الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العزو الوهمي سيكولوجيا الانسان الخاضع

علي عبد الرحيم صالح

2013 / 9 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يحاول كل منا أن يجد تفسيرات لما يجري له من حوادث ومواقف شخصية واجتماعية ، إذ يحاول الإنسان ان يتوصل الى تبريرات وقناعات كافية كي يدرك ويفسر من خلالها بوضوح ما يحدث له . ورغم هذه العملية الانسانية الوجودية النافعة لحياة الإنسان في ايجاد معنا واضحا للحياة ، فان تفسيرات الانسان وعزوه لما يحدث له أي لما يضعه من اسباب للمجريات والاحداث المستمرة تختلف باختلاف الاسباب التي يراها ، فبعض الناس يرجعه الى نفسه مثل قلة امكاناته وجهوده في تحقيق ما يريد او الى ظروف البيئة الخارجية الصعبة التي قهرت مسعاه واحبطت عمله .
ومن بين التفسيرات الدائمة للأحداث نجد أن الفرد يضع مبررات واهية وسحرية بل وخيالية ايضا في رؤية ما يجري له ، فالبعض يرجع سبب فشله الى القوى الغيبية مثل الحظ والقدر ، والبعض يرجع تفسير ما يحدث له إلى تأثير قوى غيبية مثل الجن أو الشياطين او أشخاص لا يعرفهم لهم تأثير سحري عليه . ويعلل هايدر Heider عملية العزو هذه الى مجموعة من الاسباب أهمها أن الناس يحاولون دائما ان يجدوا تفسيرات لتصرفاتهم وتصرفات غيرهم او البيئة المعيقة فالشخص الذي تصيبه حادثة مفاجئة وتخرج عن نطاق سيطرته مثل الطلاق او خسارة امواله في مشروع كان يراه ناجحا او حتى في حالة وفاة احد الاقرباء قد يرجعها الى احداث خارجه عن سيطرته ، في حين يرجع كيللي Kelly استعمال العزو الوهمي الى قلة خبرات الفرد السابقة ، ونقص المعلومات في تفسير الاحداث وايجاد مبررات واقعية وحقيقية لما يحدث له الآن .
وعلى الرغم من أن للعزو الوهمي بعض الفوائد مثل ايجاد مبررات يستريح من خلالها ذهن الفرد في تفسير الامور الغامضة ، فأن استعماله بكثرة له تداعيات خطيرة على حياة الفرد ، فيرى وينر Winner ان الشخص الذي يرجع تفسير الاحداث الى اشياء خارجه عن سيطرته وقدرته مثل الحظ والقدر والجن من الصعب ان يكون قادرا على تغيير بيئته وواقعه بل قد يستسلم لما يتعرض له من احداث ومجريات حياتية في حين أن الشخص الذي يرجع تفسير سبب فشله الى قلة الجهد الذي يبذله من الممكن أن يغير من مجهوده وطاقته كي ينهض في تغيير واقعه وحياته نحو الاحسن ، بل وتشير الدراسات النفسية ايضا ان الاشخاص الذين يرجعون سبب الاحداث الى اشياء تتعلق بمجهوداتهم وسيطرتهم الداخلية يكونون أكثر طموحا ، وكفاءة ، ومهنية ، وابداعا ، وقدرة على حل المشكلات من الاشخاص الذين يرجعون الاحداث الى اشياء خارجية .
فضلا عن ذلك أن تقدم المجتمعات والثقافات مرهونة بنوعية ابنائها وتوجههم النفسي في تفسير الاحداث فالمجتمع الذي لديه ابناء قادرين على التحكم في مجريات الواقع وتغييره وخلق بيئة جديدة نجده مجتمعا مبدعا ومتطورا ومتقدما نحو الاحسن في حين ان المجتمعات التي يؤمن ابنائها بالقوى السحرية والخرافة والقدرية المطلقة وغيرها من التأثيرات الخارجية لا تكون سوى مجتمعات متخلفة ومتراجعة وخاضعة لما تتعرض له من متغيرات واحداث بيئية (كما نحن الآن !!!!!!!)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت