الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الوطنية إلى العصبية

مصطفى العباسي

2013 / 8 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ما هو الفرق بين الوطنية و العصبية، سؤال قد يبدو متجاوزا أو أنه ينطوي على تشبه غير لائق، لكن بالنسبة لي فالوطنية هي عصبية العصر الحالي، فكما كان الإنسان متعصباً في عصر مضى، لنفسه، ثم قبيلته، نرى أن ما نسميه الآن وطنية ما هو إلا مرحلةٌ من مراحل هذا التطور، فقد أصبحت العصبية هذه المرة أعم وأشمل. ثم أن هذا التطور قد يُظهِر لنا أيضاً قرب الوقت الذي ستنمحي فيه الوطنية لتعوض بمفهوم أكثر شمولا يضع الإنسانية تحت سقف واحد دون تعصب لفئة على حساب أخرى. غير أن هذا لا يمكن أن يتحقق على المستوى الفكري والإجتماعي إلا بعد أن يتحقق سياسيا و اقتصاديا.


الوطنية، ككل أشكال التعصب الأخرى، ناتجة عن الطبيعة الإجتماعية للإنسان التي تدفعه للإحتماء ببني جنسه،هذه الطبيعة التي تطورت تنظيميا إلى أن أصبحت كما هي الآن، و هي، و إن كان الوضع الحالي يفرضها علينا في ظل عدم إمكانية تطبيق نظام أفضل في الوقت الراهن، إلا أنه لا يجب أن لا نغفل بداية ظهور وعي لدى فئات عديدة من المثقفين بضرورة تجاوزها، وعي يتعزز مع مرور الوقت رغم المعيقات الكثيرة والتي نذكر الدين كواحد من أهمها.


أما ضرورة الوطنية في الوقت الحالي فناتجة عن حاجة البشر إلى شيء يجمعهم، إلى قيمة يتمسكون بها تجعلهم يعملون للمصلحة العامة عوض المصلحة الخاصة، وهي مفيدة من هذه الناحية، إلا أن طبيعتها العاطفية تجعلها تتجاوز الجانب التنظيمي لتتحول إلى عصبية قد ينتج عنها مآسي و حروب، و الأمثلة على ذلك عديدة خصوصا في عالمنا العربي حيث تتخذ الوطنية طابعا مقدسا تصبح به دين من لا دين له، بل إنها قد تتجاوز العصبية الدينية في بعض الأحيان.


و بتالي فإن التوعية يجب أن تتجه نحو حصر الوطنية في الجانب التنظيمي، حيث تصبح مجرد مصطلح يطلق على اندماج شخص ما في مجتمع ما، مع ما يفرضه عليه هذا الإندماج من واجبات و يضمن له من حقوق. بهذا نكون قد خطونا خطوة لا بأس بها في الطريق نحو محو جميع أشكال العصبية.


لكن مع ذلك لا يجب أن نغفل تأثير الوضع السياسي والإقتصادي الحالي، إذ أن التقسيم و التشتيت يعزز العصبية بشتى انواعها، كما أن المنافسة، التي تتحول إلى صراعات و حروب، تقويها و تجعلها متطرفة في بعض الأحيان، و بتالي فالجانبان متكاملان، أي أن توعية المجتمع تساهم في تقريب الشعوب وتدفع نحو التوحد والتكامل،كما أن تجاوز الخلافات السياسية و الإندماج إقتصاديا بين الدول يساهم في تعزيز الفكر المناهض للعصبية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل