الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رياضة التأمل !؟ ... ما المشكلة؟

ماجد جمال الدين

2013 / 8 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


استثارني الحوار ( الجدل أو الديالكتيك ) الجميل بين الأخ مالوم أبو رغيف والمعلم يعقوب ابراهامي في حضرة فضيلة المستشار جاسم الأزيرجاوي ، ( لمن يريد مثلي الإستماع بهذا الحوار الذي أضاف له الكثير تداخل الأخوة طلال الربيعي وحميد خنجي فهو على الرابط http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=374580 ) ، فوددت أن أكتب يعض الملحوظات القصيرة والجدية ..
ولكن عنفوان المرح تبثه عبارة (رياضة التأمل) بما فيها من تناقض وصراع ديالكتيكي بين معاني الكلمتين في وحدة من جملة مفيدة على المستوى الفلسفي ( والتأملي ) ... هذه سوغت لي أن أبدأ بأسلوب مرح لا يخلو من المعاكسة والمشاكسة كذلك .

ألمعلم يعقوب في حوار سابق يقول أن لا صراع له مع زوجته ، وهو بالطبع يكذب ، او كما قال فورد عن بريجينيف إثر تدخله في أفغانستان بصيغة أدبية و بصورة أكثر لياقة ديبلوماسية :: هو لا يقول الحقيقة ... في الوحدة العائلية دائما هنالك صراع بين مختلف الأطراف وخاصة بين العضوين المؤسسين الزوج والزوجة .. صراع جامح بشكل مباشر أو خفي ، جسدي ( وعنيف أحيانا ) وصراع فكري ونفسي .. صراع مع الآخر ( حتى كان يمثل خضوعا تاما ) ، ومع الذات ولإثبات الذات من جهة ولتعميق التواصل مع الآخر من الجهة الثانية . ... الحب المثالي الأفلاطوني هو أيضا صراع ، والتوحد مع الله على الشاكلة الصوفية أو البوذية ( النيرفانا ) هو صراع .. والرعشة الجنسية والإكستاز والأورغازم هو صراع .. نفي الصراع بين الزوج والزوجة يعني أنهما كائنان مغتربان غريبان عن بعضهما لا يمكن أن يمثلا وحدة إنسانية عائلية ، وبالطيع يعني أن ليس عندهما أطفال ، فهؤلاء مجال أكبر للصراعات .
عندما نقول كلمة الصراع بالطبع لا نقصد المصارعة الرومانية والكيكبوكسينج أو صراع الديكة ، ( ربما هذا متخوف منه وقصده المعلم يعقوب ! ) .
كل تفاعل ، أي فعل ورد فعل ، هو بحقيقته أو بالمعنى الفلسفي صراع بغض النظر عن أن تكون الأفعال وردودها واعية وغائية أو لا ، فغالبية الصراعات الاجتماعية ناهيك عن الصراعات في الطبيعة المادية هي صراع عشوائي بدون متحكمات إبتدائية .. وبغض النظر عن أن يكون هذا التفاعل ماديا بحتا ، او مثاليا كصراع الأفكار الذي يمثل إنعكاسا وإستلهاما للصراع على المستوى المادي ..
وأخيرا ، كما النيوترينو كذا بوزون هيغز ( الذي إستعان به المعلم يعقوب ) يدخلان في صراع ... وإلا لما إستطعنا إثبات وجودهما بالتجربة الفيزياوية وبقيتا مجرد خرافات رياضية وأوهام ميتافيزيقية .
الخلاصة مما سبق أنني أتفق مع الأخ مالوم من جهة مادية الديالكتيك ( وسأرجع لنقد الفكرة المادية الديالكتيكية المبتذلة أو الإستوائية التي تفسر الموضوع بشكل خطي سطحي وميكانيكي ، او الإيمانية على شاكلة السيد فؤاد النمري التي نتيجة الإنبهار بعمق مفاهيم الديالكتيك تحاول تصويرها كنصوص مقدسة تعبر عن حقائق مطلقة بينما الفكرة الديالكتيكية ذاتها تنفي الحقائق المطلقة والثبوتية والديترمينيزم . )
ومن الجهة الأخرى أتفق مع المعلم يعقوب في نقده اللاذع لقوانين الديالكتيك ، ولو أنه بإعتقادي ربما يفهم كلمة قانون بنفس المعنى الثبوتي الذي يفهمه النمري .
أين المشكلة وماهي جذورها ؟
بعض المشكلة في أنه بالفعل لا توجد قوانين مادية !!! .. فكوننا عشوائي بالأساس وهذه العشوائية هي التي تولد الأنظمة المتطورة والمتغيرة زمكانيا.
القوانين هي ما في مخيلتنا من أفكار ومفاهيم تمثل إنعكاسا للعالم المادي ( او صورة للحيز البسيط الذي يمكننا ملاحظته منه ) في ذهننا . هذا الدماغ والجملة العصبية التي نمتلكها مازال متخلفا ويتطور يوما بعد يوم ليستوعب بشكل أكبر وأحسن الكون المحيط بإنعكاس ونمذجة أكثر وضوحا ودقة ... إن ذهنيتنا أو وعينا البشري الجمعي ضمن إعتبارنا لأنفسنا أرقى الكائنات العاقلة ، ليست ثابتة بل هي تتغير دوما ، تتوسع مداركنا وتتطور عقلانيتنا . ومن ذلك يأتي أن مفاهيمنا الحسية ومفاهيمنا الفكرية الأساسية والتي نماثلها بالأساليب اللغوية خاصة كلها تتبدل يوما بعد يوم .. الكلمات تأخذ معنى ومحتوى جديدا قد يكون أوسع وأشمل أو مناقضا بشكل ما للمعاني السابقة السلفية المتعارف عليها قبلا ، ومنها المفردات أو المصطلحات التي نعتبرها مفاهيم فلسفية رئيسة وأساسية . ولا أضرب مثلا عبارة "رياضة التأمل " التي لا أعتقد أن كان سيهضمها في عصره كارل ماركس أو فريدريك أنجلز .
ولكن كل المفردات ألتي جاءت في القوانين الثلاثة : ( الكم ، النوع ، التحول ، النفي ، الوحدة ، الصراع ، ألضد أو الأضداد ) .. كل هذه يفهمها الإنسان المعاصر وأقصد المثقف المفكر والعالم المتفلسف ، بشكل أوسع مضمونا ومختلف أحيانا مما كان يفهمها فلاسفة القرن التاسع عشر . وهذا يعني أن القوانين نفسها لا يمكن إعتبارها نصا مقدسا وعلينا فقط إعادة تأويله وتفسيره .. هنالك بالتأكيد ضرورات لإعادة فهم جذرية لديالكتيك الطبيعة ( بالطبع لا أقصد الكتاب الموسوم هكذا ) . وأنا أعتقد أن كلمة الديالكتيك هنا تجاوزت مفهومها الأولي كمنهجية الحوار الفكري الذي يتوخى الوصول للحقيقة .. فالمنهجية نفسها كأي منهجية بحث علمي بالضرورة يتم تصحيحها وتوسيعها نتيجة لتعاملها مع التجربة المادية الفعلية والتي تثير الكثير من الإشكالات المفاجئة .. وبالتالي يمكن الحديث أيضا عن الديالكتيك المادي ...!


أين جذر المشكلة ؟
في موضوعتي عن الرياضيات والفلسفة ( والتي سأحاول أن أنهيها بعد أن أتحول تماما إلى مطيقاعد ويكون عندي الوقت الكافي ) حاولت أن أبين أن ألكثير من مشاكل الفلسفة نشأت لأنها أساسا إعتبرت نفسها أم العلوم المتغطرسة والتي تدرس " الكليات " وتلقي بفتات "الجزئيات " لباقي العلوم ( الصغيرة ).. هذه طبعا نتيجة موضوعية لطفولية العقلانية البشرية التي بدأت بأوهام الفكر الديني وتدرجت منه على الفكر المنطقي والفلسفي .. اليوم وبعد تطور النظريات المعرفية أصبحنا نعلم أن العلوم المادية والتجريبية منها على وجه الخصوص هي الأساس والتي تتشكل عليها النظرات الفلسفية ..التبعية المباشرة للفلسفة كعلم لباقي العلوم تترسخ كل يوم .. التبعية في إستخدام المصطلحات والمفاهيم الرئيسة ، أي أن ما نطلق عليه ألمبادئ والمفاهيم ألأساسية لكل فلسفة وحتى منهجها البحثي أضحت أكثر تعلقا بنتائج التجربة المادية مباشرة والفكر المادي ( وحتى أقول البراغماتي ) عموما .
وأيضا فإن المنطق الثنائي الكلاسيكي الذي يحكم آليات الإستدلال الفلسفي أصبح متأخرا عما تقدمه العلوم الحديثة وهذا أيضا مهم.
لذا من الضرورة أحيانا لأي فكر فلسفي لأن يبقى مؤثرا في الوعي الجمعي أن يعيد كتابة حدوده وتعريفاته المبدئية ومقولاته ( وقوانينه ) الرئيسة بشكل يستند إلى ويتناغم مع التطورات العلمية والثقافة العامة السائدة ، ويضمنها أمثلة بينة ملتصقة أكثر وأوسع بكل مجالات و تفرعات وإشكالات الواقع الحي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -