الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جوانب الفساد و الزور في حديث الغرقد

محمد هاكوهين

2013 / 9 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


(لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود . فيقتلهم المسلمون . حتىيختبئ اليهود من وراء الحجر والشجر . فيقول الحجر أو الشجر : يا مسلم ! يا عبدالله ! هذا يهودي خلفي .فتعال فاقتله . إلا الغرقد . فإنه من شجر اليهود)

هذا الحديث المنسوب الى النبي محمد عليه السلام, هو حديث مزور فاسد بوجوه عدة, فهذه الرواية التي اختلقها مزور أشر ليكمن فيها الشر و تؤجج العنصرية وتحث على كراهية اليهود وتحرض على قتلهم, وذلك بالمخالفة لشريعة القرآن الذي يأمر بالعدل والإحسان للناس جميعا.

وجوه فساد هذه الرواية:

"لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلموناليهود", الساعة هي يوم القيامة و اليهود يؤمنون بها ويتقون الله و يخشونالساعة, قال سبحانه: "ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين,الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون" الأنبياء 48-49
لماذا سيقاتل المسلمون اليهود المؤمنون الذينيخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون؟
1- تحرض على قتل النفس البريئة التي أمر الله بحفظها, لقوله سبحانه: "ولا تقتلوا النفس التي حرمالله إلا بالحق" الأنعام 151

2- إن الله لا يحب المعتدين:

"سيقاتل المسلمون اليهود " لماذا سيبدأ المسلمون بالاعتداء على اليهود أوغيرهم و هم قد نهوا عن البدء بالعدوان؟

و ذلك بالمخالفة و التعارض الصريح للقرآن الذي ينهى عن العدوان و الاعتداء على الاخرين, فتقول الرواية الفاسدة, " لاتقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود" ففيها أن يقوم المسلمون بالاعتداءعلى اليهود وهذا أمر مخالف لقاعدة أصيلة في القرآن وهي النهي عن الاعتداء والبدا بالقتال, لقول الله سبحانه: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولاتعتدوا فإن الله لا يحب المعتدين" البقرة 190

3- فيقتلهم المسلمون؟الى أي مدى ستصور هذه الرواية المكذوبة الفاسدة أن المسلمون يخالفون ما نهى الله عنه من البدأ بالاعتداء و قتل النفس, فالمفسدة في هذه الرواية أنه تصور المسلمين وكأنهم مجرمين.

4- " حتى يختبئ اليهود من وراء الحجر والشجر . فيقول الحجر أو الشجر : يا مسلم ! يا عبدالله ! هذا يهودي خلفي",
وهنا يقع مؤلف الرواية المكذوبة الفاسدة في سقطات لغوية, حيث ان يهود جمع يهودي, وحجارة جمع حجر, و شجر جمع شجرة, فيصور وكأن جميع اليهود سيختبئون وراء الحجر المفرد فيقول يختبيء اليهود - الجمع - وراء المفردمن الحجارة و الشجر الجمع, أراد المزور أن يكون لافترائه جرس موسيقي فسقط لغويا ليقول الحجر والشجر بدلا من القول الحجارة أو الأحجار و الشجر ويخرج عن سياق صيغةالجمع.

نرى في القرآن أن من المعجزات كلام المخلوقات تأتي لتثبيت المؤمنين وتزيدهم إيمانا, ولا تحرض على جريمة القتل والعدوان.
كما في قوله سبحانه:" وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوابآياتنا لا يوقنون" النمل 82

ولعلنا نفهم من الاية السابقة أن دابة الأرض ستكلم المؤمنين بلغاتهم المختلفة وليس بمنطقها ( طريقة التواصل مع أمثالها), فكيف يكون للحجارة و الشجر منطق يفهمه المسلمون على إختلاف ألسنتهم, وقد كان علم منطق الطير وسائر المخلوقات الأخرى كالنمل علم رباني علمه الله لسيدنا سليمان وآل داوود عليهم السلام.
قال سبحانه:" وورث سليمان داوود وقال ياأيها الناس علمنا منطق الطير, وأوتينا من كل شيء, إن هذا لهو الفضل المبين"النمل 16

نجد في الرواية ذكر الحجر الذي يصوره المؤلف ضمنيا, وكأنه عدو لليهود –طالما أن الغرقد صاحبهم- , فقد أتى في القرآن أن الحجر صاحب لليهود بل أن هذاالحجر كان مصدر للشرب و الرزق و ارتواء لبني إسرائيل لقوله سبحانه: " وأوحيناإلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا"الأعراف 160

يقول المؤلف إمعانا منه في الافتراء "فيقول الحجر أو الشجر : يامسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي"
أوليس اليهود عباد الله, نعم وهم مؤمنون وصالحون ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون قال الله سبحانه وتعالى: "إن الذين أمنواوالذين هادو والنصارى والصابئين من أمن بالله و اليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون" البقرة 62

5- نأتي لسقطة تلك الرواية السحيقة الكاشفةللزيف والبهتان, فيما يخص شجر الغرقد كما تصورها الرواية أن شجر الغرقد "فانه من شجر اليهود" فهو ولي لليهود , فتوحي الرواية الفاسدة ضمنيا أن شجر الغرقدضد المسلمين وليس ولي لهم خصوصا كما يصور المؤلف هذا الموقف القتالي المأساوي....

لقد سقط من مؤلف هذه الرواية الكاذبة الفاسدة أن مقابر المسلمين الأوائل هي ببقيع الغرقد ,بجوار المسجد النبوي وهي أرض كان بها شجر الغرقد ولذلك سميت باسمه و دفن تحت شجر الغرقد من أهل البيت النفس الطيبة ابراهيم ابن سيدنامحمد عليه السلام وزوجاته و كثير من الصحابة الأولون عليهم السلام.
فشجر الغرقد من مخلوقات الله وولي لليهود و المسلمين وكل الناس.

على المسلمين تحري الدقة في الروايات واستبعاد الفاسدة منها والتي تتعارض مع القرآن و تشريعه, كما تتعارض مع اللغةوالمنطق, مثل هذه الرواية المكذوبة, فالقرآن يأمر بالعدل والاحسان والسلام وهو الميزان لتقييم مثل تلك الاكاذيب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحليل جيد
أمل مشرق ( 2013 / 9 / 9 - 16:55 )
تحية للكاتب
ما رأي الأزهر وعلماء الدين في هذا التفسير وهل هو مقبول لديهم ويمكن اصدار فتوى أزهرية او من التحاد العالمي لعلماء المسلمين مثلا ان الحديث غير صحيح بناء على النقاط المذكورة هنا؟
وما مدى صحة الحديث المذكور حسب ما يسمى علم الجرح والتعديل؟


2 - لتجدن اشد الناس عداوة للذين آمنو...من؟
بشارة خليل قـ ( 2013 / 9 / 9 - 21:58 )
فهل من الصعب بعد هذه الاية التحريضية التعميمية ان يقاتل المسلمين اليهود ولماذا لا يقاتلوا كل من هو غير مسلم اذا كان صلعم نفسه (قدوتهم الحشنة) قال انه امر ان يقاتل الناس (ومن ضمنهم اليهود الذين فهموا الاعيبه وماربه ورفضوا ادعاءه النبوة) حتى يشهدوا انه رسول الله

مكيجة الوجه البشع لا تفيد


3 - ثورة فقهية
محمد هاكوهين ( 2013 / 9 / 20 - 09:30 )
,رد على أمل مشرق
. على علماء المسلمين القيام بثورة فقهية على مايسمونه بالثوابت من حديث وغيرها


4 - عزيزي بشارة
محمد هاكوهين ( 2013 / 9 / 20 - 09:54 )
الرد على بشارة خليل
المشكلة في طريقة فهم هذه الايات
1- إخراجها من سياق النص
2- خصوصيتها الظرفية للمكان والزمان والاحداثا
3- اعتماد روايات منسوبة للرسول وهو بريء منها اخرجها من معناها الظرفي
4- ان هناك الكثير من الناس يفهمونها مثلك بغير علم
5- عدم تأصيل فقه قرآني جمعي منذ القرون الأولى يحفظ أصول الفقه القرآنية يحمي الحريات ويجرم العدوان والاكراه والعنصرية و التمييز.