الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأزق المسلمين حضاري وليس سياسيا

أحمد عصيد

2013 / 9 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


رغم كل النكسات والخيبات المريرة التي مر بها المسلمون خلال القرن الماضي، و التي مازلوا يواجهونها في القرن الحالي، يبدون مصرّين على تكرار نفس السلوكات التي أفضت إلى نتائج كارثية في بلدان عديدة، والتشبث بها باعتبارها الخيار الوحيد الممكن، الذي سرعان ما يتبين أنه خيار انتحاري يرهن مصير الكل، من أجل وهم جماعي استمر لأزيد من قرن، وهو وهم الاعتقاد في عدم وجود إمكان للنهوض بغير العودة إلى الماضي، وبأن أسباب نهضة الأمم والشعوب المتقدمة لا يمكن أن تكون هي نفسها أسباب نهضة المسلمين، الذين قدرهم دون غيرهم من الأمم أن يعيشوا تراثهم الذي تحول إلى جرح لا يندمل، بل إنه أصبح بعد تعفنات وإصابات جرثومية عديدة، يهدّد من حوله بالعدوى القاتلة.
ثمة قناعة لدى المسلمين ترقى إلى درجة الفكرة البديهية، مفادها أن أخطاء المسلمين إنما هي أخطاء في التطبيق لا في الفكرة ذاتها، وأن ما يرسخ الخطأ وجود مؤامرة تحاك دائما من الخارج، أي من قوى الشر الأجنبية، وهو ما يضفي طهرية على الذات تجعلها آخر من يعلم بنقائصها التي تصبح في بعضها فضائح مدوية.
يحتل الماضي في العقل العربي ـ الإسلامي موقع المركز والأساس، لكن المسلمين رغم ذلك لا يحبون التاريخ، لأنه ينتهك أحلامهم ويفسد مشروعهم المبني على المتخيل، فإذا كان المشروع المستقبلي هو استعادة الماضي، فإن الماضي لا بدّ أن يظلّ مثاليا في الأذهان، لا تشوبه شائبة، ولهذا نجد بعض المسلمين ـ ومنهم الشاب الطالب بمدينة أكادير ـ مستعدين لذبح من يخدش المثال في عقولهم.
ينزعج العقل العربي الإسلامي انزعاجا كبيرا من تفوق الآخر في كل الميادين، فيعمد إلى هجائه أخلاقيا، فالغرب منحلّ وبلا أخلاق، هكذا يخبرنا السيد طه عبد الرحمان، وكأن المسلمين معدن الأخلاق السامية النبيلة، وهم الذين يتسترون منذ قرون طويلة على كل أنواع الموبقات والأمراض النفسية والاجتماعية، الظاهر منها أو الذي يخفونه وراء ستار سميك من تقاليد النفاق والرياء ومظاهر التديّن الفولكلورية.
قد يصحو المسلمون يوما بفضل صدمة قوية يتلقونها من التاريخ، فيجدون الطريق الصحيح إلى النهضة الحضارية الحقيقية، وقد يظلّ هذا حالهم لزمن غير يسير، لكن الذي نحن متأكدون منه، أنه لم يسبق لأمة من الأمم أن انبعثت بدون أن تعترف بتخلفها وترى رأي العين أسباب ضعفها فتعمد إلى تغيير جذري في الاتجاه، تعطي بموجبه الأولوية للواقع على الحلم، وللفكر على الاندفاع والعاطفة، وللعلم على الخرافة، ولدينا حالات شاهدة يكفي استلهامها، فقد نهضت اليابان بعد أن قررت تطليق أوهامها الأمبراطورية وثقافة الساموراي العتيقة، وأصبحت بعد هزيمتها العسكرية سيدة أسواق العالم، ونهضت ألمانيا بعد أن قررت توديع فكرتها الأسطورية عن تفوق الجنس الآري الذي ينبغي أن يحكم العالم، وصنعت معجزتها الصناعية، ونهضت تركيا بعد أن قطعت قطيعة موجعة مع تخلف الشرق العتيق وتاريخ الإقطاع والٍإرهاب العسكري، وانتفضت شعوب أوروبا الشرقية وأمريكا الجنوبية ضد الاستبداد العسكري وإيديولوجيا الحزب الوحيد، وأسست ديمقراطيات فريدة تتقوى يوما عن يوم. ولم تستطع شعوب ما يسمى بـ"الربيع لعربي" أن تتخطى أسباب تخلفها، ولم تؤد انتفاضاتها إلى ما يقطع مع ماضي الاستبداد والتخلف، بل انتقلت من الصراع ضد الاستبداد إلى شرعنته دينيا وإيديولوجيا، ليتبين بأن الثورة الحقيقة لا تتمثل في إسقاط الحكام والتخلص من بعض الوجود، بل تقع قبل ذلك في العقول والأذهان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الإسلام هو السبب و هو المشكلة
Amir Baky ( 2013 / 9 / 16 - 20:27 )
فهم الإسلام بعقلية القرون الماضية و ثقافة البدو البدائية هى سبب تخلف شعوب المنطقة. يريدون خلافة إسلامية بمفهوم الماضى عن طريق فتح الدول و غزوها. ويرفضون فكرة إتحاد عربى على غرار الإتحاد الاوروبى بالتوافق و التقارب فى إقتصاديات الدول الإسلامية. يريدون تطبيق العقوبات الوضعية لمجتمع بدوى من 1400 عام على إنها حدود الله ولا يلتفتون أن جوهر الشرع هو فرض عقاب على المخطئ. يقسمون البشر لفئات كما فعل الفرس و الرومان فى إمبراطوريتهما السياسية و يمررون أن ثقافة هذا الزمن السياسية هى شرع الله. ما وصل لنا الآن هو ثقافات بشرية للقرون الماضية تم الترويج لها على إنها شرع الله. فحتى الأدوية الحديثة بيتم إستخلاص المادة الفعالة من النباتات بجرعات معينة ولكن يضحكون على أنفسهم بطب بدائى اسمة الطب النبوى. لا مشكلة فى شرب بول البعير و أكل عجوة المدينة لعلاج السحر و طرد الجان. العقليات الراديكالية عقليات تحتاج لمصحات نفسية. فالإسلام بهذا الفكر هو المشكلة و يتم الترويج له على انه الحل. لذلك أتوقع السير فى دائرة مفرغة لعدم وضع ايدينا على سبب المشكلة


2 - تعليق
عبد الله خلف ( 2013 / 9 / 16 - 21:55 )
تم الرد عبر خانة الفيسبوك , بسبب إتساع حجم مساحة التعليق .

تحياتي المخلصه


3 - المؤامرة ثابتة
عبد الله اغونان ( 2013 / 9 / 16 - 22:51 )
المسلمون يفتقرون الى حرية القرار. لماذا؟
للسيطرة الامبريالية غربية أو شرقية فمنذ سايس بيكو وتقسيم الأوطان الاسلامية بين الامبرياليتن الغربية والسوفياتية ومن ينكر هذا فانه يتغابى ويحاول أن يخدعنا
المؤامرة كبيرة ومازالت مستمرة فزرع اسرائيل وسط الوطن العربي تم بمساعدة بريطانيا وفرنسا ورعاية أمريكا الى الان
وتوصل الاسلاميين الى اسقاط الطغاة والصعود الى الحكم بواسطة اختيارات شعبية تجهض بتدخل العسكر وكل الفاشلين والمغرضين وصمت ومباركة الغرب ولايتم التدخل والتهديد به الا عند افشال التجارب الاسلامية من ايرانو افغانستان ومالي ومصر وسوريا وتونس....الخ
الاسلام هو الذي صنع التاريخ وغير قوميات لاعن قوة بل عن قناعة لذلك ينسحب المحتلون والمستعمرون ويبقى الدين.فايران لايحكمها العرب بل الفرس لذلك تدعى الجمهورية الاسلامية الايرانية
موقف الأستاذ عصيد ينطلق من توجهه العرقي تحت ستار الأمازيغية وريعها الذي تتكفل به نخبة من الناشطين لايهتمون بقضايا الوطن وسكانه عربا وأمازيغ بقدر مايهمهم
اجراء صفقات مخزنية في ما مايعتبرونه مكتسبات خاصة بهم .ماذا يربح أمازيغ طبيعيون من حرف يجهلونه تاريخيا؟ ومن دسترة وهمية


4 - تحياتي أستادنا فخر شمال افريقيا واصالتها
Jugurtha bedjaoui ( 2013 / 9 / 16 - 23:04 )
تحياتي أستادنا فخر شمال افريقيا واصالتها لقد وصفت الداء والدواء في سطور كم انت مفكر كبير و مصلح لبيب لا تبخل بالنصيحة حتى على من يريدون رأسك النافع والناصح والانساني اولا واخيرا لقد حللت الوضع بكيفية تعجب البعيد قبل القريب ولكن اتمنى ان يستفيد من هادالمقال اجيالا ستأتي اما من هم الآن فلا حياة لهم من رضاعة الكبير الى بول البعير و آخر موضة نكاح المجاهدة ولسنا ندري اي خرجة سيخرجون على كل لقد بلغت واحسنت التبليغ ولم تبخل عليهم الا انك ستجدهم جاحدون ناكرون للمعروف كعادة من سبقوهم لك تحياتي ودمت منورا للحوار .


5 - الم اقل لك
Jugurtha bedjaoui ( 2013 / 9 / 16 - 23:29 )
الم اقل لك بانك ستجدهم جاحدون ناكرون للمعروف انت تنصح و تنور الطريق و هم بالاشواك يلوحون ؟ انه سلوك قديم صعب عليك استقامته الا انني اشجعك على المزيد لعل و عسى ؟؟؟؟؟؟؟ ستستفيد اجيالهم القادمة وتعم الفاءدة على الانسانية جمعاء تحياتي


6 - مداخلة
شاكر شكور ( 2013 / 9 / 17 - 01:06 )
تحياتنا للأستاذ المبدع أحمد عصيد وشكرا على روعة التشخيص والحكمة في وضع العلاج ، الحقيقة ان مشكلة الأسلام تختلف عن كل مشاكل بقية شعوب العالم لأن الأسلام قائم على مشاكل مركبة منها دينية او مذهبية اوعنصرية حيث يربط هذه المشاكل نظام مافيوي فيه حد الردة يعتمد عليه الأسلام كركن اساسي لمنع انهيار الأسلام ، كل مشاكل العالم كانت اصلا من صنع البشر لذلك تمكن الأنسان التراجع عنها وايجاد حلول لها اما مشاكل الأسلام فهي من صنع إله منتقم وضار ومضل تلقى هذا الأله اوامره من رسول الأسلام نفسه لذلك ظهر بشخصيه بشرية يغلب الطابع العدواني عليها ، الحقيقة ان العالم الغربي مرتاح للفوضى الأسلامية بدليل ان العالم يساند التيارات الأسلامية لأنها ارخص وسيلة وأرخص سلاح لتجهيل المسلمين ليعيشوا في احداث الماضي وأن يظلوا في جبة نبيهم وحكايات شق القمر ورحلة الأسراء والمعراج وبطولات النكاح ، فحتى لو قام رسول الأسلام من الأموات وأعترف بالحقيقة فلن يصدقوه لأن المسلمين مخدرون ويعيشون احداث فلم الرسالة الى ان تنشف آبار البترول حينئذ سيرجعون الى الخيم والبعران، تحياتي للجميع


7 - شاكر!
عبد الله خلف ( 2013 / 9 / 17 - 05:09 )
المشكله هي : أنك تتهم المسلمين بالتخدير!... و أنت مخدر , مثال :
أنت تعتقد و تؤمن بأن يسوع هو الخالق و الإله!... حسناً , لوكان كما تقول ؛ فلماذا يخضع يسوع لقوانين الماده المخلوقه؟! .
فيسوع (ربك و إلهك) خاضع لقانون الجاذبيّه كما أنه لو لم يكن هنالك هواء لمات! .


8 - الى عبد الضار تعليق رقم 7
شاكر شكور ( 2013 / 9 / 17 - 12:47 )
عن اذن الأستاذ عصيد ، لقد ردّ عليك يا خلف الأستاذ الكاتب حمودة اسماعيلي بتعليقه رقم 2 ,4 من مقالته المنشورة في هذا الموقع في الرابط ادناه ولا حاجة ان نزيد على تقيمه لمستواك العلمي والمعرفي فأنت قد اصبحت مضرب الأمثال في هذا الموقع

رابط مقالة الأستاذ حمودة اسماعيلي
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=378115


9 - لعبد الله خلف الله
جابر ( 2013 / 9 / 17 - 13:00 )
ابحث عن روابط للآتي : مسلم يرتد لأنه اكتشف إن الإسلام اباح اغتصاب السبايا
ــ مسلمين تركوا الإسلام لأنهم اكتشفوا وحشية عقوباته
و أن عدد الرقيق ازداد بانتشاره
ــ مجموعة كبيرة من المسلمين تركوا الإسلام لأنهم اكتشفوا تزييف تاريخه
ــ عالم دين مسلم ارتد لأنه وجد أن الإسلام يدعو لقتل الآخر المختلف و وجد أنه كان لا ينتبه لهذه المفارقة .
ــ عشرات الآلاف من المسلمين في بنغلاديش يرتدون من الإسلام .
ــ احصائية تقول إن عدد الملحدين في السعودية في تزايد مخيف و نسبتهم أعلى من نسبة الملحدين في بلجيكا .
ــ دراسة تقول إن عدد المسلمين ستناقص بشكل كارثي بعد ثلاثين عاما .... هههها


10 - شاكر + جابر!!
عبد الله خلف ( 2013 / 9 / 17 - 21:35 )
مشكلة الأخوه المعلقين أنهم يجهلون أو يتجاهلون الواقع و الحقيقه! .
و الآن , نقول للمسيحيين , لو كانت ديانة و قوانين المسيح صالحه لما أستبدلتها الكنيسه بقوانين الإسلام , راجع :
الفاتيكان يطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية :
http://www.youtube.com/watch?v=atAetnrCEYU
حتى اليهود يقرون بعظمة ديننا , راجع :
حاخام يهودي يثني على الإسلام :
http://www.youtube.com/watch?v=_CK9ysQPggI
بل اليهود أكدوا عظمة القرآن عبر أدله فكريّه , راجع :
http://www.youtube.com/watch?v=IhYBfRICwUg
أما جرائم المسيحيّه و الكتاب المقدس ؛ فحدث و لا حرج , راجع :
http://www.youtube.com/watch?v=nt2eR194G-4

لذلك , نحن نستغرب الجهل أو التجاهل بالواقع و الحق .