الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنصرية والطائفية ثمار إسلامية خالصة

كامل السعدون

2005 / 5 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لقد وضع محمد البذور باكرا ، وترك الناس تضرس الحصرم ...!
وضع بذرة العنصرية وهو لما يزل حيا ، حين شجع على تصفية الأمم والشعوب المجاورة من غير العرب ، بشكل مُذل بخيارات الذمة أو الإسلام أو الموت .
ووضع بذرة الطائفية حين تنبأ بتشرذم أمته إلى ثلاث وسبعون أو إثنتان وسبعون ، ليس فيهم من ناجٍ من النار إلا واحدة ...!
أغلق الباب باكرا أمام الأجتهاد ، وحرم الناس فرصة الحوار والإلتقاء والتقارب ، لأن كل واحدة من الفرق ظنت إنها هي الناجية ، فكيف تلتقي بالهالكين ...!
وترك فيهم كما هائلا من الأحاديث المتناقضة المضطربة ، وقال لهم خذوا هذهِ عني ، فألزمهم باكرا بأن يعيشوا على كلماته إذ هي سنته ، وهذا ما قيض لكل متحدث متحزبٍ أن يكتب عن لسان محمد ما لم يقله الرجل ، فدخل الدين الذي يفترض أن يكون دين أخلاق وبناء روحي ، دخل في متاهات السياسة والفرق المتنافسة ، لا على النجاة من النار حسب ، بل وعلى كعكعة الحكم والسلطة أيضا .
فكرة النار والجنة ، رغم إنها ليست فكرة محمدية خالصة ، بل هي فكرة بابلية وثنية قديمة جدا ، وموجودة في كل الأديان والفلسفات التي سبقت الإسلام بآلاف السنين ، لكن لم يقم أي دين من الأديان بشكل جوهري حاد مأزوم على هذه الفكرة ولم يُعنى بها أحد ويلج في تفاصيلها المتخيلة بمثل هذه القوة إلا الرسول محمد ودينه الجديد الذي جاء إلى العالم في مرحلة متأخرة جدا من تاريخ تطور الوعي البشري ...!
وحكم محمد على خيارات الناس في الحكم باكرا ، حين منح آل بيته القداسة وقال للناس ما معناه : الحكم في آل بيتي إلى يوم الساعة ، وتخيل أين يوم الساعة هذا ومتى ؟
هذه الرأي السياسي المباشر المبكر لمحمد ، أسهم إسهاما كبيرا في شرذمة الأمة ، بين من هم من آل البيت ومن هم ليسوا منه ، وأدى إلى نشوء طوائف تقوم على العرق والنسب المحمدي لا أكثر ، دون أن تكون هناك صلاحية حقيقية لهذه الرموز أو تلك ، ودون أن تكون هذه الرموز فعلا من آل البيت .
هذا لم يحصل في اليهودية أو المسيحية أو البوذية أو الأديان الأخرى العديدة ...!
لقد اغلق محمد الأبواب باكرا أمام حرية الفرد المسلم وحقه في التفكير والتحليل والمشاركة في الحكم ، أحاديثه الكثيرة المضطربة المتناقضة ، وإلزاميته الحادة للناس بإتباع تلك الأحاديث ، وفكرة التكفير والتحريم والقمع التي أوجدها في أيامه ذاتها وصارت سنة بعده ، هي ما يقف الآن في يومنا هذا وراء هذا النشاط الواسع البشع للإرهابيين من جهة وهذا الإختراق السهل المريح لأي ذي غرض من شيوخ القبائل أو الملوك أو رجال المخابرات المتنوعة أو السياسيين الطامعين بكعكعة الحكم ، إختراقهم للشباب الساذج الغبي من المهووسين دينيا ، سببه في الأساس بذور محمد التي تركها في الناس ، بعد أن تعهدها بالسقيا بدماء الأبرياء في ذات زمنه وعهده ...!
إن من المخزي اليوم ، في هذا العصر البهي من التقدم والرقي ، في هذا العصر الجميل من التنوع والتقارب البشري ، من إنتفاء الحدود وإلغاء المسافات بين الناس بقوة التكنولوجيا وإرتقاء الوسائل ، أن يظل الإنسان المسلم مختلفا مع عصره وناس عصره ، فكأنه الفيروس أو حامله ، تحاذره الناس وتبتعد عنه وترجو أن لا ترى وجهه ، لأنه لا يحمل خلف هذا الوجه إلا قلبا أسوداً يرفض التنوع ويتنكر للواقع القائم الذي لا مناص منه من وجود مليارات البشر من قوميات وأديان وأفكار أخرى ، هي في الغالب أرقى وأجمل وأذكى مما لدى المسلم ذاته .
ومع ذلك فهو يكفر الناس ويتمنى زوال البشرية جميعها ، ليذهب هو حسب وهمه إلى الجنة ومن نوافذها ، يتفرج ببلاهة على الحرائق الموهومة التي لا تكف عن التأجج في أجساد كل هذه المليارات من الناس من سكنة النار .
مؤسفٌ والله أن نكون قذرين أنانيين مزيفين جبناء مرضى ، مهوسين بخراب الديار ، خراب أرضنا الجميلة هذه ، وموت أشقائنا الآخرين بالجملة ، لمجرد أن تكون لنا وحدنا العاقبة الحسنى ، وبئسها من عاقبة .
يقول أحد النقارير التي أُفتضحت أخيرا ، أن السعودية أستهلكت منذ الثمانينات من القرن الفائت ، قرابة السبعون مليار دولار على زرع الوهابية في العالم .
تخيل سبعون مليار دولار أمريكي تصرف السعودية على نشر الفكر الظالم الجائر الفاسق التكفيري الذي زرع كل هذا الخراب في أمريكا وأوربا والعالم ، وهذا الذي نراه اليوم في العراق ، هو بعض ثمار هذه اللعنة السعودية .
ما يدهشني ويدهش الناس أجمعين أن أهل الحكم في السعودية لا شأن لهم بالدين من قريب أو بعيد ، فللناس أمتيازاتهم المادية الهائلة ، ولديهم السلطة السياسية في البلد خالصة مطلقة لا ينافسهم عليها أحد ، وأمراء السعودية يعيشون في رخاء رهيب لا حدود له ، والإسلام حتى بأبسط مفرداته وممارساته ، لا وجود له في القصر السعودي ، بل وجوده مقتصر على الشارع السعودي ، بل الشارع العالمي عامة ، طيب لماذا كل هذا البذخ الرهيب ؟ ما الغرض ، وما الرسالة من وراء ذلك ، وما المكسب الذي يكسبه أهل الحكم في السعودية بنشرهم للفكر الوهابي ؟
لا شيء ...إلا الدفاع عن حكمهم من خلال الهجوم الواسع في الخارج ، الهجوم لقمع الحضارة ومنعها من أختراق بيوتهم ، الهجوم من أجل أن يقزموا البشرية كلها ، فتكون على هوى حكمهم ، فيستمر هذا الحكم ويستقر فيهم إلى ما شاء الله ...!
وفاتهم أن المارد الذي أيقضوه وأطلقوه من قمقمه ، لا يمكن في النهاية إلا أن يعود إليهم .
فاتهم أن ذات المارد الذي أستأجروه وحلبوه ، يمكن أن يزايد عليهم آخرون فيأخذوه ويحلبوه وينتجوا منه جحيما يحرق الأرض السعودية ذاتها ، ويلفح بشواظه أهل القصر ذاتهم ، وهذا هو الذي حصل .
وها نحن نسمع أنهم بدأوا يعيدون تقييم الإسلام من جديد ، فيخففون هنا ، ويقضمون هناك ويقلمون هذا الأظفر أو ذاك ...!
لكن ، هل يصح هذا وحده ، وإلى أي مدى يمكن أن ننجح في تقليم أظافر محمد وخلفاءه التي لما تزل خارجة من الأكفان من أرض الحجاز ؟
الحقيقة ، إن هذا عمل كبيرٌ جدا وخطير للغاية ، وهو من مسؤولية المفكرين والمثقفين أولا ، لا أهل السياسة ورجال الحكم .
إنها مسؤولية فكرية ، ثقافية ، تاريخية ، يجب أن تمنح ولو عشر معشار المال الذي أحرقته السعودية على مدارسها التكفيرية في باكستان وإندونيسيا وأوربا ومصر والمغرب العربي والخليج وفي صولات الزرقاوري في اللطيفية والرمادي والموصل ، وقبله صولات بن لادن القميء في نيويورك وإسبانيا وغيرها .
مسؤولية كبيرة تحتاج اولا إلى الفكر والضمير والخلق العربي الأصيل ، ثم إلى المال والإرادة والشفافية وإعادة النظر إلى الحكم ومسؤولياته بعين أقل أنانية وفردية ، والتمعن بالمستقبل البشري وإعادة قراءة حركة التاريخ ومستقبل الحضارة الإنسانية عامة ، بفهم وفكر وعين جديدة ، ليست كالعين الأنانية ، العنصرية ، التي نظر بها محمد إلى عصره وإلى تيجان الآخرين في خارج صحراءه المجدبة .
ليس من مناص من ذلك ، للسعوديون أولا كما وللعراقيون والإيرانيون والعرب والترك وغيرهم .
مسؤولية مشتركة ، يجب أن يتفرغ لها الجميع وبالذات أهل الفكر والدين وطلائع المثقفين .
ومن وراء هؤلاء أهل المال والإقتصاد والسياسة .
إعادة قراءة الإسلام والتاريخ الإسلامي من جديد ...!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من يدمر كنائس المسيحيين في السودان ويعتدي عليهم؟ | الأخبار


.. عظة الأحد - القس تواضروس بديع: رسالة لأولادنا وبناتنا قرب من




.. 114-Al-Baqarah


.. 120-Al-Baqarah




.. الرئيس #السيسي يستقبل سلطان البهرة ويشيد بدور الطائفة في ترم