الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا المدنية .. ؟؟

حسين الصالح

2013 / 8 / 22
المجتمع المدني


المدنية هي ليست ايدلوجية او دين لكي تعتنق او يؤمن بها , هي الية ادارة الحياة اي اشبه بماكنة يديرها كادر عمل, لذلك هي متغيرة وقابلة للتجديد والتحديث وفقا لتحديات اللحظة , وهذا مايفرقها عن الايدلوجية التي تكون ثابتة وغير متغيرة على الاغلب وتحتاج الى اتباع ومريدين لكي تستمر وتنمو وهذا بالتاكيد على حساب ايدلوجيات اخرى , فكل ايدلوجية لابد من وجود فكرة بالضد منها مما يجعلها في صراع دائم مع الاخر ..
اما المدنية فهي نقية من الافكار وغنية بالاليات التي من شأنها تنظم عمل الايدلوجيات المتصارعة المذكوره اعلاه وهذا التنظيم يهدف الى رسم صورة متناسقة للمجتمع من خلال نظام ادارة للدولة مبني على لبنة اساسية وهو (الفرد) , فالانسان هو الغاية وراء كل تشريع وكل قانون ..
العقبة الكبيرة امام تحقيق المدنية في مجتمعاتنا تتلخص في نظرتنا للانسان , لان المدنية تنظر للانسان بتجرد اي انها لاتنظر الى قوميته او دينه او لون بشرته وحتى جنسه ايضا , لذلك لايمكن لها ان تخرج لنا بقانون او الية عمل تتوافق مع نوع معين من البشر دون الاخر , وجانب التخصيص فيها ياتي في ايجادها للاليات التي من شأنها اتاحة الفرصة لكل نوع من البشر لممارسة حرياته الفردية وفقا لايدلوجيته من جهة والقيام بدوره الفعال في المجتمع وفقا لمبدأ خدمة الانسان من جهة اخرى وهنا نعود لعمومية المدنية وبعدها الانساني ..
والمدنية لاتتعارض مع الدين لانها تتفق معه في اهم نقطة وهي (الانسان هو القيمة العليا) , فالاديان جائت بخطاب فردي بحت بين الانسان وربه , فلايوجد اي الية واضحة لادارة الدولة ولا حتى خطاب موجه للقادة بل اغلب ماتنصه هو تعاليم فردية والتي بالتاكيد ستضمنها المدنية مادامت فردية.
ناتي للنقطة الاهم في الموضوع هو فهم فلسفة الرب ومقصده في اعتباره للانسان كقيمة عليا , فهذا المبدأ عام وليس خاص بالتالي فلايمكن لنا ان نجزم بان خير الانسان ممكن ان يختزل في فكرة معينة او متطلبات معينة , بل هو متغير مع تحديات البيئة وعاملا الزمان والمكان ..
مثالا على ذلك لو عدنا لقصة بداية الخلق عند الاديان نجد ان البشر انحدروا من نسلي ادم وحواء , وفي وقتهم قد اجاز الرب لاولادهم التكاثر اي ان الاخ اضطر للزواج من اخته حتى يستمر نسل الانسان بالنمو , ولو نقارن هذه الاجازة مع ماتنصه ادياننا المتاخرة زمنيا سنجد انها تتعارض كليا معها لا بل هذه الاجازة اليوم تعتبر خطيئة كبرى , لكن لماذا ارادها الرب في حينها ياترى ؟؟ السبب واضح هو لخدمة الانسان ليس الا ,وفي حينها وعي الانسان لايعتبر هذا الامر مقززا ولا خطيئة لان ذهنه غير محمل بافكار مسبقه عنه بل مادفعته هو غريزته ليس الا, اذن فان قيمة الانسان متغيرة من زمان الى اخر ..
عليه فان ماتقدمه المدنية اليوم من قوانين قد لاتكون بالضرورة متناغمة مع روح النص الديني بسبب قدمه , لكنها في نفس الوقت (يجب) ان تخدم الانسان وتقدم مصلحته كقيمة عليا قبل اي مسمى اخر , بالتالي التخوف من المدنية لايتعدى مجرد سراب يزول حالما نصل اليها.

كل مانحتاج اليه هو التخلي عن الحكم المطلق , فالانسان المثالي ليس له وجود اصلا , ومانعتبره نحن الافضل قد لايعتبره الاخر , واختلافنا عن الاخر لايعني انه اسوء منا , ومن يحاول ان يفرض عقيدة معينة على الشارع او على شخص اخر فعندها سيسرق دور الرب لان الرب وحده من يعرف خبايا النفس البشرية وماهو افضل واسوء للانسان , فحتى لو اعطت المدنية الحرية للمختلف في ممارسة تفاعلاته البشرية فهذا لن يضرنا الا في حال لو انه تجاوز على حيزنا الفردي وحرياتنا الشخصية ..









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار