الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فجاجة منتقدي القران الكريم اليوم وعبقرية المستشرقين بالأمس

خلدون طارق ياسين

2013 / 8 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وانا اطالع الانترنت وموقع الحوار المتمدن لفت انتباهي مقالا بعنوان الاخطاء العلمية في القران للكاتب محمد حسن الجديد , وكان من المفترض ان هذا العنوان لا يثير انتباهي لان هذا الموقع موقع حر وينشر فيه الادباء والكتاب كتاباتهم رغم اختلاف مدارسهم ومشاربهم ولكن ما الذي أثار انتباهي فلا أعرف ؟ فعمدت أقرأ هذا المقال وأقرأ الاخطاء التي نسبها الكاتب للقرآن الكريم خاصة ان معظم هذه الاخطاء المدعاة كنت قد رددت عليها في مقالاتي السابقة لكونها وردت من كتاب غيره ولكن استوقفني في مقالات هذا الكاتب امرين اثنين اولهما كان في مقاله السابق الذكر والاخر في مقال اخر له بعنون (القران هو خرافات اليهود) وادركت من خلالهما اننا نشهد اليوم تشظي للثقافة وانحدارا في العقلية العربية الى البهيمية والدعاوي الفاسدة الجوفاء التي انتشرت بفعل ثقافة الكوبي بيست التي افرزت مثقين جدد وهنا استذكرت المستشرقين وشبهاتهم التي أثاروها ضد الإسلام والقرآن الكريم وكم كانت تلك الشبهات تستحق الرد ؟؟!! لانها كانت حجج لاناس متفكرين غير انهم غير مؤمنين وبالتالي دائما ما يثيرون الشكوك حول الامور التي لا يؤمنون بها , مثلا وجدنا المستشرقين يخالفون المسلمين في توقيت نزول سورة مريم فالرأي السائد والمستقى من الاحاديث النبوية الشريفة تؤكد ان تلك السورة نزلت ما قبل السنة الخامسة للبعثة اي قبل هجرة الرسول الى الحبشة بحوالي 6 أشهر وهذه السورة من السور الطوال القلائل التي نزلت جملة واحدة , غير ان المستشرقين كانوا يرفضون ذلك ويصرون على ان تاريخ نزولها هي في اواخر العهد المكي وقد غفل معظم المسلمين عن دفاع المستشرقين عن رأيهم هذا ولم يفهموا مغزاه الا بعد ان بين الميرزا بشير الدين احمد في كتابه التفسير الكبير هذا المقصد من رأي المستشرقين والذي تمثل بان سورة مريم كانت مخصصة للرد على عقيدة النصارى وادعاءاتهم بالوهية المسيح عليه السلام وجاءت هذه السورة لتنقض تلك العقيدة من الاساس وتعلم المسلمين الحجج في الرد على دعاوي النصارى وقد كان نزول السورة في هذا الوقت اي قبل السنة الخامسة للهجرة معجزة عظيمة لان المسلمين بعدها بستة اشهر تقريبا هاجروا الى الحبشىة هذه الدولة النصرانية وملكها النجاشي النصراني وبالتالي كان من الطبيعي ان يحدث نقاش بين المسلمين المهاجرين وبين ابناء تلك الدولة المسيحيين لذا فان القران الكريم سلح المسلمين بسلاح الحجة قبل هجرتهم وليس هذا فحسب فلربما قائل ان محمدا كان يخطط من اول بعثته ان يدفع باناس من اصحابه الى الهجرة للحبشة وبالتالي الف هذه السورة ولكن لو كان القران من فعل عقل محمد (التآمري : بحسب وجهة نظر هؤلاء) لكان الاولى ان يؤلف محمد سورة تمدح النصارى ولا تتعرض الى عقائدهم لكي يستميلهم اليه ويجعل القادمين الجدد الى ارض الحبشة محل ترحاب من قبل اهلها , ولكن لان القران ليس من صنع البشر وان الاسلام دين الله القويم فقد كان الامر بالعكس وسلح الله المسلمين بسلاح الحجة ضد النصارى ودعاويهم وهو الامر الذي استفادوا منه في المناظرة المشهورة التي جرت في حضرة النجاشي رضي الله عنه بين جعفر بن ابي طالب وعمرو بن العاص , ان المستشرقين كانوا يتمتعون بحس نقدي عال ودهاء في التصرف ليوجدوا ما زعموا انه هنات في القران الكريم ورغم ذلك فقد هيأ الله لهم من يرد دعاويهم وبطلانهم حتى قال جوستاف أحد المستشرقين بعد أن رأى نور الحق بازغا على يد المدافعين عنه:
" حسب هذا الكتاب جلالة ومجداً أن الأربعة عشر قرناً التي مرت عليه لم تستطع أن تجفف ولو بعض الشيء من أسلوبه الذي لا يزال غضاً ـ كأن عهده وعهد رسالته بالوجود أمس ـ".
الا ان ما نراه اليوم من ملاحدة هذا الزمان واللادينيين الذين يكتبون ويهاجمون القران لا يمت باية صلة الى ميزات المستشرقين وعلميتهم بل بالعكس كما قلنا يؤشر اندحارا في الثقافة العربية وانبطاحا امام ثقافة الكوبي بيست التي جعلت منهم ينقلون ترهات غيرهم بدون علم او تثبت ولأن الرد عليهم يقتضي بعض الاحيان النزول الى مستواهم الفكري فلا بد من الحذر مستذكرين قول الامام علي كرم الله وجهه الذي قال جادلت عالما فأفحمته وجادلني جاهل فأفحمني ورغم هذا كله فلا بد من الوقوف على ما جاء بالمقالتين موضوع البحث على امرين مهمين تبين مدى (الضحالة الفكرية) لهؤلاء مع جل احترامنا لكل انسان كاتب باحث عن الحقيقة كما هي لا كما يريد فيورد الكاتب في مقالته الآتي (ان حرية الحوار على الانترنت ستؤدي الى انهيار الاسلام قبل نهاية هذا القرن وان مصر ستكون اول الدول التي ستتخلى عن النظام الاسلامي والازهر سيغلق ابوبه خلال النصف الاول من هذا القرن) وهنا اود ان أسأل صاحب المقال سؤالا مهما وهل الاديان حتى الوثنية منها يستطيع ان يقارعها العلم ويدحضها ويجعلها تندثر ؟ ولنأخذ الهند مثالا وهذا البلد فهي تنوع ديني وعرقي هو الاكبر من نوعه والهند هي احدى دول العالم الثالث وهي دولة صناعية وحقق اقتصادها طفرات نوعية وشهدت الصناعة فيها تطورا كبيرا حتى غزت منتجاتها اسواق الدول المتقدمة وهذه الطفرة الاقتصادية كانت نتيجة طفرات علمية في الهند التي يعبد معظم ابنائها الشجر والحجر بل وبعض الناس فيهم يعبد اجزاءا من الانسان لا اريد ان اذكرها في هذا المقال , ويورد أحد أصدقائي ممن درس في الهند بأن عميد المعهد الحاصل على شهادة الدكتوراه كان يقف امام شجرة كل صباح ويؤدي لها صلاته بكل خشوع !!! فهل هذا العالم الهندي وغيره قد غادروا ديانتهم بفعل الانترنت المزعوم ؟! ان اي باحث علمي او اي عاقل يستطيع ان يقول لك ان الايمان بالغيبيات لا يرتكن بالمرة الى العلم باي شكل من الاشكال , ونحن لا نزعم بان القران الكريم والاسلام يناقض العلم ولكننا نورد ان حال الاديان الوثنية الخرافية هذا فما بالك بالدين الذي يحث على التفكر والتدبر ؟! هذه مسألة مهمة تبين مدى الضحالة الفكرية والتجييش الاعلامي الذي يقوم به بعض الغوغاء لافكارهم حتى يستميل قلوب العامة المغفلة لهم
أما الأمر الثاني هو ما أورده هذا الكتاب في مقال ثان له بعنوان (القرآن هو من خرافات اليهود ) ما نصه (- المائدة آية 69 إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
الحج آية 17 إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ
الصابئون ام الصابئين، هنا يوجد خطأ واضح لاشك فيه، واحدة منهم خطأ , الصابئون مرفوعة خطأ في سورة المائدة)
وهنا أريد أن أعقب وأقول هل كان في زمن النبي محمد عليه الصلاة والسلام من العرب من يلحن بلغته ؟! يا سادتي الكرام كان العرب يتكلمون لغتهم الفصحة بسجيتهم لا بقواعد يدرسونها وهكذا كانوا يأتون بالمجرور مجروا هكذا من دون تفكر او تدبر وبالمرفوع مرفوعا بدون اي تفكر وتدبر فهذا ما جبلوا عليه وبالتالي لم يضع العرب قواعد اللغة العربية الا بعد انتشار الاسلام وقدوم العجمة على لسان العرب بسبب الفتوحات الاسلامية والعجم الذين دخلوا الاسلام فكان لا بد من حفظ اللغة وقبلها القرآن الكريم إذ بدأ لسان العجمة يدخل على القرآن الكريم فبادر النحويون واللغويون الى وضع قواعد النحو والصرف وغيرها ولو إفترضنا جدلا ان هذا الخطأ كان موجودا في القران الكريم فكيف تغافلت العرب عنه , وقد كان معظمهم ينصب العداء لمحمد عليه الصلاة والسلام ودينه الجديد ؟ ولو إفترضنا جدلا ان العرب غفلت عن هذا الأمر أما كان باصحاب محمد ان يصححوا هذا الخطأ في القران في عهد عثمان الذي جمع المصحف او في العهد الاموي حيث نقط القرآن الكريم ؟ إلا أن يعترف صاحب هذا المقال ان أمانة أصحاب محمد العلمية جعلتهم لا يبدلون بقرأن محمد حرفا وبالتالي ان هذا القران هو القرآن الذي أنزل على محمد العظيم والذي وعد الله بحفظه وها هو الى اليوم محفوظا حتى (بأخطائه اللغوية )!!!!
ولكي لا أترك القارئ دون الرد على هذه الشبهة اقول ان الايتين تدلان على معنيين مختلفين فالاية الواردة في سورة المائدة {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }المائدة69 والسبب هو ان لغة العرب من اعمق اللغات في العالم وتقبل التعدد الاعرابي في الموضع بعض الاحيان ولكن الغرض من التعدد الاعرابي هو ليس تعدد الصوابات انما لتعدد المعان فالصابئون هنا رفعت للابتداء وذلك أن العرب إذا أتوا بكلام مؤكد بحرف إن وأتوا باسم إن وخبرها وأرادوا أن يعطفوا على اسمها معطوفاً هو غريب في ذلك الحكم جيء بالمعطوف الغريب مرفوعاً ليدلوا بذلك على أنهم أرادوا عطف الجمل لا عطف المفردات ، ولما كان الصابئون أبعد عن الهدى من اليهود والنصارى في حال الجاهلية قبل مجيء الإسلام ، لأنهم التزموا عبادة الكواكب ، وكانوا مع ذلك ممن تحق لهم النجاة إن آمنوا بالله واليوم الآخر وعملوا صالحاً ، كان الإتيان بلفظهم مرفوعاً تنبيها على ذلك .
اما في الحج فقد وردت الاية كالاتي {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }الحج17 وقد جاء ذكر الصابئين في سورة الحج مقدماً على النصارى ومنصوباً وذلك لأن الحكم على الصابئين هنا يساوي الحكم على غيرهم ، فالأمر يتصل هنا بفصل القضاء والحكم بين الناس بالحق ، وهذا يستوي فيه الجميع ، فلا حاجة حينئذ لرفعه لعدم اختلافه في الحكم كما في سورة المائدة ، فحصل هنا مقتضى حال واحدة وهو المبادرة بتعجيل الإعلام بشمول فصل القضاء بينهم، وأنهم أمام عدل الله يساوون غيرهم.
هذا ولك أن تراجع شراح ألفية ابن مالك عند قوله في باب( إن وأخواتها )
وجائز رفعك معطوفاً على ***** منصوب إنَّ بعد أن تستكملا
وألحقت بإن لكن وأن ***** من دون ليت ولعل وكأن .

الرد النحوي مستقى من الموقع التالي
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=70461
ولو شئت راجع بحثا مهما على هذا الرابط للشيخ الشعراوي رحمه الله تعالى
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?13206-%E1%E3%D3%C7%CA-%E1%DB%E6%ED%C9-%E6%C8%E1%C7%DB%ED%C9-%E6%C8%ED%C7%E4%ED%C9-%DD%ED-%C7%E1%DE%D1%C2%E4-%C7%E1%DF%D1%ED%E3-%E1%E1%D4%ED%CE-%C7%E1%D4%DA%D1%C7%E6%ED








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح


.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت




.. 81-Ali-Imran


.. 82-Ali-Imran




.. 83-Ali-Imran