الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
إله واحد وكتابان وثلاثة أديان
يوسف بن الغياثية
2005 / 5 / 13العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ربما أثار هذا العنوان بعض الدهشة والغرابة، كيْف يكون هُنالك إِلهٌ واحِدٌ، وكتابان ثم ثلاثة أديان ؟ إلاّ أنَّ نصيبنا الإنساني من هذا الواقع لم يكن غيرَ ذلك. أي إله واحد، والكتاب المقدس والقرءان كتابان، واليهود والنصارى والمسلمون يدين كل منهم بدين يعتبره هو الحق المطلق وأن ماعداه هو الباطل وأن من اتّبع غير ذلك هو حطَب جهنم وبيس المصير.
وقد أثار انتباهي الباحثُ "كْلود فيلْ" الذي دعا إلى التخلص من القراءة ذات الخلفية أو القراءة المتحيزة لكل الديانات الثلاث وهي اليهودية والنصرانية والاسلام. وقد عبر عن ذلك بما أسماه بـ"التّمرين المنعش والذي يسبب دوارا في الوقت نفسه" . فقراءة أي دين وأنت على دين مختلف يصيب فعلا بدوار، دوار يسببه التراكم الكبير لتلك الموروثات، والقراءة الخاطئة للنصوص سواء كانت من الكتاب المقدس أو القرءان. أما التعالي الإيماني فحدث عن البحر ولا حرج.
وفي هذا المقال المركز سنحاول أن نلزم الحياد مهما كان الأمرمكلفاً، ومهما عانيْنا من دوار، فالهدف هو الشعور بالطّمأنينة، وسنحاول أن نتضامن مع "فيل" الذي اقترح هذا الأمر، وسننضم إلى قافلته التي يحاول أن يصل من خلالها إلى قراءات جديدة، وربما إلى تأويلات جديدة لكل ما هو موروث من نصوص مقدسة إن مقدسا كانت أو قرآنا. على الرغم من أنّنا لن نوقِّع له صكّاً أبيضَ ولن نتّبعه على غير هدى...
طبقات جيولوجية : إله واحد، وكتابان، وثلاثة أديان:
للوهلة الأولى يتبادر للملاحظ أننا أمام حقل كبير غير محدود، وعلى امتداد البصر، هذا الحقل هو الحقل الديني. ومنذ أزمان بعيدة أعيى الإنسانَ الإحاطةُ بهذا المجال. وإذا استحضرنا مثلا، فإن مَثَل الأديان كمَثَل لوحة زيتية، لكن مرور الزمن أعقبها اختفاء لرسالتها الأصلية المضمنة فى اللوحة تحت الترميمات والدهون التى أجراها البشر عليها. ومن ثم، فرسالة الأديان الموحدة لله رب العالمين لم تنج من تحريف بما فيها الإسلام. إذْ لو لم يحفظ القرءان لكانت كارثة عظيمة قد حلّت بالإنسان. لكنّنا نعتقد أنّ الزّيْغ عن رسالة القرءان قد مسّ الأمّة وأنّ تحريفاً عظيماً قد استحكم. تحريف لا يقِلُّ عمّا مسّ التوراةَ والإنجيلَ ولو لم يكن في ألفاظ الكَلِم نفسِها. إذْ لو كان هناك التزام برسالته (القرءان) ولو كان هناك فهم صحيح يحرّر به الإنسان طاقاتِه لما تردّى وضْع المسلمين إلى الحال التي نراهم عليها الآن، أي : أصبحوا مثلاً سوءاً للفشل والتّردّي وقمع حرية الرأي والظلم وما إلى ذلك من الشرور المستطيرة، فصاروا أينما توجّههم لا يأتوا بخير وهم كَلٌّ على مَن سواهم من الأمم كافِرها ومومنِها، غثِّها وسمينها. إلاّ قليل منهم.
وإنّ المحيّرَ فى الأمر فعلا، والذي أخذ بتلابيب الحكماء من كافة الأديان هو السؤال التالي : "كيف - إذ نفحص الكتابين: الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، والقرءان الكريم - لا نجد غير المحبة، والسلام والإخاء والحرية والمساواة والحكمة والخلق العالي ما بالُ هذا الثراء الفنّي القيمي لا ينعكس على معتنقيه؟ " هؤلاء المعتنقون لا يجدون أمامهم غير أنهار من الدماء، والأشلاء، والعداء المستحكم طيلة قرون خلت.
يبقى – إذن – هذا سؤالاً عريضاً، وتتَخلّل "أوديسةَ" البحْثِ عن الجواب طبقات جيولوجية تاريخية وثقافية تمس الدين فى جوهره، وتحول دون رؤية المشترك.
إذن نحن واقعيا أمام إله واحد، وكتابين وثلاثة أديان، ولأول وهلة يتضح أننا كُلَّما ابتعدنا عن المصدر إلا وتعددت السبل، بل وتناحر أهلنا وانقسموا طرائق قِدَداً، وتفرَّقوا أيْدي سَبَأٍ، مما دفع "كْلود فيلْ" إلى أن يذهب إلى أننا قد نقول جوازا كتابا واحدا ومئة دين. مئة دين لماذا ؟
مادام الخطاب الأصلي، الوحيد : لا إله إلا الله يخرج آلةً طاحنةً لاتنتج غير القطائع، والإخوة الأعداء، لكن كيف يحصل هذا فى الوقت الذى يشهد فيه الكتابان تقاربا؟
طبقات جيولوجية بعموم واحد وروابط واحدة تتمثل في الكتاب الكبير الذى يضم الكتابين معا… كتاب التوحيد كتاب يفتح ورشا كبيرا، منذ ثلاثة آلاف سنة وهو ما يقدر به عمر الأديان التوحيدية حسب التقويم اليهوديّ ؛ ورش يبقى مفتوحاً يضم بنفسه حقائق تامة مطلقة فضلا عن تناقضاته كذلك، ونحن لانستثنى أيّ كتاب من كتب الأديان ونخص بالذكر الكتب المقدسة المعروفة لدى ديانات التوحيد…
في ثنايا هذه الطبقات الجيولوجية بأنواعها، يصعب إن لم يكن مستحيلا قراءة كتاب دون الوقوف على الكتب الأخرى الخاصة بالأديان الأخرى. وكل كلمة من كلمات الكتاب المقدس لها صدى فى القرءان والعكس صحيح، فرسول الإسلام محمَّد (ص) يستحضر عيسى (ع) ويستشهد به، وعيسى (ع) يستحضر موسى (ع) والمزامير والأسفار القديمة من قبيل أشعياء وهؤلاء كلهم يتنبأون بالآتي، وبالمسيح، وهكذا. لكن هل تمسح هذه الموافقات بالمعارضات والتناقضات ؟
إن الاجابة عن هذا السؤال لاتبدو غدا أو منظورة على مدى قريب .بل يلزم الأمر وقتا وصبرا وأناة للنهوض بهذا العمل الجبار وهو اعتمادكتاب واحد.
تنقية الكتاب والدمج :
تحدث ذ.محمد أبو القاسم حاج حمد فى كتابه "منهجية القرءان المعرفية" عن عمليات تاريخية تزعمها كل من إبراهيم وموسى ومحمد (ع). والعملية هي القراءة، والقراءة في شقين شق الوحي، وشق الكون. والعملية هذه،على التوالي كانت جَمْعاً وتأْليفاً ودمْجاً. وانطلاقا من عملية الدمج هذه، نطرح السؤال هل يمكن دمج الكتب المقدسة كتابا واحدا بعد التنقيح، أو بعد التصديق ؟ بمعنى آخر، بعد التصديق هل يمكن أن ندخل عهد الهيمنة ؟
إنّنا سندخل هنا عالما جديدا، سنلج عالما يتجاوز معاداة السامية كما مارسها النصارى ضد اليهود، والحقد الديني بين البروتستانت كما أشعله لوثر ضد الكاثوليك، سنتجاوز مجازر الكاثوليك ضد البروتستانت التي أودت بآلاف الأنفس سُدى، بآلاف من طائفة الكاثار (بفرنسا) عالم نتجاوز من خلاله ضرب العهد الذهبي للأندلس الحضارة والعلم من قبل الكاثوليك من خلال ما مارسه هؤلاء من "حروب الاسترداد". أو ما يعرف بـ "la Reconquista" (لا ريكونْكيسْتا).
أمام كل هذا السّيْل الدموي، والحقد والغل ماذا عن النصوص ؟ ما هو موقفها مما حدث ولا زال يحدث، وربما سيحدث إن لم نتدارك الأمر كل من جانبه ؟
العجيب حقا أن النصوص لم توافق على تصرف واحد من هذه التصرفات الرعناء، ولم تشهد النصوص لأي متدين من الديانات الثلاث إذ يعتدي على حق الآخر في الاعتقاد، لكن لم حدث كل ذلك؟ إن ما حدث كان بسبب الأطماع السياسية، والتوسع في الأرض بدعوى نشر الرسالة السمحاء لكن الذي كان يحصل هو الهيمنة والطمع في ما عند الآخر سواء أكان أرضا أم مقدرات مادية وبشرية وتسخيرها للغازي أو الفاتح. فما حدث حقا كان كارثة، أوصلت الجروح إلى درجة لا يمكن أن تندمل. وقام كل طرف بالبحث جاهدا عن كل ما يفرق ولا يجمع، وكل ما يؤهل للسيف وقطع رقاب الهراطقة، أو الزنادقة، من المخالفين للاعتقاد، وهنا نستحضر مثلا هو أن قسطنطين لما اعترف بالديانة النصرانية دينا رسميا للبلاد، فإنه في المقابل فرض أمرا آخر لا يقل خطورة كان من الأسباب غير المباشرة التي نهشت الإمبراطورية الرومانية وهو شعار: "دين واحد،دولة واحدة، إمبراطور واحد" إن الوحدة القسرية هى التي تدفع باسم الدين إلى اعتماد مقاربة واحدة ورؤية واحدة للدين وإقصاء المقاربات الأخرى والرؤى الأخرى، وبدلا من اعتماد التنوع والاستفادة منه لخلق دماء جديدة في الإمبراطورية، فإن هذه الوحدة خنقت المخالفين، وأجهضت التنوع، لكن لما كان هذا وذاك سنة كونية فى الخلق وفى الأنفس والآفاق فإن السنن الكونية هي التي هشَّمت ساعد الامبراطورية الجبار وفتَّتتْه.
وما يُقال عن الرومان، يقال عن ممالك اليهود بعد داود وسليمان، يقال عن الفتوحات والدول الاسلامية المتعاقبة من المغول بآسيا الى الموحدين بالاندلس وصولا الى العثمانيين فالإمبراطوريات الاستعمارية الغربية وما إلى ذلك.
التأويل:إشكالية الإشكاليات :
لن ندخل فى تفاصيل التعريف بالتأويل،فلهذا الغرض يرجى متابعة الموضوع مِن مصادره والبحث في مراجعه ؛ ولاغرابة إن قلنا إنه لنْ يسعَ موسى وعيسى ومحمدا (عليهم السلام جميعاً) غيرُ الصّدْمة الشّديدة مما فعله الأتباع باسمهم،فكل منهم ينحر أخاه فما بالك بالمخالف له بإسمهم أو باسم أحدهم.
فـ"إسرائيل" تقتل الفلسطينيين صباحا ومساء فى سبيل الله وإرضاءً له. فهو يحب المحرقة ورائحة القرابين، أصلاً تفعل ذلك لبناء الهيكل الثالث لعبادة الله الواحد هذا الرب الرحيم الذى يحب شعبه ويفضله على بقية الخلق. وها هم الأمريكيّون يقتلون هم أيضا أملا فى تحقيق موعود الرب والقضاء على إمبراطورية الشر ليستقبلواْ ابن الله العليّ "يسوع" الذى سيؤسس مملكة الرب التي تدوم ألف عام.
وعلى ذِكْرِ هذه العودة وحكم المملكة ألف سنة، نشير فقط إلى أنه لايُعْقَل أن يترك الرئيس الأمريكي الذى صرف ملايير الدولارات ليتسلم منصبه بالبيت الأبيض مكانه للمسيح حتى وإن عاد. فالمسيح سيكون أمام خيارين إما اتّباع مصالح الولايات المتحدة، ومن ثم، فهو ابن الله وإما عليه أن يكون مطارداً مثل الخارجين عن القانون في وقت من الأوقات بل ربما نودى عليه بالإرهابي.
ولذا فعودة المسيح فيها نظر.والأفضل أن يكون المسيح صلب في الماضي على أنْ يُرمى بالرصاص في الحاضر أو يكون ضحية سيارة مفخخة. إنه الهوس الديني، والتأويل المغرض لنصوص واضحة بينة فالكتاب المقدس آياته بينة، والقرءان على المحجة نفسها من الوضوح… ثم ماذا عسى المسيح إن عاد أن يفعل ؟ ماذا عساه أن يقول أكثر مما قاله ؟ هل سيكرر ذاته أم سيستنجد بمحمد وبموسى اللذين سيكون من حقهما أيضا العودة، أو انتداب المسيح ليقول لليهود ما أرادو وللمسلمين ماأرادوا هم أيضا؟ وهل سيوافق النصارى على ذلك ؟ أسئلة مقلقة بالنسبة لهؤلاء ممن ينتظرون هذه العودة مثل النصارى والمسلمين،وللذين ينتظرون المجىء مثل اليهود.
والحقيقة أنّها ليست أكثر من تأويلات للنصوص،وللقارىء أن يراجع نصوص العودة ونصوص المجىء ليقف على خرافات التأويل…وتهافت هذا الأمر. ونحن اخترنا مثال عودة المسيح لأنه مثال مرتبط بالأديان كلِّها اليهودية والنصرانية والإسلام.
وبعدُ، فقد ساهم الجهل، من جهة أخرى، في تحريف التأويل عن مواضعه، وجَعَل من الخطاب الدينيّ خطاباً جافّاً لايعرف العواطف تجاه الأخر، ذلك المخالف، ولكنه سلاح فتاك حين يتعلق الأمر بالتعبئة، وخاصة في الأوقات التي يسيطر فيها الخوف من المستقبل والرهبة من المجهول، حين ذاك يصبح التأويل خادما وفِيّاً للفتك بالعقل والزَّحْف على كل ما كان لونه مغايرا لما يجهله هذا الزاحف. وحبل التاريخ بأمثلة شتى علمنا من خلالها أن التأويل المصاحب للأديولوجيا سواء كانت لخدمة حزب أو طائفة أو مِلَّة أو نِحْلَة هو تأويل عطوب مميت.
إنّ جهْلَ غالبية المسلمين بالكتاب المقدس له انعكاسات خطيرة أصيب بها العامة من الأمة، بل وحتى المتخصصين لاتكاد تجد من يقرأالكتاب المقدس إلا لتبرير خلفياته التي أخذها أو التقطها خلاصات جاهزة من القرءان الكريم لعله يبرر موقفه من الآخر اليهودي أو النصراني. هذا الجهل، إذن، كانت له آثار سيّئة على التأويل ليس هذا مقام ذكرها.
ومن ثَمَّ، ندعو من له اهتمام بهذا الموضوع لو يدلي بدلوه فيه، هذا التأثير ساهم في رسم معالم شخصية اليهودي والنصراني فى مخيال الإنسان المسلم ربما كانت على خِلاف ما أراده القرءان نفسه حين رسم هذا "البروفايل"profile للإنسان عموما وخص خصائص تميز بها النصراني واليهودي.
ربما لو علم المسلم ما في الكتاب المقدس وقرأه بدون خلفية لتم له فهم معانيَ كثيرة ورَدَتْ في القرءان الكريم ولَفَهِمَ أمورا عديدة نوَّرت له طريقه وبصيرته ولكانت تغيرت أشياء وأحداث أيضا. إنَّ الجهل بكتاب الآخر ليست سِمَةً يتميز بها المسلمُ فقط،بل هي سمة تُميِّزُ اليهوديَّ إذ جهل العهدالجديد، و تُميِّزُ النصرانيَّ الذى جهل القرءان ولم يقرأه إلا أمانيّ.
لكن الجهل بكتاب الآخرين وبأنبيائهم ليس هو الإشكال الوحيد بل إننا نقف على الجهل بالكتاب نفسه من داخل الدائرة نفسها، فكثير من اليهود لم يفقهواْ التوراة، وكثير من النَّصارى لم يفقهوا عهدهم الجديد، أمّا المسلمون فقد خدمتهم الأميّة والاستبداد فأعْمَت بصيرتَهم وقسَّت قلوبَهم، فصارواْ هنا أمام جهل مركب إن لم يكن مكعبا.
عقبات في طريق الكتب المقدسة :
إنّاسنطرح سؤالا افتراضيا هو: هل القرءان الذي بين أيدينا هو الذي كان متداولا أيام تنـزُّلِه ؟ وليس قصدنا هنا إثارة الشّك وتشْويش إيمان الناس ، وخاصة من الذين رضوا بما أعطوا واطمأنوا بقليل الإيمان وممن ورثوا الكتاب ولم يفهموا ما فيه، فحملوه، فكان مثلهم كمثل الحمار يحمل أسفارا. بل قصدنا هنا هو أن نقول إلى أيّ مدى تجب جرأة التفكير، وحرية البحث، إذ كما يتهم المسلمون غيرهم بعدم توفرهم على النسخة الأصلية من الكتاب الذي يدّعون صحته، وجب على المسلمين أن ينتبهوا إلى خطورة هذا الاتهام وإلى ما فيه من قلة احترام للآخرين ؛ أن ينتبهوا إلى أن السؤال قد يُطرَح عليهم هم أيضا: أين هي النسخة الأصلية للقرءان الذى تنـزَّل أيام محمد (ص) ؟ وعليه، فالمسألة الحقيقية لا تدور على محور الأصالة فى نظرنا. إذْ، في اعتقادنا، ليس مهما، وليس خطيرا ألا نتوفر على القرءان الأصلي. المهم في نظرنا هو تكامل القضايا وحضورها، وهذا هو الأهم. إذ حتى وإن حرف القرءان كما حرف الكتاب المقدس، فبقاء الآيات والقضايا التي يطرحها يجعل منه كتاباً له دور يجعله مهيْمناً بعد أنْ نجح في عمليّة التصديق . والقرءان نفسه يصرح: «ما قد قيل لك إلا قد قيل للرسل من قبلك». وما قد "قيل لك" هذه لاتعني - في اعتقادنا المتواضع - غير القضايا.ومن هذه القضايا نذْكر ولا نحصر :
التوحيد : وحدة الألوهية والربوبية .
ومنها ما ذكرته السور :
النساء 170 - محمد 19 - المومنون، 91 - 71 يونس 32،الشورى، 11الحج 65 – 6، البقرة 163، غافر 62، الحشر 22، طه 98، فاطر 3، الأنبياء 22الحجر 85 النحل 90هود 84.
وحدة الإنسان وغايته وغاية وجوده ومسؤولية ضميره :
النساء-1-75الحجرات13-البقرة-30-31-265-الحجر28-31 الزمر9-الملك 10-2الإسراء70-غافر 64 الكهف 7 الممتحنة 8-9.
العدل والإصلاح :
القصص77-البقرة281-190 غافر 17-يونس 44-النحل 90-النساء 135-58-أل عمران 104-المائدة-2الشورى 40.
عدم الفساد والظلم والإسراف :
محمد22-الأعراف 85-74 ص-27-28- 55-هود-84-86-112-الرعد 25-الشعراء 151-يونس 83-غافر-43-الزخرف65-الشورى-42-مريم-72 الزمر-24 –ط-111.
الصدق والأمانة والإحسان :
الأحزاب-25-24-المائدة 119-أل عمران 134-الحديد-7-18- التوبة34- الذاريات19-الشورى38-البقرة264-276-الماعون1-3 العصر3البلد17-النساء38 - الأنعام151-152 الحجرات 9-12 النحل125.
العلم والمعرفة والإعمار :
العلق1-4 الملك15 البقرة 222العنكبوت20 الجاثية13 القصص 73…
وفى المقابل، يمكننا أن نجد ما يقابل هذه المقاطع من هذه السورالّتي ذكرناها مقاطع مِن الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد،وفى كل أسفاره. وننتدب القارئ ليكتشف بنفسه هذا الأمر. لكن على الرغم من هذه الحِكَم، والرُّكام الكبير من النصوص، وعلى الرغم من هذا الغنى والثراء المقدسين إلا أننا نطرح السؤال المشروع كيف لا تفعل هذه النصوص فعلها فى واقع المؤمنين بها ؟ ألذلك علاقة بالنصوص نفسها؟ هل الله نفسه هو المسؤول عن ذلك إذ يبعث بنصوص يعرف سلفا خفوتها وضعف قوتها ؟
إنّ الأمر ليصيب بدوار فعلا كما أقر به من قبل "كلود فيل". هناك أمرٌ ما يعرقل وصول هذه النصوص إلى مداها. قد لا يعيينا البحث لنجهل أمر الإنسان. فالتأويلات هي من يشُلّ حركة هذه النصوص. ونقصد بالتأويلات هنا ما قد يتعارض مع جوهر هذه النصوص نفسها بل ويناقضها من جهة، ومن جهة أخرى إذا أضيفت نصوص أخرى سواء كانت تلمودا أو رسائل للرسل أو أحاديث وادّعيت لها القداسة كما للنص الأصلي إن وصلنا هو أيضا بدون عثرات وما حال اليهود والنصارى منّا ببعيد.
فالذي يحول دون وصول رسالة الكتاب المقدس ومن بعد القرءان هي تلك الأقوال المزيدة والمرويات المسيحية والمسورة (من السّور) لرسالته ولأقواله وتعاليمه. إذن، لابد لنا من تحرير الكتب المقدسة. ربما مارس لوثر هذا النوع من الممارسات وإن كان بداية خجولة في ما يمكن فعله، إلا أنها على أية حال خطوة مهمة لجعل الكتاب المقدس في متناول الناس، وحتى يطلع عليه الرأي العام دون وسائط أو وسطاء يفرضون أنفسهم بكل سماجة تحت مسميات عديدة يدعون فهم الكتاب وكأن الكتاب يحوى طلاسم غير واضحة المعالم إلا لهؤلاء.
لم يعد ينفع حفظ الكتب المقدسة عن ظهر قلب وليّ الألسنة بها، بل لقد حان أوان إطلاع الناس على الكتاب حتى يقرأوه بعيدا عن أية تأثيرات سلبية.
الترجمة والتأويل : مصيدة النص الديني بالخطاب الديني:
مما يلاحظ في هذا الصدد أن لغة الكتب المقدسة كانت دائما محط عجب واستهجان من قبل معارضي الدعوة، سواء كانت هذه الدعوة دعوة موسى أو عيسى أو محمد (عليهم السلام جميعاً) أو غيرهم من الأنبياء.
فاللغة كانت محط إعجاز بالنسبة للمخالفين، ولذا كان الجدل والمناظرة حاضريْن على طول مسار الدعوة الزمني، كانت هذه النقاشات حاسمة لأنها كانت تحدد مصير الحزب الغالب. إذن كما بدأنا بالكلمة التي يسيطر بها أصحاب المصالح، تتعالى اللغة إذن ليكون من لا يملك هذه الملكة البلاغية تابعا، في هذه الأثناء تتدخل الكتب المقدسة بلغة قوية رصينة ولكن يفهمها الناس وكافة العالم وحتى من لم يتوفر له حظ علمي لكسر هذا الاحتكار وقلب موازين الوسطاء.
ومن ثم، لم يكن رجال الدين ينظرون بعين الرضا لهذه اللغة المضمنة في الكتاب. فكانوا يتحركون لتبقى لهم زعامة البلاغة فيؤولون النص ويضيفون إليه شروحات خاصة تدخل النص الديني في خانة الطلسم فيحتاج إليهم، ويصبح النص رهينة بين أيديهم، فتتولد أفهام جديدة. فبسلطة التأويل يكون هذا الخطاب طيِّعاً فيوجهونه حسب أهوائهم أو حسب مصالح سياسية مثل الحملات الصليبية، وكذلك حروب الردة التي شنها أبو بكر ضد أهل الجزيرة ممن رفضوا دفع ضريبة الزكاة، مع أنهم لم يرتدوا عن الإسلام نفسه. فالخلاف كان سياسيا، وإلا لما كان عمر يعارض شن هذه الحرب، وإن وجد نفسه متورطا فيها غداة توليه الحكم بعد وفاة سلفه.
أمر آخر لا ينظر إليه رجال الدين بعين الرضا هو ترجمة النص الديني. فنشير، هنا، إلى أن الذي حفظ للكتاب المقدس وجوده - من زاوية القضايا وليس حفظ المتن كما نزل - هو الترجمة. فالقرون الأخيرة قبل الميلاد تميزت بتراجع اللغة العبرية، فصارت أجيال بأكملها لا تعرف عن هذه اللغة شيئا، فما جاء المسيح حتى كانت اليونانية والآرامية هما اللغتان السائدتان في تلك الفترة. إذن لو لم يتدارك الأمر بالترجمة لما بقي شيء من العهد القديم.
فاللغة، لغة الكتاب المقدس، باتت غريبة عن القطاع العريض من الأمة، وهو حال العربية حاليا، وكما كانت لا يعرفها إلا نزر قليل من الناس. هذه الغرابة التي ميزت النصوص الدينية من كتاب مقدس وقرءان عززت مكانة الوسطاء وزادت من جاذبيتهم. ولذا وربما لهذا السبب لم يكونوا ينظرون نظرة الرضا عن الترجمة.
فالكتاب المقدس مثلا، كان إلى حدود زمن "مارتن لوثر" في أوروبا الغربية بصفة أخصّ باللاتينية أو اليونانية. لكن "لوثر" قام بترجمته إلى اللغة الألمانية لتعميم الفائدة، فالفكرة الحاكمة هنا هي أن خطاب الله إلى المسيح خطاب عالمي، وجب إبلاغه وليس تحنيطه وتأطيره بموانع من قبيل اللغة التي لا يفهمها أحد مثل اللاتينية التي كانت العامة والغالبية من الشعب لا تفقه منها شيئا. فقام "لوثر" بضمّ العهد القديم إلى الجديد، ليصير الكتاب المقدس كتابا واحدا. بل وبالألمانية لغة دارجة آنذاك حتى يفهمها الناس كافة، ويكون لهم منفذ إلى المعاني التي تضمنها الكتاب المقدس.
إن الترجمة حققت مع انتشار المطبعة آنذاك نتائج ربما لم يكن يحسب "لوثر" نتائجها، وانتشر الكتاب والعلم في أوروبا وحدثت الحركية اللازمة وتوسعت حركة التنوير بأوروبا وانتشرت المعلومة بعد قرون من الجمود والظلامية والجهل.
بل إن الترجمة أنقذت العهد القديم من الاندثار والزوال، لكن ماذا عن القرآن هو الآخر ؟ كيف سيصل إلى النّاس إن لم يُترجم ؟
هذه قضية ما تزال تشغل الكثيرين، فإشكالية ترجمة القرآن مازالت بين الرفض والقبول، وكل طرف مسلح بترسانة من المبررات بما يخدم موقفه. لكن هنا يتدخل التأويل والفهم المصاحب للمترجم، ولذا فاختيار البدائل خاضع لهذه المقاييس، ونمثل هنا باللغة الفرنسية التي لحد الآن لم تستقر على ترجمة لمعاني القرآن يرتاح إليه المرء مثل ما هي الحال مع اللغة الإنجليزية في شخص ترجمة عبد الله يوسف علي القوية على الرغم ممّا عليه من تحفظات. تبقى إذن ترجمة القرآن إلى الفرنسية تشغل المسلمين وغيرهم بفرنسا على الخصوص، وإلا فالترجمات عديدة إلى هذه اللغة، ولكنها لم تَرْقَ لحد الآن لقوة ترجمة عبد الله يوسف علي إلى الانجليزية.
ونخلص إلى أن النص الديني يبقى في شراك الترجمة من جهة وفخ التأويل الذي يبقى مفتوحا، ومتعددا، وبترجمة النص يموت النص الأصلي ليولد نص آخر من لغة جديدة. ولذا فالنص الديني يلزم الطرف المترجم باحترام حياته، فنرى تعدد هذه الترجمات والتأويلات وتعديد البدائل، فالترجمة المتعلقة بالنص الديني ستبقى حية، وحيوية ما بقي النص الديني يجتذب إليه السياح من داخل المؤمنين به أو من خارجهم...
خاتمة :
لم يكن موضوعنا هذا غير إثارة لإشكاليات تحتاج كل منها إلى تفصيل وتدقيق من قبل المتخصصين والمهتمين والباحثين. ولهذا فلقضيّة القراءة الشاملة لكافة الكتب المقدسة بدون استثناء وتأويلها، وجمعها وتنقيحها ومقارنتها أكثر من ضرورة بكل تجرد وإخلاص نظرا لأن خطر الحرب الدينية الضروس يطل علينا في عالم اليوم بعد أن زاد المتطرفون الزيت على النّار مما فسح المجال لنظرية الصدام الحضاري الذي يزمر لها "هانتنغتون" (Huntington) ويطبّل لها منذ نهاية الحرب الباردة وانهيار الستار الفولاذي للشيوعية.
هذا، ولا يجب إعطاء فرصة لهذه الحرب لكي تقوم، بل إن مفتاح السلام ومطفأة نارها هي القراءة الواعية المستوعبة لكافة الكتب المقدسة بدون استثناء وبدلا من تبادل الاتهام بالتحريف والكفر والضلال، وجب العمل سويا من أجل دين تتآلف حوله كافة القلوب، وكتاب يجمع المبادئ كافة ويكون مظلة للعالمين ورحمة لهم، أما من يملك الحقيقة ومن هو في ضلال فالله هو الكفيل الوحيد بالحكم عليه، لكنْ يوم الدين.
انتهى بحمد الله تعالى...
مصادر ومراجع
*انجيل متى.
* القرءان الكريم
* Claude Weill, "Un Dieu, deux livres, trois religions”. In Le Nouvel Observateur, 25 décembre 2003- 7 janvier 2004, pp.68-69.
ملاحظات :
المداخل المنْهجيّة التي تحوِّلُ الفكرة إلى قناعات لتوصيلها..
توضيح بعض النقاط والتفصيل فيها لتنقيح المقال..(حروب الرِّدّة + مقذمة تفصيليّة لتيببين المآلات التي يريد البحث الوصول إليها..)
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الناخبون العرب واليهود.. هل يغيرون نتيجة الانتخابات الآميركي
.. الرياض تستضيف اجتماعا لدعم حل الدولتين وتعلن عن قمة عربية إس
.. إقامة حفل تخريج لجنود الاحتلال عند حائط البراق بمحيط المسجد
.. 119-Al-Aanaam
.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تكبح قدرات الاحتلال