الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القيمة العلمية للسياسة الجنائية: ملاحظات حول الإجراءات المعاصرة لمعالجة المجرمين

الصديق درعي

2013 / 8 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


نعرف جيدا ان الوظيفة الرئيسية المرتبطة بالعقوبة الجنائية من طرف القوانين الجنائية المعاصرة الاكثر تقدمية تتركز في إعادة التكيف الاجتماعي للمتهم أوبالأحرى إعادة التنشئة. من هنا يطرح الإشكال حول ما الذي نتوخاه من هنا؟ وما هي أصول هذه الوظيفة الجديدة للعقوبة؟ وماهي المبادئ الأساسية لمعالجة الجانحين؟ وما هي النتائج المحصل عليها؟
أ‌- في مفهوم إعادة التنشئة الاجتماعية: رغم ان كتب القانون الجنائي تستعمل المصطلح لكننا لا نجد عموما أي تعريف لهذا الاخير(استعمال مفهوم التأهيل والإنخراط)، ففي كتاب مختصر علم العقاب لحسن الحظ يعطي لنا M.Bouloc شذرة تعريفية "صحح (أصلح) يعني في اللغة المتداولة فعل الإستصلاح قصد التحسن أكثر من فعل عاقب peunir /amender أي إعادة الترويض بالعقاب. إننا نسعى إذا أن نصلح المتهم قصد تجنب وقوعه في الخطأ مجددا بالتأكيد لا يمكن ان يكون الامر تهذيبا أخلاقيا، لأن القانون الجنائي يسعى إلى تحسين اجتماعي يؤدي بالجانح السالف إلى الإمتثال للقواعد الأساسية الواجبة داخل المجتمع".
وإذا أردنا الغوص اكثر من المقاربة السالفة، نطرح مجددا السؤال مالذي نقصده بالفعل من إعادة التنشئة الاجتماعية او إعادة التكيف الاجتماعي؟
في هذين المصطلحين، هناك عنصرين:
ــ كلمة التكيف والتنشئة الإجتماعية.
ــ كلمة تسبقها إعادة والتي تعني العودة إلى الوراء او تكرار فعل ما.
من هنا وظيفة العقوبة قيد المسائلة، وتتضمن ثلاث افتراضات:
1) أن احترام القانون هو نتيجة التنشئة الاجتماعية للفرد، وتكيفه مع الحياة الاجتماعية.
2) أن الخرق المرتكب هو نتيجة اجتماعية او تكيف غير كافي او غائب.
3) أن هذا الغياب يمكن أن يملأ بواسطة فعل إعادة التكيف او التنشئة.
هنا في الواقع توجد العديد م الفرضيات التي تختبئ وتتطلب الاختبار.
ب‌- أصل الوظيفة المعاصرة للعقوبة: بدأت مع نهاية القرن 19 وبلغت ذروتها بعد ذلك خصوصا بعد الحرب العالمية الثاني، ويمكن تفسير اصلها او نموها من ثلاثة انواع من العوامل: الإيديولوجية، سياسية وتقنية.
1- العامل الإيديولوجي: يتركز في تنامي النزعة الإنسانية التي ولدت في عصر الأنوار مع إعلان حقوق الانسان، بعدها تطورت هذه النزعة خصوصا في القرن 20 وبالضبط منذ سنوات 1945 حتى 1950 التي اعطت تباعا ما اسميناه بالجيل الثاني والثالث لحقوق الانسان على مستوى السياسة الجنائية، دخلت النزعة الإنسانية في حركة الدفاع الاجتماعي الجديدة التي عرفت نفسها على انها حركة للسياسة الجنائية الانسانية، ففي تصورها فالعقوبة لا يجب تسخيرها للعقاب، لكن لإعادة التنشئة الاجتماعية.
2- العامل السياسي: يتركز في ظهور دولة العناية فيما بين الحربين، بمعنى أن دور دولة يكمن في توفير السعادة لمواطنيها، وذلك برعاية وجودهم، وفي السعي إلى مساعدة أولئك غير القادرين على تأمين السعادة لأنفسهم.
3- على مستوى السياسة الجنائية، سعت دولة الرعاية إلى جعل العقوبة تؤدي إلى جعل الجانحين سعداء بالنسبة للمستقبل، بمعنى إعادة تكييفهم.
4- العامل التقني: يتركز في ظهور ونمو علم الإجرام، خصوصا علم الإجرام الإكلينيكي فيما بين الحربين بالولايات المتحدة الامريكية مع المحللين النفسيين healy وbrommer لقد أخذ علم الإجرام من نموذج الطب هدفه (إشفاء المرض)، ومن ثم نموذجه المنهجي في التحليل والفعل (الملاحظة والتشخيص والتوقع والعلاج) ووضع في المقدمة فكرة علاج الجانح قصد الوقاية من حالة العود، من هنا تحدثنا عن النموذج الطبي.
ت‌- مبادئ أساسية لإجراء وظيفة إعادة التنشئة: حسب التحليل الذي قام به موريس كوسون فإن اجراء إعادة التنشئة تخضع لمبادئ خمسة:
1) ضرورة تفريد العقوبة الجنائي
2) الغاية العلاجية للعلاج
3) السلطة السرية لخلايا العلاج
4) تداخل مصلحة الجانح مع مصلحة حماية المجتمع
5) النزعة الإمبيريقية في اكتشاف العلاجات الفعالة
ث‌- نتائج المعالجة التنشئوية: ساد اعتقاد تام في نجاح هذا العلاج الاجتماعي الجديد رغم بعض الفشل احيانا. أيضا لم يعطي للعقوبة دور البحث عن التقييم بشكل نسقي نجاعة إجراءات العلاج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف