطاً بحقِّ أساسي له.
البعض يقترح إستقالة رئيس الوزراء وهم خصومه السياسيون، والبعض يقترح تعديل المؤسسة الأمنية بأكملها وإعادة بنائها على أسس وطنية مغايرة للولاء للأحزاب أو الطوائف وغيرها، والآخر يقترح حالة طوارئ تمنح صلاحيات إستثنائية لرئيس الوزراء.
وفي تصوري هذا كله لايصب في مصلحة الحقيقة والحل الجذري.
علينا ان نقرّ أن المشكلة بل المعضلة في أساسها هي معضلة طائفية، بمعنى أن المنظومة " السنية " إن حكمت العراق فستجابه بـ 9- نيسان أخرى، والمنظومة "الشيعية" لو حكمت فستقابل بـ "سقيفة " أخرى.
وهذا الرفض الدوري سيبقى قائماً الى أبد الآبدين ما لم تقرر إحدى المنظومتين "حلَّ نفسها " ودخول (ستالين) الى جنان الخلد يعتبر أكثر واقعية من هذا المطلب. إن المتصرفين اليوم بالعملية السياسية هم من المنظومتين، شئنا أم أبينا فهما المتصرفتان، مدعومتان بمد شعبي واسع جداً في البيئة الناخبة لهما. فحزب الدعوة والمجلس الأعلى والتيار الصدري والفضيلة وغيرها ينتمون جميعاً الى المنظومة الشيعية، وإن صرّحوا حيناً أو أحياناً بتصريحات ومواقف معتدلة الا أن الحقيقة الثابتة هي إنتماؤهم الى إحدى المنظومتين الطائفيتين.
ولو تقصينا الجهة الأخرى واللاعبين الكبار فيها تجدهم الحزب الإسلامي، التوافق، متحدون، الخ الخ الخ وجوه لاتخفي شعارها المنظوماتي وانتماءها الى المنظومة السنية، وما تفكك القائمة العراقية الا بسبب التبلور الذي تشهده الساحة الى منظومتي الساحة الطائفية ليس غير.
تلكما المنظومتان لن تتفقا على شيء سوى تدمير العراق إذا وصل الغريم التقليدي الى سدة الحكم.. والتأريخ يشهد بذلك منذ 1998 الى يومنا هذا.
وفي تصوري إن أي دراسة أو تحليل لايأخذ بعين الإعتبار تفكيك تلكما المنظومتين " سياسياً " وليس دينياً أو روحياً فذلك التحليل سيبقى قاصراً.
لايخفى أن ليس لتلك المنظومتين القدرة على الإعتياش والنمو الا في بيئة جاهلة، متخلفة، لاتفهم ثقافة الحياة بقدر ما تفهم ثقافة الموت، لاتفهم ثقافة السعادة بقدر ما تفهم ثقافة الحزن والكدر والبؤس والشقاء، وتحاول جاهدة " كلا المنظومتين" الإبقاء على التردي الثقافي والإجتماعي والصحي الى أبعد وقت ممكن لأن الإنسان لو وصل الى الوعي اللازم ليفهم أهمية الحياة والسعادة لما عاد بالإمكان إقناعه الموت من أجل سلطات الزعامات.
الوعي هو رأس الحربة التي سيتمكن من خلالها الشعب بنخبه ومثقفيه من وكز خاصرة التخلف وقلع اسنان العنف والإرهاب الذي يعتاش على الطائفية، فالسني العراقي المحب لوطنه وأولاده وللحياة والكرامة والعدالة لن يضحي بنفسه من أجل الزعامات وتنظيم القاعدة والدولة الإسلامية وجماعات حز الرؤوس.
والشيعي العراقي المحب لوطنه وأولاده والحرية والسعادة والتعليم والصحة لن يضحي بنفسه من أجل المزيد من الأبراج في دبي للزعماء أو الأرصدة المخيفة لأبناء المسؤولين.
الحل يجب أن يأتي من القاعدة سادتي .. أن ينبذ الشارع كل الأحزاب التي تنتمي لتلكم المنظومتين، فالله أكبر من أن يدخل في خزينةحزب الدعوة أو مسدس الميليشيات والدمج .. وهو أكبر من سيوف الذباحين والعبوات الناسفة لتنظيمات القاعدة السايكوباثية.
الله ولا شك ليس بحاجة الى من يقوم بالأعمال القذرة ليلقيها عليه ويلوث إسمه.. فالله ليس خجولاً .. ولقد رأينا فعله في تسونامي وفي الزلازل وفي الكوارث الطبيعية.. ويومذاك لم يكن بحاجة الى قتلة محترفين لينفذوا إرادته، بل قال كلمته " كن فيكون".
احزاب المنظومتين يخدعوننا أيها الإخوة .. يعملون على أن ننسى أن الله أكبر من أن يوضع ثانية بين أربعة جدران.
العلمانية هي الحل أيها السادة لأنها ستسمح بأداء الطقوس الدينية بحرية تامة للجميع، لكنها لن تقبل متحدثين نيابة عن الله وكأنه بحاجة الى وصاية عليه، خصوصاً من البشر الذي يخطئ ويصيب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العلمانية وحدها لا تكفي
مصطفى محمد ( 2013 / 8 / 11 - 22:01 )
شكرا ستاد باسم لقد اصبت فيما ذهبت اليه الدين لله والوطن للجميع وطالما نمارس الانتخاب على اساس طائفي فهو قمة التخلف الفكري والغريب في الامر ان الناس بعد ان ينتخبوا قياداتهم بعد فترة يلومون انفسهم ومن ثم يعاودون الكرة ولكن عزيزي باسم العلمانية وحدها لا تكفي وانما العلمانية الليبرالية هي الحل الامثل هي التي تعطي المساحة للحرية الشخصية وهي التي تحافظ على الدين والسياسة في نفس الوقت
تحياتي


2 - العلمانية والتقليد لا يلتقيان!!!
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2013 / 8 / 12 - 05:57 )
من يريد ان يطبق العلمانية لا بد ان يكون ليبراليا ولا ينتمي الى احزاب اسلامية تؤمن بـ (التقليد الاعمى ) للفقهاء في شؤون الدنيا والآخرة وكما هو معروف ان العراق اغلب سكانه هم الشيعة المؤمنون بفتوى الفقيه في كل شيء حتى لو قال اتخبوا فاسقا انتصارا للمذهب فما عليهم الا السمع والطاعة وهذا ينطبق على السنة ايضا.فعمار الحكيم والمالكي والجعفري والشهرستاني والديلميي كلهم يومنون ايمانا راسخا بمبدأ التقليد والتقليد ليس متفق عليه اسلاميا. الشيعة ترى انها ممثلة لاهل البيت والسنة ترى انها ممثلة للخلفاء الراشدين ونحن نعرف احداث السقيفة وما تلاها من تجاذبات ادت الى الاقتتال بين المسلمين الى يومنا هذا. من هذا يتبين بان الادعاء والتشبث بالديموقراطية او الجمهوية هو ادعاء باطل وهدفه تدجين المغفلين كما هو حاصل في الجارة ايران. فولاية الفقيه هي عينها في العراق والفرق هو ان الحاكم الفعلي في ايران ظاهر ومعرف دستوريا والحاكم الفعلي في العراق مستتر وان لم يكن معرف دستوريا. ما هو المطلوب؟؟. المطلوب هو اصدار فتوى تمنع الترويج للمرشحين للرئاسة او البرلمان باسم الدين والمذهب والكفاءة والاخلاص للوطن هما المعيار فقط.

اخر الافلام

.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي