الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلول الإبداعية -الجذرية- لمشكلات التعليم (1)

مصطفى فؤاد عبيد

2013 / 9 / 16
التربية والتعليم والبحث العلمي


بالرغم من كل الجهود التي تُبذل في مسيرة التربية والتعليم، وبخاصة تلك التي تهدف لتطوير المنهجية والأدوات والأساليب وتحديثها سنوياً لتتماشى مع تطورات العصر الحديث ومتطلباته الملحّة، إلاّ أننا لا نزال نراوح في منطقة متأخرة مقارنة بدول أخرى قد تمتلك إمكانات أقل مما نمتلكه، سواء كانت فكرية أو حتى مادية، لدرجة أننا قد نعتقد في لحظة ما وكأننا نتراجع للوراء في هذا الشق المهم من البناء ألا وهو بناء الإنسان، بل ونحقق تراجعاً قد نسبق فيه أي دول أخرى تتعمد التراجع وتحاول أن تسبقنا فيه.

والغريب في هذا الأمر، بل والأكثر غرابة من أي شيء آخر، أننا جميعاً نًقر دوماً بأن الجهل هو المُسبب الرئيسي لكل المشكلات والعثرات التي نواجهها في كافة المجالات، ولكنّنا أيضاً لم نعطِ الاهتمام الكافي والضروري لحل تلك المعضلة واعتبرناها دوماً مشكلة "وزارية" تتحمل أعباءها الوزارة المعنية بالتعليم فقط ويقع على عاتقها بحثها وإيجاد الحلول المناسبة لها وتطبيقها ومن ثم القيام بالتقييم والتعديل، في الوقت الذي أصبحت فيه مشكلة مجتمع كامل يشارك في التأسيس لها واستفحالها الجميع بلا استثناء.

وعند التفكير في إيجاد حلول جذرية وحقيقية لتلك المشكلة، التي امتدت لعقود من الزمن، فسوف نجد أنفسنا نواجه مشكلة من نوع جديد، وهي مشكلة ممتدة عبر عدة أجيال متعاقبة، ومن المعروف أن المشكلات التي تمتد لعدة أجيال تحتاج لحلول مختلفة عن الحلول الاعتيادية بحكم أنه في لحظة ما من الممكن أن يتولى إيجاد الحل أحد الأجيال التي عانت من المشكلة أصلاً، لذا فإننا مطالبون الآن، أكثر من أي وقت مضى، بإيجاد حلول إبداعية مُبتكرة لوقف تمددها للمزيد من الأجيال الأخرى القادمة، أو بمعنى آخر لمنع وصولها إلى قمة هرم القائمين على مسيرة التعليم أنفسهم بمرور الزمن!!

ومن هذا المنطلق، فإن المنطق يفرض علينا التفكير في حلول تخص المدرّس الذي عانى من ضعف التعليم قبل أن يصبح مدرساً، بحيث نعمل على تطوير قدراته أصلاً وتحسين أسلوبه في تبسيط وتوصيل المعلومة للطالب وإخضاعه للتدريب والتقييم السنوي، كما أنه ينبغي أن نفكر في حلول تخص الأهل في المنزل الذين لربما عانوا أيضاً من ضعف التعليم ضمن الأجيال السابقة، ولا نبالغ عندما نقول بأننا بالفعل قد نكون بحاجة لعقد حصة أسبوعية خاصة لأولياء الأمور في المدرسة لتدريبهم على كيفية متابعة دروس الأبناء وتبسيط اللغات والعلوم المختلفة لهم أكثر من حاجتنا لأي شيء آخر، بل والأكثر من ذلك، قد يستلزم الأمر طباعة كتاب كمقرر إضافي لكل صف من الصفوف المدرسية يكون مخصصاً لولي الأمر فقط ويشتمل على كل ما يلزم من شروحات وإيضاحات وأمثلة عن كيفية تدريس الأبناء ومتابعة تعليمهم وتحفيزهم على الدراسة وزرع حب العلم في نفوسهم طوال العام الدراسي، حتى وإن تطلب الأمر عقد الامتحانات اللازمة لنجاح ورسوب أولياء الأمور في هذا المقرر لضمان التزامهم بما يحتويه من إرشادات.

من جهة أخرى، يستلزم الأمر العمل على الاستفادة من عصر المعلوماتية وما وفّره من إمكانات عديدة سوف تساهم بشكل ما في العمل على تطوير العملية التعليمية بكافة مفاصلها وعلاقاتها بمجالات التنمية الأخرى بالطريقة التي تتلاءم مع احتياجاتنا الفعلية بشكل تكاملي بعيداً عن التقليد والحشو والاستهلاك السطحي لتلك الإمكانات، وبمساهمة أوسع من الخبراء والمتخصصين في شتى المجالات بحيث تتكامل كل الجهود لتصب في بوتقة واحدة تهدف لإصلاح تلك المشكلة جذرياً، ونأمل أن يحدث ذلك قبل أن تكبر أجيال جديدة أخرى متعاقبة تعاني نفس المشكلة وتبدأ إحداها بتحمل مسئولية إيجاد الحلول لمشكلاتهم المستقبلية، ولكن هذه المرة لن يجدوها لأنها ستكون قد اختفت للأبد مع الأجيال السابقة لهم!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتوسع في إفريقيا.. والسودان هدفها القادم.. لماذا؟ | #ا


.. الجزيرة ضيفة سكاي نيوز عربية | #غرفة_الأخبار




.. المطبات أمام ترامب تزيد.. فكيف سيتجاوزها نحو البيت الأبيض؟ |


.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. فهل تتعثر مفاوضات القاهرة؟




.. نتنياهو: مراسلو الجزيرة أضروا بأمن إسرائيل | #غرفة_الأخبار