الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى يدخل إبليس الجنة؟

محمد لفته محل

2013 / 9 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


(ثنائية العمّة والكنّه)
هناك استحالة دينية على دخول إبليس الجنة، إلا أن له بصيص أمل بدخولها، في حالة رضت العمة عن ألكنة! لكن متى وأين تراضى الاثنين؟ حتى يدخل إبليس الجنة، وكما يقول المثل العراقي (لو رضت العمة عن ألچنة؟ چان إبليس دخل الجنة) وهذه الاستحالة وإن كانت بصيغة مبالغة تعكس مدى قوة الصراع بينهما بحيث صارت مثال يُضرب به؟ ومن هذا المثل البليغ ادخل إلى اشد مشاكلنا الاجتماعية المسكوت عنها الصراع بين الأم وزوجة الابن، لان الأمثال ابلغ من يُعبر عن الوقائع الاجتماعية بأسلوب مكثف وسهل الحفظ والتداول من فرد إلى فرد ومن جيل إلى جيل ما دام يعبر عن وقائع متشابه. هذه الثنائية (العمّة والكنّه) واستحالة التراضي بين الأم التي تريد أن تحتفظ بملكيتها على ابنها وحبه وطاعته لها واستعباد زوجته كخادمة في منزلها، وبين الزوجة التي بالعكس تريد أن تتملك زوجها لوحدها يطيعها ويحبها ويدافع عنها ضد أمه، محاولة عزله عن أهله بالمال والمأكل والمنزل والتقرب به لأهلها وتزويج أبنائها مستقبلا من أقاربها، والرجل هنا هو الهدف المشترك لكلا الطرفين المتصادمين أو الطرف الثالث بمثلث المشكلة (الأم، الزوجة، الابن) يكون له دور في تحديد مسار الصراع وقوته بانحيازه لطرف ما أو الحياد والعدالة في التعامل مع الاثنين، وحسب طبيعة شخصيته ضعيفة أو قوية ذات خبرة أو عديم الخبرة، الذي يستطيع التخفيف من المشاكل لا منعها، وكلا المتصارعين ينتهج أسلوب النق المتكرر، واللوم المستمر، والتحريض والكذب والمبالغة في التهم والروايات أو تزيفها في التأثير بالرجل ضد خصمه. انه صراع بين من يريد أن يحتفظ بملكه الذي رباه وتعب عليه سنين، وبين من يريد أن يسيطر على هذا الملك الذي ارتبط به قانونيا وشرعيا، انه أشبه بصراع بين حضارتين واحدة في طريقها إلى الأفول تدافع عن بقائها، وحضارة ناشئة جديدة توسع من نهوضها وازدهارها، وطبعا هناك أسباب خارجية أخرى تتعدى الأسباب النفسية للعمة والكنه، كتصميم المنزل وحجمه الصغير الذي يجعل البيت كشقة مزدحمة بالغرف ما يجعل الاحتكاك كثيرا بينهما، أو عدد أفراد الأسرة الكثير الذي يسبب أيضا مشاكل، أو أن تكون حالة الابن الاقتصادية متدهورة ما يجعله يعيش على نفقات أهله فيضعف موقفه إزاء مشاكل زوجته وأمه، كل هذه الأسباب لها دور في المشكلة لكني حصرت الموضوع فقط بالصراع بين الأم والزوجة، لأني عشت شخصيا هذه المشاكل واستوقفتني كثيرا الظاهرة بعدما كنت أظن أن المسألة تحتاج إلى حل عقلاني عادل بين الطرفين بعد معرفة أسباب أي مشكلة، إلا أني دهشت حين اكتشفت سذاجة هذا التصور؟ فكل الحلول التي طرحتها ومبادرات التراضي التي جمعتهما لم تصالح الطرفين أبدا، واغلب المشاكل كانت مبنية على سوء نية أو سوء ظن! أو شك! أو نميمة من شخص آخر! بدون وجود أي دليل إدانة!! أو بسبب خطأ بسيط لا يستحق مشكلة وسهل الحل! أو كلام تلميح فقط! والمثل العراقي يعّبر عن ذلك (احاچﯾ-;-چ يابنتي واسمعيني ياچنتي). في حين أن التهم خطيرة كالاتهام بالسحر والفتنة والخيانة الزوجية والنفاق والكذب! فالمسألة ابعد بكثير من ُتهم وأدلة بين الاثنين وموقف عادل من الرجل لحلها، إنها ليست بين جاني وضحية بل بين جاني وجاني والرجل هو الضحية، انه في الحقيقة صراع نفسي يتمظر باتهامات وحجج وتبريرات كلها تخفي حسد وغيرة وأنانية بينهما، وأي محاولة للتصالح لن تجدي نفعا إلا حلول مؤقتة أو مجاملة فقط لتعود المشاكل من جديد وهكذا تبقى تدور الأحقاد، والنتيجة إن حب التملك والغيرة والأنانية هي سبب الصراع بين العمة والكنه ودون معرفة هذه الأسباب النفسية لا يمكن للابن أن يتعامل مع هذه الظاهرة المنتشرة في المجتمع العراقي التي اجزم أنها تتجاوز الخمسين بالمائة، لكن المسألة تتعدى كونها غيرة وحب تملك وأنانية، بل صارت ثقافة اجتماعية تورث من الأم إلى ابنتها بالتلقين والعادات حيث تعلم الأم ابنتها حين تتزوج أن تسيطر على زوجها ولا تسمع كلام أمه والحذر من خواته وان لا تجهد نفسها في عمل البيت كالطبخ والغسيل والتنظيف، وهذه الأم التي قاست مع عمتها في شبابها ستنتقم من زوجة ابنها مثلما هي قاست وفق آلية التقمص النفسية، وهذه البنت تعلمت من أمها كيف تعامل زوجة أخيها بقسوة وحقد في بيتها خصوصا إذا كانت هذه البنت غير متزوجة لأنها ستغار منها وتحسدها، حتى تشكلت صورة نمطية سلبية بذهن الأم عن الزوجة وصورة نمطية سلبية بذهن الزوجة عن الأم بغض النظر تصرفات كل منهم سلبية أو ايجابية، أي أن الأحكام أصبحت مسبقة قبل أن تأتي الزوجة للبيت أصلا! بالتالي فالمشكلة موجودة وتنتظر المتهم (الزوجة أو الأم) لتلقى التهم الجاهزة عليه!. إنها أشبه بلصين اتفقا على سرقة لكنهما اختلفا على تقسيم الغنيمة بعد الحصول عليها متهما كل طرف الآخر بخيانة الاتفاق، والحل الأمثل للابن هو الخروج من المنزل أو عزل ألغرف بجدران داخل البيت لتقليل الاحتكاك مع سياسة من الخداع والكذب والإقناع بينهما تحسس كل واحدة منهما إنها الحق أو العزيزة كالتعامل مع ضرتين بالضبط، دون مضيعة الوقت بسماع المشاكل التي لن تحل بينهما ودون أن تعرف أي واحدة بهذه السياسة، وطبعا هناك حالات تكون فيها الزوجة ضحية عمة قاسية عدوانية أو العكس وهناك حالات تراضي وانسجام بين العمة والكنه وإن كانت قليلة لهذا تحدثت في هذا المقال عن السائد وليس الاستثناء.
إن أسباب السكوت عن ظاهرة عداء العمة والكنه هو قداسة الأم الاجتماعية التي الجنة تحت أقدامها والتي لا تسمح بقبول حقيقة إن الأم تغار من زوجة ابنها بل وتنظر إليها كضرة!(1) ولأن مكانة الرجل الاجتماعية المتفوقة التي لا تسمح بقبول حقيقة انه خاضع لزوجته عاطفيا وحاجته وضعفه أمام رغباته الجنسية تجاه زوجته التي لها وسائلها الضاغطة والمؤثرة بالرجل بالفراش أو البكاء أو الزعل، أو انه خاضع لامه كالطفل يطيعها في كل شيء ولا يعرف أن يتصرف بدونها، ولأن (دونية) المرأة الاجتماعية كضعيفة وساذجة وتابعة للرجل التي لا حول لها وقوة بدونه، التي لا تسمح بإعلان حقيقة قيادتها للرجل أو تأثيرها به بدهائها ومكرها، هذا وان هذه القضايا الأسرية تعتبر من اشد المسائل الشخصية المحاطة بالسرية والخصوصية بالمجتمع العربي، وهكذا فان القيم الاجتماعية الذكورية لها دور في السكوت عن قضايا اجتماعية خطرة بدون الاعتراف بها!.
من المفارقات إن الأم حتى لو اختارت الزوجة لابنها فإنها هي التي ستحاربها بنفسها أو تعاديها! متهمة إياها بخداعها أو سحرها بل وتجعل تزويجها لابنها كان صدقة ومنّة! قائلة (چنت ضاله محد لفاچ) أو (محد اخذچ) أو (كتلت روحها عالزواج) أو (الظالة، سترنه عليچ) أو (الگحبة أم الشوارع أم دودة) أو الانتقاص من جمالها بتشبيهها (البومة، العوبة، القرد) أما إذا اختار الابن زوجته بنفسه فيا ويله من اللوم وسوء الاختيار والتحريض المستمر على طلاقها (طلگها واني اشو فلك أحسن منها) واتهام زوجته بسرقة ابنها (التفيتي عليه وأخذتي) (قشمرتي وخليتي ياخذچ) والابن لا يسلم من سهام الشتائم أو التهم وأشهرها (يسمع كلام مرته) (راكبته زوجته) أو إذا أرادت أن تنصفه (ساحرته)! وأي شيء يفعله الرجل أو يقوله تفسره الأم على انه تحريض وتخطيط من زوجته هذا الشيطان الذي يستحوذ على ابنها (الفقير) أو (الچلب)! حسب موقفه منها، في حين أنها أثناء خطوبة ابنها كانت تقول (آني مو مثل بقية العمات! ادلل الچنه وما عندي شي وياها).
وهكذا يكون حال الرجل بين ثلاث نيران أمه وزوجته والمجتمع، إذا انحاز لزوجته وبخّته أمه قائلة:(هاي تاليتها وياك؟ ربيتك وكبرتك؟ تالي تسمع كلام مرتك؟ حرامات بيك التربية والتعب) وكذلك يوبخه أو يعاتبه الناس (أمك الربتك وتعبت عليك تالي اتعوفها؟ رضا الله من رضا الوالدين، واللي ما يرضي أمه، الله ما يوفقه؟ هذا كله من وره زوجتك، ليش ماتگدر تلطمها على حلگها؟ وتسكتها؟ وتخليها أتبوس راس أمك وأيدها؟ لو متگدر عليها؟ هي مره وأنت رجال؟ والمَره بخّيالهَ) هذا وضع الرجل إذا لم ينحاز لامه، أما إذا انحاز لها، فيا ويله من نار زوجته بزعلها ولومها وإلحاحها ولوم أهلها قائلة له: (بعد ما أتحمل العيشة بهذا البيت شوفلي چارة ويه أمك، آني رايحهَ زعلانهَ، أبقى يم أمك اسمع كلامها، وما ارجع من أهلي إلا من أتخليلي احترام وكلمة بهذا البيت) فيتبهذل حال الرجل بلا طعام مخصص، أو غسل ملابس، أو تربية الأطفال إذا بقوا عنده، أو اشتياق مدمر لهم إذا ذهبوا مع أمهم، وحاجة مدمرة للجنس والحنان، كلها تكون نار مهلكة للرجل ومعنوياته، فيشعر بالكآبة والوحدة والنقص بدون زوجته وأطفاله، لهذا ينحاز اغلب الرجال لزوجاتهم في المشاكل متحملين نار الأم والمجتمع على أن لا يتحملوا نار الزوجة والأطفال، مع ذلك فالحال هو الحياد وليس الانحياز.
تجدر الإشارة إن المنولوج هو الوحيد الذي تناول هذه الظاهرة بأسلوب فني رائع وأخرجها للعلن فغنى المونولوجست (علي الدبو) (كل يوم الهرجة أبيتي) وغنى المونولوجست (حسين علي) (ليش زوجتيني) و (راح انهزم من هالبيت) ذلك إن للمنولوج فن ملتزم بقضايا اجتماعية يُعبر أفضل من غيره عن الظواهر والقضايا الاجتماعية بطريقة واقعية ساخرة جذابة وشعبية، وللأسف أن يندثر المنولوج ويحل محله فن غربي لا يتلاءم مع البيئة العربية هو فن (الراب) الذي يتناول أيضا قضايا اجتماعية بطريقة واقعية وصريحة.
منولوج (علي الدبو) (كل يوم الهرجة أبيتي).
كل يوم الهرجة ابيتي
متعاركة أمي ومرتي
جايب ذيچ، مودي ذيچ
حسبالك هي ضرتي!
احچيلكم ياجماعة عن حالتي البيتية
تعب وقهر دايم دوم قرفية
من يوم أمي زوجتني أبنية
تتهاوش، تتكافش، تتنابش
ياسادتي ويه المره ليل ونهار
طبيت للبيت وعبالي ارتاح
تعبان من شغل الگضيته ياصاح
الگيت هوسه وعربده وكثر اصياح؟
ربي شصار؟ ياستار؟ بهالدار؟
گلت بگلبي وآني أتحمل مرار
_
جيت لامي گتلها يمه اشچم دوب
تبقون بالعركات قلبي ديذوب
گالتلي:(جاك نزول لا يا مضروب)
(اضرب مرتك، شتمت عمتك، كتلت اختك)
(فوگ الفوگ گالتلي كلشي مصار!)
_
گت لامي يمه النكر يفكرنه
يمعودة جوزي لا أطيح بمحنه
هذي المره مثل الأسيرة عدنه
تحترمچ، وتعزچ، وتقدرچ
ياوالدة بكل دقيقة وبكل مشوار
_
ظليت حاير يا جماعة بهالحال
اعرف مرتي ما تتعدى لا محال
اضرب أمي؟ ضرب الأم هم مو حلال؟
كيف البصر؟ ما ظل صبر؟ ظاگ الصدر؟
شعمل شسوي يا خاله لعقلي طار.

منولوج (حسين علي) (ليش زوجتيني) في حوار مع أمه.
ليش زوجتيني، يايمه وبهذلتيني
ألأم:(يالله يبني طلگھ، واني ادفعلك حگھ)
يوم الچنت ما متزوج مستريح
من هم البيت ومن كلام القبيح
وثاني اسبوع من الزواج گمت اصيح
وفوگ هاي اتگلي هالمشاكل فكَهَ؟
الام:(توكل مرتك بليتني وخلصني
واهد غثتني مرتك ودقتني
اگلها استهدي يامعوده اتعاندني
من تلگي هدومك باللگاع ما تعلگه)
يايمه أنت اللي جبتيهَ
من كل بنات الناس نقتيهَ
(يابني خياطة وكلشي ما يعصيهَ)
واليوم اتگولين طلكهَ!
الجان اطلگها منو يدارينهَ؟
أنت عدوچ لفراش ما تفرشينه؟
الام:(يابني طلگه اندورلك مره زينه)
(شيطلبون منك آني انطي حگھ)
هاي قصتي درس الكم يالتسمعون
لا تطلگون بسرعة ومثلي تتورطون
العدل والحكم ما بينهن يكون
أمك مرتك فد مقياس وفد ماعون.

منولوج آخر ل(حسين علي) (راح انهزم من هالبيت).
راح انهزم من هالبيت
ياناس صيرولي شهود
من أمي ومرتي اتأذيت
من مثلي حاير مگرود
ولغوتهن على طول الخط
وداعيكم بيه أتورط
جيت لبيتي أرد ارتاح، من شغلي كلش تعبان
الگي هرجة و الگي صياح، تاليه ابگھ حيران؟
مرتي تحچيلي احچاية وتگلي الحگ ويايهَ؟
أمي تحلف ميت إيمان تگول الحق عندي موجود؟
ولغوتهن على طول الخط
وداعيكم بيه أتورط
وأمي گالت مرتك هاي، والله المر مضوكتني ياه
لو گامت صبتلي چاي، بلا شكر تسكينياه!
تدري اشلون لامه، كل أكله هالدسمه أضمها
كل شي اللي بيتك تلگاه يروح لأهلها وميعود
ولغوتهن على طول الخط
وداعيكم بيه أتورط
گامت تحجي مرتي انوب اتگلي اسمع يارجال
أمك حاسبتني عالثوب اتگلي كل سافه بتفصال
حتى عالاكل تحاسبني، كل ساعة وتگوم تسبني
أتگللها أنطي للرجال، شمحصل هذا المگرود
ولغوتهن على طول الخط
وداعيكم بيه أتورط
حاسبت فكري هالنوب، فكرت تفكير جديد
لو جبت لمرتي فد ثوب، لازم أمي هم تريد
والواجب ارضي الاثنين، هن يغارن اعرف زين
هيا إلى بيت القصيد، هذا المنعندي ميرود
ولغوتهن على طول الخط
وداعيكم بيه أتورط.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1_ من أكثر الأمور المسكوت عنها لأنها محرجة جدا، هو غيرة الأم من زوجة ابنها جنسيا! فحين تتزين له زوجته بالماكياج والملابس المثيرة المغرية، أو حين تستحم هي وابنها أو حين يستحم ابنها صباحا (غسلت الجنابة)، فتستثير غضبا وتبدأ تتهم الزوجة بأنها تُتعب ابنها وترهقه بالفراش بحجة الحفاظ على صحة ابنها، فتحاول منع ابنها بالاختلاء بزوجته بشتى الأعذار بتكليفه بواجبات البيت، أو إرهاق زوجته بشغل المنزل، وهي غيرة جنسية واضحة جدا!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير دولي من كارثة إنسانية في مدينة الفاشر في السودان


.. أوكرانيا تنفذ أكبر هجوم بالمسيرات على مناطق روسية مختلفة




.. -نحن ممتنون لكم-.. سيناتور أسترالي يعلن دعم احتجاج الطلاب نص


.. ما قواعد المعركة التي رسخها الناطق باسم القسام في خطابه الأخ




.. صور أقمار صناعية تظهر تمهيد طرق إمداد لوجستي إسرائيلية لمعبر