الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخاطر استمرار اختطاف الشيخ الخزنوي في سوريا

سليمان يوسف يوسف

2005 / 5 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مخاطر استمرار اختفاء الشيخ الخزنوي

في مدينة ( القامشلي) الجميلة، التي تجسد قيم العيش المشترك والتآخي بين الأديان والقوميات، يعيش الشيخ الكردي، الدكتور محمد معشوق الخزنوي، نائب رئيس مركز الدراسات الإسلامية في سوريا. كانت المرة الأولى، وأتمنى أن لا تكون الأخيرة، التقي فيها فضيلة الشيخ، تم اللقاء في مكتبه، الكائن في وسط المدينة،كان ذلك في الأسبوع الأول من شهر نيسان الماضي، ضمن وفد (لجان احياء المجتمع المدني) الذي كان في جولة له الى محافظة الحسكة، شاء التاريخ وشاءت السياسة،أن يكون ضمن الوفد الكاتب علي العبدالله الذي أعتقل من منزله بعد أيام من اختفاء الشيخ الخزنوي.
ما شاهدته وسمعته في مكتب الشيخ الجليل كان مخالفاً للتوقعات، لا اقول: صدمت، وإنما دهشت وأعجبت، فقد كان مكتب الشيخ متواضعاً، في كل أشيائه وموجوداته، تعكس تواضع الشيخ وبساطة حياته، بخلاف مكاتب وصالونات الفارهة والمزركشة للمسئولين في مؤسسات ودوائر الدولة، وكذلك بخلاف مكاتب بقية رجال الدين المسيحي والإسلامي في بلدنا، حتى ممن هم أقل منه مكانة في المجتمع وأدنى منه مرتبة في العلم والدين والمعرفة،(فكلما كبر العالم تواضع) هذا ما كان يجسده الشيخ الخزنوي في حياته.رحب بنا فضيلة (الشيخ الخزنوي) بكلمات بسيطة عكست أخلاقه السمحاء ونفسه الطيبة، سمعنا من فضيلته، ما نتمناه ان نسمعه من كل رجال الدين، مسلمين كانوا أم مسيحيين. وللتاريخ أورد هنا بعضاً مما قاله فضيلته، ومما دونته في دفتري،الذي احمله عادة في مثل هذه الجلسات الحوارية، قال: (( لست بديلاً عن الحركة الكردية السياسية، أنا خبير بالألغام الدينية التي يضعها بعض الإسلاميين، وباسم الإسلام، في طريق المجتمع المدني وحقوق الإنسان، ولذا أنا أقوم بتفكيك هذه الألغام...وسأقوم بطبع بحوث وكراسات أنجزتها لنشر هذا الفكر ...أنا مع فصل الدين عن الدولة والسياسية، وإقامة الدولة العلمانية.... ومن أجل تحرير الاقتصاد من الفكر الإسلامي، وليس فقط السياسة...وأضاف الشيخ: لا يوجد نظام اقتصادي اسلامي.. بالنسبة للمصارف الإسلامية هي شكل لسرقة أموال المسلمين بطريقة ما... هناك عوامل سياسية تعيق مسارنا، لنا أنصار في كل مكان، منهم الدكتور محمد حبش...)) عن تصوراته ورؤيته لمستقبل سوريا قال الخزنوي: (( هناك رؤية غير واضحة، أشعر بخطر حقيقي مما هو قادم وأخشى أن يكون الوقت غير كافي لتدارك الخطر ....)).لا أبالغ القول: أن كلام الشيخ عكس (صورة الإسلام) التي كانت في ذهني، ولا أخفي سراً بأنني تمنيت بان أجد أمثال الشيخ الخزنوي، في الوسط المسيحي قبل الإسلامي، أعقبت على كلام الشيخ بالقول: إذا كان هذا هو (الإسلام) كما وصفته لنا، فأننا جميعاً مسلمين.في هذا اللقاء، اكتشفت في أعماق الشيخ الخزنوي، انساناً متنوراً منفتحاً على الآخر،لا يعرف الحقد والكره، انساناً متسامحاً غيوراً على وطنه سوريا، رجلاً يجمع بين العلم والإيمان، يكرس جل وقته في البحث والدراسة وتحصيل المعرفة، وكذلك في نسج أفضل العلاقات الوطنية بين مختلف فئات والوان الطيف السوري الجميل. لذلك عندما قرأت، خبر اختفاء واختطاف الشيخ الدكتور محمد معشوق الخزنوي،لم أصدق الخبر واعتبرته نبأ ملفقاً لإثارة أزمة أو فتنة جديدة في البلاد، وخاصة في منطقة (الجزيرة) موطن الشيخ الجليل، لم أصدق، لأني لم أكن أتوقع أن يتواجد في سوريا مهد الحضارة والأديان والتسامح ، من يرتكب مثل هكذا حماقة ويختطف هكذا رجل دين، لهذا ترددت في الأيام الأولى في الكتابة عن حالة اختفاء الشيخ الخزنوي، لكن بعد أن مضى على اختفاءه أكثر من عشرة ايام، وبعد أن باتت الشكوك والمخاوف حقيقة، قررت أن أكتب للتاريخ، كلمات في هذا الشيخ الجليل، ولأعبر عن المخاوف التي تمتلكني على البلاد، وربما تمتلك الكثيرين في سوريا،لأن خطف الشيخ سيترك، من دون شك، آثار جداً سلبية وخطيرة على مسار حياتنا الوطنية السورية،إذا ما أصابه أي مكروه،لا سمح الله.
أخشى ما اخشاه،أن تكون الجهة المخططة والمنفذة لعملية الخطف، أرادت أن تجعل من خطف (الخزنوي) قنبلة تزعزع أمن البلاد وقلقلة الأوضاع فيه، ودفع البلاد باتجاه فتنة طائفية وعرقية، بدا نذيرها في العراق، لهذا أتمنى أن يرى الجميع في سوريا، حكومة وشعباً، أكراداً وعرباً، آشوريين(سريان/كلدان) وأرمن، مسلمين ومسيحيين، في عملية (خطف الخزنوي) (صفارة إنذار) توقظهم جميعاً وتشعرهم بالخطر المحدق، والتصرف بروح من المسؤولية الوطنية، وتدفعهم للعمل معاً من أجل درء خطر هذه القنبلة والقيام بكل ما من شانه يقي البلاد ويجنبها شر الأعداء ومخططاتهم.أن مسالة خطف الخزنوي، يجب النظر اليها، كقضية وطنية، لأنها كذلك، تهم وتمس كل المواطنين السوريين من (القامشلي)، الحزينة على شيخها الجليل، الى (الجولان) الجريح تحت الاحتلال، فالشيخ الخزنوي بفكره الواسع وامتداداته العميقة في المجتمع السوري وخارجه، تجاوز انتمائه الإثني والديني. أياً تكن الجهة التي خطفت الشيخ الخزنوي، فان خطفه،عمل جبان ومدان بكل المقاييس والمعايير الأخلاقية والدينة والوطنية والإنسانية.
لا أعتقد،أن نفي الداخلية السورية لمسؤوليتها عن خطف (الشيخ الخزنوي) أو نفي علمها بمكانه وبالجهة التي خطفته، يخفف من حالة الاحتقان في الشارع السوري، وخاصة في الطرف الكردي، وربما يزيد الحالة تأزماً ويضاعف من حالة القلق عند المواطنين، كون الشيخ خطف في وضح النهار ومن قلب العاصمة دمشق، فهذا يترك إشارة استفهام كبيرة على درجة يقظة وجاهزية أجهزتنا الأمنية المعنية والمسئولة عن أمن وحياة المواطنين،أن المنتظر من السلطات السورية هو أكثر من تبرئة الذمة، الواجب المطلوب أن تتحمل مسؤوليتها في البحث عن الخزنوي والكشف عن مصيره وعن الجهات التي تقف وراء اختطافه، ووضع حد لمنع تكرار حصول حالات مماثلة، فظاهرة خطف رجال دين، هي غريبة على المجتمع السوري الذي تميز عبر التاريخ بالتسامح والوئام بين أديانه وأبنائه واحترامه لرجال الدين كافة، إذ لم يسبق ان شهدت سوريا مثل هذه الممارسات المهينة بحق رجال دين، مسلمين كانوا أم مسيحيين، أم يهود.
جاء اختطاف واختفاء الشيخ الخزنوي، ليؤكد المخاوف التي كانت تقلقه والتي عبر عنها امامنا؟ وتنذر بالخطر القادم والمحدق بسوريا؟. أأمل، ويأمل كل السوريون الغيورون والمحبون لبلدهم ووطنهم سوريا، أن يدرك الجميع حجم الخطر الذي ينتظرنا جميعاً، دون استثناء، في هذا البلد، ويتحسس ويقدر الجميع، التداعيات أو الانعكاسات الخطيرة لخطف واختفاء شخصية دينية ووطنية بأهمية ومكانة الشيخ الخزنوي، في هذه الظروف العصيبة وهذه المرحلة التاريخية والمصيرية التي تمر بها سوريا والمنطقة.
الحرية لفضيلة الشيخ الدكتور محمد معشوق الخزنوي، وللزميل علي العبدالله ولكل سجناء الراي والموقف السياسي في سوريا.
سليمان يوسف يوسف... كاتب سوري آشوري. مهتم بحقوق الأقليات

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية