الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متاهة الهوية..هل تنهي وطن اسمه ليبيا؟!

محمد عبعوب

2013 / 9 / 14
المجتمع المدني


بانهيار انظام القذافي -الراعي الرسمي لهوية عربية مشوهة لليبيا- في العشرين من أغسطس 2011م ، تفرق شمل الجماعة الليبية التي كانت يجمعها شعور الخوف ورهبة سلطة القذافي، وذهبت كل جماعة بعد ذلك التاريخ تبحث في ركام الماضي عن هوية لها متجاهلة الهوية الوطنية لليبيا التي رسمت ملامحها وحدودها بعد قيام الدولة الليبية الاولى عام 1951م .
هذه الجماعات، قبائل ومدن وجهات وأعراق ، ظلت طيلة فترة حكم القذافي تتغذى على التاريخ في صنع هويتها، إن على مستوى قومي عربي او قبلي ومناطقي، فالقذافي وضع سلسلة من الطروح الهوياتية فصلها حسب الظرف المناسب لتعاطيها، فعندما يكون الظرف قوميا يخرج ورقة القومية العربية ويستدعي التاريخ والفتوحات وهجرات ما قبل التاريخ وما بعده ويساعده ثلة من البحاث النفعيين في وضع أساطير تساعد في تخدير النفوس وتهييج المشاعر القومية التي تعطي إحساسا وهميا بالأمان . وعندما يكون الظرف قبليا يستدعي الشيوخ ويستوضح منهم تاريخ القبائل لينفخ فيه ويضخمة لخطب ود هذه القبيلة ليسلطها على الأخرى التي ظهر منها فردا معرضا لسياساته، وتتحول القبيلة المستهدفة الى دولة وقوة ضاربة ويسارع مستشاريه القبليين في صنع الاساطير واختلاق البطولات القبلية الكفيلة بتغييب أكبر واع ومثقف وتسميم عقله بثقافة القبيلة الهدامة..
هذه الثقافة لا زالت وبكل اسف تعمل وتفعل فعلها في الحراك الاجتماعي والسياسي للمجتمع الليبي حتى بعد زوال القذافي وتفكك منظومة التضليل التي عملت معه لآخر لحظة في حياة نظامه.. ويمكننا رصد اول مظاهر فعل هذه الثقافة في انكفاء المدن والقبائل والاعراق نحو الماضي وتخليها عن شعارها الذي رفعته خلال ثورتها ضد القذافي وهو "ليبيا" كوطن للجميع ، ذلك الاسم الذي غيبه القذافي ولا يكاد يذكره إلا إذا اضطر لذلك، ووضع مكانه اسمه الكودي "ثورة الفاتح" .. هذه القبائل والمدن نسيت او تناست الانتماء الى هوية وطنية اسمها ليبيا تجمع الكل، وتخلت عنها بمجرد زوال النظام السابق وذهبت تبحث في ركام التاريخ عن هويات واسماء تعود لأكثر من الف سنة.. فهذه مصراته أصبحت توباكتس!! وتلك تاجوراء أصبحت تاج اورا !! وسبها اصبحت فسانيا وووووووووالخ من قائمة المدن المنكفئة الى الماضي. وذهبت ليبيا اسما وهوية أدراج الرياح، وها هي تسير كجغرافيا الى الزوال ليقام على ركامها دويلات المدن التي انقرضت في العالم من الوجود قبل أكثر من الفي سنة..
ويمكننا إرجاع أسباب ظهور هذا التخلي شبه الجماعي عن الهوية الوطنية لليبيا كوطن ذو حدود سياسية معترف بها دوليا والانكفاء هذه الجماعات نحو هويات ما قبل التاريخ الى عدة أسباب منها:
• ضعف الدولة الوطنية اليوم وعجزها عن بلورة مؤسسات توفر الحماية والامن للمواطن الذي اضطر للبحث عن حماية نفسه واسرته في الاتجاه الذي تعود عليه خلال حكم القذافي: التاريخ؛ فانكفأت النخبة المتعلمة في هذه الكيانات للبحث في التاريخ عن أي رواية أو إسطورة تربط المدينة او القبيلة او العرق او الجهة بنقطة مضيئة في التاريخ تستند اليها في صنع الاساطير لكيانها (توباكتس ، فسانيا ) .
• ضعف الاحساس بالهوية الوطنية الليبية التي عمل النظام السابق على قتلها في نفوس الليبيين وأحل محلها الهوية الثورية والقومة العربية السرابية التي كانت بمثابت الجزرة التي تغري الشعب بالاستكانة وتحمل خطايا قائدها على أمل تحقق هذا الهدف السرابي.. ولذلك لم يدم شعار ليبيا بعد الانتفاضة في وعي الليبيين طويلا، إذ سرعان ما زال من ذاكرتهم لتحل محله انتماءات متقاطعة ومتصارعة زادت وفرة السلاح من حدتها وتعميق الاربتاط بها على حساب الارتباط بالوطن الذي يسمى ليبيا.
• ظهور هويات اقليمية جاذبة عابرة للحدود (الأمازيغية ، التارقية، التباوية) استغل المروجون لها عواطف ومشاعر ثقافية ولغوية لطائفة من الاثنيات العرقية الليبية التي كانت خامدة او ناشطة ضمن إطار وطني حتى انهيار نظام القذافي، وعمل نشطاء هذه الجماعات بعد هذا التاريخ على الترويج لها واستغلال عواطف طيفهم وتعبئتها بانتماء عرقي متجاوز للانتماء الوطني لليبيا، وحتى يكون لهذه الهوية الجديدة لونها اختلقت اسماء وحروف وتاريخ ، ولتأجيجها عمدت هذه النخب الى تهييج المشاعر باستدعاء التاريخ البعيد والقريب ومحاكمته واسقاطه على الواقع المعاش لنسف ما تبقى من جسور تواصل مع بقية المكون الوطني الليبي.
أمام هذه العوامل وعوامل أخرى يمكننا رصد تراجع مضطرد للهوية الوطنية الليبية لدى الجماعات الليبية بمختلف انتماءاتها القبلية والجهوية والعرقية، وانكفائها نحو هويات ضيقة قبلية وعرقية وجهوية بحثا عن حماية كيانها ومصالحها، خاصة في ظل الانهيار المتفاقم لمؤسسات الدلة الليبية الأمنية والسياسية والاقتصادية.. وهذا التراجع هل سيؤدي في نهايته الى تفكك ليبيا كدولة بحدودها المتعارف عليها دوليا؟ هذا ما ستجيب عليه الأحداث والتطورات فيما تبقى من عمر المؤتمر الوطني والحكومة المؤقتة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحل هو هذا يا رجل
ميس اومازيغ ( 2013 / 9 / 14 - 16:29 )
شوف يا رجل مقالك هذا ليس فيه غير التباكي على ما اعتبرته الهوية الليبية بالرغم من انك لم توظح ما تعنيه بهوية هذا القطر من شمال افريقيا.ارجعت الدولة الليبية الى سنة 1951 سيرا على نفس النهج الذي اعتمده العروبيون في المغرب والذين لا يرون وجودا لهذا البلد الا بمجيىء ادرس العربي.
يا رجل لم يعد مقبولا في شمال افريقيا الأمازيغية ادعاء هوية غير هوية الأرض وهذه امازيغية اعتبارا للتاريخ والجغرافيا وكل محاولات التهرب من هذه الحقيقة انما مآله فتن يعلم جيدا الذين ينبهون الى ما ذكر انهم لن يكونوا مسؤولين عنها على من يدعي كونه عربيا في شمال افريقيا ان يعلم بانه لن يكون له بها وجود مستقبلا لأن من حق ابناء الأرض ان يحاربوا من اجل استقلالهم لا وجود لعرق عربي صافي في اقطار شمال افريقيا ومن يزعم خلاف ذلك عليه ان يسأل نفسه باي حق يريد فرض هويته على ابناء الأرض اليس من المنطقي انه هو الواجب عليه ان يتصرف في اطار هوية هؤلاء وقوانينهم؟ ان الخطا ان ارتكبته العصابات الحاكمة وحاولت تجريد شمال افريقيا من هويتها الأمازيغية تعين على حكمائها اليوم وليس غذا الأعتراف رسميا باللغة الأمازيغية جنبا الى جنب مع العربية


2 - ميس
محمد عبعوب ( 2013 / 9 / 14 - 18:41 )
السيد ميس..نسأل الله لك الشفاء من هذه اللوثة العرقية التي تسيطر على عقلك ..


3 - بعد إدن الكات
Jugurtha bedjaoui ( 2013 / 9 / 14 - 19:42 )
بعد إدن الكاتب اح













بعد إدن الكاتب احي اخي الفارس الامازيغي ميس أومازيغ واسأله عن الصحة والعافية واقول اخي ميس أومازيغ ايها الحر كنت وستبقى كما قلت لك مرارا فانت النور الدي يرى به الامازيغ على هاد المنبر الحر للحوار المتمدن ولولاك لقتلتنا غصة العربان صدقني يا اخي العزيز وانا اقرأ المقال وكل سطر من المقال يصفعني صفعة عنصري حاقد وانا اتاسف في نفسي واعصابي هاءجة افكر كيف ارد وبالصدفة رايت تعليق رقم واحد وقلت بالتأكيد لن يكون الا الفارس الحر وزادت فرحتي عندما رأيت اسمك وقبل ان اقرأ التعليق اخدت نفسا طويل وانا متأكد بانك ستاخد حقنا وتقنع كعادتك لك كل الدعم من اهلك في شمال افريقيا و ترجع الاوطان لاهلها طال الزمن او قصر تحياتي


4 - شوفينية مقيته
سبها ( 2013 / 9 / 15 - 08:56 )
الذين يتابكون على العروبة كالذين يتباكون على الامازيغية كلهم عنصريون كلنا من وحيد الخلية وانما هي ثقافات متعددة يجب ان تتلاقح لا ان تتصادم


5 - ما هكذا تحقق المطالب
محمد عبعوب ( 2013 / 9 / 15 - 09:38 )
السيد ميس وتابعه ..
أن تطرح بضاعتك في غير سوقها يعني كسادها وإفلاسكم.. لا أكاد اسطر حرفا حتى في موضوع علمي حتى تبادرون لإقحام هذه القضية وبلغة عنصرية تنزل الى مستوى الهرف والهذيان وبشكل يوحي للمتتبع أنكم تعانون كسادا فاضحا في ايجاد قراء ومتتبعين لما تطرحون.. إنكم تسيئون لثقافتكم بهكذا إقحام لها في مقالات لا تتناولها لا من قريب ولا من بعيد.. فما هكذا تنال الحقوق وتتحقق المطالب.. ثم إن لغة الشتم والقدح والعنصرية والكراهية التي تشكل العمود الفقري لما تكتبونه لا مكان لها في هذه الصفحة التي عنوانها الحوار المتمدن وليس الشتم الكراهية..

اخر الافلام

.. العربية ويكند | الأمم المتحدة تنشر نصائح للحماية من المتحرشي


.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو




.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع


.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة




.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون