الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد العقيدة الاسلامية/الحلقة الثانية/نقد الصفات والأسماء الحسنى

حيان الخياط

2013 / 9 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في الحلقة السابقة تحدثنا عن اقسام الايمان بالله وهي الايمان بالإلوهية، الربوبية والصفات والأسماء الحسنى وقد اوجزنا القول في المفهومين الاولين مع طرح نقد بسيط لكلام الكاتب عنهما، لكننا ارجئنا ما يتعلق بالصفات والأسماء الحسنى لكي نتناوله في هذه الحلقة.
بداية يضع الكاتب بين ايدينا نصوصاً عامة، كقوله ان المسلمين يثبتون لله ما اثبته لنفسه في القرآن والسنة من الاسماء والصفات وينفون عنه ما نفاه عن نفسه، وان سلف الامة كانوا على هذا الرأي، وهم بذلك يكونون امة وسطاً بين المشبهة الذين شبهوا الله بخلقه، وبين النفاة والمعطلة الذين نفوا الصفات عن الله او صرفوها عن معانيها. الغريب في الامر ان هذا الكلام الذي يشي بتنزيه الله عن كل منقصة لا يدل على حقيقة ما يؤمن به الكاتب وما تصرح به الآيات والأحاديث التي سيستشهد بها بعد عدة صفحات، بل وحتى كلامه مليء بالتشبيه والتجسيم. وهذا الامر ليس بمستبعد عمن ينصحنا بإتباع قول امام المالكية مالك بن انس عندما سئل عن معنى الاستواء والكيفية التي استوى بها الله على العرش حيث يقول: "الكيف منه غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والسؤال عنه بدعة، والإيمان به واجب." ص 22.
على أية حال سندلف الى تحليل كلام الكاتب عن صفات الله والتناقضات الواضحة فيها بصورة مباشرة. عند حديثه عن الصفات المذكورة في القرآن يشرح صفة الحياة وكون الله ازلي وابدي الوجود ثم ينتقل الى العلم الالهي ليذكر الاتي: "والله له العلم الكامل، علم ازلي، علم كل شيء قبل خلقه، فأوجده على ما علمه سبحانه وتعالى، وهو عالم بالسر والعلن، وما في الصدور، لا تخفى عليه خافية من خلقه وان دقَّت، حتى خطرات النفوس وعالم بما يكن لو كان كيف يكون." ص 24. ثم يضع عدداً من الآيات القرآنية التي تثبت ذلك، وما يهمنا هنا هو تعارض صفة العلم الالهي المطلق والأزلي بقدرة الله اللامحدودة، حيث يرى الكاتب ان لله "قدرة عظيمة لا حدود لها، على الوجه اللائق به، فلا يعجزه شيء ابداً." ص 25. ولتبسيط هذا التناقض نقول: اذا كان الله "على كل شيء قدير" فبإمكانه فعل كل ما يريده وقتما يشاء ولا يوجد ما يعجز عنه، وإذا كان الله "بكل شيء عليم" فهو يعلم ما فعله وما يفعله وما سيفعله ولا يمكن ان يحصل شيء خلافاً لعلمه. والسؤال هنا، هل يمكن لله ان يفعل شيئاً لم يعلم به من قبل؟ ان كانت الإجابة: نعم، فهو ليس بكل شيء عليم. وان كانت الاجابة: لا، فهو ليس على كل شيء قدير. وبهذا تكون قدرة الله محدودة بعلمه الازلي المطلق دائماً وابداً. الجدير بالذكر ان هذا التناقض ناجم عن "الاطلاقية" نفسها، فكل صفتين مطلقتين ومتداخلتين لابد ان تتناقضان بالضرورة.
نصل الان الى الصفات التي يثبت بها الكاتب التشبيه والتجسيم لله مع ادعائه بأنه من المنزهين للذات الالهية، حيث تتكرر عباراته المصاحبة لكلمة "على الوجه اللائق به"، فهو يقول عن السمع والبصر: "وله تعالى سمع ليس كسمع خلقه، وبصر ليس كبصر خلقه، بل هما على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى، فيسمع كل شيء، ويرى كل شيء." ص 25. ويقول فيما يتعلق بالكلام: "والله تعالى يتكلم كما يشاء، ومتى يشاء، بكلام يُسمع، وكلام حقيقي، على الوجه اللائق به." ص 25. مع حذف عبارة "على الوجه اللائق به" لعدم وجود معيار موضوعي نميز من خلاله ما يليق بالله وما لا يليق به، يظهر لنا التجسيم والتشبيه بكل وضوح، ولولا الالتزام بحرفية النصوص الدينية لما وقع الكاتب بمثل هذه المشكلة، وان لم يقتنع قارئنا العزيز بوجود التجسيم والتشبيه فسنستمر بعرض الامثلة التي تثبت ذلك، مثل:
1 ـ النزول الالهي: وهو نزول الله كل ليلة الى السماء الدنيا وفي ثلث الليل الاخير تحديداً، وذلك لإجابة الدعاء وغفران الذنوب وتقبل التوبة من الناس، وهذا النزول حقيقي "على الكيفية اللائقة بجلال الله تعالى" والدليل على هذا هو الحديث النبوي: "ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا، كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له." ص 28. والكاتب يؤيد ذلك وينكر على من يخرجون هذا الحديث عن حقيقته ويصفهم بـ "أهل الضلال" فالله "يفعل ما يشاء، ومتى يشاء". المشكلة ان هذا النزول غير ممكن مع معرفتنا بكروية الارض، فالمسلمون في بداية الاسلام وحتى ظهور العلم الحديث كان بإمكانهم الايمان بمثل هكذا احاديث ففي النهاية الارض مسطحة بالنسبة لهم والثلث الاخير من الليل يحدث مرة واحدة في جميع اصقاع الارض. اما اليوم فنحن نعرف ان الارض كروية وان الثلث الاخير من الليل مستمر طالما ان الارض تدور، فعندما يأتي أوانه في دولة معينة ما هي الا برهة ويأتي اوانه في الدولة او البقعة المجاورة لها وهكذا دوالياك دولة اثر دولة، ولتقريب الفكرة لنتخيل شروق الشمس على مختلف دول العالم، فعندما تشرق الشمس على دولة معينة ما هي الا ثوان وتشرق على الدولة المجاورة لها وهذا يعني ان الشروق لا يحصل في جميع الدول في لحظة واحدة بل ان هنالك استمرارية للشروق دائماً، وبالمحصلة يجب ان يبقى الله معلقاً في السماء الدنيا دائماً وذلك لان الكرة الارضية تدور حول نفسها لتسبب اختلاف الاوقات دائماً.
2 ـ الله له يدان كلتاهما يمين: يرى الكاتب ان لله يدان حقيقيتان "على الوجه اللائق به" وان الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي ذكرت يد الله لا تعني النعمة والقدرة كما ذهب "اهل الزيغ والضلال" والدليل على ذلك قول النبي: "ان المقسطين عند الله على منابر من نور. عن يمين الرحمن عز وجل، وكلتا يديه يمين. الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا." ص 26. فهذا الحديث واضح وصريح فيما يتعلق بامتلاك الله ليدين حقيقيتين (كلتاهما يمين!).
3 ـ الله يجلس على عرشه في السماء: يؤمن الكاتب بان الله يجلس على عرشه في السماء ولا يرتضي ما زعمه "طوائف من اهل الضلال أن الله في كل مكان بذاته. وهذا باطل، فالله تعالى بذاته في السماء، لكنه في كل مكان بعلمه وسمعه وبصره." ص 28. ودليله على هذا ما تقوله الآية القرآنية (وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب، أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذباً) غافر 36 ـ 37. والحديث الذي يسأل فيه النبي جارية فيقول لها: "أين الله؟ فقالت: في السماء. قال: من أنا؟ قالت: رسول الله. فقال لسيدها: أعتقها فإنها مؤمنة." ص 27. لو كان نقدنا متعلقاً بجوانب اخرى غير العقيدة لجاز لنا ان نعترض على هذا الحديث ونفصل القول فيه، فعتق هذه الجارية بسبب إيمانها يعني ان الجارية غير المؤمنة تبقى مملوكة لصاحبها يفعل بها ما يشاء ليل نهار، لكن لمثل هذا النقد مناسبة اخرى.
نعود الى مسألة كون الله في السماء وان علمه في كل مكان، ان هذا الفرض يعني ان الله موجود في حيز معين دون اخر وان المجرات والنجوم والكواكب خالية منه فوجود ذاته يقتصر على السماء فقط، وهل يعني التجسيم غير هذا!
4 ـ الله له عينان حقيقيتان: يتملك الله عينان "على الوجه اللائق به" وذلك استناداً للآية التي تقول (ولتصنع على عيني) طه 39. وهذه الاية لا تقصد ابداً ان هذه العين بمعنى الرعاية والعناية بل هي عين حقيقية لا نعرف كيفيتها، "فيجب على المسلم الايمان بما ورد في ذلك، وإثباته على حقيقته." ص 26.
5 ـ على العرش استوى: العرش هو موضع حقيقي يملك قوائم حقيقية وهو لا يعبر مجازياً عن الملك، ودليل ذلك قول النبي عند كلامه عن يوم القيامة: "فان الناس يصعقون فأكون أول من يفيق، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور" ص 29. ويمكننا ان نستخلص من هذا الحديث مقدار الحيز الذي يشغله الله من الفراغ! فبما ان الله استوى على العرش، وموسى أخذ بإحدى قوائمه، يكون حجم الله اما نفس حجم الانسان او اكبر منه قليلاً.
بعد ان فرغنا من الامثلة التي تدل على التجسيم والتشبيه، نعود الى مشكلة الالتزام بحرفية النصوص، حيث سنختتم هذه الحلقة بسؤال مرتبط بآية: "كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام"، فان التزمنا بالأخذ بحرفية النصوص، يجب ان نؤمن ان يدي الله وساقيه من قبيل الاشياء الفانية والبقاء لوجه الله فقط! فما رأي المصرين على الالتزام بحرفية النصوص يا ترى؟ علم ذلك عند الله صاحب "العلم المطلق".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah


.. 104-Al-Baqarah




.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في