الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين القادم

غسان شجاع

2013 / 8 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اذا كان الوجود دورة زمن , جاز ان نتخيل في بدايته كل ما هو جديد وجميل , وجاز ان نتخيل السلام على انه دين البشرية الاول في بدء هذه الدورة , والسؤال اما آن لهذه الدورة ان تكتمل ؟..وخاصة بعد ان وصل العنف على سطح هذا الكوكب الى ذروته , وأخذ حظه في التعبير عن نفسه في الفكر والسياسة , في الدين والمعتقد , في الثقافة والايديولوجيا, في التربية والتعليم , في الاسرة والمجتمع , وأعلن فشله في استقرار الدول والمجتمعات ,بل برر نفسه من اجل هذه الغاية , كما فشل في تحقيق ابسط حقوق الانسان , ايضا بعد ان برر نفسه بذريعة الدفاع عن هذه الحقوق . وحيث ان الانسان محكوم بالاتجاه نحو طبيعته الاصلية , ويحن الى فطرته الاولى , التي ابتعد عنها كثيرا , فهو مدعو اليوم لاعادة صياغة ذاته , واعادة النظر في ثقافته وفكره من جديد , لينسجم مع دين البشرية القادم بالامل ( دين الحب والسلام ) دين تكون حجة الناس فيه حجة روحية وليست مادية , دين لايحتاج الاتصال مع الله الى طقوس , او عبادات , او ادعية , او تعاويذ , او لغات مفضلة على لغات , او اي ( مانترا) يرددها العابدون , او حركات فيزيائية تتناول الجسد اكثر مما تتناول الروح , دين يتقرب فيه الانسان من ربه تقرب العارف وليس الجاهل , المتبصر وليس الاعمى , القوي وليس العاجز , دين يستشعر فيه الانسان محبة الله من فيض نوره في قلبه , وليس دينا يبعده عنه الاف السنين الضوئية (تقديسا واجلالا ) دين لاعبودية فيه لأن العبودية ذل وخنوع بينما الله يريدنا ان نحيا كما خلقنا احرارا , ونتصل معه ونحن كذلك احرارا , وأعزاء , نحبه اكثر مما نخافه , فالخوف مرحلة تجاوزها وعي الانسان , وكما يخاف الطفل ثم يتجاوز خوفه مع ازدياد وعيه , كذلك هي مرحلة المجتمعات الطفولية . حيث بدا الانسان بعبادة كل القوى الحية التي كان يجهلها في الطبيعة قبل عبادته لله , وبعد ان تعرف عليها , سخرها لمنفعته , وكذلك في مرحلة العبادة , من الطبيعي ان تبدأ بالخوف والرهبة , وبالاوامر والنواهي , والترغيب والترهيب , ( وهي نفس المراحل التي يمر بها الطفل).....لكن استحقاقات الوعي الانساني تفرض عدم الوقوف عند هذه المرحلة (والا تحولنا الى مجتمعات معاقة) وبتجاوزها فقط يدخل الناس في علاقة حقيقية مع الله , علاقة روحية , ومعرفية , علاقة حميمية فيها من الحب اكثر مما فيها من الرهبة والخوف ( الى ان يتلاشيا)وفيها من المعرفة اكثر مما فيها من الجهل , الى ان ينتهي , علاقة مع الخالق , المبدع , الذي يريد للارواح ان تكون مبدعة وخلاقة ايضا , وليس قطيعا سهل الانقياد باتجاهات قد لايكون الله دائما على علاقة بها , علاقة فيها تواصل حقيقي ووجداني مع الله اكثر مما فيها خوف من ناره , او طمع في جنته , علاقة تبدأ بتنظيف الروح من تلوثاتها , وتقوي مداخل الطاقة الروحية , وتهيؤها لاستقبال فيض الحب الالهي من خلال الرياضة الروحية والتأمل بمختلف اشكاله , وعبر بذل الجهد المعرفي , والروحي , الذي يمكن من امتصاص نقاط المعرفة وتحليلها .
حتى التأمل الذي يتطلب تخصيص اوقات مناسبة لتحقيق غاياته في العصر الانتقالي بين العبادة والمعرفة , يكون مرحلة من مراحل الارتقاء الروحي ,وليس اعلاها , حيث يأتي الارتقاء الاخير للانسان ليصبح التواصل مع الله حالة ديمومة في المأكل والمشرب واثناء الليل والنهار . هناك قصة في التراث الهندي عن شخصية تدعى ( بارات ) انصرف في حياته لعبادة الاله ( ناراين ) واكثرفي ذكره ومناداته , وفي زيارته لأحد القصور تقصد ان يمتحنه الملك , فأعطاه كوبا ممتلئا تماما من الزيت, وطلب منه ان يطوف بالقصر ويرى كل معالمه دون ان يهدر نقطة واحدة من الزيت (حيث كان بارات معتدا بنفسه كثيرا) وفي اخر النهار عاد بارات الى الملك مزهوا بنجاحه ,فالكوب كما هو لم يسقط منه نقطة زيت واحدة , وكان الملك متوقعا ذلك , لكنه سأله على الفور ,سؤالا لم يتوقعه , كم مرة ذكرت ( ناراين ) وانت تحمل كوب الزيت ؟ فرد بخجل ولا مرة . والهدف من القصة ان عظمة الانسان الحقيقي ان يقوم بكل اعماله وهو بحالة اتصال مع الله , دون ان تسحبه دراما الحياة الى مستنقع تعلقاتها . ترى هل هذا الدين تصور جاء به خيال عاشق ؟ , ام رؤية حالم ؟ , ام انه حقيقة ستأتي يوما ؟ ام هو تعبير رمزي عن حاجة الروح العطشى للحب والسلام الذي افتقدته منذ قرون ؟ عندما يستشعر الناس الحب والسلام في قلوبهم وفي وعيهم , ليس فقط في علاقتهم مع الله وانما فيما بينهم , ليس مهما بعد ذلك ان يسمى الحب والسلام دينا , اويترك بدون تسمية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في


.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج




.. 101-Al-Baqarah


.. 93- Al-Baqarah




.. 94- Al-Baqarah