الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر بين المتغيرات السياسية

عبدالسيد مليك

2013 / 9 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بين ليلة وضحاها أصبحت مصر جزءًا من مخطط مدروس بكل عناية للعبة سياسية كبيرة، لا تستهدف مصر فحسب بل جميع منطقة الأفرو- عربى والآسيو- عربى، نالت منها مصر وسوريا نصيب الأسد وشملت المنطقة ليبيا، تونس، البحرين وسبق كل هؤلاء التقسيم الفكرى والمذهبى للعراق والتقسيم الجغرافى للسودان الجنوبى والشمالى والتقسيم العرقى للأكراد فى تركيا والعراق، ومازالت رقعة اللعبة السياسية تتسع فى المنطقة من خلايا تعمل بكل جهد وإخلاص لتنفيذ أجندة غربية أمريكية لتفتيت المنطقة مذهبيًا وسياسيًا وجغرافيًا من خلال الترويج لما يعرف بثورة أو ثورات الربيع العربى.


وتحت هذه الشعارات البراقة انجرف أو انخدع الكثير من العامة ومن بينهم أيضًا الكثير من المفكرين والسياسيين أو من المقهورين من فساد الأنظمة السابقة، وما حدث من ضجيج فى منطقة الشرق الأوسط مع نهاية 2010 ما هو إلا مشروع ثورة ولدت من رحم المعاناة والغليان والبطالة وتدنى المستوى الاجتماعى والجهل والفقر والشحن الطائفى الذى فعلته وباشرته الأنظمة السابقة بعناية شديدة.

وعلى الرغم من فساد المنظومة السياسية السابقة فى جميع المنطقة الذى استغلته القوى السياسية الخارجية لخلق نوع من الفوضى المنظمة من خلال تفعيل دور المقهورين، وإعطائهم مساحة من حرية التعبير عن الرأى والتظاهر، إلا أن نفس هذه القوى الخارجية هى التى فعلت دور أنظمة سياسية أخرى ودعمتها بقوة لتدفعها كنظام بديل للدولة الديموكتاتورية فى المنطقة، فلم يختلط الأمر على نخبة السياسيين والمفكرين لقراءة المشهد المتباين للولايات المتحدة الأمريكية من دعمها للدور القطرى الذى يدعم التيار الدينى المتشدد بين قراراتها وبيانات البيت الأبيض فى دعم الديمقراطية وحرية التعبير عن الرأى وحرية الاختيار، وبين دورها فى الغرفة المظلمة وتأتى فى مقدمة هذه الاجتماعات زيارة جون كيرى للقاهرة يناير 2012 بحجة اللقاء بقيادات حزب الحرية والعدالة كغطاء سياسى للالتقاء بقيادات جماعة الإخوان المسلمين والتى أعلنت عنها الخارجية الأمريكية فيما بعد أن الإخوان قدموا للأمريكان تطمينات مؤكدة حول أنهم سيقومون بالحفاظ على المعاهدات مع إسرائيل.

وفى ضوء هذه الخطوة قام الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بوصفه الرجل الأول فى الجماعة بالسفر إلى تركيا، وفى ضوء مقولة السادات فى برلمان 1977 فى علاقة القذافى بروسيا آنذاك (لا روسيا دخلت فى الإسلام ولا معمر قلب «أى أنه دخل المسيحية»).
وهنا السؤال يطرح نفسه: ما هى علاقة التيار الدينى بالولايات المتحدة؟ بالرغم من تجربة الولايات المتحدة مع التيارات المتشددة والتى باءت جميعها بالفشل وأحداث 11 سبتمبر هى الشاهد التاريخى على ذلك مما دفع الولايات المتحدة رفض التفاوض مع وفد الإخوان المسلمين فى السفارة الأمريكية بالقاهرة عام 2004 معللة ذلك أنها لا تقبل التفاوض مع أى تيارات سياسية ذات مرجعية دينية، إلا أننا فى نهاية 2010 بداية ما أطلق عليه ثورات الربيع العربى، وجدنا أن الغرف المظلمة جمعت الطرفين من جديد فى واحدة من أبشع جرائم العهر السياسى فى العصر الحديث، فسر تمسك الولايات المتحدة بجماعة مصنفة بالإرهابية على حد تعبير مدير مكتب الاتصال بالجمهور والمساعدات فى البيت الأبيض فى رسالته للسيدة جيلفر مزراحى مديرة مؤسسة أمريكية تهتم بالشأن الإسرائيلى فى خطابه الذى قال فيه «إن البيت الأبيض فى حيرة حقيقية من جماعة الإخوان المسلمين ولا يستطيع أن يصنفها إلا على أنها منظمة إرهابية..».

فلم تعمل هذه الجماعة طيلة ثمانين عامًا سوى تحت الأنفاق المظلمة ذات تاريخ دموى ليس لديها الحد الأدنى من الفكر السياسى والاقتصادى، ولم تحاول تجميل موقفها بالاستعانة بأهل الخبرة فى هذه المجالات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه مما آل إليه الوضع الداخلى طيلة عام كامل من حكم الإخوان لمصر، لكنها تقوقعت على نفسها وفضلت الاستعانة بأهل الثقة من الأهل والعشيرة وهم جميعهم قامات قصيرة جدًا لإدارة البلاد لذلك فهى جماعة يسهل توجيهها لتنفيذ أجندة الرجل الأسود من البيت الأبيض، ثانيًا وهو الأهم أن هذه الجماعة فى حال نجاحها أو سقوطها فهى قادرة على الفرز الطائفى بين المصريين وخلق نوع من الفوضى فى الشارع وزعزعة الأمن الداخلى للبلاد، وهذا ما لجأت إليه بعد فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة فى 14 أغسطس من اعتداءات ضد الأقباط وممتلكاتهم وحرق الكنائس والاعتداء على أقسام الشرطة والبوليس، فلو كان هدف الولايات المتحدة تجاه مصر والمنطقة ترسيخ قواعد الديمقراطية الحقيقية لكانت فعلت دور بعض الأحزاب السياسية ذات التوجه الليبرالى «الوفد أو التجمع..» القادرة على حمل الراية حتى لو بصفة مؤقتة لحين استقرار الأوضاع الداخلية للبلاد أو من خلال دعم مجلس انتقالى للثورة يتكون من رؤساء الأحزاب السياسية والتى تُمثل كل التوجهات السياسية لإدارة الأزمة، أما إن كان دور أمريكا هو العبث بمقدسات المنطقة وتفتيتها لدويلات هشة فمصر شعبًا وجيشًا قبلت التحدى، ولقنت الأمريكان درسًا قاسيًا وصفعة مدوية ستسطر على كل شبر فى جدران البيت الأبيض عندما استأصل المصريون شعبًا وجيشًا حلفاءهم من الإخوان المسلمين من الحياة السياسية بشكل نهائى ولا تراجع فيه وبذلك تكون انتصرت الإرادة المصرية وأفقدت الولايات المتحدة اتزانها من خلال خسارتها أكبر شبكة جاسوسية فى المنطقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول موظفة يهودية معيّنة سياسيا من قبل بايدن تستقيل احتجاجا ع


.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على




.. 174-Al-Baqarah


.. 176--Al-Baqarah




.. 177-Al-Baqarah