الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحلام طفل

هادي بن رمضان

2013 / 8 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في سن الخامسة عشرة كنت مشاركا في أحداث الشغب ضد بوليس بن علي .. كنت حينها لا أكاد أعرف من الإسلام سوى أركانه الخمسة وبعض أسماء الصحابة .. شاركنا مع الذين يكبروننا سنا في كل الإحتجاجات والمواجهات لأننا حلمنا بمستقبل أفضل , لأنه قبل 17 ديسمبر كنا نرى مستقبلنا في حاضرهم البائس .. اذكر اخر مسيرة شاركت فيها قبل أن تغلق المدارس والمعاهد خوفا من التلاميذ .. لم تبلغ حينها موجة الإحتجاجات ذروتها .. كان المشاركون في أحداث الشغب لايتجاوز سنهم الثمانية عشرة عاما مدفوعين بالطيش والبغض والحقد على افراد الشرطة .. وصلت وقاحة النظام أنه أرسل جلاوزته إلى المعهد للقبض على المحرضين ... المحرضين الذين كنت واحدا منهم أكبرنا لم يبلغ سن السابعة عشرة .. سأحدثك عن احلام طفل صغير ظهرت فجئة وسط تلك الفوضى : كنت أحلم برحيل الدكتاتور دون حاجة لإراقة المزيد من الدماء .. ولأني كنت من أبناء حي شعبي حيث يقبض فيه على المصلين كل يوم بدعوى الإنتماء لتنظيمات إرهابية فقد حلمت بدولة إسلامية .. حلمت بدولة يكون دستورها كتاب الله وسنة رسوله .. حلمت بدولة لا يظلم ويشقى فيها أحد لفقر او ضعف .. دولة تعيد أمجاد الخلفاء الراشدين وأمجاد إمبراطورياتنا الأموية والعباسية والعثمانية ... حلمت أن تسقط الشعوب الإسلامية كل الأنظمة المستبدة .. أن تلغى كل الحدود .. أن نبني معا دولتنا الواحدة الكبرى .. أجل . هكذا كانت أحلامي ... كانت أحلامي تصغر كلما مر الزمن وكلما قرأت المزيد من الكتب الدينية والتاريخية.. كلما علمت أن المسلمين لا يستطيعون أن يكونوا بشرا تحركهم إنسانيتهم ومشاعرهم واحاسيسهم ..إنهم الات تحركها المذاهب والقبور .. كنت أحسب أن شعبي يقاسمني نفس أحلامي .. لكني إكتشفت الإخوان المسلمين, القوميين, الشيوعيين, الليبراليين, السلفيين .. إكتشفت المذاهب التي تدعي كلها أنها الفرقة الناجية ..قررت حينها أن أعيد قراءة تاريخي .. أعيد قرائته بعيدا عن الرواية الكهنوتية .. لقد صدمت ,ذهلت ,خجلت .. صرت أشارك المفكر "عبد الله القصيمي" خوفه من عودة الدولة العربية الإسلامية الواحدة الكبرى .. صرت خائفا من مجيىء قيصر الدولة الإسلامية الكبرى بكهنته وأتباعه المخلصين .. صرت أخشى عودة معاوية , عودة الحجاج و هارون الرشيد ... صار قلبي يمتلأ رعبا كلما قرأت عن خطط و إحتمالات عودة الدولة الإسلامية الواحدة الكبرى بقيصرها الواحد .. أصبحت أصاب بالذهول كلما سمعت أحدا يترضى عن معاوية يدافع عن يزيد يمجد الحجاج يعظم هارون الرشيد يثني على العباسيين على العثمانيين... لقد أصبحت مصابا بالحزن المزمن .. أصبحت مصابا بالخجل والذهول .. قرأت عن أسطورة إبن سبأ فخجلت .. قرأت عنه حتى أصبحت غير مؤمن بوجوده إحتراما لعقلي و لعقول الصحابة .. قرأت عن مصحف معاوية وخادمه عمرو فذهلت ! .. لقد حزنت على أبي ذر وعلي على الحسين وزيد بن علي .. حزنت على أبي حنيفة وموسى الكاظم والحلاج وحتى القرامطة وبعض الخوارج .. حزنت على كل الثوار المهزومين والثورات الفاشلة .. اليوم تغيرت أحلامي .. اليوم أحلم بعالم لاسلطوي "إشتراكي تحرري" لامكان فيه للدول والإمبراطوريات والسادة والطغاة والكهنة .. أحلم بكوكب لا حدود بين أبناءه كل سكانه إشتراكية ضمائرهم .. أحلم بعالم بلا تمييز للون أو دين او قومية .. عالم لايهم إن تعددت الهة سكانه .. المهم أن يكون إنسانه واحدا . لا أن يكون إنسانه مقسما إلى فرق متحاربة .. إلى أديان ومذاهب وايديولوجيات تحول أبشع واقبح الجرائم إلى انتصارات .. تحول اكبر الطغاة والقتلة إلى أبطال ... وللحلم بقية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة