الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإمام العفيفي

أحمد عفيفى

2013 / 8 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني




أنا أربأ بالله عن السياسة؛ أنا أربأ بالله عن الجهاد والحرب والقتل، وربما تأتيني الشجاعة يوما ما، لأصبح مرجعية دينية، تجمد كل آيات الجهاد والقتال عند حدودها التاريخية، وتتسامي بالله عن السياسة، بل ربما أقتفي أثر الإمام الخميني بتدمير أصنام الشرع الشيعي، وتحويل الشرع المسلم إلي دستور حياة وليس دستور كراهية وقتل، وتجميد كل الآيات الفاسدة منتهية الصلاحية عند حدود زمنها البدوي البرجماتي، وتعديل تلك الآيات التي تأكل من عمر وعقل المسلم، وتجعله شخص كاره للحياة والآخر، ومحاولته البائسة للتخلص من حياته، للحاق بالحياة الأخرى السهلة الناعمة، وتحويله إلى شخص مؤمن مجتهد محب للحياة حريص عليها، يسعي لتطويرها وتحسينها والمشاركة بفعالية وإيجابية بها، يسعى للأخذ بالأسباب فعلا، وإعمال العقل فعلا، ودراسة وتدريس العلم والاستفادة منه فعلا، وليس مظهرا وقولا.

الصلاة؛ يجب أن تكون أخف من ذلك وأقل عددا، فلا عقل يرضي ولا وقت يسمح بخمس صلوات باليوم والليلة، وأكاد أرى شخصا بعينه يرد علي قائلا أرحنا بها يا رسول الله أو أننا لا نجد بها ضغطا ولا عبئا مثلك أيها الكسول المرتد، فأرد عليه بأنني أيضا كنت مسلم، أصلي بانتظام وحب، أعيش بمجتمع مسلم، وأرى بعيني أيضا، أن الغالب على زوار المسجد، هم المسنون الطيبون، الذين يزحفون ببطء نحو الموت، ويتجهون للمسجد كأنه الملاذ الأخير، ذلك الذي يشبه ضريح منير مملوء بالصحبة، لن أقول عنهم أنهم أصبحوا يملكون من الوقت الكثير، ولا يجدوا ألطف من الصلاة والتردد وربما البقاء بالمسجد في حضرة الله، حتى لا أقلل من إيمانهم ودأبهم، لكن الواقع أن اؤلئك المسنون لم يكونوا يترددون بشبابهم بتلك الكثرة وذلك الانتظام على المسجد، حيث أن ضرورات العمل والحياة تطالبهم بالتزام صارم تجاه الوقت والعمل والمسئوليات، وخمس صلوات متقطعة من شأنها أن تفصل أو تفتت تلك الصرامة وذلك الالتزام، تلك الكثرة وذلك التكرار، ينزع عن الصلاة قدسيتها وروحانيتها، ويحولها إلي طقس ممل وشعيرة مهجورة.

ناهيك عن الشباب المتردد على المسلم؛ الغالب عليه الفقر، والذي يئتنس ويطمئن بمعية الله، ذلك الأب الذي لا يكبر ولا يموت، والذي يملك أكبر عيادة نفسية مجانية مفتوحة على مدار الساعة على سطح الكوكب، فيذهب إليه دون انتظار وأتعاب، ليدعو ويبكي ويشكو، وربما سقط في سبات قصير عميق مطمئن بحضن الله، ربما لن يتغير شيء، ربما لن يستجيب الله لدعواته وشكواه، ربما لن يخرج من المسجد وبيده صك ثراء مضمون، أو وصفة سحرية لحل مشاكله، إلا أنه سوف يخرج أكثر راحة وأخف ألما، وربما تلك هي طاقة الله الكبرى، والهدف الأسمى من وجوده، أن يمدك بالأمل، أن يزرع الطمأنينة بنفسك، أن تجده بأي وقت عندما تحتاج إليه، أن تشكو وتثرثر وتفضفض دون أن ينهاك أو ينهرك أو يطالبك بالتوقف، أن ينصت إليك، بالوقت الذي لا يوجد أحد يرغب بالإنصات إليك، بالوقت الذي يستغرق الكل بمشاكله، ولا طاقة له على سماع شكوى الآخرين، فأنت ستجده حتما هناك، من أجلك، يبتسم ويواسي، ويربت على كتفك، وليس بالضرورة يفعل شيئا، يكفي أنه أنصت لشكواك، وربت على صدغك، وألقى عن كاهلك عبئك النفسي اليومي، ولكنه بالنهاية ليس بحاجة لخمس مرات باليوم ليفعل ذلك، والله نفسه أو المفترض بالله نفسه، أنه ليس بحاجة لتلك الأطنان من الصلوات من كل حدب وصوب، وهنا يخرج علي نفس الشخص السابق بعينه، ليوضح لي أننا من نحتاج لتلك الصلة وليس الله، فالله غني حميد، وليس بحاجة لأطنان صلواتنا، بل نحن من بحاجة للصلاة والصلة والتقرب إليه، أرد عليه أيضا، أن المفروض بالله أنه أجل من أن ينتظر تلك الصلوات، وأرفع من أن يعاقب عليها أو يجزي بها، الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل، العمل، وليس العادة.

الحج؛ عادة وثنية مضحكة وقاتلة ومكلفة، والله لا يذهب للجلوس بذلك المكعب الحجري الغبي ليتلقي المسلمون يوم الحج، الله بالقلب والعقل والسلوك، الله ببيتك وعملك وزوجتك وأطفالك، الله بحرصك على نظافة جسدك ونفسك وبلدك، الله نفسه لا يرضيه آلاف الجنيهات المهدرة من أجل اللحاق بطقوس قريش، والتدافع حتى الموت حول حجر غبي مجهول أسود، والسعي والطواف كامرأة مسكينة منذ آلاف السنين، ورمي الحصى على عامود، كل تلك الأمور يستحيل أن ترضى الله، أو يرضى عنها الله، أو يرضى عنها العقل والمنطق، ما يحتاجه البيت يحرم على المسجد، وهنا سوف يخرج علي للمرة الثالثة نفس الشخص المسلم المؤمن المزعج نفسه، ليخبرني أنه لمن أستطاع إليه سبيلا، فأرد عليه ولستُ بكاره له أو منزعج من حضوره المستمر، بأن الحج فريضة وركن من أركان الإسلام، يكاد لا يصح إسلام المرء دونه، والمسلم يرى أن من واجبه الديني لمقدس المرضي لله أن يؤديها، وعند تلك الفرضية والركنية، تنتفي حجة لمن أستطاع إليه سبيلا، وتتفتح السبل حتى لو بالاقتراض أو الادخار أو الحرمان، من أجل تجربة مريرة لا روحانية، وموت شبه محقق، وطقوس مجنونة، وسط شعيرة همجية رغما عنها تحت وطأة الظرف والمكان، بفعل التدافع والزحام والسعي والحرارة والعدد المهول والرغبة في الانتهاء والخلاص.

الإيمان طاقة تعبوية هائلة، لم ولن يمكن فضها أو نزعها أو تفريغها من عقل وقلب البلايين، وربما يمكن ترويضها وتهذيبها وتعديلها، لتتفق وواقع العصر وظروف الزمان والمكان، ومصلحة العباد والبلاد، ولعل من أقوال الرجل القليلة المأثورة، أنكم أدرى بشئون دنياكم، وهو ما يفتح الباب والأمل لمجتمع مسلم طبيعي وسليم، مجتمع حريص أفراده على العلم والتعلم والدراسة والعمل، مجتمع حريص إفراده على الحياة وتحسينها وتطويرها، مجتمع حريص إفراده على الحياة، الحياة بسلام، مع أنفسهم ومع الآخرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - difficulty
samy ( 2013 / 8 / 26 - 18:22 )
الاشكاليه في الدين الاسلامي تكمن في النبي محمد نفسه لانه الهم المسلمين بقدسيته انه لا ينطق عن الهوى – وانه اخر الانبياء والرسل – ومن يتبع غير الاسلام ديناً لن يقبل منه - وان التوراة والانجيل محرفه رغم اعترافه بالانبياء السابقين – ولازم تذكر جملة محمد صلى الله عليه وسلم – القران به ايات ضد اليهود والكراهيه لهم – وآيات الجهاد لنشر الاسلام – وقتل المرتد وتارك الصلاة – اركان الاسلام (الشهاده ان لا الاله الا الله وان محمد رسول الله – الصلاوات الخمسه يومياً - الصوم كل شهر رمضان – والحج – و الزكاه كل عام )- وطريقة الاذان الغير حضاريه –وآيات القران الغير متناسقه وغير المرتبه والمتناقضه لفظا ومعناً وتفصيلاً– انتشار المذاهب التكفيريه والحراب فيما بينها – كثرت الاحاديث النبويه واشكالاتها - موروث متراكم خلق اشكاليات لتشويه محوى الدين الاسلامي واصبح معضله امام التطور و الرقي الحضاري


2 - samy
أحمد عفيفى ( 2013 / 8 / 26 - 19:44 )
تطور التاريخ الشيعي، حتى ظهور الإمام الخميني، يجعل من الممكن، بحال ظهور رجل دين قوي مسلم، أن يطور التاريخ السني، بما يتفق والعصر، ومن خلال الدين رغما، فيبدو أن المسلمون لن يقبلوا بغيره، وعليه فهم بحاجة لإمام أو قائد ديني أو دنيوي أو مرجعية خارقة الذكاء والقوة، لتنقية كل ذلك الإرث من مضمونه الفج، وتحويله إلى إرث عقلي عصري روحاني.


3 - لي تعليقان حذفا. هل تخاف من التعليق؟
عبد الله اغونان ( 2013 / 8 / 27 - 00:38 )
المسؤول / المسؤولون يتحمل المسؤولية

ليس هذا حوارا


4 - المشكله ليست فى عدد الصلوات بل فى فرضيتها
حكيم العارف ( 2013 / 8 / 27 - 04:53 )
انا ارى ان القوه والضغط لعمل شئ ما خاصة اذا كان يتعلق بالايمان هو عمل شيطانى وليس الهى ...

فرض والصلاه والحج والصيام والجهاد و.. و ... هو قهر لحرية الفرد .. ويتعارض مع مواد الدستور الارضى فى حرية العباده .. فماذا عن الدستور الالهى ؟؟


5 - رجاء يا مولانا
هانى شاكر ( 2013 / 8 / 27 - 19:16 )

رجاء يا مولانا
________

أولا مبروك ألكرامة يا عم ألشيخ

سايق عليك ألمصطفى يا شيخ عفيفى ... شوفلك حل فى مكبرات ألصوت أللى فى ألجوامع ... ألناس ضجت منها ...

...


6 - حكيم
أحمد عفيفى ( 2013 / 8 / 27 - 22:54 )
انت لن يمكنك تقويض كل شىء
يمكنك ترويضه وتعديله
حتى يكتسب على الاقل صفة الروحانية
بعيدا عن التدخل الفج في كل امور الحياة
وخاصة في السياسة
بهدوء واخلاص وصبر


7 - هاني
أحمد عفيفى ( 2013 / 8 / 27 - 22:56 )
دي اول حاجة هعملها

اخر الافلام

.. شاهد: المسيحيون الأرثوذوكس يحتفلون بـ-سبت النور- في روسيا


.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4




.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا


.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة




.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه