الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين (و) الاستعمار

وديع العبيدي

2013 / 8 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


"قد يختلف البشر على أفكارهم، وقد يقتتلون؛ ولكنهم لا يستطيعون أن يختلفوا في طريقة التفكير!"- جورج طرابيشي
تنطوي فكرة الدين على غواية عجيبة في الذهن الجمعي، وذلك بسبب مرجعية الغيب في الظاهرة الدينية.
السؤال المستحيل..
ان تفسير ظاهرة الدين في الثقافة المعاصرة، هو ضحية اسقاط عصري على الممارسات البدائية والقديمة (cult) لأفراد أو جماعات اعتزلت المجتمع وطرز الحياة العامة، منصرفة إلى عالم الروح ورموزه ولغته.
فالدين المتعارف تاريخيا، هو نظام اجتماعي سياسي، يعتمد آليات وتقنيات ورموزا دنيوية، ويسعى لتحقيق أهداف سياسية من خلال تدجين البشر وتحويلهم إلى آلات (روبوتات) مسيّرة ، مسخّرة في طاعة القائد [الاجتماعي/ السياسي/ الديني] الذي له سلطة مطلقة في تشريع أوامر [الحياة والموت، اللعنة والبركة، الحق والباطل]. ويكفي أن الناس الغوغاء، في الحركات القومية والدينية، يعلنون استعدادهم للموت من أجل القائد أو الفكرة!.
ان سرّ قوة النظام الديني، هو عينه، سرّ ضعفها، ألا وهو علاقتها بالله، والاصدار منه والنيابة عنه في تمثيل السلطة على الأرض. ومن أخطاء الفكر الديني، اسقاط صورة الملك/ الامبراطور على الله. والذي يدخل في باب التصنيم/ التوثين الذهني أو المادي للإله.
وبكلمة جازمة، أنّ كلّ ما يقال عن الله وما ينسب إليه يدخل في باب [الدجل].
والسبب واحد وأكيد: أن الله لم يره أحد، ولم يعرفه أحد، ولا يمكن ان يصل إليه (أحد)!.
وفي هذا حسم لبطلان كلّ المزاعم الدينية وصلتها [بالمطلق] الذي لا تدركه الأبصار (العقول والحواس).
لذلك يناور الفكر الديني باستعارة لفظة (الحق) بدلا من (الله)، وفي ذلك لقاء الديني والسياسي أيضا. فالديني (يعبد) الحق، والثاني (يموت) من أجل الحق!.
ولما كانت كل الأديان ترتبط بمكاسب دنيوية [مباشرة/ غير مباشرة]، فالفكر الديني هو تسخير (عالم الغيب) لتضليل الناس من أجل المكاسب. وبعد.. فقد استعار الفكر الديني من النظام البشري أحطّ فنونه، إذ يتقنع خلف شعارات العدل والتسامح والمساواة، ويعمل على العكس منها تماما. وللبشرية اليوم، ما يكفي من تاريخ ديني موثق، لإدانة الأديان وتفنيدها. وهذه هي مهمة الشعوب الغارقة في الدين والتخلف قبل سواها، باعتبارها الأكثر تضررا.
*
ديماغوجيا..
مفاهيم التكافؤ والمساواة والعدل، لا وجود لها على الأرض، لا بين الأفراد، ولا بين المجتمعات، ولا بين الدول.
ما زال، - رغم كلّ دعاوى التقدم والحضارة والقيم الإنسانية-، عالمنا يحكمه العنف، وحياتنا يتحكم بها رأس المال الاحتكاري. الأخلاق والحقوق والحقيقة والصواب والباطل، هو ما يقرّره القوي المستبدّ. ولا حياد أو موضوعية في العالم.
الكتب الدينية تهاجم امبراطوريات بابل وآشور والفراعنة، وتنسب إليها الشرور، وتصفها بالزانية، ويتهددها الوعيد السماوي الماحق.. أما الامبراطوريات الاستعمارية الغربية العابرة للبحار والقارات، فلا يجرؤ أحد على توجيه أصبع الاتهام إليها. رغم أن السياسة هي السياسة، ومبدأ القوة والاذلال هو هو، والحقّ يرتبط بالقوة العسكرية والسياسية!..
هذه الكتب الدينية الموسومة بقداسة مجانية، هي نفسها كتب سياسية، تشترك في الصراع والتصويت الاعلامي لصالح هذا وضدّ ذاك. وفي النتيجة، فأن شعوب المنطقة هي ضحية الأثنين، الأمبراطوريات العسكرية، والكتب الدينية السياسية (وليس المقدّسة).
*
الدين والسيطرة..
الديانات وكتبها لم تظهر في البلدان الامبراطورية السائدة، [بابل، آشور، مصر، الأغريق، الرومان]، وانما في الجماعات الضعيفة المهمّشة، على الهامش الجغرافي والسياسي للأمبراطوريات.
وعند المطابقة الزمنية لكلّ ديانة مع الامبراطوريات السائدة نجد ما يلي..
1- الديانة اليهودية – الامبراطوريات الكلدوأشورية.
2- الديانة المسيحية- امبراطورية الاغريق- الاسكندر المقدوني وخلفاؤه-.
3- الديانة الاسلامية- الامبراطوريات الفارسية والرومانية.
وكلّ ديانة نشأت لتضادد تلك الامبراطورية، وتحرّض ضدّها سياسيا واجتماعيا وثقافيا؛ مستعيضة عن القوة العسكرية بقوة الغيب، ومنظومة [الحق والباطل والخطيئة] لإدانة عدوّها- النظام السياسي السائد. وتحفل الكتب الدينية الدنيوية بمقاطع كثيرة تتغنى بسقوط بابل وأشور وصور وصيدا وممالك الفراعنة والفلسطيين. وجاء الاستخدام التوراتي لمفهوم (الزنا) في دلالة تعددية، بمعنى اتباع آلهة غريبة وعدم توقير الاله الديني لتلك الديانة [يهوه، يسوع، ألله] والذي يناظر فكرة التكفير عند المسلمين [الحاكمية الإلهية عند سيد قطب].
لقد واجهت كلّ من تلك الديانات الاستعمار الامبراطوري، بحالة أقوى.. هي الاستعمار الديني والثقافي العابر للأزمان؛ والمستمرة سمومه حتى اليوم بعد آلاف السنين. وما زال العالم القيمي المتمدن اليوم، -رغم التقدم المادي والعقلي- يصون قداسة تلك الأديان ونصوصها العرقية التحريضية ضدّ المدنية والاستقرار والسلام العالمي.
لماذا لا يحسم العالم المتمدن [أفرادا، مؤسسات] مفهوم الدين، وهل هو نظام أخلاقي، أم نظام عبادات خالصة، أم هو برامج سياسية، تتجاوز الزمان والمكان؟.. سوف تبقى البشرية تعاني وتتراجع، حتى تخلع عن كاهلها (نير) الفكر الديني، وأوهام العقيدة. فالله لا يؤلف أحزابا وكتباً!.
*
الدين سياسي أساسا..
ما زال الدين حتى اليوم، ممثلا بأجنحته المتطرفة (الدين السياسي) يسعى لتقويض المدنية والاستقرار والسلام، مصدرا عن نظرية العرق (الشعب) السامى المختار [نظرية الاصطفاء الديني]. ويمكن استقراء ذلك في ممارسات وأفكار الأحزاب الدينية والجماعات اليهودية المتطرفة، وما يقابلها في الجانب الاسلامي. فاليمين الديني المتطرف في اسرائيل هو الحاكم في العقد الأخير، وتنعكس سياسته العدوانية في رفع معدلات التوتر في فلسطين وبلدان المنطقة عموما. وبشكل دعم ظهور اليمين الديني الاسلامي سواء داخل فلسطين أو المنطقة ممثلا في جماعات الاسلام السياسي والمليشيات المتطرفة المسلّحة.
السؤال هنا، يتركز حول طبيعة العلاقة بين الجانبين، اليهودي والاسلامي؟.. هل هما متضادان حقا، أم ظاهريا فقط، بينما يتم التنسيق بينهما عبر طرف ثالث!..
ظاهرة حماس المرتبطة باطلاق سراح أحمد ياسين من سجون اسرائيل، شكّلت طعنة مباشرة في خاصرة الدولة الفلسطينية واتفاقيات السلام بين السلطتين: الفلسطينية والاسرائيلية. وقد نجحت جماعة حماس بوسائل وادعاءات مختلفة، في تأجيل السلام الفلسطيني، وبالتالي، الحلّ السلمي للنزاع في فلسطين.
ظاهرة حماس الاخوانية في جنوب دولة اسرائيل، عنصر موازنة اقليمية مع ظاهرة حزب الله الايرانية في شمال دولة اسرائيل. وهكذا اجتمعت في زمن سياسي جغرافي واحد ثلاثة بؤر دينية متطرفة ومتناحرة [شيعية- يهودية- سلفية]. ولا ينبغي قبول ذلك في باب الصدفات!.
ومثلما تنتظر كلّ ظاهرة بلوغ ذروة معينة لكي ينجلي أمرها، تمثلت تلك الذروة في حكم (محمد مرسي) أو وصول الاخوان المسلمين للسلطة في مصر، وانجلاء ملامح الغزل الاخواني بين القاهرة وغزة [الانتقال من العمل السرّي إلى النشاط العلني].
فما هو مشروع (إمارة) سيناء المتفق عليه بين حماس ومرسي واسرائيل، وبمباركة ودعم كامل من الولايات المتحدة وتركيا وامبراطورية قطر؟!!.
*
نظام فوضوي..
للتكنيك – اسلوب العمل- دور كبير في عقلنة صور الأشياء، أو فوضوتها؛ في تبسيط فهمها أو تعقيدها، رغم أن الموضوع هو نفسه، وفي غاية البساطة.
اسلوب العمل جزء من الشخصية، حسب تأويل العلوم النفسية، فالشخص المعقد يضفي هالة من الغموض على تفاهاته، والشخص المتزن، يتعامل بهدوء وبساطة.
وكلتا الحالتين لا تلقيان القبول من ذهن المتلقي. ففي الأمور البسيطة الظاهرة، يبدأ المرء بالتشكيك، ولا يتوقع ان يكون الأمر (!) بتلك البساطة!. وفي حالة الأمور المعقدة، يتعب الذهن وتتشوش أفكاره، متحيرا من حجم الالغاز والغموض.
وبالنسبة للعرب، هناك عصيان شامل عن الفهم، ورفض لطريقة القناعات العارية، وميل فطري للتعقيد، حسب فلسفة المتنبي..
"وتعظمُ في عين الصغير صغارُها.. وتصغرُ في عين العظيم العظائمُ"
وما زلنا – نحن العراقيين- لا نختلف ولا نعرف سبب حروب صدام ضد ايران والكويت والولايات المتحدة!.. بل هناك ألغاز كثيرة، يتم الاستمتاع بالعجز عن حلّها!..
هل يمكن تصديق اتفاق حماس مع اسرائيل؟..
هل يمكن تصديق اتفاق الولايات المتحدة مع القاعدة؟..
هل يمكن تصديق علاقة حماس مع القاعدة؟..
هل يمكن تصديق تعاون الاخوان المسلمين المصرية مع القاعدة؟..
هل الولايات المتحدة تدعم القاعدة والمخطط الاخواني في مصر، أو تدعم الدمقراطية والشرعية؟!..
ما العلاقة بين الدمقراطية ونشر الارهاب؟..
ان الخلاف والاختلاف هو السائد بين الكتاب العرب – وفي الحوار المتمدن تحديدا- حول كم الظواهر المتشابكة مع الحالة المصرية الراهنة، الشعب، العسكر، الأخوان، المعارضة، القاعدة، الارهاب، العمال والعمل اليساري، حسابات الأيديولوجيا وحسابات الدمقراطية، مسايرة الاميركان، وشعارات الحربة والكرامة..
هكذا يتم تحويل الحقيقة إلى خرافة، وتحويل الخرافة إلى حق مبين.. ولات حين مندم..
وهل يمكن أن تتشابك المصالح الأميركية، مع الأهداف التورا- سلامية؟!!
وهل تعتمد الادارة الأميركية نظام الصدمة؟؟!!..
هل توجد صلة بين روزفلت وولسن؟!
(!!).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستحمار الدينى هو الحل
حكيم العارف ( 2013 / 8 / 21 - 06:26 )
استخدام الدين فى الاستعمار لايتم الا فى وجود خونه وجهلاء

الاستعمار هو احتلال للمواطنه وهو امر غير مستحب للانسان الوطنى ولذلك فى البلد التى تقع فى دائرة التدين هى الوسيله الوحيده لتقنين الاستعمار باستعمال الحقن الدينيه لتأييد فكرة الاستعمار ويكون الاستحمار الدينى هو الحل

اخر الافلام

.. رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود أولمرت: نتنياهو لا يري


.. 166-An-Nisa




.. موكب الطرق الصوفية يصل مسجد الحسين احتفالا برا?س السنة الهجر


.. 165-An-Nisa




.. مشاهد توثّق مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرفة في المسجد الحرام