الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سذاجة الخطاب الديني بين الخرافة والتعصب المذهبي (العراق إنموذجا)

علي عبد الرحيم صالح

2013 / 8 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تحول الخطاب العربي بعد الثورات الأخيرة في البلدان العربية من خطاب قومي يعتمد على فكرة الزعامة والقومية إلى خطاب ديني يقوم على توظيف الدين في السياسة ، إذ سيطر الاسلام السياسي على دفة الحكم وهذا ما شاهدناه في العراق ومصر واليمن وسوريا وحتى تونس ، فأصبح الاسلاميون هم من يديرون العديد أنظمة العديد من الدول في الوطن العربي .
ورغم ضخامة الفلسفة الاسلامية وتاريخها العميق في أدارة الدولة إلا أن أنظمة الحكم التي أدارة الشعوب العربية كانت دموية ومتسلطة ، فالسلطات العربية لم تكن بضخامة الفلسفة الاسلامية ولم تحمل مبادئها ، بل كانت أدارة السلطة الاسلامية ضحلة وتعتمد على فتاوى التسقيط والعنف وقتل الأخر ، وهذا ما ظهر في خطابها الديني وخاصة في العراق ، والذي لم يرتقي الى مستوى توعية الفكر والاصلاح وشحن الطاقات بل بالعكس نزل الى مستوى الخرافة ، وتقييد العقل وتفويضه بيد رجال الدين ، أو أدخال الدين بالسياسة والتي كانت نتيجتها تخريب الدين بالسياسة.
على سبيل المثال نجد أن الخطاب الديني الشيعي كما تعرضه القنوات الاعلامية الشيعية قد شوه بدرجة كبيرة على يد علمائه الآن ، وانحرف عن سير خطب علماء الشيعة الكبار مثل الوائلي ومحمد حسين فضل الله والحيدري ، فبالرغم من تسفسيف رموز أئمتهم (أي على يد رجال الدين الآن )التي مثلت شخصياتهم بمجموعة من التشابيه أو الالعاب الرخيصة (مثل شراء دمية صينية وتسميتها بالرضيع) ، نجد أن بعض رجال الدين الشيعة ذهبوا إلى التبرك (بصخام قدور الطعام) و(أقمشة الحسينيات) (أو أن المشي الى كربلاء يمسح جميع السيئات وهذا بالطبع يخالف مبدأ العدالة الإلهية) ، وبدلا من دعوة الناس الى تبني شخصية الامام الحسين بوصفه نموذجا مبدعا وخلاقا وناهضا أو الالتزام بمبادئه وأخلاقه الشريفة أنزل رجال الدين هذه الشخصية الى مستوى لا يليق بها أبدا ، فضلا عن ذلك بدأ الخطاب الديني الشيعي يتصف بالشك وتسقيط الطرف الأخر ، ودعوة أبناء المذهب الشيعي الى انتخاب حكومة شيعية تنقذهم مما هي فيه من ظلم ، ولكن الذي حدث أن الحكومة الشيعية نهبت أموال فقراء هذا المذهب وظلمتهم أكثر من ظلم النظام السابق ، وبذلك فأن هذا الخطاب الذي يدعو إليه أغلب رجال الدين الشيعة يعد مؤشرا خطيرا على تدهور الفكر وسذاجته في المؤسسة الدينية ، وعدم فهمه لحقيقة ما تحمله الفلسفة الاسلامية الشيعية من أفكار طالما أكد أئمتها العظام واستشهدوا من أجلها .
إن هذا الأمر نجده أيضا في الخطاب الديني السني ولكن الذي طغى على هذا الخطاب الآن هو توظيفه في السياسة بدرجة كبيرة ، فالذي يراجع الخطب الدينية في المساجد السنية نجدها تركز على السياسة ، وتوظيف الدين في تسقيط الاخر بل والدعاء عليه ، وتحشيد توجهات الناس وأراءهم ضد الحكومة بوصفها غير شرعية ، فضلا عن ذلك ذهب البعض الى دعم القاعدة والتوجه السلفي في العراق مما أدى الى أحداث سلسلة كبيرة من التفجيرات وقتل أبناءه .
من المؤسف أن نجد الانحطاط والصراع الذي يحدث في الخطاب الديني الآن وخاصة في العراق قد جاء بالتحريض من دول الجوار مثل ايران والسعودية وقطر ، فانتقل الصراع من ساحات دول الجوار الى العراق ، وبذلك كانت النتيجة مأساوية ومازلنا نعاني منها لحد الآن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصل جديد من التوتر بين تركيا وإسرائيل.. والعنوان حرب غزة | #


.. تونس.. مساع لمنع وباء زراعي من إتلاف أشجار التين الشوكي | #م




.. رويترز: لمسات أخيرة على اتفاق أمني سعودي أمريكي| #الظهيرة


.. أوضاع كارثية في رفح.. وخوف من اجتياح إسرائيلي مرتقب




.. واشنطن والرياض.. اتفاقية أمنية قد تُستثنى منها إسرائيل |#غرف