الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الزلال و الزلزال

مزوار محمد سعيد

2013 / 9 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الزلال و الزلزال

الحرمان هو عملية مشينة تحدث للبشر، الكلّ معرض لها في حالات الضعف القصوى، فهي ظاهرة موجودة على الرغم من المقت الشديد لها، و هي التي تحرّك الكثير من الأفراد دون إرادتهم، لتجعل منهم وحوشا كاسرة تنقضّ على الجميع بدون استثناء، و على هذا كان لزاما العودة إلى هذه النقطة المحورية لبيان مدى بشاعة الحرمان عندما يصيب الإنسان.

" .... و لتبدئي الغناء بقصة الشجار الذي اشتبك فيه ابن أتريوس ملك البشر مع أخيل الطيب.... "
من الأنشودة الأولى

الأنانية التي هي جزء مظلم من الإنسان تبقى سببا مباشرا لـكل نزاع بين الأفراد البشرية، إنّ الطموح للأفضل مشروع، و لكن الاصطدام بطموحات الآخرين قصد تحقيق التفوّق يوقع الفرد البشري في حالة الفشل أحيانا، هذا يجعل من أولى بذرات الحقد تتشكل في النفس الفاشلة، إنه حرمانها من أهدافها المشروعة هو الذي أصبح سببا للوقوع في الأعمال الغير مشروعة، الكبت يزداد قسوة كلما كانت ظروف التقبّل أقلّ وزنا في العقل الباطني للفرد المنافس، إنها شريعة الحياة البشرية.
عندما يُحرم الطفل من الابتسامة فإنه سيتحوّل إلى آلة تسكب الدموع أينما حلّت، لأنّ الرغبة لا تموت في نفسية أيّ كان، فقط هي مؤجّلة، و كلّما طال هذا التأجيل ازدادت لهيبا، و قد يؤدي هذا إلى خروجها بطريقة غير اعتيادية عندما تتاح لها الفرصة.
لقد حرّمت التعاليم المختلفة الكثير من التصرفات، لا لتلغيها، و إنما لتنظمها، بدليل أنّ المشرّع وضعها في سياق محدد، لأنّه يعلم مسبقا بأنّ إلغاء أجزاء من النفس الإنسانية هو في الأصل دفع لوقوع كوارث حتمية.
عندما تتحوّل الصورة إلى مجال يجذب أو يُذهب كل جميل-قبيح إلى أو من الساحة الفردية، فهذه إشارة على أنّ البيئة البشرية تشهد حرمانا لا نظير له، و بالتالي وجب الأخذ بعين الاعتبار تكافؤ الفرص، فهو شرط أساسيّ لتجنّب زلزال الحرمان. إنّ أكبر الحرائق ينتجها صغير الشرر.
لا يمكن حذف الرغبة البشرية، و إنما يمكن تهذيبها عبر الطرق المرسومة لذلك، و على هذا وجب احترام القواعد المختلفة، لأنها كفيلة برسم حدود لكلّ الكوارث الناجمة عن فقدان الحركية اللازمة لتفادي نتائج الحرمان العنيفة.
هناك أمثلة كثيرة عن شعوب أبقت الحرمان في درجاته الدنيا، لأنها قامت باستغلال الزمن جيّدا في إدارة سلبيات التراكم المكدّس في عناوين الاجتهاد، و حوّلت الرغبات إلى وجهتها الصحيحة، تلك التي تتمثّل في المنافسة و التحسين مقابل الجزاء و التمكين، عبر لغة سليمة تضمن احترام الحدود، و بلوغ الأهداف بالوسائل المشروعة وفق قانون (اعمل تنجح).

" .... لقد أراد الطفل من الوجهة الخلقية ستر عورته، و لكن مرقعاته قتلت كرامته، لأنّ العدالة الشكلية تذهب أحيانا إلى أن (الجبة) تصنع الشيخ، كما أن القبعة تصنع القسيس.... "
مالكـ بن نبي

على الإنسان المتسلّط أن يقيس حدود سلطته جيّدا، لأنّ من عيوب البشر تلك النزعة التي تحرّك الأفراد رغبة منها في صعود التلال، و لكن أيّ تلال يجب صعودها، هل هي تلال النزاهة المفقودة؟ أم هي تلال النيران الملتهبة؟
في كلّ الأحوال هناك ثوابت تلتصق بالإنسان: إنها تطغى على تفكيره كما تطغى على سلوكه، و هي التي تترسب إلى قاع وجدانه، و لا يملك مفاتيحها سوى الفرد نفسه، لأنها و ببساطة متعلقة به في المقام الأوّل.

. . . . . . . . اللّهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون.


السيّد: مــــزوار محمد سعيد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بلطجي الإسماعيلية-.. فيديو يُثير الجدل في #مصر.. ووزارة الد


.. جدل بشأن عدد قتلى الأطفال والنساء في قطاع غزة




.. أكسيوس: واشنطن أجرت محادثات غير مباشرة مع طهران لتجنب التصعي


.. مراسل الجزيرة: المقاومة تخوض معارك ضارية ضد قوات الاحتلال ال




.. جيش الاحتلال ينشر فيديو لمقاومين قاتلوا حتى الاستشهاد في جبا