الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة والإمامة في سورية

مرح البقاعي

2013 / 9 / 14
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


ربيع 2011 كان فصلاً مغايراً وموعداً استثنائياً مع صناعة التاريخ في سورية، كان فصل الصحوة الباسقة والقيامة من اليباب.

خرجت السوريّات معلنات ثورتهن الماجدة، ثورة الحريّة والكرامة والعدالة الإنسانية، جنباً إلى جنب وأقرانهن الأحرار السوريين. صدح صوتهن في الساحات أن لا عودة إلى الاستبداد، وأن لا بديل عن الثورة إلا الثورة، وأن المرأة هي عبق ذاك الخروج الكبير ووردة دمه العالي.

إلا أن المرأة التي شاركت بفعلٍ متّسِع في الثورة، ودفعت أثماناً باهظة تشريداً وتنكيلاً ويتماً وثكلاً واعتقالاً وترمّلاً وشهادة، تقف اليوم، بعد مرور ثلاثة أعوام من التضحيات المتّصلة، في موقع المرتَهن لتصنيفات راديكالية ترتدي عباءة الإسلام هادفةً تنفيذ أجندات سياسية مرتبطة بأطراف ظلامية ذات نهج عنفي، بينما كانت تتابع التقاط إشارات التغيير الحتمي التي وصلت محمولة على أجنحة ثورة الاتصالات والمعلوماتية، مهيّئة لأرضية الاتصال والتواصل بين أطراف هذه التجربة التحرّرية الاستثنائية في التاريخ الحديث، وكذا الربط بين ناشطاتها وناشطيها تفعيلاً لحراكهم الثوري العارم الذي كان يسير على وقع رسائل الفايسبوك والتويتر العابرة للفضاء الأمني الثقيل.

وعلى رغم المنعطف العسير الذي تمرّ به اليوم الحالة السورية، أمنياً وإنسانياً، وعلى رغم تهجير 3 ملايين سوريّة وسوري خارج البلاد ونزوح 6 ملايين آخرين داخل الأراضي السورية، وعادة المرأة هي الجهة الأضعف التي تدفع أثماناً غالياً في الحروب ومقاديرها، ولأننا «محكومون بالأمل» كما يقول المسرحي السوري الراحل سعدالله ونوس، لا يسعنا إلا أن نستمر بالسير الصعب والثابت باتجاه سورية المحرّرة إنساناً وأرضاً وسياسات. فالثورة لن تكتمل إلا إذا اقترنت ببرنامج حازم لتحرير الإنسان السوري، والمرأة أولاً، وعلى الصعد الاجتماعية كافة، وكذا مساواتها الدستورية والقانونية التامة بالرجل في الحقوق والواجبات. وعليه فالدستور المستقبلي في سورية، ومجموعة القوانين التي ستنبثق عنه، يجب أن تؤكّد حرية المرأة واحترام خصوصيتها وجسدها وعقلها وعواطفها، وتضمينها في القوانين والتشريعات كافة، وتمكين نفاذها من طريق تفعيل الأدوات والمؤسسات الموازية، وإنشاء الروادع القانونية والعقابية لكل من يستمر في الاعتداء على هذه الحقوق تحت أي مبرّر. كما يجب أن يشدّد الدستور المرتجى على حق المرأة في العمل السياسي، والشراكة في مواقع القرار العليا بالترشّح وإشغال أي منصب في الدولة بما فيها منصب الرئاسة والوزارات السيادية وكذا المناصب القضائية في القضاء المدني والقضاء الدستوري.

كانت لي تجربة نوعية في تدريس مادة الإسلام المعاصر في جامعة جورجتاون في واشنطن لطلاب الدراسات المستمرة، وهم عادة من الموظفين الحكوميين والباحثين المهتمين بتاريخ الإسلام وقضايا الشرق الأوسط. وقد لفتني خلال تدريس مادة الأندلس ودور المرأة في التاريخ الإسلامي في الحكم والسياسة، كم من الجهل والنكران يعتريان الذهنية الغربية لحقائق في التاريخ، وكذا في الحاضر، هي غرّة في الحداثة والاستنارة مقارنة بما يدور رحاه الآن في العالمين الإسلامي والعربي من مشهد التزمت والاستتباع المذهبي معزّزاً بنظرة الغرب القاصرة للمناخ الاجتماعي والسياسي المحتقن الذي أنتج تيارات التطرّف والغلو تلك، مقابل حالة من الاعتدال والتسامح يجب رفع الغبار عن وجهها بتداخل عاجل من أصحاب القلم والفكر التحرّري والتنويري المستقل.

فالإسلام لم يحرّم إمامة المرأة، والأدبيات الإسلامية تأتلق بأسماء ملكات ورياديات تركن بصماتهن على نواصي التاريخ من أمثال الملكة أروى بنت أحمد الصويلحي وفاطمة الزهراء وخديجة بنت خويلد وولّادة ابنة المستكفي بالله ومريم ابنة عمران وشجرة الدرّ وغيرهن من العلامات الناضرات في العلم والتجارة والسياسة والفكر الإنساني. هذا بينما يفيد التاريخ الحديث في معقل الديموقراطية، الولايات المتحدة، أن المرأة الأميركية لم تحصل على حقها في التصويت حتى 1920، ولم تتقلد مناصب سياسية عُليا إلا في بداية الثلاثينات، وهي ما زالت حتى الساعة تعاني تمييزاً إذا ما أبدت منافسة للرجل فيما يَعتبره ميداناً مهنياً حكراً عليه، ومعدل رواتب المديرات التنفيذيات في الولايات المتحدة هو أقل 40 في المئة للمرأة التي تشغل المنصب نفسه للرجل، وتتمتع بالخبرة المهنية ذاتها التي يملكها.

ولأن التغيير الاجتماعي والسياسي لا يتمّ إلا من خلال شغل فكري وعلمي وتربوي متأنٍّ وصبور من أجل ترميم مسلّمات وأفكار راكدة وتغييرها، فلا بد من التشديد في هذا المقام على ثوابت سياسية وأخلاقية وقانونية هي في صلب مكافأة المرأة السورية لثورتها على ثالوث الاستبداد والتبعية والتعصّب، أسرد بعضاً منها:

- ضمان المشاركة الفعالة للمرأة في العمل السياسي وذلك بضمان مشاركة نسائية بنسبة 50 في المئة في أية حكومة موقتة، أو انتقالية، أو دائمة، وكذلك الحال في مؤسسات الدولة كافّة.

- ضمان مشاركة المرأة بنسبة 50 في المئة في التجمّعات الدولية، وفي لجان التفاوض والمصالحة والسلم الأهلي، وكذا في لجان تأسيس الدستور وكتابته.

- تمكين النساء ودعمهن في العمل السياسي من خلال تزويدهن بالمهارات اللازمة والتأهيل القيادي.

- حماية المرأة اجتماعياً وقانونياً من التعرّض للإكراه العقائدي (دينياً كان أم سياسياً)، وتفعيل قوانين ردع العنف الأسري والانتهاكات الجنسية، وسن أنظمة اجتماعية لحمايتها من الأذى الاقتصادي المترتّب على فقدان المعيل، وتجريم الزواج بالقاصرات، وكذا نشر حملات التوعية التي تساعد في التعريف والاعتراف بالتحرّش والاغتصاب على أنها جرائم يحاسب مرتكبها أمام القانون بأقصى العقوبات.

فصل المقال أن الثورات السياسية لا بدّ من أن تُرافَق بأخرى ثقافية انقلابية على الراكد السلطوي ذي الفعل الرجعي المقيت، ثورة ثقافية هي الرديف والرافد للثورات السياسية على ألوان الاستبداد، وأن التحرّر السياسي المرتجى لا يستوي إلا بموازاة تيار من التغيير المجتمعي ينقلب على كل مثبّطات الحراك الثوري ومسكّناته وفي مقدمها تغييب شراكة المرأة - نصف المجتمع الفاعل ونسغ المستقبل العميم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2013 / 9 / 14 - 23:09 )
لا توجد مشكله معي في حقوق المرأه , فأنا من مؤيدين رئاسة المرأه للدوله حتى , فالقرآن لم ينتقد حكم بلقيس , و لم ينتقد إحتفال سليمان -عليه السلام- بها , كل ما أنتقده هو عقيدتها الباطله .
لذلك , فأنا -عن نفسي- مؤيد لحكم المرأه على مستوى الدول , مشكلتي مع المرأه , التالي :
1- تتحدثون عن قانون القاصرات!... و هذا قانون شاذ , مثال :
الملحد يؤمن بأن الطبيعه -الغير واعيّه بنظره- هي من أنتجت البشر , جميل , فلنفرض أن الفتاه بلغت بعمر الـ13 عام , حسناً , الطبيعه هي من جعلتها تبلغ بهذا العمر , لماذا قانون (القاصرات) يخالف الطبيعه و يضع عمر محدد للزواج؟... أليس مخالفة الطبيعه تُسمى شذوذ؟! .
يعني الفتاه بلغت بعمر الـ13 , و لا يحق لها -حسب قانون القاصرات- أن تمارس حقها الجنسي الرسمي المكتوب (عقد نكاح) , أنا أعتبر قانون القاصرات شذوذ و ديكتاتوريّه و عمليّة كبت جنسي! .


2 - تكملة التعليق
عبد الله خلف ( 2013 / 9 / 14 - 23:10 )
2- دعوة المساواه بين المرأه و الرجل!... هذه سقطه أخرى , مثال :
الطبيعه ؛ جعلت من الذكر أعلى شأناً من الأنثى فيزيائياً , مثال : شاب بصحه و عافيّه و بعمر 25 عام , و فتاه بصحه و عافيّه و بعمر 25 عام , أيهما أقوى جسدياً -فيزيائياً-؟ .
الطبيعه و العلم و المنطق يقول : (الذكر) , حتى بطولة WWE للمصارعه الحره , لا تسمح بالمصارعه بين الذكر و الأنثى , و جعلت للسيدات بطوله خاصه بهم .
لذلك , نقول : (كل ما خالف الطبيعه , هو شاذ) .


3 - تحية
أمل مشرق ( 2013 / 9 / 15 - 14:43 )
عندما تنتصر العلمانية لإقامة دولة دستورها لا يشمل أي شيء من الدين وهو ما استطاع الشيخ مصطفى راشد إيجازه في عشر نقاط عبقرية
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=372547
يمكن حينها التحدث عن مساواة المرأة بالرجل من ناحية الحقوق والواجبات وهو أمر واجب لأنها لا تنقص شيئا عن الرجل بل تزيد بأضعاف من ناحية قدراتها العقلية والذهنية عن الكثيرين من أمثال صاحب التعليق 2، ولكن طالما الثورة الحالية هي ثورة أوباش وهابيين واخوان مسلمين من قاطعي الرقاب وآكلي قلوب وأكباد من كل أصقاع الأرض يمولهم أهل الخليج ويسلحهم السي آي ايه فنحن ما زلنا نعيش فترة استفحال الدين الإرهابي الوهابي ولا يمكن الحديث عن ثورة مدنية واجبة من أجل قلع الدكتاتوريات العائلية الظالمة الحالية. لو تلقفت المرأة السورية في المخيمات دول متحضرة غربية ملحدة لما كن نهشا لكلاب جهاد المناكحة واغتصاب الطفولة وزواج القاصرات باسم الشفقة والرأفة باسم الدين والديم منهم براء


4 - سؤال للبغاء أو الواوي في قراءات اخرى
أمل مشرق ( 2013 / 9 / 15 - 16:55 )
حزورة عليها جائزة حبة لوز معفن للبغاء
هل مساواة المرأة في حق التعليم بما فيه العالي، والترشح والانتخاب، واختيار ماذا تلبس وممارسة أي مهنة ومزاولة أي عمل أقله سياقة السيارة المحرمة في بلدك والتساوي في اجور العمل وعدد أيام العطل والسفر بدوم محرم المحرم في بلدك . وركلك بين رجليك على ما تقوله؟ هل كل هذا مخالف لقوانين الطبيعة ام مخالف لقوانين الشرع أو هو فقط مخالف لعقول الببغاوات والديناصورات؟

اخر الافلام

.. مقتل امرأة وإصابة 20 شخصا إثر غارة إسرائيلية على بلدة جنّاتا


.. زواج القاصرات يشعل المغرب.. وحملة رقمية لإيقافه | #منصات




.. الحركة قيدت النساء ب70 تشريعا.. أول تقرير أممي عن الأفغانيات


.. الاستشارية الأسرية حنين بطوش: لابد من تعاون الأهل مع الشباب




.. امرأة تواجه متظاهرين يهود مؤيدين لفلسطين في نيويورك