الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فليكن جنوناً!

إسراء عرفات

2013 / 9 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الجنون، ذاكَ الفعلُ الذي يُعجبني في كلّ تياراته الفوضويّة التي تعصفُ باستقامة الأشياء؛ لتُحيلها تعاريجَ هذيان تدورُ في حلقاتٍ موسميّة تمرّ علينا وقتاً من الزمان، حينما نجمعُ مناهجنا التقليديّة وأزمنتنا الاعتياديّة ونلقي بها معنا إلى تجاويفَ وقتيّة أخرى نمارسُ فيها كلّ طقوسِ الانسلاخِ العشوائيّ عن ما كانَ عندنا طقساً مقدّساً نؤديه في صمتِنا المطبق على أنفاسِ التفرّد فينا ونحلمُ في خِضمّ ترتيلاتِه بتلكَ التعاريجَ الجنونيّة الهاربة من واحاتِ التكرار والمضيّ قُدماً نحوَ ما نكونُ به أنفسنا.

أن نكونَ أنفسنا، وكم هوَ صعبٌ أن نكونَ أنفسنا في زمنٍ أزاحَ عنا أنفسنا، وكم هوَ مُخمليٌ شعورُ الالتقاء بنا على حافةِ الحقيقة، وأيّ حقيقة؟.. حقيقة نتملّصُ منها من كلّ براثن الغير ونغدو بنا وحدنا غيرَ آبهين بما نراهُ في مرايا الانعكاس الزائف؛ فانعكاسُ الغيرِ في مرايا ذاتنا يجعلنا كهم بعيدينَ عنا, مذبذين بين مقاليد حركاتهم وسكناتهم, باحثين عن رونقِ أنظارهم إلينا، لنضفي على أنفسنا شرعيّة الوجود فيهم والبقاء بينهم، ولنمنحَ داخلنا شعوره الأنيق بمكانه بينهم.

أينَ نحنُ منهم؟ سؤالٌ يَغزو فينا حدودَ المقارنة الهوجاء، فنقارنُ تقاسيم ملامحنا بهم؛ هل نحنُ في صمتنا كهم؟ في بوحنا كهم؟ في عزلتنا كهم؟ وفي نمطيّة تفكيرنا كهم؟.. نعُطي لأنفسنا الحقّ في اتهامنا بالاختلاف وكأنَّ الاختلاف باتَ جريمة تستوجبُ منا شنقَ أنفسنا ورميِ جثثنا في أقربِ مكبٍّ للذاتِ.

"وهل الحريّة سوى حقّك في أن تكونَ مختلفاً"، عبارةٌ تجعلني أتساءل عن معنى الحريّة عندَ الكثيرين؛ أولئك الذين سمحوا للغيرِ أن يمتدَ فيهم فكانوا بذواتِ غيرهم وليسَ بذاتِيّةِ الأنا فيهم.

تذكّري يا ذات أنكِ خُلقتِ لتكوني أنتِ هيَ أنتِ، تذكّري يا ذات أنَّكِ في صمتك تكونين فقط أنتِ، تذكّري يا ذات أنًّ نمطيّة تفكيرك لا تُشبهُ سواكِ أنتِ، تذكّري يا ذات أنَّني عندما ألتقي بكِ في تجاويفي الجنونيّة عُمراً من الزمان متمرّدةً على طقوسهم ومقاليدهم وترّهاتِ الاتزانِ عندهم؛ تذكّري عندها أنّني لم أكن بكِ وقتاً محدوداً بل عمراً جاوزَ في إخلاصه حدودَه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا