الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا بين جنة أوربا و نار عبدالله اوجلان و حقوق الكورد

هشام عقراوي

2005 / 5 / 14
القضية الكردية


قرار المحكمة الاوربية لحقوق الانسان بشأن أعادة محاكمة عبدالله اوجلان زعيم حزب العمال الكوردستاني المحكوم علية بالاعدام في تركيا و المسجون في سجن أنفرادي بجزيرة (أمرالي) لا تمر فوقها سوى طيور النورس، قد لا يكون قانونيا فقط و قد يكون أعتبار هذا القرار جزءا من عملية الدفاع عن حقوق شخص حوكم بصورة غير عادلة هي الاخرى سذاجة في فهم هذا العصر و سياسة الدول الاوربية و لا أقول الشعوب الاوربية.
فكما لم يكن تحويل حكم الاعدام الذي صدر بحق أوجلان الى السجن المؤبد، منبعثا من ايمان السلطات التركية بعدم أنسانية حكم الاعدام، بل أتى من الضغط الذي مارستة الدول الاوربية على تركيا و طمعا منها بالدخول و الانضمام الى الاتحاد الاوربي، بنفس الطريقة فأن استعداد تركيا لاعادة محاكمة أوجلان سوف لن تكون حسب القانون. بل ان تركيا و حسب قول بعض المراقبين ستحاول أحداث تغيير في قوانينها كي نصبح منسجمة مع المعايير الاوربية.
في هذا التناقض الذي تحاول فيها أوربا حل قضية سياسية بشكل أنساني، و تحاول فيها تركيا الدخول في الاتحاد الاوربي عن طريق أبقاء اوجلان حيا و من ثم نقله الى سجن في داخل تركيا بدلا من الجزيرة النائية، في هذا التناقض يبقى الصراع الكوردي التركي في حالة مد و جزر و حالة قتال و لا حرب و لا سلم . و تبقى تركيا تأمل في و تحلم بالدخول في جنتها الموعودة. محاولة الاستفادة الى ابعد الحدود من الورقة الكوردية.
الواضح في السياسة التركية أنها تتصرف من مبدأ التحايل على الاتحاد الاوربي و أقناعها بالموافقة على قبول تركيا عضوة كاملة، من دون أن تجري تغييرات جذرية في الواقع الاجتماعي و القانوني في تركيا. بكلمات أخرى فأن تركيا تحاول أجراء اصلاحات كارتونية من أجل أقناع أوربا و الحصول على موافقتها.
عدم أنطلاق تركيا من موقع الايمان بالتغييرات تعرضها الى التذبذب السياسي. الذي ينعكس على تصرفاتها الدبلوماسية و على علاقاتها بالعالم . فنراها تارة تقترب من الدول الاسلامية و العربية في حركة مكشوفة للضغط على الاتحاد الاوربي من أجل تخفيض سقف مطالبها الاصلاحية.. و تارة أخرى تقترب من امريكا و اسرائيل لنفس الغرض .. و بعد كل جولة مكوكية في الموقف السياسي تعود مرة أخرى الى أحضان اوربا.
الطفولية في السياسة التركية و تذبذبها تصطدم بعقلانية أوربا التي تتصرف كالانسان البالغ والهادئ الذي لا يبالي بالحركات الطفولية و تعرف أن الطفل مهما أبتعد فأنة سيعود في العصر أو في الليل الى أحضان بيتة و الا عاش تائها في الاقبية المظلمة.
تركيا لا تدرك ان الاوربيون أستطاعوا الانتظار حوالي 30 سنة كي يبنوا أتحادا رزينا و ثابتا و متوازنا و بأمكانهم الانتظار 30 سنة أخرى لحين دخول تركيا الى الاتحاد الاوربي. تركيا لا تدرك أن ثقة أوربا بتركيا مهزوزة اصلا. فتركيا ستكون الدولة الاسلامية الوحيدة بينهم. و هي التي تمتلك أقتصادا مهزوزا و كثافتة سكانية و قوة عاملة هائلة تجعل من الاحزاب الاشتركية الديمقراطية التي تحكم أوربا تفكر الف مرة قبل ان توافق على دخولها الى الاتحاد.
دفاع اوربا عن الكورد و اشتراطهم تحسين ظروف الكورد الثقافية و الاجتماعية و الادارية لا يأتي من رغية أوربا في الاعتراف بحقوق الكورد . و اذا كانت تركيا دولة مأهلة من كل النواحي للدخول في الاتحاد الاوربي لقبلوها دون تردد و دون الاكتراث بالكورد و أعادة محاكمة عبدالله اوجلان.
السبب الرئيسي لمحاولة تركيا حل القضية الكوردية في تركيا تعود الى الدلائل السياسية لاعتراف تركيا بحقوق الكورد. ففي اللحظة التي تعترف فيها تركيا بحقوق الكورد تصل أوربا الى قتاعة مفادها أن تركيا تستطيع التعامل مع القوميات الاخرى في الدول الاوربية. فمن غير الممكن أن تستطيع دولة التعامل بشكل حضاري مع الدول الاخرى في الوقت الذي لا تسطيع حل مشاكلها و الاعتراف يحقوق شعب يعيش مع الاتراك في دولة واحدة.
هذا لا يعني بأن تركيا لا تدرك نوايا الاتحاد الاوربي، و لكن الشئ الذي لا تدركة تركيا هو كيفية اطمئنان اوربا لدخول تركيا في الاتحاد و أن الكورد هم صمام الامان لهذة الثقة.
تركيا تدرك ايضا أن عدم تطبيقها لقرار محكمة حقوق الانسان الاوربية بصدد اعادة محاكمة أوجلان تدخل هي الاخرى في صميم العلاقة بين الطرفين و أنها اي تركيا ستتأخر عن اللحاق بهذا الاتحاد لو حاولت او أصرت على عدم تنفيذ قرار المحكمة الاوربية و لهذا السبب راينا أردوغان يصرح مباشرة بعد صدور قرار أعادة المحاكمة، أن تركيا ستحترم قرار المحكمة الاوربية و لكنها في نفس الوقت قالت بأنها ستغير قوانينها بحث تسد الثغرات التي تطرقت اليها المحكمة الاوربية. و هذا يعني حسب السياسة التركية أصدار قرارات تجعلها تستطيع الالتفاف قانونيا على قرارات المحكمة الاوربية قدر الامكان.
الملم لسياسة الدول الاوربية التي تختلف جذريا عن السياسة الامريكية، يدرك أن توقيت دخول تركيا في الاتحاد الاوربي مرتبط مباشرة بأطمئنان أوربا لتركيا ذلك الاطمئنان المرتط مباشرة بالقضية الكردية... توقيت دخول تركيا في الاتحاد الاوربي مرتبط ايضا ببقاء الاتحاد الاوربي بشكلة الحالي . فدخول 10 دول أخرى مرشحة في الاتحاد تجعلة يفقد مركزيتة و بالتالي قد يقلل الاتحاد الاوربي من شروطة الانضمام الية. بكلمات أخرى قد يتحول الاتحاد الاوربي الى كونفدرالية ضعيفة. الاحتمال الاخر هو عدم استطاعة تركيا التخلص من التعصب القومي و دولة القومية الواحدة الامر الذي سيؤخر التحاقها بالاتحاد الاوربي ... في ظرف كهذا فان سياسة التأرجح هي الاكثر أحمالا لتركيا....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار


.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم




.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #