الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول موقف الشيوعي من قضية الدين - الموقف الرائد

بتول قاسم ناصر

2013 / 9 / 12
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


لمناسبة دعوات التكفير التي يواجه بها الشيوعيون أدعو الى فتح الحوار في الموضوع الآتي :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموقف الرائد
طرح الحزب الشيوعي العراقي في العام 2007 مسودتي برنامج الحزب ونظامه الداخلي للنقاش والتدقيق والتصويت والتعديل والإغناء من قبل أبناء الشعب والقوى والأحزاب السياسية العراقية والصديقة ودعاهم الى المشاركة في مناقشتها انطلاقاً من قناعته الراسخة بأن وثائق الحزب ليست ملكا له وحده بل تهم جماهير الشعب بكادحيه ومثقفيه . وبين أنه يتطلع بأمل الى مساهمة واسعة ستكون منابر الحزب مفتوحة لها. وقد تضمن برنامج الحزب مفردات كثيرة تتناول بناء الدولة والنظام السياسي والسياسة الاقتصادية – الاجتماعية والقطاعات الاقتصادية والخدمية وحقوق الطبقة العاملة والمرأة والقطاع الثقافي والاعلام والاتصالات والشبيبة والطلبة والخدمات والضمانات الاجتماعية والجيش والقوات المسلحة وحقوق القوميات والعلاقات الخارجية. ولقد جاءت في هذه المفردات أفكار تسعى إلى خدمة العراق وتطويره والنهوض به.
الذي وقفنا عنده وقفة متأنية واستحق منا كتابة هذه المقالة العبارات التي تقول إن الحزب يسترشد من أجل تحقيق أهدافه وفي سياسته وتنظيمه ونشاطه ونضاله من أجل أهدافه المتمثلة في القضاء على استغلال الإنسان للإنسان وتحقيق التحرر الإنساني (بالفكر الماركسي وسائر التراث الاشتراكي ... كما يستلهم وهو يضع برنامجه الإرث التقدمي لحضارة وادي الرافدين والحضارة العربية الإسلامية وعموم الحضارة الإنسانية. فضلاً عن تراث الشعبين العربي والكردي والقوميات والمكونات الأخرى في وطننا ورصيدها النضالي) وبين أنه سيسعى (الى تطبيق ذلك بصورة مبدعة في ظروف العراق بالاستناد إلى دراسة الواقع الطبقي والقومي والديني والسياسي للمجتمع العراقي المعاصر والتطورات الجارية فيه). فالحزب يستلهم فيما يستلهم الحضارة العربية الإسلامية ، وإذا كان الدين هو العنصر الجوهري في كل حضارة لأنه العنصر غير القابل للتغيير والتجاوز له ، وإذا كان الدين الإسلامي جوهر الحضارة العربية الإسلامية وهو قوة تقدمية وثورية عبر تاريخها الطويل لهذا وجدنا تقصيرا في برنامج الحزب ومشروعه السياسي إذ يتصدى لمعالجة مفردات كثيرة ويهمل (الدين) مع أننا نترقب منه موقفاً محدداً من الدين بوصفه عقيدة ترتبط بالغيب ومنهجاً حياتياً ، ومازال يمثل وسيبقى قوة ثورية في حركات الشعوب والأمم للتحرر ومقاومة الظلم والاستغلال والاستعباد وكل ألوان الشرور. ولقد أدخلت الحركات الثورية - المتخذة من الدين الإسلامي شعاراً وحافزاً للتحرر من السيطرة الاستعمارية والحكومات الديكتاتورية - العالم في قطبية ثنائية جديدة بعد زوال هذه القطبية اثر انهيار النظام الاشتراكي. إن موقف الأحزاب الشيوعية من الدين مسألة حساسة في بلادنا الإسلامية ونعتقد - كما ذكرنا سابقا - ان هذا الموقف كان السبب في إضعاف ومحاربة هذه الأحزاب في بلادنا الإسلامية . ولقد استغلت الدعاية المضادة من النظام الرأسمالي هذا الموقف لتحارب المد الشيوعي في هذه البلدان . النظام الاشتراكي الذي يستند الى الماركسية يصف الاشتراكية التي يعتمدها بالاشتراكية العلمية ، والعلم والفلسفة موضوعيان أي إنه يؤمن بالحقيقة عندما تثبت نفسها كحقيقة ، وهذا يقتضي من الأحزاب الشيوعية مراجعة موقفها من الدين ، ثم إن الماركسية فكر جدلي يؤمن بالتطور وهذا يعني عدم النظر الى الأفكار وكأنها مسلمات مطلقة ثابتة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها وإلا لناقضت نفسها بأنها تؤمن بالتطور والتجاوز والنفي في حركة الفكر ، وإيمانها بهذا يدعوها الى مراجعة نفسها باستمرار في ضوء المستجدات وممارسة النقد الذاتي وهذا موجود في تاريخ الممارسة السياسية في الأنظمة الاشتراكية التي تستند الى الفكر الماركسي ، فنحن نعرف أن قادة الفكر والدولة في الاتحاد السوفييتي من لينين حتى غورباتشوف كانوا يراجعون في ضوء الممارسات التاريخية الأفكار النظرية ويدخلون عليها تعديلا وهذا موقف علمي وموضوعي . ولقد تجلى شيء من هذا الموقف الموضوعي – في قضية الدين - عند انبثاق الثورة الإسلامية في إيران فقد وصف الإعلام في الاتحاد السوفييتي الدين بأنه قوة ثورية محررة للشعوب ، وبالمقابل دعا قادة الثورة الإسلامية في إيران الاتحاد السوفييتي إلى مراجعة المقولة الشهيرة ((الدين إفيون الشعوب)) في ضوء مراجعة موقفهم من الدين ودعوا الى إجراء حوار فكري مباشر بين الإسلام والماركسية . ولقد كرمت أكاديمية العلوم السوفيتية السيد الشهيد محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه عندما أعدمه النظام السابق مع أنه نقد النظرية الماركسية في كتاباته وناقشها نقاشاً علمياً معمقاً وهذا موقف علمي وموضوعي. ولو قرأنا كتابات السيد الشهيد محمد باقر الصدر عن الماركسية والرأسمالية لتبينا موقف الإسلام الصحيح ففي حين يرفض الرأسمالية ويصفها بأنها مصدر الشرور على النظام الاجتماعي لا يقف هذا الموقف من الماركسية ويرى أن الإنسانية عانت من ويلات النظام الرأسمالي المحكوم بالعقلية النفعية التي تضيق بالفلسفة المعنوية للحياة ومفاهيمها لأنه نظام مادي في روحه وصياغته وأساليبه ، نظام ينعدم فيه الإيثار والثقة المتبادلة والتراحم والتعاطف الحقيقي وجميع الاتجاهات الروحية الخيرة فيعيش الفرد ويشعر بأنه مسؤول عن نفسه وحده وأنه في خطر وأن مصالح الآخرين تهدد مصلحته فهو يحيا في مغالبة مستمرة لا هدف له إلا مصالحه الخاصة. وهو ينظر الى الديمقراطية الرأسمالية بأنها نظام محكوم عليه بالفشل ، وأن الحرية الاقتصادية التي يقوم عليها تنتهي الى ضرب الحرية السياسية وتعود الديمقراطية الرأسمالية حكما تستأثر به الأقلية الرأسمالية مالكة وسائل الانتاج بحكم مركزها الاقتصادي وقدرتها على استخدام وسائل الدعاية وشراء الأصوات فتهيمن على الأمة بعد أن كان مفروضا في الديمقراطية أنها حكم الأمة والأكثرية . وفي حين يقّوم النظام الرأسمالي هذا التقويم لا يتحدث كذلك عن النظام الاشتراكي الذي يستند الى الفلسفة الماركسية التي يرى أن غايتها خدمة المجتمع وأنها تحكم بنظام يمثل مصالح الجميع وفيه يسود السلام والوئام وتزول جميع الآثار السيئة للنظام الديمقراطي الرأسمالي. ولكنه يرى أن هذه الأفكار المقترنة بمشاعر وعواطف إنسانية راقية تخطيء في تقديم التفسير للمشكلة الاجتماعية وفي علاجها ، فالعلاج الشيوعي لهذه المشكلة ناقص وإنه لم يضع يده على سبب الفساد فلم يوفق لهذا في العلاج ولم ينجح في التطبيب . لقد أراد الشيوعيون إقامة نظام عادل تذوب فيه الملكية الخاصة لصالح مصلحة المجتمع بطريق الفرض وقبل أن تنضج في الأمة عقلية ذلك النظام وتعم روحيته فعمد الى القسر وتوجيه الأمور بيد من حديد مع وجود التربية المادية التي تجعل الإنسان لا يؤمن الا بحياة محدودة ولا يعرف معنى الا للذة المادية وهناك نزوع في الإنسان الى حب الذات وتغليب مصلحته على ما سواها. وينتهي من حواره الطويل مع الماركسية وحجاجه معها ومع الرأسمالية الى أن الإسلام هو الذي يضع يده على موضع الداء وتشخيص الدواء. ويلتمس السيد محمد باقر الصدر انطلاقا من نهجه الموضوعي العلل المسوغة لموقف الشيوعيين من الدين ، بالدور الكبير الذي لعبته الكنيسة في استغلال الدين استغلالا شنيعا وجعله أداة لمآربها وأغراضها وخنق الأنفاس العلمية والاجتماعية إذ أقامت محاكم التفتيش وأعطت لها الصلاحيات الواسعة للتصرف في المقدرات حتى تولد عن ذلك كله التبرم بالدين والسخط عليه لأن الجريمة ارتكبت باسمه مع انه في جوهره الصحيح لا يقل عن أولئك الساخطين والمتبرمين ضيقا بتلك الجريمة واستفظاعاً لدوافعها ونتائجها. ولا نريد أن نعرض لجميع الدراسات الإسلامية منذ العصر الحديث التي انتهجت هذا المنهج الموضوعي في وقفتها مع الفكر الماركسي غير المؤمن بالله . ولو أردنا أن نرجع إلى جذور هذه المواقف الموضوعية المتعالية على التعصب وغير المنغلقة لوقفنا على مواقف كثيرة في سيرة حملة الدين الأوائل الواعين لجوهره الصحيح . لقد طالبنا الحزب الشيوعي العراقي عند طرحه لمسودتي برنامجه ونظامه الداخلي في ذلك الوقت ومن خلال جريدة طريق الشعب وضمن الباب الذي فتحته الجريدة بعنوان : (مناقشة لمشروعي البرنامج والنظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي) بأن يضيف مفردة (الدين) الى مفردات برنامجه الجديد وأن يدعو كوادره الى فتح نقاش حول قضية الدين وأن يكون رائداً بين الأحزاب الشيوعية في البلدان الأخرى في تبني تغيير في الموقف الفكري النظري في هذه القضية الخطيرة التي استغلت ضده وما زالت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشيوعية والدين
فؤاد النمري ( 2013 / 9 / 12 - 20:05 )
من يقول ..
-فالحزب يستلهم فيما يستلهم الحضارة العربية الإسلامية ، وإذا كان الدين هو العنصر الجوهري في كل حضارة لأنه العنصر غير القابل للتغيير والتجاوز-
لا علاقة له بالشيوعية وبالشيوعيين
هل الدين عنصر حضاري لا يكن تجاوزه . هل يبشرنا هؤلاء أن الناس في الحياة الشيوعية سيتزاحمون في الجوامع وفي الكنائس !؟
الشيوعيون لا ينطلقون من عتاصر الحضارة ليدخلوا الحياة الشيوعية بل من أفكار ومتطلبات البروليتاريا وأولها تحرير الإنسان من الإستلاب للإفكار الدينية والتخلص منها نهائياً
الإنسان لا يحتاج الدين إلا ليغطي عجزه العلمي والشيوعيون يرون أن أولى وظائفهم هي الكشف عن العجز العلمي حيث بدون هذا الكشف لا يعمل الإنسان على تقدمه العلمي


2 - نقد الدين اساس الفكر الماركسي
عامر سليم ( 2013 / 9 / 13 - 13:05 )
لست شيوعيا وربما اختلف كثيرا مع السيد النمري في ستالينيته ولكنني اكن له احترام وتقدير كبيرين لانه لاينافق ويحترم نفسه ومبادئه
اما بالنسبه للمقال البائس للكاتبه وثنائها على معمم متصحر( رضوان الله تعالى عليه!!!) وكتابيه السطحيين فلسفتنا واقتصادنا فهو لايلفت الا انتباه المبهورين بأيات الله والمقدسين سرهم رضوان الله عليهم وعاشت البروليتاريا المعصومه!!!
يالبؤس واليأس

اخر الافلام

.. تحذير سياسي من مبابي بشأن انتخابات فرنسا


.. بوتين يزور كوريا الشمالية لأول مرة منذ 24 عامًا.. وهذا ما سي




.. ضحايا وعشرات المصابين على إثر حريق مستشفى خاص في إيران


.. الجيش الإسرائيلي يحقق في احتمال تهريب حماس رهائن إلى خارج رف




.. قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة| #ال